| تفسير القرآن الموضوع الثالث | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الإثنين نوفمبر 10, 2008 2:12 am | |
| 74-ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ يقول تعالى توبيخا لبني إسرائيل وتقريعا لهم على ما شاهدوه من آيات الله تعالى وإحيائه الموتى « ثم قست قلوبكم من بعد ذلك » كله فهي كالحجارة التي لا تلين أبدا ولهذا نهى الله المؤمنين عن مثل حالهم فقال « ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولايكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون » وقال العوفي في تفسيره عن ابن عباس لما ضرب المقتول ببعض البقرة جلس أحيا ما كان قط فقيل له من قتلك قال بنو أخي قتلوني ثم قبض فقال بنو أخيه حين قبضه الله والله ما قتلناه فكذبوا بالحق بعد أن رأوه فقال الله ثم قست قلوبكم من بعد ذلك يعني أبناء أخي الشيخ فهي كالحجارة أو أشد قسوة فصارت قلوب بني إسرائيل مع طول الأمد قاسية بعيدة عن الموعظة بعد ما شاهدوه من الآيات والمعجزات فهي في قسوتها كالحجارة التي لا علاج للينها أوأشد قسوة من الحجارة فإن من الحجارة ما يتفجر منها العيون بالأنهار الجارية ومنها ما يشقق فيخرج منه الماء وإن لم يكن جاريا ومنها ما يهبط من رأس الجبل من خشية الله وفيه إدراك لذلك بحسبه كما قال « تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا » وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد انه كان يقول كل حجر يتفجر منه الماء أو يتشقق عن ماء أو يتردى من رأس جبل لمن خشية الله نزل بذلك القرآن وقال محمد بن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس « وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله » أي وإن من الحجارة لألين من قلوبكم عما تدعون إليه من الحق « وما الله بغافل عما تعملون » وقال أبو علي الجياني في تفسيره « وإن منها لما يهبط من خشية الله » هو سقوط البرد من السحاب قال القاضيالباقلاني وهذا تأويل بعيد وتبعه في استبعاده الرازي وهو كما قال فإن هذا خروج عن اللفظ بلا دليل والله أعلم وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا هشام بن عمار حدثنا الحكم بن هشام الثقفي حدثني يحيى بن أبي طالب يعني يحيى بن يعقوب في قوله تعالى « وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار » قال كثرة البكاء « وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء » قال قليل البكاء « وإن منها لما يهبط من خشية الله » قال بكاء القلب من غير دموع العين وقد زعم بعضهم أن هذا من باب المجاز وهو إسناد الخشوع إلى الحجارة كما أسندت الإرادة إلى الجدار في قوله « يريد أن ينقض » قال الرازي والقرطبي وغيرهما من الأئمة ولا حاجة إلى هذا فان الله تعالى يخلق فيها هذه الصفة كما في قوله تعالى « إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها » وقال « تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن » الآية وقال « والنجم والشجر يسجدان » « أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيؤ ظلاله » الآية « قالتا أتينا طائعين » « لو أنزلنا هذا القرآن على جبل » الآية « وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله » الآية وفي الصحيح هذا جبل يحبنا ونحبه وكحنين الجذع المتواتر خبره وفي صحيح مسلم إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث إني لأعرفه الآن وفي صفة الحجر الأسود أنه يشهد لمن استلم بحق يوم القيامة وغير ذلك مما في معناه وحكى القرطبي قولا أنها للتخيير أي مثلا لهذا وهذا وهذا مثل جالس الحسن أو ابن سيرينوكذا حكاه الرازي في تفسيره وزاد قولا آخر إنها للإبهام بالنسبة إلى المخاطب كقول القائل أكلت خبزا أو تمرا وهو يعلم أيهما أكل وقال آخر إنها بمعنى قول القائل كل حلوا أو حامضا أي لا يخرج عن واحد منهما أي وقلوبكم صارت كالحجارة أو أشد قسوة منها لا تخرج عن واحد من هذين الشيئين والله أعلم « تنبيه » اختلف علماء العربية في معنى قوله تعالى « فهي كالحجارة أو أشد قسوة » بعد الإجماع على استحالة كونها للشك فقال بعضهم أو ههنا بمعنى الواو تقديره فهي كالحجارة وأشد قسوة كقوله تعالى « ولا تطع منهم آثما أو كفورا » « عذرا أو نذرا » وكما قال النابغة الذبياني-قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا إلى حمامتنا أو نصفه فقد-تريد ونصفه قاله ابن جرير وقال جرير بن عطية-نال لخلافة أو كانت له قدرا كما أتى ربه موسى على قدر-قال ابن جرير يعني نال الخلافة وكانت له قدرا وقال آخرون أو ههنا بمعنى بل فتقديره فهي كالحجارة بل أشد قسوة وكقوله « إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية » « وأرسلناه إلى مئة ألف أو يزيدون » « فكان قاب قوسين أو أدنى » وقال آخرون معنى ذلك « فهي كالحجارة أو أشد قسوة » عندكم حكاه ابن جرير وقال آخرون المراد بذلك الإبهام على المخاطب كما قال أبو الأسود-أحب محمدا حبا شديدا وعباسا وحمزة والوصيا**فان يك حيهم رشدا أصبه وليس بمخطئ إن كان غيا-وقال ابن جرير قالوا ولا شك أن أبا الأسود لم يكن في أن حب من سمى رشد ولكنه أبهم على من خاطبه قال وقد ذكر عن أبي الأسود انه لما قال هذه الأبيات قيل له شككت فقال كلا والله ثم انتزع بقول الله تعالى « وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين » فقال أو كان شاكا من أخبر بهذا في الهادي منهم من الضلال وقال بعضهم معنى ذلك فقلوبكم لا تخرج عن أحد هذين المثلين إما أن تكون مثل الحجارة في القسوة وإما أن تكون أشد منها في القسوة قال ابن جرير ومعنى ذلك على هذا التأويل فبعضها كالحجارة قسوة وبعضها أشد قسوة من الحجارة وقد رجحه ابن جرير مع توجيه غيره « قلت » وهذا القول الأخير يبقى شبيها بقوله تعالى « مثلهم كمثل الذي استوقد نارا » مع قوله « أو كصيب من السماء » وكقوله « والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة » مع قوله « أو كظلمات في بحر لجي » الآية أي إن منهم من هو هكذا ومنهم من هو هكذا والله أعلم وقال الحافظ أبو بكر بن مردويه حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم حدثنا محمد بن أيوب حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي الثلج حدثناعلي بن حفص حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن حاطب عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فان كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة القلب وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي رواه الترمذي في كتاب الزهد من جامعه « 2411 » عن محمد بن عبد الله بن أبي الثلج صاحب الإمام أحمد به ومن وجه آخر عن إبراهيم بن عبد الله بن الحارث بن حاطب به وقال غريب لا نعرفه إلا من حديث إبراهيم وروى البزار عن أنس مرفوعا أربع من الشقاء جمود العين وقساوة القلب وطول الأمل والحرص على الدنيا تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الإثنين نوفمبر 10, 2008 2:14 am | |
| 75-أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ 76-وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىَ بَعْضٍ قَالُواْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ 77-أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ يقول تعالى « افتطعمون » أيها المؤمنون « أن يؤمنوا لكم » ينقاد لكم بالطاعة هؤلاء الفرقة الضالة من اليهود الذين شاهد آباؤهم من الآيات البينات ما شاهدوه ثم قست قلوبهم من بعد ذلك « وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثميحرفونه » أي يتأولونه على غير تأويله « من بعد ماعقلوه » أي فهموه على الجلية ومع هذا يخالفونه على بصيرة « وهم يعلمون » أنهم مخطئون فيما ذهبوا إليه من تحريفه وتأويله وهذا المقام شبيه بقوله تعالى « فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه » قال محمد بن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال ثم قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ولمن معه من المؤمنين يؤيسهم منهم « أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله » وليس قوله يسمعون التوراة كلهم قد سمعها ولكن هم الذين سألوا موسى رؤية ربهم فأخذتهم الصاعقة فيها وقال محمد بن إسحاق فيما حدثني بعض أهل العلم أنهم قالوا لموسى ياموسى قد حيل بيننا وبين رؤية ربنا تعالى فأسمعنا كلامه حين يكلمك فطلب ذلك موسى إلى ربه تعالى فقال نعم مرهم فليتطهروا وليطهروا ثيابهم ويصوموا ففعلوا ثم خرج بهم حتى أتوا الطور فلما غشيهم الغمام أمرهم موسى أن يسجدوا فوقعوا سجودا وكلمه ربه فسمعوا كلامه يأمرهم وينهاهم حتى سقلوا منه ما سمعوا ثم انصرف بهم إلى بني إسرائيل فلما جاءوهم حرف فريق منهم ما أمرهم به وقالوا حين قال موسى لبني إسرائيل إن الله قد أمركم بكذا وكذا قال ذلك الفريق الذين ذكرهم الله إنما قال كذا وكذا خلافا لما قال الله عز وجل لهم فهم الذين عنى الله لرسوله صلى الله عليه وسلم وقال السدي « وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه » قال هي التوراة حرفوها وهذا الذي ذكره السدي أعم مما ذكره ابن عباس وابن إسحاق وإن كان قد اختاره ابن جرير لظاهر السياق فإنه ليس يلزم من سماع كلام الله أن يكون منه كما سمعه الكليم موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام وقد قال الله تعالى « وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله » أي مبلغا إليه ولهذا قال قتادة في قوله « ثم يحرفونه من بعد ماعقلوه وهم يعلمون » قال هم اليهود كانوا يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ماعقلوه ووعوه وقال مجاهد الذين يحرفونه والذين يكتمونه هم العلماء منهم وقال أبو العالية عمدوا إلى ما أنزل الله في كتابهم من نعت محمد صلى الله عليه وسلم فحرفوه عن مواضعه وقال السدي « وهم يعلمون » أي أنهم أذنبوا وقال ابن وهب قال ابن زيد في قوله « يسمعون كلام الله ثم يحرفونه » قال التوراة التي أنزلها الله عليهم يحرفونها يجعلون الحلال فيها حراما والحرام فيها حلالا والحق فيها باطلا والباطل فيها حقا إذا جاءهم المحق برشوة أخرجوا له كتاب الله وإذا جاءهم المبطل برشوة أخرجوا له ذلك الكتاب فهو فيه محق وإذا جاءهم أحد يسألهم شيئا ليس فيه حق ولا رشوة ولا شيء أمروه بالحق فقال الله لهم « أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون » وقوله تعالى « وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض » الآية قال محمد بن إسحاق حدثنا محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس « وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا » أي أن صاحبكم رسول الله ولكنه إليكم خاصة وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا