2- علاقة علم النفس التربوي بفروع علم النفس الأخرى
[justify]يعتبر علم النفس التربوي ميدان من الميادين التطبيقية لعلم النفس ، إلا أنه ليس منفصلا عن الميادين الأخرى أو عن فروع علم النفس الأخرى سواء كانت أساسية أو تطبيقية ، وفيما يلي نعرض العلاقة بين هذا العلم و بعض تلك الميادين أو الفروع :
1- علم النفس الارتقائي أو التطوري (سيكولوجية النمو ) la psychologie du développement :يهتم علم النفس الارتقائي أو التطوري بدراسة التغيرات التي تطرأ على السلوك الإنساني في مختلف مراحل الحياة . ومن اهتمامات هذا الفرع دراسة نمو الأطفال والمراهقين و هم أكبر فئة تنتمي للعملية التربوية التي يهتم بها علم النفس التربوي . وقد كانت أكبر إسهامات هذا العلم في ميدان علم النفس التربوي ، هي بحوث النمو المعرفي والانفعالي والجسمي والاجتماعي ، وأفاد كذلك في التعرف على الاتجاهات المبكرة و الظروف البيئية التي تؤثر تأثيرا ظاهرا في تنمية القدرات العقلية و سمات الشخصية عند الأطفال والمراهقين والراشدين.
يمكن اعتبار هذا الفرع من أهم فروع علم النفس جميعا ، لأنه يزود بقية الفروع النفسية الأخرى بحقائق نفسية نمائية عن الإنسان يستفاد منها في جميع الميادين التطبيقية لعلم النفس ، وفي الحياة بصفة عامة .
2- علم النفس التجريبي la psychologie expérimentale :يهتم الباحث في ميدان علم النفس التجريبي بدراسة سلوك الإنسان في المختبر ، باستخدام الطريقة التجريبية ، وسائل للضبط في غاية الدقة و الأهمية . وترتكز اهتمامات علم النفس التجريبي على دراسة المشكلات المرتبطة بالظواهر النفسية مثل دراسة طبيعة استجابات الأفراد للمثيرات الحسية وطبيعية الإدراك والتعلم والتذكر ، ضمن موقف تجريبي مضبوط ، بحيث يمكن من خلاله التحكم في عامل واحد أو عدة عوامل ،و قياس تأثيره أو تأثيرها على طبيعة استجابة الفرد. وهناك بعض البحوث التي أجريت في مخابر علم النفس بدأت تجذب انتباه المهتمين بمشكلات التربية و خاصة ما تقدمه نتائجها من حلول لمشكلات التعلم المدرسي مثل التعليم المبرمج و آلات التدريس ، بالإضافة إلى أن بعض هذه النتائج تفسر ظواهر التعلم المدرسي .
يتمثل الإسهام الأكبر لعلم النفس التجريبي إذن في تنمية الاتجاهات العلمية و التجريبية عند المهتمين بمشكلات التربية والتعليم .
3- علم النفس الاجتماعي la psychologie sociale :علم النفس الاجتماعي هو ذلك العلم الذي يدرس التفاعل الاجتماعي بين الأفراد والجماعات ، ويسعى إلى دراسة الاتجاهات البشرية وإخضاعها لتجاربه و أبحاثه . ومن المعروف على المعلم أنه يقضي جزءا كبيرا من وقته في عمله التعليمي والتدريس وهو يتعامل مع التلاميذ كجماعات ولذلك فهو بحاجة ماسة إلى فهم مبادئ السلوك الجماعي ليصبح قادرا على التعامل مع العوامل التي تؤثر في المواقف الجماعية والتي تسهل التعلم أو تعطله .كما أنه بحاجة إلى ما يقدمه علم النفس الاجتماعي من نتائج تزوده بمعلومات تسهل فهمه لديناميات الجماعة وأثرها في سلوك أعضائها.
4 - علم النفس العلاجي la psychothérapie :يقوم علماء النفس المهتمون بمجالات الصحة النفسية والإرشاد النفسي و التوجيه التربوي والطب العقلي والخدمة الاجتماعية والنفسية وعلم النفس العلاجي بكثير من البحوث التي تستخدم المنهج الإكلينيكي والذي يعتمد على جمع ملاحظات عن سلوك الأفراد الذين يتلقون مساعدات فردية بسبب الصعوبات الانفعالية ، وقد أسهمت هذه البحوث في فهم مشكلات وصعوبات السلوك الإنساني في المواقف التربوية سواء كانت تتصل بسلوك التلاميذ أي المتعلمين أو المعلمين.
5- علم نفس الإرشاد و التوجيه la psychologie du conseil et de l’orientation :يقوم علم نفس الإرشاد و التوجيه على تطبيق مبادئ علم النفس في جميع الخدمات التي يقدمها ، سواء كانت دراسة لقدرات التلميذ و استعداداته ، أم توجيها تربويا أو مهنيا يعينه على اختيار نوع التعليم أو العمل الذي يتفق مع هذه القدرات ، أو إرشادا نفسيا يرمي إلى مساعدة الفرد على التكيف في حياته داخل المدرسة أو خارجها.
6- علم نفس القياس أو القياس النفسي :
La psychologie des mesures ou la psychométrieلقد أسهم علم نفس القياس أو القياس النفسي إسهاما كبيرا في تجديد ميدان علم النفس التربوي منذ البداية ، وخاصة مع نشأة حركة قياس الذكاء والقدرات العقلية وسمات الشخصية ، ثم ازداد الاهتمام بالقياس التربوي بصفة عامة سعيا لتحقيق أحد مطالب العلم الهامة وهو الدقة الكمية . فمن المستحيل البرهان على حدوث نتائج معينة دون توفر درجة ما من القياس ، ولذلك ظهرت البرامج الكمية التي تركز على ما يمكن قياسه في التحصيل المدرسي مثل اكتساب المهارات وحفظ المعلومات .
وقد استطاع علماء القياس النفسي في السنوات الأخيرة ابتكار الطرق التي يمكن أن تستخدم في قياس بعض جوانب السلوك المعرفي التي كانت تبدو مستعصية على القياس (كالتفكير الابتكاري). بالإضافة إلى قياس جوانب السلوك المزاجي والانفعالي والاجتماعي.
7- علم النفس الفيزيولوجي la psychophysiologie :يركز علم النفس الفيزيولوجي عادة على الشخص بوصفه وحدة بيولوجية متماسكة ومتكاملة ، تستجيب لبيئتها الخارجية بوسائل متنوعة ، وتسهم دراسة أعضاء الحس والأعصاب والغدد والعضلات من الوجهة التشريحية والفيزيولوجي في فهم الإنسان ككل.
ويدرس علم النفس الفيزيولوجي كثيرا من الموضوعات ذات الصلة بوظائف الأعضاء ، وخاصة تلك التي تؤثر في السلوك الإنساني . ويدرس كذلك الخصائص العصبية وخصائصها ، والحواس والعوامل التي تؤثر فيها ، كما يدرس هذا العلم أيضا السلوك وتطوره في الطفل ومؤثرات أو مثيرات هذا السلوك (أبو جادوا،2005.
يتضح من هنا أن لعلم النفس الفيزيولوجي دورا أساسيا في مساعدة جميع أطراف العملية التربوية ، ولا سيما المعلم ، في تفسير السلوك الإنساني أثناء عملية التعلم و التعليم بناء على أسسها البيولوجية والفيزيولوجية .