معجم تهذيب اللغة للأزهري ( 282-370):
يعد هذا المعجم من أوثق المعاجم اللغوية ، لما تميز به من دقة، وضبط وهو فعلا كما سمّاه صاحبه تهذيب اللغة وقد قال في مقدمته :" وقد سمّيت كتابي هذا تهذيب اللغة لأني قصدت بما جمعت فيه نفي ما أدخل في لغات العرب من الألفاظ التي أزالها الأغبياء عن صيغتها، وغيّرها الغتم عن سننها فهذبت ما جمعت في كتابي من التصحيف والخطأ بقدر علمي، ولم أحرص على تطويل الكتاب بالحشو الذي لم أعرف أصله، والغريب الذي لم يسنده الثقات إلى العرب " وقد اختط الأزهريّ لنفسه مقاييس في الرواية والأخذ عن اللغويين يقول عنها :"و لم أودع كتابي هذا إلا ما صحّ لي سماعا منهم أو رواية عن ثقة أو حكاية عن خط ذي معرفة ثاقبة اقترنت إليها معرفتي اللهم إلا حروفا وجدتها لابن دريد**وابن المظفر* في كتابيهما، فبينت شكي فيها".
ولعل أهم مافي المعجم هو المقدمة التي تعتبر فريدة في بابها فهي من أهم الوثائق التي تؤرخ للتأليف اللغوي، و للمدارس اللغوية الأولى ففيها تحدث عن شيوخه الذين اخذ عنهم وقسمهم إلى طبقات، وعقد فصلا لبيان فضل اللسان العربي واتساعه، فهو أوسع الألسنة مذهبا، وأكثرها ألفاظا، وتحدث عن صفات الحروف ومخارجها وأنواعها، ويمتاز معجمه بالدقة والتحري في الأخذ، وفيه الصحيح من كلام العرب، وبه غير الصحيح، ولكنه قليل، وهو مرتب على مخارج الحروف مثل العين وسمى كل حرف بابا وكل بناء كتابا
وجعل الأبنية ستة :1- أبواب المضاعف تبدأ بالحرف الأول على الطريقة الصوتية وهو العين وما يليها في الترتيب كالعين مع الحاء ثم العين مع الهاء وهكذا إلى آخر الحروف مع الأخذ بنظر الاعتبار التقاليب وما ينتج عن كل مادة، وهو كالخليل لا يعيد شرح الكلمة التي وردت في تقاليب كلمة أخرى، وهذا تفاديا للتكرار.
2- أبواب الثلاثي الصحيح: وتبدأ بحرف العين مع الخاء والحرف الثالث الذي يليهما، وهذا طبقا وفق الترتيب الصوتي للحرف.
3- أبواب الثلاثي المعتل وتسير مثل الأبواب السابقة مع إلحاق المهموز بالمعتل الألف.
4- أبواب اللفيف.
5- أبواب الرباعي ، وهي تبدأ كسابقتها بحرف العين.
6- الخماسي وهو دون أبواب لندرة المادة فيه وأكثرها من الغريب النادر.
ومن الظواهر الهامة في الكتاب عناية المؤلف بالشواهد القرآنية والحديثية عناية كبيرة فاق فيها غيره من اللغويين، كما كان يستشهد بالقراءات المختلفة، أضف إلى ذلك ظاهرة أخرى هي بروز شخصيته بروزا كبيرا في جمع المواد، فكان يتدخل في كل مادة وفي كل نقاش وخلاف فيدلي بدلوه، مفندا ومرجحا وواضعا للقواعد؛ وكان من نتائج توسع الأزهري في الأخذ عن اللغويين إتيانه بكثير من المواد والصيغ التي أهملها الخليل وابن دريد قبله وكان يشير إلى ذلك في المواد.
ولكن رغم ما تميز به التهذيب من دقة وصحة ، إلا أنه لم يسلم من أخطاء وهنات كتلك التي رأيناها في العين؛ إذ وبسبب توسعه في الأخذ عن اللغويين صار من العسير تبين الخطة التي سار عليها المؤلف في ترتيب الصيغ في داخل المواد حيث كان همه سرد الأقوال لأكبر عدد من اللغويين وهذا ما يصعب عملية البحث ؛ولهذا نجد ابن منظور في اللسان يقول: ولم أجد في كتب اللغة أجمل من تهذيب اللغة لأبي منصور..ولا أكمل من المحكم...لابن سيده...غير أن كلا منهما مطلب عسر المهلك ومنهل وعر المسلك وكأن واضعه شرع للناس موردا عذبا وجلاّهم عنه، وارتاد لهم مرعى مريعا ومنعهم منه قد أخّر وقدّم وقصد أين يعرب فأعجم وفرق الذهن بين الثنائي والمضاعف والمقلوب، وبدد الفكر باللفيف والمعتل ، الرباعي والخماسي فضاع المطلوب فأهمل الناس أمرهما وانصرفوا عنهما". إ هـ
وفضلا عما ذكرنا من عناية التهذيب بالشواهد القرآنية والحديثية والقدر الهائل من الأشعار الجاهلية والإسلامية، نجد له خاصة ظاهرة أخرى هي عنايته بالناحية البلدانية التي استوعب بها التعريف بالكثير من بلدان الجزيرة العربية، وهو اتجاه مبكر على نطاق واسع في التأليف المعجمي، بلغ ذروته فيها بعد فيما صنع الفيروز أبادي في القاموس المحيط.
المصادر:1-
معجم تهذيب اللغة لأبي منصور الأزهري2-
المعجم العربي حسين نصار3-
المصادر الأدبية واللغوية في التراث العربي عز الدين اسماعيل4-
مصادر التراث العربي عمر الدّقاقنص تطبيقي من معجم التهذيب للأزهري
- باب العين والحاء –ق
ال الليث: قال الخليل بن أحمد: العين والحاء لا يأتلفان في كلمة واحدة أصلية الحروف لقرب مخرجيهما إلا أن يؤلف فعل من جمع بين كلمتين مثل حيّ على فيقال منه : حيعل.
قلت وهو كما قاله الخليل ، وقد روي في باب الخماسي حرفان ذكرتهما في أول الرباعي من العين، ولا أدري ما صحتهما لأني لم أحفظهم للثقات.
باب العين مع الهاء:أهمل الخليل العين مع الهاء في المضاعف، وقد قال الفراء في بعض كتبه: عهعهت بالضأن إذا قلت لها عه ، وهو زجر لها، وقال غيره هو زجر للإبل لتحتبس، قلت ولا أعلمني سمعته من العرب.
- باب العين مع الخاء -قال النضر بن شميل في كتاب الأشجار: الخعخع : شجرة وقد ذكر ابن دريد الخعخع في كتابه أيضا، وأرجو أن يكون صحيحا، فإن ابن شميل لا يقول إلا ما أتقنه؛ وروي عن عمرو بن بحر أنه قال: يقال خعّ الفهد يخعّ قال: وهو صوت تسمعه من حلقه إذا انبهر عند عدوه قلت: كأنه حكاية صوته إذا انبهر ولا أدري أهو من كلام الفهادين أو مما تكلمت به العرب وأنا برئ من عهدته