لا تحدثوا العرب بهذا فإنكم قد كنتم تستفتحون به عليهم فكان منهم فأنزل الله « واذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم » أي تقرون بأنه نبي وقد علمتم أنه قد أخذ له الميثاق عليكم باتباعه وهو يخبرهم أنه النبي الذي كنا ننتظر ونجد في كتابنا اجحدوه ولا تقروا به يقول الله تعالى « أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون » وقال الضحاك عن ابن عباس يعني المنافقين من اليهود كانوا إذا لقوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قالوا آمنا وقال السدي هؤلاء ناس من اليهود آمنوا ثم نافقوا وكذا قال الربيع بن أنس وقتادة وغير واحد من السلف والخلف حتى قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم فيما رواه ابن وهب عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال لا يدخلن علينا قصبة المدينة إلا مؤمن فقال رؤساؤهم من أهل الكفر والنفاق إذهبوا فقولوا آمنا واكفروا إذا رجعتم إلينا فكانوا يأتون المدينة بالبكر ويرجعون إليهم بعد العصر وقرأ قول الله تعالى « وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون » وكانوا يقولون إذا دخلوا المدينة نحن مسلمون ليعلموا خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره فإذا رجعوا رجعوا إلى الكفر فلما أخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم قطع ذلك عنهم فلم يكونوا يدخلون وكان المؤمنون يظنون أنهم مؤمنون فيقولون أليس قد قال الله لكم كذا وكذا فيقولون بلى فإذا رجعوا إلىقومهم يعني الرؤساء فقالوا « أتحدثونهم بما فتح الله عليكم » الآية وقال أبو العالية « أتحدثونهم بما فتح الله عليكم » يعني بما أنزل عليكم في كتابكم من نعت محمد صلى الله عليه وسلم وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة « أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم » قال كانوا يقولون سيكون نبي فخلا بعضهم ببعض فقالوا « أتحدثونهم بما فتح الله عليكم » قول آخر في المراد بالفتح قال ابن جريج حدثني القاسم بن أبي بزة عن مجاهد في قوله تعالى « أتحدثونهم بما فتح الله عليكم » قال قام النبي صلى الله عليه وسلم يوم قريظة تحت حصونهم فقال يا إخوان القردة والخنازير وياعبدة الطاغوت فقالوا من أخبر بهذا الأمر محمدا ما خرج هذا القول إلا منكم « أتحدثونهم بما فتح الله عليكم » بما حكم الله للفتح ليكون لهم حجة عليكم قال ابن جريج عن مجاهد هذا حين أرسل إليهم عليا فآذوا محمدا صلى الله عليه وسلم وقال السدي « أتحدثونهم بما فتح الله عليكم » من العذاب « ليحاجوكم به عند ربكم » هؤلاء ناس من اليهود آمنوا ثم نافقوا فكانوا يحدثون المؤمنين من العرب بما عذبوا به فقال بعضهم لبعض « أتحدثونهم بما فتح الله عليكم » من العذاب ليقولوا نحن أحب إلى الله منكم وأكرم على الله منكم وقال عطاء الخراساني « أتحدثونهم بما فتح الله عليكم » يعني بما قضى لكم وعليكم وقال الحسن البصري هؤلاء اليهود كانوا إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قال بعضهم لا تحدثوا أصحاب محمد بما فتح الله عليكم مما في كتابكم ليحاجوكم به عند ربكم فيخصموكم وقوله تعالى « أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون » قال أبو العالية يعني ما أسروا من كفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وتكذيبهم به وهم يجدونه مكتوبا عندهم وكذا قال قتادة وقال الحسن « إن الله يعلم ما يسرون » قال كان ما أسروا أنهم كانوا إذا تولوا عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وخلا بعضهم إلى بعض تناهوا أن يخبر أحد منهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بما فتح الله عليهم مما في كتابهم خشية أن يحاجهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بما في كتابهم عند ربهم « وما يعلنون » يعني حين قالوا لأصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم آمنا وكذا قال أبو العالية والربيع وقتادة تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الإثنين نوفمبر 10, 2008 2:15 am | |
| 78-وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ 79-فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ يقول تعالى « ومنهم أميون » أي ومن أهل الكتاب قاله مجاهد والأميون جمع أمي وهو الرجل الذي لا يحسن الكتابة قاله أبو العالية والربيع وقتادة وإبراهيم النخعي وغير واحد وهو ظاهر في قوله تعالى « لايعلمون الكتاب » أي لا يدرون مافيه ولهذا في صفات النبي صلى الله عليه وسلم أنه الأمي لأنه لم يكن يحسن الكتابة كما قال تعالى « وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولاتخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون » وقال عليه الصلاة والسلام إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا وهكذا الحديث « خ 1913 م 1080 » أي لا نفتقر في عباداتنا ومواقيتها إلى كتاب ولا حساب وقال تبارك وتعالى « هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم » وقال ابن جرير نسبت العرب من لا يكتب ولا يخط من الرجال إلى أمه في جهله بالكتاب دون أبيه قال وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنه عنهما قول خلاف هذا وهو ما حدثنا به أبو كريب حدثنا عثمان بن سعيد عن بشر بن عمارة عن أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى « ومنهم أميون » قال الأميون قوم لم يصدقوا رسولا أرسله الله ولا كتابا أنزله الله فكتبوا كتابا بأيديهم ثم قالوا لقوم سفلة جهال هذا من عند الله وقال قد أخبر أنهم يكتبون بأيديهم ثم سماهم أميين لجحودهم كتب الله ورسله ثم قال ابن جرير وهذا التأويل تأويل على خلاف ما يعرف من كلام العرب المستفيض بينهم وذلك أن الأمي عند العرب الذي لا يكتب قلت ثم في صحة هذا عن ابن عباس بهذا الإسناد نظر والله أعلم وقوله تعالى « إلا أماني » قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس « إلا أماني » إلا أحاديث وقال الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى « إلا أماني » يقول إلا قولا يقولون بأفواههم كذبا وقال مجاهد إلا كذبا وقال سنيد عن حجاج عن ابن جريج عن مجاهد « ومنهم أميونلا يعلمون الكتاب إلا أماني » قال أناس من اليهود لم يكونوا يعلمون من الكتاب شيئا وكانوا يتكلمون بالظن بغير ما في كتاب الله ويقولون هو من الكتاب أماني يتمنونها وعن الحسن البصري نحوه وقال أبو العالية والربيع وقتادة إلا أماني يتمنون على الله ماليس لهم وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم إلا أماني قال تمنوا فقالوا نحن من أهل الكتاب وليسوا منهم قال ابن جرير والأشبه بالصواب قول الضحاك عن ابن عباس وقال مجاهد إن الأميين الذين وصفهم الله تعالى أنهم لا يفقهون من الكتاب الذي أنزله الله تعالى على موسى شيئا ولكنهم يتخرصون الكذب ويتخرصون الأباطيل كذبا وزورا والتمني في هذا الموضع هو تخلق الكذب وتخرصه ومنه الخبر المروي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه ما تغنيت ولا تمنيت يعني ما تخرصت الباطل ولا اختلقت الكذب وقيل المراد بقوله إلا أماني بالتشديد والتخفيف أيضا أي الا تلاوة فعلى هذا يكون إستثناء منقطعا واستشهدوا على ذلك بقوله تعالى « إلا إذا تمنى » أي تلا « ألقى الشيطان في أمنيته » الآية وقال كعب بن مالك الشاعر-تمنى كتاب الله أول ليله وآخره لاقى حمام المقادر-وقال آخر-تمنى كتاب الله آخر ليله تمني داود الكتاب على رسل-وقال محمد بن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس « لايعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون » أي ولا يدرون مافيه وهم يجدون نبوتك بالظن وقال مجاهد « وان هم إلا يظنون » يكذبون وقال قتادة وأبو العالية والربيع يظنون بالله الظنون بغير الحق وقوله تعالى « فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا » الآية هؤلاء صنف آخر من اليهود وهم الدعاة إلى الضلال بالزور والكذب على الله وأكل أموال الناس بالباطل والويل الهلاك والدمار وهي كلمة مشهورة في اللغة وقال سفيان الثوري عن زياد بن فياض سمعت أبا عياض يقول ويل صديد في أصل جهنم وقال عطاء بن يسار الويل واد في جهنم لوسيرت فيه الجبال لماعت وقال ابن أبي حاتم حدثنا يونس بن عبد الأعلى أخبرنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ويل واد في جهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره ورواه الترمذي « 64/3 » عن عبد بن حميد « 924 » عن الحسن بن موسى عن ابن لهيعة عن دراج به وقال هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة « قلت » لم ينفرد به ابن لهيعة كما ترى ولكن الآفة ممن بعده وهذا الحديث بهذا الإسناد مرفوعا منكر والله أعلم وقال ابن جرير حدثنا المثنى حدثنا إبراهيم بن عبد السلام بن صالح العشيري حدثنا علي بن جرير عن حماد بن سلمة عن عبد الحميد بن جعفر عن كنانة العدوي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم « فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون » قال الويل جبل في النار وهو الذي أنزل في اليهود لأنهم حرفوا التوراة زادوا فيها ما أحبوا ومحوا منها ما يكرهون ومحوا اسم محمد صلى الله عليه وسلم من التوراة ولذلك غضب الله عليهم فرفع بعض التوراة فقال تعالى « فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون » وهذا غريب أيضا جدا وعن ابن عباس الويل المشقة من العذاب وقال الخليل بن أحمد الويل شدة الشر وقال سيبويه ويل لمن وقع في الهلكة وويح لمن أشرف عليها وقال الأصمعي الويل تفجع والويح ترحم وقال غيره الويل الحزن وقال الخليل وفي معنى ويل ويح وويش وويه وويك وويب ومنهم من فرق بينها وقال بعض النحاة إنما جاز الإبتداء بها وهي نكرة لأن فيها معنى الدعاء ومنهم من جوز نصبها بمعنى ألزمهم ويلا « قلت » لكن لم يقرأ بذلك أحد وعن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما « فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم » قال هم أحبار اليهود وكذا قال سعيد عن قتادة هم اليهود وقال سفيان الثوري عن عبد الرحمن بن علقمة سألت ابن عباس رضي الله عنه عنه عن قوله تعالى « فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم » قال نزلت في المشركين وأهل الكتاب وقال السدي كان ناس من اليهود كتبوا كتابا من عندهم يبيعونه من العرب ويحدثونهم أنه من عند الله فيأخذوا به ثمنا قليلا وقال الزهري أخبرني عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس أنه قال يامعشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وكتاب الله الذي أنزله على نبيه أحدث أخبارالله تقرءونه غضا لم يشب وقد حدثكم الله تعالى أن أهل الكتاب قد بدلوا كتاب الله وغيروه وكتبوا بأيديهم الكتاب وقالوا هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا أفلا ينهاكم ماجاءكم من العلم عن مساءلتهم ولا والله ما رأينا منهم أحدا قط سألكم عن الذي أنزل إليكم رواه البخاري « 7363 » من طرق عن الزهري وقال الحسن بن أبي الحسن البصري الثمن القليل الدنيا بحذافيرها وقوله تعالى « فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون » أي فويل لهم مما كتبوا بأيديهم من الكذب والبهتان والإفتراء وويل لهم مما أكلوا به من السحت كما قال الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما « فويل لهم » يقول فالعذاب عليهم من الذي كتبوا بأيديهم من ذلك الكذب وويل لهم مما يكسبون يقول يأكلون به الناس السفلة وغيرهم تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الإثنين نوفمبر 10, 2008 2:17 am | |
| 80-وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْداً فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ يقول تعالى إخبارا عن اليهود فيما نقلوه وادعوه لأنفسهم من أنهم لن تمسهم النار إلا أياما معدودة ثم ينجون منها فرد الله عليهم ذلك بقوله تعالى « قل أتخذتم عند الله عهدا » أي بذلك فان كان قد وقع عهد فهو لا يخلف عهده ولكن هذا ماجرى ولا كان ولهذا أتى بأم التي بمعنى بل أي بل تقولون على الله ما لا تعلمون من الكذب والإفتراء عليه قال محمد بن إسحاق عن سيف بن سليمان عن مجاهد عن ابن عباس أن اليهود كانوا يقولون إن هذه الدنيا سبعة آلاف سنة وإنما نعذب بكل ألف سنة يوما في النار وإنما هي سبعة أيام معدودة فأنزل الله تعالى « وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة » إلى قوله « خالدون » ثم رواه عن محمد عن سعيد أو عكرمة عن ابن عباس بنحوه وقال العوفي عن ابن عباس « وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة » اليهود قالوا لن تمسنا النار إلا أربعين ليلة زاد غيره وهي مدة عبادتهم العجل وحكاه القرطبي عن ابن عباس وقتادة وقال الضحاك قال ابن عباس زعمت اليهود أنهم وجدوا في التوراة مكتوبا أن مابين طرفي جهنم مسيرة أربعين سنة إلى أن ينتهوا إلى شجرة الزقوم التي هي ثابتة في أصل الجحيم وقال أعداء الله إنما نعذب حتى ننتهي إلى شجرة الزقوم فتذهب جهنم وتهلك فذلك قوله تعالى « وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة » وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة « وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة » يعني الأيام التي عبدنا فيها العجل وقال عكرمة خاصمت اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا لن ندخل النار إلا أربعين ليلة وسيخلفنا فيها قوم آخرون يعنون محمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهفقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده على رءوسهم بل أنتم خالدون مخلدون لا يخلفكم فيها أحد فأنزل الله عز وجل « وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة » الآية وقال الحافظ أبو بكر بن مردويه رحمه الله حدثنا عبد الله بن جعفر حدثنا محمد بن محمد بن صخر حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ حدثنا ليث بن سعد حدثني سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة قال لما فتحت خيبر أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اجمعوا لي من كان من اليهود ههنا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبوكم قالوا فلان قال كذبتم بل أبوكم فلان فقالوا صدقت وبررت ثم قال لهم هل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم عنه قالوا نعم يا أبا القاسم وإن كذبناك عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل النار فقالوا نكون فيها يسيرا ثم تخلفونا فيها فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم اخسؤوا والله لا نخلفكم فيها أبدا ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم هل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم عنه قالوا نعم يا أبا القاسم قال هل جعلتم في هذه الشاة سما فقالوا نعم قال فما حملكم على ذلك فقالوا أردنا ان كنت كاذبا أن نستريح منك وإن كنت نبيا لم يضرك ورواه الإمام أحمد « 2/451 » والبخاري « 5777 » والنسائي « كبرى 11355 » من حديث الليث بن سعد بنحوه تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الإثنين نوفمبر 10, 2008 2:18 am | |
| 81-بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـئَتُهُ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ 82-وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ يقول تعالى ليس الأمر كما تمنيتم ولا كما تشتهون بل الأمر أنه من عمل سيئة وأحاطت به خطيئته وهو من وافى يوم القيامة وليست له حسنة بل جميع أعماله سيئات فهذا من أهل النار « والذين آمنوا وعملوا الصالحات » أي آمنوا بالله ورسوله وعملوا الصالحات من العمل الموافق للشريعة فهم من أهل الجنة وهذا المقام شبيه بقوله تعالى « ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا » قال محمد بن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد عن سعيد أو عكرمة عن ابن عباس « بلى من كسب سيئة » أي عمل مثل أعمالكم وكفر بمثل ماكفرتم به حتى يحيط به كفره فماله من حسنة وفي رواية عن ابن عباس قال الشرك قال ابن أبي حاتم وروي عن أبي وائل وأبي العالية ومجاهد وعكرمة والحسن وقتادة والربيع بن أنس نحوه وقال الحسن أيضا والسدي السيئة الكبيرة من الكبائر وقال ابن جريج عن مجاهد « وأحاطت به خطيئته » قال بقلبه وقال أبو هريرة وأبو وائل وعطاء والحسن « وأحاطت به خطيئته » قالوا أحاط به شركه وقال الأعمش عن أبي رزين عن الربيع بن خيثم « وأحاطت به خطيئته » قال الذي يموت على خطاياه من قبل أن يتوب وعن السدي وأبي رزين نحوه وقال أبو العالية ومجاهد والحسن في رواية عنهما وقتادة والربيع بن أنس « وأحاطت به خطيئته » الموجبة الكبيرة وكل هذه الأقوال متقاربة في المعنى والله أعلم ويذكر ههنا الحديث الذي رواه الإمام أحمد حيث قال حدثنا سليمان بن داود « الطيالسي 400 » حدثنا عمران القطان عن قتادة عن عبد ربه عن أبي عياض عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إياكم ومحقرات الذنوب فانهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب لهم مثلا كمثل قوم نزلوا بأرض فلاة فحضر صنيع القوم فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود والرجل يجيء بالعود حتى جمعوا سوادا وأججوا نارا فأنضجوا ما قذفوا فيها وقال محمد بن إسحاق حدثني محمد عن سعيد أو عكرمة عن ابن عباس « والذين آمنو وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون » أي من آمن بما كفرتم وعمل بما تركتم من دينه فلهم الجنة خالدين فيها يخبرهم أن الثواب بالخير والشر مقيم على أهله أبدا لاانقطاع له تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الإثنين نوفمبر 10, 2008 2:20 am | |
| 83-وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ يذكر تبارك وتعالى بني إسرائيل بما أمرهم به من الأوامر وأخذه ميثاقهم على ذلك وأنهم تولو عن ذلك كله وأعرضوا قصدا وعمدا وهم يعرفونه ويذكرونه فأمرهم تعالى أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وبهذا أمر جميع خلقه ولذلك خلقهم كما قال تعالى « وما ارسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لاإله إلا أنا فاعبدون » وقال تعالى « ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن إعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت » وهذا هو أعلى الحقوق وأعظمها وهو حق الله تبارك وتعالى أن يعبد وحده لا شريك له ثم بعده حق المخلوقين وآكدهم وأولاهم بذلك حق الوالدين ولهذا يقرن تبارك وتعالى بين حقه وحق الوالدين كما قال تعالى « أن إشكر لي ولوالديك إلي المصير » وقال تبارك وتعالى « وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا » إلى أن قال « وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل » وفي الصحيحين « خ 527 م 85 » عن ابن مسعود قلت يا رسول الله أي العمل أفضل قال الصلاة على وقتها قلت ثم أي قال بر الوالدين قلت ثم أي قال الجهاد في سبيل الله ولهذا جاء في الحديث الصحيح « خ 5971 م 2548 » أن رجلا قال يا رسول الله من أبر قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أباك ثم أدناك ثم أدناك وقوله تعالى « لاتعبدون إلا الله » قال الزمخشري خبر بمعنى الطلب وهو آكد وقيل كان أصله « أن لا تعبدوا إلا الله » كما قرأها من قرأها من السلف فحذفت أن فارتفع وحكي عن أبي وابن مسعود أنهما قرءاها « لاتعبدوا إلا الله » ونقل هذا التوجيه القرطبي في تفسيره عن سيبويه قال واختاره الكسائيوالفراء قال « واليتامى » وهم الصغار الذين لا كاسب لهم من الآباء والمساكين الذين لا يجدون ما ينفقون على أنفسهم وأهليهم وسيأتي الكلام على هذه الأصناف عند آية النساء التي أمرنا الله تعالى بها صريحا في قوله « واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا » الآية وقوله تعالى « وقولوا للناس حسنا » أي كلموهم طيبا ولينوا لهم جانبا ويدخل في ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمعروف كما قال الحسن البصري في قوله تعالى « وقولوا للناس حسنا » فالحسن من القول يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويحلم ويعفو ويصفح ويقول للناس حسنا كما قال الله وهو كل خلق حسن رضيه الله وقال الإمام أحمد « 5/173 » حدثنا روح حدثنا أبو عامر الخزاز عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا تحقرن من المعروف شيئا وإن لم تجد فالق أخاك بوجه منطلق وأخرجه مسلم في صحيحه « 2626 » والترمذي « 1833 » وصححه من حديث أبي عامر الخزاز واسمه صالح بن رستم به وناسب أن يأمرهم بأن يقولوا للناس حسنا بعد ما أمرهم بالإحسان إليهم بالفعل فجمع بين طرفي الإحسان الفعلي والقولي ثم أكد الأمر بعبادته والإحسان إلى الناس بالمتعين من ذلك وهو الصلاة والزكاة فقال « وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة » وأخبر أنهم تولوا عن ذلك كله أي تركوه وراء ظهورهم وأعرضوا عنه على عمد بعد العلم به إلا القليل منهم وقد أمر الله هذه الأمة بنظير ذلك في سورة النساء بقوله « واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا » فقامت هذه الأمة من ذلك بما لم تقم به أمة من الأمم قبلها ولله الحمد والمنة ومن النقول الغريبة ههنا ماذكره ابن أبي حاتم في تفسيره حدثنا أبي حدثنا محمد بن خلف العسقلاني حدثنا عبد الله بن يوسف التنيسي حدثنا خالد بن صبيح عن حميد بن عقبة عن أسد بن وداعة أنه كان يخرج من منزله فلا يلقى يهوديا ولا نصرانيا إلا سلم عليه فقيل له ما شأنك تسلم على اليهودي والنصراني فقال إن الله تعالى يقول « وقولوا للناس حسنا » وهو السلام قال وروي عن عطاء الخراساني نحوه « قلت » وقد ثبت في السنة أنهم لا يبدءون بالسلام والله أعلم تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير
| |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الإثنين نوفمبر 10, 2008 2:22 am | |
| 84-وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ 85-ثُمَّ أَنتُمْ هَـؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ 86-أُولَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآَخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ يقول تبارك وتعالى منكرا على اليهود الذين كانوا في زمان رسول الله صلى الله عليهوسلم بالمدينة وما كانوا يعانونه من القتال مع الأوس والخزرج وذلك أن الأوس والخزرج وهم الأنصار كانوا في الجاهلية عباد أصنام وكانت بينهم حروب كثيرة وكانت يهود المدينة ثلاث قبائل بنو قينقاع وبنو النضير حلفاء الخزرج وبنو قريظة حلفاء الأوس فكانت الحرب إذا نشبت بينهم قاتل كل فريق مع حلفائه فيقتل اليهودي أعداءه وقد يقتل اليهودي الآخر من الفريق الآخر وذلك حرام عليهم في دينهم ونص كتابهم ويخرجونهم من بيوتهم وينتهبون مافيها من الأثاث والأمتعة والأموال ثم إذا وضعت الحرب أوزارها استفكوا الأسارى من الفريق المغلوب عملا بحكم التوراة ولهذا قال تعالى « أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض » ولهذا قال تعالى « وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكمولاتخرجون أنفسكم من دياركم » أي لا يقتل بعضكم بعضا ولايخرجه من منزله ولا يظاهر عليه كما قال تعالى « فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم » وذلك أن أهل الملة الواحدة بمنزلة النفس الواحدة كما قال عليه الصلاة والسلام مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتواصلهم بمنزلة الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر وقوله تعالى « ثم أقررتم وأنتم تشهدون » أي ثم أقررتم بمعرفة هذا الميثاق وصحته وأنتم تشهدون به « ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم » الآية قال محمد بن إسحاق بن يسار حدثني محمد بن أبي محمد عن سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس « ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم » الآية قال أنبأهم الله بذلك من فعلهم وقد حرم عليهم في التوراة سفك دمائهم وافترض عليهم فيها فداء أسراهم فكانوا فريقين طائفة منهم بنو قينقاع وهم حلفاء الخزرج والنضير وقريظة وهم حلفاء الأوس فكانوا إذا كانت بين الأوس والخزرج حرب خرجت بنو قينقاع مع الخزرج وخرجت النضير وقريظة مع الأوس يظاهر كل واحد من الفريقين حلفاءه على إخوانه حتى تسافكوا دماءهم بينهم وبأيديهم التوراة يعرفون فيها ماعليهم وما لهم والأوس والخزرج أهل شرك يعبدون الأوثان ولايعرفون جنة ولا نارا ولا بعثا ولا قيامة ولا كتابا ولا حلالا ولا حراما فإذا وضعت الحرب أوزارها افتدوا أسراهم تصديقا لما في التوراة وأخذوا به بعضهم من بعض يفتدي بنو قينقاع ما كان من أسراهم في أيدي الأوس ويفتدي النضير وقريظة ما كان في أيدي الخزرج منهم ويطلون ما أصابوا من دمائهم وقتلوا من قتلوا منهم فيما بينهم مظاهرة لأهل الشرك عليهم يقول الله تعالى ذكره حيث أنبأهم بذلك « أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض » أي تفادونهم بحكم التوراة وتقتلونهم وفي حكم التوراة أن لا يقتل ولا يخرج من داره ولا يظاهر عليه من يشرك بالله ويعبد الأوثان من دونه ابتغاء عرض الدنيا ففي ذلك من فعلهم مع الأوس والخزرج فيما بلغني نزلت هذه القصة وقال أسباط عن السدي كانت قريظة حلفاء الأوس وكانت النضير حلفاء الخزرج فكانوا يقتتلون في حرب بينهم فتقاتل بنو قريظة مع حلفائها النضير وحلفاءهم وكانت النضير تقاتل قريظة وحلفاءها ويغلبونهم فيخربون ديارهم ويخرجونهم منها فإذا أسر رجل من الفريقين كلاهما جمعوا له حتى يفدوه فتعيرهم العرب بذلك ويقولون كيف تقاتلونهم وتفدونهم قالوا إنا أمرنا أن نفديهم وحرم علينا قتالهم قالوا فلم تقاتلونهم قالوا إنا نستحي أن تستذل حلفاؤنا فذلك حين عيرهم الله تبارك وتعالى فقال تعالى « ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم » الآية وقال شعبة عن السدي نزلت هذه الآية في قيس بن الخطيم « ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان » الآية وقال أسباط عن السدي عن عبد خير قال غزونا مع سلمان بن ربيعة الباهلي بلنجر فحاصرنا أهلها ففتحنا المدينة وأصبنا سبايا واشترى عبد الله بن سلام يهودية بسبع مئة فلما مر برأس الجالوت نزل فقال له عبد الله يارأس الجالوت هل لك في عجوز ههنا من أهل دينك تشتريها مني قال نعم قال أخذتها بسبع مئة درهم قال فإني أربحك سبع مئة أخرى قال فإني قد حلفت أن لا أنقصها من أربعة آلاف قال لاحاجة لي فيها قال والله لتشترينها مني أو لتكفرن بدينك الذي أنت عليه قال أدن مني فدنا منه فقرأ في أذنه مما في التوراة إنك لا تجد مملوكا من بني إسرائيل إلا اشتريته فأعتقته « وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم » قال أنت عبد الله بن سلام قال نعم قال فجاء بأربعة آلاف فأخذ عبد الله ألفين ورد عليه ألفين وقال آدم بن أبي إياس في تفسيره حدثنا أبو جعفر يعني الرازي حدثنا الربيع بن أنس أخبرنا أبو العالية أن عبد الله بن سلام مر على رأس الجالوت بالكوفة وهو يفادي من النساء من لم يقع عليه العرب ولا يفادي من وقع عليه العرب فقال عبد الله أما انه مكتوب عندك في كتابك أن تفاديهن كلهن والذي أرشدت اليه الآية الكريمة وهذا السياق ذم اليهود في قيامهم بأمر التوراة التي يعتقدون صحتها ومخالفة شرعها مع معرفتهم بذلك وشهادتهم له بالصحة فلهذا لا يؤمنون على مافيها ولا على نقلها ولا يصدقون فيما كتموه من صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونعته ومبعثه ومخرجه ومهاجره وغير ذلك من شؤونه التي أخبرت بها الأنبياء قبله عليهم الصلاة والسلام واليهود عليهم لعائن الله يتكاتمونه بينهم ولهذا قال تعالى « فما جزاء من يفعل ذلك منكمإلا خزي في الحياة الدنيا » أي بسبب مخالفتهم شرع الله وأمره « ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب » جزاء على مخالفتهم كتاب الله الذي بأيديهم « وما الله بغافل عما تعملون أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة » أي استحبوها على الآخرة واختاروها « فلا يخفف عنهم العذاب » أي لا يفتر عنهم ساعة واحدة « ولا هم ينصرون » أي وليس لهم ناصر ينقذهم مما هم فيه من العذاب الدائم السرمدي ولا يجيرهم منه تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الإثنين نوفمبر 10, 2008 2:23 am | |
| 87-وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ ينعت تبارك وتعالى بني إسرائيل بالعتو والعناد والمخالفة والإستكبار على الأنبياء وأنهم انما يتبعون أهواءهم فذكر تعالى أنه آتى موسى الكتاب وهو التوراة فحرفوها وبدلوها وخالفوا أوامرها وأولوها وأرسل الرسل والنبيين من بعده الذين يحكمون بشريعته كما قال تعالى « انا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء » الآية ولهذا قال تعالى « وقفينا من بعده بالرسل » قال السدي عن أبي مالك أتبعنا وقال غيره أردفنا والكل قريب كما قال تعالى « ثم أرسلنا رسلنا تترى » حتى ختم أنبياء بني إسرائيل بعيسى بن مريم فجاء بمخالفة التوراة في بعض الأحكام ولهذا أعطاه الله من البينات وهي المعجزات قال ابن عباس من إحياء الموتى وخلقه من الطين كهيئة الطير فينفخ فيها فتكون طيرا بإذن الله وبراء الأسقام واخباره بالغيوب وتأييده بروح القدس وهو جبريل عليه السلام ما يدلهم على صدقه فيما جاءهم به فاشتد تكذيب بني إسرائيل له وحسدهم وعنادهم لمخالفة التوراة في البعض كما قال تعالى اخبارا عن عيسى « ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم » الآية فكانت بنوا إسرائيل تعامل الأنبياء أسوأ المعاملة ففريقا يكذبونه وفريقا يقتلونه وماذاك إلا لأنهم يأتونهم بالأمور المخالفة لأهوائهم وآرائهم وبالإلزام بأحكام التوراة التي قد تصرفوا في مخالفتها فلهذا كان ذلك يشق عليهم فكذبوهم وربما قتلوا بعضهم ولهذا قال تعالى « أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون » والدليل على أن روح القدس هو جبريل كما نص عليه ابن مسعود في تفسير هذه الآية وتابعه على ذلك ابن عباس ومحمد بن كعب القرظي وإسماعيل بن أبي خالد والسدي والربيع بن أنس وعطية العوفي وقتادة مع قوله تعالى « نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين » ما قال البخاري « تحفة 16351 » وقال ابن أبي الزناد عن أبيه عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع لحسان بن ثابت منبرا في المسجد فكان ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم أيد حسان بروح القدس كما نافح عن نبيك وهذا من البخاري تعليق وقد رواه أبو داود في سننه « 5015 » عن لوين والترمذي « 2846 » عن علي بن حجر وإسماعيل بن موسى الفزاري ثلاثتهم عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه وهشام بن عروة كلاهما عن عروة عن عائشة به وقال الترمذي حسن صحيح وهو حديث أبي الزناد وفي الصحيحين « خ 3212 م 2485 » من حديث سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن عمر بن الخطاب مر بحسان وهو ينشد الشعر في المسجد فلحظ إليه فقال قد كنت أنشد فيه وفيه من هو خير منك ثم التفت إلى أبي هريرة أنشدك الله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أجب عني اللهم أيده بروح القدس فقال اللهم نعم وفي بعض الروايات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لحسان أهجهم أو هاجهم وجبريل معك وفي شعر حسان قوله-وجبريل رسول الله فينا وروح القدس ليس به خفاء-وقال محمد بن إسحاق حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي عن شهر بن حوشب الأشعري أن نفرا من اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا اخبرنا عن الروح فقال أنشدكم بالله وبأيامه عند بني إسرائيل هل تعلمونأنه جبرائيل وهو الذي يأتيني قالوا نعم وفي صحيح ابن حبان عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب أقوال أخر قال ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا منجاب بن الحارث حدثنا بشر عن أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس « وأيدناه بروح القدس » قال هو الإسم الأعظم الذي كان عيسى يحيي به الموتى وقال ابن جرير حدثت عن المنجاب فذكره وقال ابن أبي حاتم وروي عن سعيد بن جبير نحو ذلك ونقله القرطبي عن عبيد بن عمير أيضا قال وهو الإسم الأعظم وقال ابن أبي نجيح الروح هو حفظة على الملائكة وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس القدس هو الرب تبارك وتعالى وهو قول كعب وحكى القرطبي عن مجاهد والحسن البصري أنهما قالا القدس هو الله تعالى وروحه جبريل فعلى هذا يكون القول الأول وقال السدي القدس البركة وقال العوفي عن ابن عباس القدس الطهر وقال ابن جرير حدثنا يونس بن عبد الأعلى أنبأنا ابن وهب قال قال ابن زيد في قوله تعالى « وأيدناه بروح القدس » قال أيد الله عيسى بالإنجيل روحا كما جعل القرآن روحا كلاهما روح الله كما قال تعالى « وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا » ثم قال ابن جرير وأولى التأويلات في ذلك بالصواب قول من قال الروح في هذا الموضع جبرائيل فإن الله تعالى أخبر أنه أيد عيسى به كما أخبر في قوله تعالى « إذ قال الله ياعيسى بن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل » الآية فذكر أنه أيده به فلو كان الروح الذي أيده به هو الإنجيل لكان قوله « وإذ أيدتك بروح القدس وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل » تكرير قول لامعنى له والله سبحانه وتعالى أعز وأجل أن يخاطب عباده بما لا يفيدهم به « قلت » ومن الدليل على أنه جبرائيل ما تقدم من أول السياق ولله الحمد وقال الزمخشري « بروح القدس » بالروح المقدسة كما تقول حاتم الجود ورجل صدق ووصفها بالقدس كما قال « وروح منه » فوصفه بالإختصاص والتقريب تكرمة وقيل لأنه لم تضمه الأصلاب والأرحام الطوامث وقيل بجبريل وقيل بالإنجيل كما قال في القرآن « روحا من أمرنا » وقيل بإسم الله الأعظم الذي كان يحيي الموتى بذكره فتضمن كلامه قولا آخر وهو أن المراد روح عيسى نفسه المقدسة المطهرة وقال الزمخشري في قوله تعالى « ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون » إنما لم يقل وفريقا قتلتم لأنه أراد بذلك وصفهم في المستقبل أيضا لأنهم حاولوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم بالسم والسحر وقد قال عليه السلام في مرض موته مازالت أكلة خيبر تعاودني فهذا أوان انقطاع أبهري « قلت » وهذا الحديث في صحيح البخاري وغيره تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الإثنين نوفمبر 10, 2008 2:25 am | |
| 88-وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ قال محمد بن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد عن ابن عباس « وقالوا قلوبنا غلف » أي في أكنة وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس « وقالوا قلوبنا غلف » أي لا تفقه وقال العوفي عن ابن عباس « وقالوا قلوبنا غلف » هي القلوب المطبوع عليها وقال مجاهد « وقالوا قلوبنا غلف » عليها غشاوة وقال عكرمة عليها طابع وقال أبو العالية أي لا تفقه وقال السدي يقولون عليها غلاف وهو الغطاء وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة لا تعي ولا تفقه قال مجاهد وقتادة وقرأ ابن عباس غلف بضم اللام وهو جمع غلاف أي قلوبنا أوعية لكل علم فلا تحتاج إلى علمك قاله ابن عباس وعطاء « بل لعنهم الله بكفرهم » أي طردهم الله وأبعدهم من كل خير « فقليلا ما يؤمنون » قال قتادة معناه لا يؤمن منهم إلا القليل « وقالوا قلوبنا غلف » هو كقوله « وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه » وقال عبد الرحمن بن زيد ابن أسلم في قوله غلف قال قلبي في غلاف فلا يخلص إليه مما تقول شيء وقرأ « وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه » وهذا الذي رجحه ابن جرير واستشهد بما روى من حديث عمرو بن مرة الجملي عن أبي البحتري عن حذيفة قال القلوب أربعة فذكر منها وقلب أغلف مغضوب عليه وذاك قلب الكافر وقال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن عبد الرحمن العرزمي أنبأنا أبي عن جدي عن قتادة عن الحسن في قوله « قلوبنا غلف » قال لم تختن وهذا القول يرجعمعناه إلى ما تقدم من عدم طهارة قلوبهم وأنها بعيدة من الخير قول آخر قال الضحاك عن ابن عباس « وقالوا قلوبنا غلف » قال يقولون قلوبنا غلف مملوءة لا تحتاج إلى علم محمد ولا غيره وقال عطية العوفي عن ابن عباس « وقالوا قلوبنا غلف » أي أوعية للعلم وعلى هذا المعنى جاءت قراءة بعض الأنصار فيها حكاه ابن جرير وقالوا قلوبنا غلف بضم اللام نقلها الزمخشري أي جمع غلاف أي أوعية بمعنى أنهم ادعوا أن قلوبهم مملوة بعلم لا يحتاجون معه إلى علم آخر كما كانوا يفتون بعلم التوراة ولهذا قال تعالى « بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون » أي ليس الأمر كما ادعوا بل قلوبهم ملعونة مطبوع عليها كما قال في سورة النساء « وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا » وقد اختلفوا في معنى قوله « فقليلا ما يؤمنون » وقوله « فلا يؤمنون إلا قليلا » فقال بعضهم فقليل من يؤمن منهم وقيل فقليل إيمانهم بمعنى أنهم يؤمنون بما جاءهم به موسى من أمر المعاد والثواب والعقاب ولكنه إيمان لا ينفعهم لأنه مغمور بما كفروا به من الذي جاءهم به محمد صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم إنما كانوا غير مؤمنين بشيء وإنما قال فقليلا ما يؤمنون وهم بالجميع كافرون كما تقول العرب قلما رأيت مثل هذا قط تريد مارأيت مثل هذا قط وقال الكسائي تقول العرب من زنى بأرض قلما تنبت أي لا تنبت شيئا حكاه ابن جرير رحمه الله والله أعلم تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الإثنين نوفمبر 10, 2008 2:26 am | |
| 89-وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ يقول تعالى « ولما جاءهم » يعني اليهود « كتاب من عند الله » وهو القرآن الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم « مصدق لما معهم » يعني من التوراة وقوله « وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا » أي وقد كانوا من قبل مجيء هذا الرسول بهذا الكتاب يستنصرون بمجيئه على أعدائهم من المشركين إذا قاتلوهم يقولون إنه سيبعث نبي في آخر الزمان نقتلكم معه قتل عاد وإرم كما قال محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمرو عن قتادة الأنصاري عن أشياخ منهم قال فينا والله وفيهم يعني في الأنصار وفي اليهود الذين كانوا جيرانهم نزلت هذه القصة يعني « ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ماعرفوا كفروا به » قالوا كنا قد علوناهم قهرا دهرا في الجاهلية ونحن أهل شرك وهم أهل كتاب وهم يقولون إن نبيا سيبعث الآن نتبعه قد أظل زمانه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم فلما بعث الله رسوله من قريش واتبعناه كفروا به يقول الله تعالى « فلما جاءهم ماعرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين » وقال الضحاك عن ابن عباس في قوله « وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا » قال يستنصرون يقولون نحن نعين محمدا عليهم وليسوا كذلك بل يكذبون وقال محمد بن إسحاق أخبرني محمد بن أبي محمد أخبرني عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس أن يهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه فلما بعثه الله من العرب كفروا به وجحدوا ماكانوا يقولون فيه فقال لهم معاذ بن جبل وبشر بن البراء بن معرور أخو بني سلمة يامعشر يهود اتقوا الله وأسلموا فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد صلى الله عليه وسلم ونحن أهل شرك وتخبروننا بأنه مبعوث وتصفونه بصفته فقال سلام بن مشكم أخو بني النضير ماجاءنا بشيء نعرفه وماهو بالذي كنا نذكر لكم فأنزل الله في ذلك من قولهم « ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم » الآية وقال العوفي عن ابن عباس « وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا » يقول يستنصرون بخروج محمد صلى الله عليه وسلم على مشركي العرب يعني بذلك أهل الكتاب فلما بعث محمد صلى الله عليه وسلم ورأوه من غيرهم كفروا به وحسدوه وقال أبو العالية كانت اليهود تستنصر بمحمد صلى الله عليه وسلم على مشركي العرب يقولون اللهم ابعث هذا النبي الذي نجده مكتوبا عندنا حتى نعذب المشركين ونقتلهم فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم ورأوا أنه من غيرهم كفروا به حسدا للعرب وهم يعلمون أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الله تعالى « فلما جاءهم ماعرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين » وقال قتادة « وكانوا من قبل يستفتحون على الذينكفروا » قال وكانوا يقولون إنه سيأتي نبي « فلما جاءهم ماعرفوا كفروا به » وقال مجاهد « فلما جاءهم ماعرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين » قال هم اليهود تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الإثنين نوفمبر 10, 2008 2:28 am | |
| 90-بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللّهُ بَغْياً أَن يُنَزِّلُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ قال مجاهد « بئسما اشتروا به أنفسهم » يهود شروا الحق بالباطل وكتمان ماجاء به محمد صلى الله عليه وسلم بأن يبينوه وقال السدي « بئسما اشتروا به أنفسهم » يقول باعوا به أنفسهم يقول بئسما اعتاضوا لأنفسهم فرضوا به وعدلوا إليه من الكفر بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم عن تصديقه وموازرته ونصرته وإنما حملهم على ذلك البغي والحسد والكراهية « أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده » ولا حسد أعظم من هذا قال ابن إسحاق عن محمد عن عكرمة أو سعيد عن ابن عباس « بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده » أي أن الله جعله من غيرهم « فباؤا بغضب على غضب » قال ابن عباس في الغضب على الغضب فغضب عليهم فيما كانوا ضيعوا من التوراة وهي معهم وغضب بكفرهم بهذا النبي الذي بعث الله إليهم « قلت » ومعنى « باؤا » استوجبوا واستحقوا واستقروا بغضب على غضب وقال أبو العالية غضب الله عليهم بكفرهم بالإنجيل وعيسى ثم غضب الله عليهم بكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن عليهما السلام وعن عكرمة وقتادة مثله قال السدي أما الغضب الأول فهو حين غضب عليهم في العجل وأما الثاني فغضب عليهم حين كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم وعن ابن عباس مثله وقوله تعالى « وللكافرين عذاب مهين » لما كان كفرهم سببه البغي والحسد ومنشأ ذلك التكبر وقوبلوا بالإهانة والصغار في الدنيا والآخرة كما قال تعالى « إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين » أي صاغرين حقيرين ذليلين راغمين وقد قال الإمام أحمد « 2/179 » حدثنا يحيى حدثنا ابن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الناس يعلوهم كل شيء من الصغار حتى يدخلوا سجنا في جهنم يقال له بولس تعلوهم نار الأنيار يسقون من طينة الخبال وعصارة أهل النار تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الإثنين نوفمبر 10, 2008 2:29 am | |
| 91-وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ 92-وَلَقَدْ جَاءكُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ يقول تعالى « وإذا قيل لهم » أي لليهود وأمثالهم من أهل الكتاب « آمنوا بما أنزل الله » على محمد صلى الله عليه وسلم وصدقوه واتبعوه « قالوا نؤمن بما أنزل علينا » أي يكفينا الإيمان بما أنزل علينا من التوراة والإنجيل ولا نقر إلا بذلك « ويكفرون بما وراءه » يعني بما بعده « وهوالحق مصدقا ما معهم » أي وهم يعلمون أن ما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم « الحق مصدقا لما معهم » منصوب على الحال أي في حال تصديقه لما معهم من التوراة والإنجيل فالحجة قائمة عليهم بذلك كما قال تعالى « الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم » ثم قال تعالى « فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين » أي إن كنتم صادقين في دعواكم الإيمان بما انزل إليكم فلم قتلتم الأنبياء الذين جاءوكم بتصديق التوراة التي بأيديكم والحكم بها وعدم نسخها وأنتم تعلمون صدقهم قتلتموهم بغيا وعنادا واستكبارا على رسل الله فلستم تتبعون إلا مجرد الأهواء والآراء والتشهي كما قال تعالى « أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون » وقال السدي في هذه الآية يعيرهم الله تبارك وتعالى « قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين » وقال أبو جعفر بن جرير قل يامحمد ليهود بني إسرائيل إذا قلت لهمآمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا لم تقتلون إن كنتم مؤمنين بما أنزل الله أنبياء الله يامعشر اليهود وقد حرم الله في الكتاب الذي أنزل عليكم قتلهم بل أمركم باتباعهم وطاعتهم وتصديقهم وذلك من الله تكذيب لهم في قولهم نؤمن بما أنزل علينا وتعيير لهم « ولقد جاءكم موسى بالبينات » أي الآيات الواضحات والدلائل القاطعات على أنه رسول الله وأنه لا إله إلا الله والآيات البينات هي الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والعصا واليد وفرق البحر وتظليلهم بالغمام والمن والسلوى والحجر وغير ذلك من الآيات التي شاهدوها ثم اتخذتم العجل أي معبودا من دون الله في زمان موسى وأيامه وقوله من بعده أي من بعد ماذهب عنكم إلى الطور لمناجاة الله عز وجل كما قال تعالى « واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار » « وأنتم ظالمون » أي وأنتم ظالمون في هذا الصنيع الذي صنعتموه من عبادتكم العجل وأنتم تعلمون أنه لاإله إلا الله كما قال تعالى « ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين » تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الإثنين نوفمبر 10, 2008 2:30 am | |
| 93-وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ يعدد سبحانه وتعالى عليهم خطأهم ومخالفتهم للميثاق وعتوهم وإعراضهم عنه حتى رفع الطور عليهم حتى قبلوه ثم خالفوه ولهذا « قالوا سمعنا وعصينا » وقد تقدم تفسير ذلك « وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم » قال عبد الرزاق عن قتادة « وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم » قال أشربوا حبه حتى خلص ذلك إلى قلوبهم وكذا قال أبو العالية والربيع بن أنس وقال الإمام أحمد « 5/194 » حدثنا عصام بن خالد حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني عن خالد بن محمد الثقفي عن بلال بن أبي الدرداء عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال حبك الشيء يعمي ويصم ورواه أبو داود « 5130 » عن حيوة بن شريح عن بقية عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني به وقال السدي أخذ موسى عليه السلام العجل فذبحه بالمبرد ثم ذراه في البحر ثم لم يبق بحر يجري يومئذ إلا وقع فيه شيء ثم قال لهم موسى اشربوا منه فشربوا فمن كان يحبه خرج على شاربيه الذهب فذلك حين يقول الله تعالى « وأشربوا في قلوبهم العجل » وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عبد الله بن رجاء حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمارة بن عمير وأبي عبد الرحمن السلمي عن علي رضي الله عنه قال عمد موسى إلى العجل فوضع عليه المبارد فبرده بها وهو على شاطئ نهر فما شرب أحد من ذلك الماء ممن كان يعبد العجلإلا اصفر وجهه مثل الذهب وقال سعيد بن جبير « وأشربوا في قلوبهم العجل » قال لما أحرق العجل برد ثم نسف فحسوا الماء حتى عادت وجوههم كالزعفران وحكى القرطبي عن كتاب القشيري أنه ما شرب أحد منه ممن عبد العجل إلا جن ثم قال القرطبي وهذا شيء غير ما ههنا لأن المقصود من هذا السياق أنه ظهر على شفاههم ووجوههم والمذكور ههنا أنهم أشربوا في قلوبهم العجل يعني في حال عبادتهم له ثم أنشد قول النابغة في زوجته عثمة-تغلغل حب عثمة في فؤادي فباديه مع الخالق يسير**تغلغل حيث لم يبلغ شراب ولا حزن ولم يبلغ سرور**أكاد إذا ذكرت العهد منا أطير لو أن إنسانا يطير-وقوله « قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين » أي بئسما تعتمدونه في قديم الدهر وحديثه من كفركم بآيات الله ومخالفتكم الأنبياء ثم اعتمادكم في كفركم بمحمد صلى الله عليه وسلم وهذا أكبر ذنوبكم وأشد الأمور عليكم إذ كفرتم بخاتم الرسل وسيد الأنبياء والمرسلين المبعوث إلى الناس أجمعين فكيف تدعون لأنفسكم الإيمان وقد فعلتم هذه الأفاعيل القبيحة من نقضكم المواثيق وكفركم بآيات الله وعبادتكم العجل من دون الله تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الإثنين نوفمبر 10, 2008 2:32 am | |
| 94-قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآَخِرَةُ عِندَ اللّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ 95-وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمينَ 96-وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ قال محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه يقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم « قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين » أي أدعوا بالموت على أي الفريقين أكذب فأبوا ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم « ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين » أي بعلمهم بما عندهم من العلم بل والكفر بذلك ولو تمنوه يوم قال لهم ذلك مابقي على الأرض يهودي إلا مات وقال الضحاك عن ابن عباس « فتمنوا الموت » فسلوا الموت وقال عبد الرزاق عن معمر عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة قوله فتمنوا الموت إن كنتم صادقين قال قال ابن عباس لو تمنى يهود الموت لماتوا وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا علي بن محمد الطنافسي حدثنا عثام سمعت الأعمش قال لا أظنه إلا عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال لو تمنوا الموت لشرق أحدهم بريقه وهذه أسانيد صحيحة إلى ابن عباس وقال ابن جرير في تفسيره وبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ولرأوا مقاعدهم من النار ولو خرج الذين يباهلون رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجعوا لا يجدون أهلا ولا مالا حدثنا بذلك أبو كريب حدثنا زكريا بن عدي حدثنا عبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم عن عكرمة عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورواه الإمام أحمد « 1/248 » عن إسماعيل بن يزيد الرقي حدثنا فرات عن عبد الكريم به وقال ابن أبي حاتم حدثنا الحسن بن أحمد حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن بشار حدثنا سرور بن المغيرة عن عباد بن منصور عن الحسن قال قول الله ما كانوا ليتمنوه بما قدمت أيديهم قلت أرأيتك لو أنهم أحبوا الموت حين قيل لهم تمنوا الموت أتراهم كانوا ميتين قال لا والله ما كانوا ليموتوا ولو تمنوا الموت وما كانوا ليتمنوه وقد قال الله ما سمعت « ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين » وهذا غريب عن الحسن ثم هذا الذي فسر به ابن عباس الآية هو المتعين وهو الدعاء على أي الفريقين أكذب منهم أو من المسلمين على وجه المباهلة ونقله ابن جرير عن قتادة وأبي العالية والربيع بن أنس رحمهم الله تعالى ونظير هذه الآية قوله تعالى في سورة الجمعة « قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء الله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين قل إن الموت الذي تفرونمنه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعلمون » فهم عليهم لعائن الله تعالى لما زعموا أنهم أبناء الله وأحباؤه وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى دعوا إلى المباهلة والدعاء على أكذب الطائفين منهم أو من المسلمين فلما نكلوا عن ذلك علم كل أحد أنهم ظالمون لأنهم لو كانوا جازمين بما هم فيه لكانوا أقدموا على ذلك فلما تأخروا علم كذبهم وهذا كما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد نجران من النصارى بعد قيام الحجة عليهم في المناظرة وعتوهم وعنادهم إلى المباهلة فقال تعالى « فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين » فلما رأوا ذلك قال بعض القوم لبعض والله لئن باهلتم هذا النبي لا يبقى منكم عين تطرف فعند ذلك جنحوا للسلم وبذلوا الجزية عن يد وهم صاغرون فضربها عليهم وبعث معهم أبا عبيدة بن الجراح أمينا ومثل هذا المعنى أو قريب منه قول الله تعالى لنبيه ان يقول للمشركين « قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا » أي من كان في الضلالة منا ومنكم فزاده الله مما هو فيه ومد له واستدرجه كما سيأتي تقريره في موضعه إن شاء الله تعالى وأما من فسر الآية على معنى « إن كنتم صادقين » أي في دعواكم فتمنوا الآن الموت ولم يتعرض هؤلاء للمباهلة كما قرره طائفة من المتكلمين وغيرهم ومال إليه ابن جرير بعد ما قارب القول الأول فإنه قال القول في تأويل قولهتعالى « قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس » الآية فهذه الآية مما احتج الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم على اليهود الذين كانوا بين ظهراني مهاجرهوفضح بها أحبارهم وعلماءهم وذلك أن الله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم إلى قضية عادلة فيما كان بينه وبينهم من الخلاف كما أمره أن يدعو الفريق الآخر من النصارى إذ خالفوه في عيسى بن مريم عليه السلام وجادلوه فيه إلى فاصلة بينه وبينهم من المباهلة فقال لفريق اليهود إن كنتم محقين فتمنوا الموت فان ذلك غير ضاركم إن كنتم محقين فيما تدعون من الإيمان وقرب المنزلة من الله لكم لكي يعطيكم أمنيتكم من الموت إذا تمنيتم فانما تصيرون إلى الراحة من تعب الدنيا ونصبها وكدر عيشها والفوز بجوار الله في جناته إن كان الأمر كما تزعمون من أن الدار الآخرة لكم خاصة دوننا وإن لم تعطوها علم الناس أنكم المبطلون ونحن المحقون في دعوانا وانكشف أمرنا وأمركم لهم فامتنعت اليهود من الإجابة إلى ذلك لعلمها أنها إن تمنت الموت هلكت فذهبت دنياها وصارت إلى خزي الأبد في آخرتها كما امتنع فريق النصارى الذين جادلوا النبي صلى الله عليه وسلم في عيسى إذ دعوا للمباهلة من المباهلة فهذا الكلام منه أوله حسن وآخره فيه نظر وذلك أنه لا تظهر الحجة عليهم على هذا التأويل إذ يقال إنه لا يلزم من كونهم يعتقدون أنهم صادقون في دعواهم أنهم يتمنون الموت فإنه لا ملازمة بين وجود الصلاح وتمني الموت وكم من صالح لا يتمنى الموت بل يود أن يعمر ليزداد خيرا وترتفع درجته في الجنة كما جاء في الحديث خيركم من طال عمره وحسن عمله ولهم مع ذلك أن يقولوا على هذا فها أنتم تعتقدون أيها المسلمون أنكم أصحاب الجنة وأنتم لا تتمنون في حال الصحة الموت فكيف تلزموننا بما لا يلزمكم وهذا كله إنما نشأ من تفسير الآية على هذا المعنى فأما على تفسير ابن عباس فلا يلزم عليه شيء من ذلك بل قيل لهم كلام نصف إن كنتم تعتقدون أنكم أولياء الله من دون الناس وأنكم أبناء الله وأحباؤه وأنكم من أهل الجنة ومن عداكم من أهل النار فباهلوا على ذلك وادعوا على الكاذبين منكم أو من غيركم واعلموا أن المباهلة تستأصل الكاذب لامحالة فلما تيقنوا ذلك وعرفوا صدقة نكلوا عن المباهلة لما يعلمون من كذبهم وافترائهم وكتمانهم الحق من صفة الرسول صلى الله عليه وسلم ونعته وهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ويتحققونه فعلم كل أحد باطلهم وخزيهم وضلالهم وعنادهم عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يومالقيامة وسميت هذه المباهلة تمنيا لأن كل محق يود لو أهلك الله المبطل المناظر له ولا سيما إذا كان في ذلك حجة له في بيان حقه وظهوره وكانت المباهلة بالموت لأن الحياة عندهم عزيزة عظيمة لما يعلمون من سوء مآلهم بعد الموت ولهذا قال تعالى « ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين ولتجدنهم أحرص الناس على حياة » أي على طول العمر لما يعلمون من مآلهم السيء وعاقبتهم عند الله الخاسرة لأن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر فهم يودون لو تأخروا عن مقام الآخرة بكل ما أمكنهم وما يحاذرون منه واقع بهم لا محالة حتى وهم أحرص من المشركين الذين لا كتاب لهم وهذا من باب عطف الخاص على العام قال ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن سنان حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس « ومن الذين أشركوا » قال الأعاجم وكذا رواه الحاكم في مستدركه « 2/263 » من حديث الثوري وقال صحيح على شرطهما ولم يخرجاه قال وقد اتفقا على سند تفسير الصحابي وقال الحسن البصري ولتجدنهم أحرص الناس على حياة قال المنافق أحرص الناس وأحرص من المشرك على حياة يود أحدهم أي يود أحد اليهود كما يدل عليه نظم السياق وقال أبو العالية يود أحدهم أي أحد المجوس وهو يرجع إلى الأول لو يعمر ألف سنة قال الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس « يود أحدهم لو يعمر ألف سنة » قال هو كقول الفارسي ده هزارسال يقول عشرة آلاف سنة وكذا روى عن سعيد بن جبير نفسه أيضا وقال ابن جرير حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق سمعت أبي عليا يقول حدثنا أبو حمزة عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس في قوله « يود أحدهم لو يعمر ألف سنة » قال هو قول الأعاجم هزارسال نوروز ومهرجان وقال مجاهد « يود أحدهم لو يعمر ألف سنة » قال حببت إليهم الخطيئة طول العمر وقال محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن سعيد أو عكرمة عن ابن عباس « وما هو بمزحزه من العذاب أن يعمر » أي وما هو بمنجيه من العذاب وذلك أن المشرك لا يرجو بعثا بعد الموت فهو يحب طول الحياة وأن اليهودي لو عرف ماله في الآخرة من الخزي ما ضيع ماعنده من العلم وقال العوفي عن ابن عباس « وماهو بمزحزحه من العذاب أن يعمر » قال هذا الذين عادوا جبريل قال أبو العالية وابن عمر فما ذاك بمغيثه من العذاب ولا منجيه منه وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في هذه الآية يهود أحرص على الحياة من هؤلاء وقد ود هؤلاء لو يعمر أحدهم ألف سنة وليس ذلك بمزحزحه من العذاب كما لو عمر إبليس لم ينفعه إذ كان كافرا « والله بصير بما يعملون » أي خبير بصير بما يعمل عباده من خير وشر وسيجازي كل عامل بعمله تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الإثنين نوفمبر 10, 2008 2:34 am | |
| 97-قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ 98-مَن كَانَ عَدُوّاً لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ قال الإمام أبو جعفر بن جرير الطبري رحمه الله أجمع أهل العلم بالتأويل جميعا أن هذه الآية نزلت جوابا لليهود من بني إسرائيل إذ زعموا أن جبريل عدو لهم وأن ميكائيل ولي لهم ثم اختلفوا في السبب الذي من أجله قالوا ذلك فقال بعضهم إنما كان سبب قيلهم ذلك من أجل مناظرة جرت بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر نبوته « ذكر من قال ذلك » حدثنا أبو كريب حدثنا يونس بن بكير عن عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن ابن عباس أنه قال حضرت عصابة من اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا أبا القاسم حدثنا عن خلال نسألك عنهن لا يعلمهن إلا نبي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سلوا عما شئتم ولكن اجعلوا لي ذمة وما أخذ يعقوب على بنيه لئن أنا حدثتكم عن شيء فعرفتموه لتتابعنني على الإسلام فقالوا ذلك لك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سلوا عما شئتم قالوا أخبرنا عن أربع خلال نسألك عنهن أخبرنا أي الطعام حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة وأخبرنا كيف ماء المرأة وماء الرجل وكيف يكون الذكر منه والأنثى وأخبرنا بهذا النبي الأمي في التوراة ومن وليه من الملائكة فقال النبي صلى الله عليه وسلم عليكم عهد الله لئن أنا أنبأتكم لتتابعنني فأعطوه ما شاء الله من عهد وميثاق فقال نشدتكم بالذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن إسرائيل يعقوب مرض مرضا شديدا فطال سقمه منه فنذر لله نذرا لئن عافاه الله من مرضه ليحرمن أحب الطعام والشراب اليه وكان أحب الطعام اليه لحوم الإبل وأحب الشراب إليه ألبانها فقالوا اللهم نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اشهد عليهم وأنشدكم بالله الذي لاإله إلا هو الذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أنماء الرجل غليظ أبيض وأن ماء المرأة رقيق أصفر فأيهما علا كان له الولد والشبه بإذن الله عز وجل وإذا علا ماء الرجل ماء المرأة كان الولد ذكرا باذن الله وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل كان الولد أنثى بإذن الله عز وجل قالوا اللهم نعم قال اللهم اشهد وأنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن هذا النبي الأمي تنام عيناه ولا ينام قلبه قالوا اللهم نعم قال اللهم اشهد قالوا أنت الآن فحدثنا من وليك من الملائكة فعندها نجامعك أو نفارقك قال فإن ولي جبريل ولم يبعث الله نبيا قط إلا وهو وليه قالوا فعندها نفارقك ولو كان وليك سواه من الملائكة تابعناك وصدقناك قال فما يمنعكم أن تصدقوه قالوا إنه عدونا فأنزل الله عز وجل « قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه » إلى قوله « لو كانوا يعلمون » فعندها باؤا بغضب على غضب وقد رواه الإمام أحمد في مسنده « 1/278 » عن أبي النضر هاشم بن القاسم وعبد بن حميد في تفسيره عن أحمد بن يونس كلاهما عن عبد الحميد بن بهرام به ورواه أحمد أيضا عن الحسين بن محمد المروزي عن عبد الحميد بنحوه وقد رواه محمد بن إسحاق بن يسار « 2/218 » حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين عن شهر بن حوشب فذكره مرسلا وزاد فيه قالوا فأخبرنا عن الروح قال فأنشدكم بالله وبآياته عند بني إسرائيل هل تعلمون أنه جبريل وهو الذي يأتيني قالوا اللهم نعم ولكنه عدو لنا وهو ملك إنما يأتي بالشدة وسفك الدماء فلولاذلك اتبعناك فأنزل الله تعالى فيهم « قل من كان عدوا لجبريل » إلى قوله « كأنهم لا يعلمون » وقال الإمام أحمد « 1/274 » حدثنا أبو أحمد حدثنا عبد الله بن الوليد العجلي عن بكير بن شهاب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال أقبلت يهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا أبا القاسم أخبرنا عن خمسة أشياء فإن أنبأتنا بهن عرفنا أنك نبي واتبعناك فأخذ عليهم ما أخذ إسرائيل على بنيه اذ قال والله على ما نقول وكيل قال هاتوا قالوا فأخبرنا عن علامة النبي قال تنام عيناه ولا ينام قلبه قالوا أخبرنا كيف تؤنث المرأة وكيف تذكر قال يلتقي الماءان فإذا علا ماء الرجل ماء المرأة أذكرت واذا علا ماء المرأة ماء الرجل أنثت قالوا أخبرنا ماحرم اسرائيل على نفسه قال كان يشتكي عرق النساء فلم يجد شيئا يلائمه إلا ألبان كذا قال أحمد قال بعضهم يعني الإبل فحرم لحومها قالوا صدقت قالوا أخبرنا ماهذا الرعد قال ملك من ملائكة الله عز وجل موكل بالسحاب بيديه أو في يديه مخراق من نار يزجر به السحاب يسوقه حيث أمره الله تعالى قالوا فما هذا الصوت الذي نسمع قال صوته قالوا صدقت قالوا انما بقيت واحدة وهي التي نتابعك ان أخبرتنا بها إنه ليس من نبي الا وله ملك يأتيه بالخبر فأخبرنا من صاحبك قال جبريل عليه السلام قالوا جبريل ذاك الذي ينزل بالحرب والقتال والعذاب عدونا لو قلت ميكائيل الذي ينزل بالرحمة والقطر والنبات لكان فأنزل الله تعالى « قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله » إلى آخر الآية ورواه الترمذي « 3117 » والنسائي « كبرى 9072 » من حديث عبد الله بن الوليد به وقال الترمذي حسن غريب وقال سنيد في تفسيره عن حجاج بن محمد عن ابن جريج أخبرني القاسم بن أبي بزة أن يهود سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن صاحبه الذي ينزل عليه بالوحي قال جبرائيل قالوا فإنه عدو لنا ولا يأتي إلا بالحرب والشدة والقتال فنزلت « قل من كان عدوا لجبريل » الآية قال ابن جرير قال مجاهد قالت يهود يامحمد ما نزل جبريل إلا بشدة وحرب وقتال فانه لنا عدو فنزل « قل من كان عدوا لجبريل » الآية قال البخاري « 4480 » قوله تعالى « من كان عدوا لجبريل » قال عكرمة جبر وميك وإسراف عبد وإيل الله حدثنا عبد الله بن منير سمع عبد الله بن بكر حدثنا حميد عن أنس بن مالك قال سمع عبد الله بن سلام بمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في أرض يخترف فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي ما أولأشراط الساعة وما أول طعام أهل الجنة وما ينزع الولد إلى أبيه أو إلى أمه قال أخبرني بهذه جبرائيل آنفا قال جبريل قال نعم قال ذاك عدو اليهود من الملائكة فقرأ هذه الآية « من كان عدوا لجبريل فانه نزله على قلبك » وأما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت وإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد وإذا سبق ماء المرأة نزعت قال أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله يا رسول الله إن اليهود قوم بهت وإنهم إن يعلموا بإسلامي قبل أن تسألهم يبهتوني فجاءت اليهود فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أي رجل عبد الله بن سلام فيكم قالوا خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا قال أرأيتم إن أسلم قالوا أعاذه الله من ذلك فخرج عبد الله فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فقالوا هو شرنا وابن شرنا وانتقصوه فقال هذا الذي كنت أخاف يا رسول الله انفرد به البخاري من هذا الوجه وقد أخرجاه من وجه آخر عن أنس بنحوه وفي صحيح مسلم « 315 » عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قريب من هذا السياق كما سيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى وحكاية البخاري كما تقدم عن عكرمة هو المشهور أن إيل هو الله وقد رواه سفيان الثوري عن خصيف عن عكرمة ورواه عبد بن حميد عن إبراهيم بن الحكم عن أبيه عن عكرمة ورواه ابن جرير عن الحسين بن يزيد الطحان عن إسحاق بن منصور عن قيس عن عاصم عن عكرمة أنه قال جبريل إسمه عبد الله وميكائيل إسمه عبدلله إيل الله ورواه يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس مثله سواء وكذا قال غير واحد من السلف كما سيأتي قريبا ومن الناس من يقول إيل عبارة عن عبد والكلمة الأخرى هي إسم الله لأن كلمة إيل لا تتغير في الجميع فوزانه عبد الله عبد الرحمن عبد الملك عبد القدوس عبد السلام عبد الكافي عبد الجليل فعبد موجودة في هذا كله واختلفت الأسماء المضاف إليها وكذلك جبرائيل وميكائيل وعزرائيل وإسرافيل ونحو ذلك وفي كلام غير العرب يقدمون المضاف اليه على المضاف والله أعلمثم قال ابن جرير وقال آخرون بل كان سبب قيلهم ذلك من أجل مناظرة جرت بينهم وبين عمر بن الخطاب في أمر النبي صلى الله عليه وسلم-مناظرة عمر لليهود- « ذكر من قال ذلك » حدثني محمد بن المثنى حدثني ربعي بن علية عن داود بن أبي هند عن الشعبي قال نزل عمر الروحاء فرأى رجالا يبتدرون أحجارا يصلون إليها فقال مابال هؤلاء قالوا يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ههنا قال فكفر ذلك وقال أيما رسول الله صلى الله عليه وسلم أدركته الصلاة بواد صلاها ثم ارتحل فتركه ثم أنشأ يحدثهم فقال كنت أشهد اليهود يوم مدراسهم فأعجب من التوراة كيف تصدق القرآن ومن القرآن كيف يصدق التوراة فبينما أنا عندهم ذات يوم قالوا يا ابن الخطاب ما من أصحابك أحد أحب إلينا منك قلت ولم ذلك قالوا لأنك تغشانا وتأتينا فقلت إني آتيكم فأعجب من القرآن كيف يصدق التوراة ومن التوراة كيف تصدق القرآن قالوا ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا ابن الخطاب ذاك صاحبكم فالحق به قال فقلت لهم عند ذلك نشدتكم بالله الذي لاإله إلا هو وما استرعاكم من حقه وما استودعكم من كتابه هل تعلمون أنه رسول الله قال فسكتوا فقال لهم عالمهم وكبيرهم إنه قد غلظ عليكم فأجيبوه قالوا فأنت عالمنا وكبيرنا فأجبه أنت قال أما إذا نشدتنا بما نشدتنا فإنا نعلم أنه رسول الله قلت ويحكم إذا هلكتم قالوا إنا لم نهلك قلت كيف ذلك وأنتم تعلمون أنه رسول الله ولا تتبعونه ولا تصدقونه قالوا إن لنا عدوا من الملائكة وسلما من الملائكة وإنه قرن بنبوته عدونا من الملائكة قلت ومن عدوكم ومن سلمكم قالوا عدونا جبريل وسلمنا ميكائيل قالوا إن جبرائيل ملك الفظاظة والغلظة والإعسار والتشديد والعذاب ونحو هذا وإن ميكائيل ملك الرحمة والرأفة والتخفيف ونحو هذا قال قلت وما منزلتهما من ربهما عز وجل قالوا أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره قال فقلت فوالذي لاإله إلا هو إنهما والذي بينهما لعدو لمن عاداهما وسلم لمن سالمهما وما ينبغي لجبرائيل أن يسالم عدو ميكائيل وما ينبغي لميكائيل أن يسالم عدو جبرائيل قال ثم قمت فاتبعت النبي صلى الله عليه وسلم فلحقته وهو خارج من خوخة لبني فلان فقال يا ابن الخطاب ألا أقرئك آيات نزلن قبل فقرأ علي « من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله » حتى قرأ الآيات قال قلت بأبي وأمي أنت يا رسول الله والذي بعثك بالحق لقد جئت أنا أريد أن أخبرك وأنا أسمع اللطيف الخبير قد سبقني إليك بالخبر وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو أسامة عن مجالد أنبأنا عامر قال انطلق عمر بن الخطاب إلى اليهود فقال أنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى هل تجدون محمدا في كتبكم قالوا نعم قال فما يمنعكم أن تتبعوه قالوا إن الله لم يبعث رسولا إلا جعل له من الملائكة كفلا وإن جبرائيل كفل محمدا وهو الذي يأتيه وهو عدونا من الملائكة وميكائيل سلمنا لو كان ميكائيل الذي يأتيه أسلمنا قال فإني أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى ما منزلتهما عند الله تعالى قالوا جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله قال عمر وإني أشهد ما ينزلان إلا بإذن الله وما كان ميكائيل ليسالم عدو جبرائيل وما كان جبرائيل ليسالم عدو ميكائيل فبينما هو عندهم إذ مر النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا هذا صاحبك يا ابن الخطاب فقام إليه عمر فأتاه وقد أنزل الله عز وجل « من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين » وهذان الإسنادان يدلان على أن الشعبي حدث به عن عمر ولكن فيه انقطاع بينه وبين عمر فإنه لم يدرك زمانه والله أعلم وقال ابن جرير حدثنا بشر حدثنا يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة قال ذكر لنا أن عمر بن الخطاب إنطلق ذات يوم إلى اليهود فلما انصرف رحبوا به فقال لهم عمر أما والله ماجئتكم لحبكم ولا لرغبة فيكم ولكن جئت لأسمع منكم فسألهم وسألوه فقالوا من صاحب صاحبكم فقال لهم جبرائيل فقالوا ذاك عدونا من أهل السماء يطلع محمدا على سرنا وإذا جاء جاء بالحرب والسنة ولكن صاحب صاحبنا ميكائيل وكان إذا جاء جاء بالخصب والسلم فقال لهم عمر هل تعرفون جبرائيل وتنكرون محمدا صلى الله عليه وسلم ففارقهم عمر عند ذلك وتوجه نحو النبي صلى الله عليه وسلم ليحدثه حديثهم فوجده قد أنزلت عليه هذه الآية « قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله » الآيات ثم قال حدثني المثنى حدثنا آدم حدثنا أبو جعفر حدثنا قتادة قال بلغنا أن عمر أقبل إلى اليهود يوما يوما فذكر نحوهوهذا في تفسير آدم وهو أيضا منقطع وكذلك رواه أسباط عن السدي عن عمر مثل هذا أو نحوه وهو منقطع أيضا وقال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن عمار حدثنا عبد الرحمن يعني الدشتكي حدثنا أبو جعفر عن حصين بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن يهوديا لقي عمر بن الخطاب فقال إن جبرائيل الذي يذكر صاحبكم عدو لنا فقال عمر « من كان عدوا لله وملائكته ورسله جبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين » قال فنزلت على لسان عمر رضي الله عنه ورواه عبد بن حميد عن أبي النضر هاشم بن القاسم عن أبي جعفر هو الرازي وقال ابن جرير حدثني يعقوب بن إبراهيم حدثني هشيم أخبرنا حصين بن عبد الرحمن عن ابن أبي ليلى في قوله تعالى « من كان عدوا لجبريل » قال قالت اليهود للمسلمين لو أن ميكائيل كان هو الذي ينزل عليكم اتبعناكم فإنه ينزل بالرحمة والغيث وإن جبرائيل ينزل بالعذاب والنقمة فإنه عدو لنا قال فنزلت هذه الآية حدثني يعقوب أخبرنا هشيم أخبرنا عبد الملك عن عطاء بنحوه وقال عبد الرزاق أخبرنا معمر عن قتادة في قوله « قل من كان عدوا لجبريل » قال قالت اليهود إن جبرائيل عدو لنا لأنه ينزل بالشدة والسنة وإن ميكائيل ينزل بالرخاء والعافية والخصب فجبرائيل عدو لنا فقال الله تعالى « من كان عدوا لجبريل » الآية-وأما تفسير الآية فقوله تعالى « قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله » أي من عادى جبرائيل فليعلم أنه الروح الأمين الذي نزل بالذكر الحكيم على قلبك من الله له في ذلك فهو رسول من رسل الله ملكي ومن عادى رسولا فقد عادى جميع الرسل كما أن من آمن برسول فإنه يلزمه الإيمان بجميع الرسل وكما أن من كفر برسول فإنه يلزمه الكفر بجميع الرسل كما قال تعالى « إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض » الآيتين فحكم عليهم بالكفر المحقق إذا آمنوا ببعض الرسل وكفروا ببعضهم وكذلك من عادى جبرائيل فإنه عدو لله لأن جبرائيل لا ينزل بالأمر من تلقاء نفسه وإنما ينزل بأمر ربه كما قال « وما نتنزل إلا بأمر ربك » الآية وقال تعالى « وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين » وقد روى البخاري في صحيحه « 6502 » عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عادى لي وليا فقد بارزني بالحرب ولهذا غضب الله لجبرائيل على من عاداه فقال تعالى « من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه » أي من الكتب المتقدمة « وهدى وبشرى للمؤمنين » أي هدى لقلوبهم وبشرى لهم بالجنة وليس ذلك إلا للمؤمنين كما قال تعالى « قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء » الآية وقال تعالى « وننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة للمؤمنين » الآية ثم قال تعالى « من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين » يقول تعالى من عاداني وملائكتي ورسلي ورسله تشمل رسله من الملائكة والبشر كما قال تعالى « الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس » وجبريل وميكال وهذا من باب عطف الخاص على العام فإنهما دخلا في الملائكة في عموم الرسل ثم خصصا بالذكر لأن السياق في الإنتصار لجبرائيل وهو السفير بين الله وأنبيائه وقرن معه ميكائيل في اللفظ لأن اليهود زعموا أن جبرائيل عدوهم وميكائيل وليهم فأعلمهم الله تعالى أن من عادى واحدا منهما فقد عادى الآخر وعادى الله أيضا ولأنه أيضا ينزل على أنبياء الله بعض الأحيان كما قرن برسول الله صلى الله عليه وسلم في ابتداء الأمر ولكن جبرائيل أكثر وهي وظيفته وميكائيل موكل بالنبات والقطر هذاك بالهدى وهذا بالرزق كما أن إسرافيل موكل بالنفخ في الصور للبعث يوم القيامة ولهذا جاء في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل يقول اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم وقد تقدم ما حكاه البخاري ورواه ابن جرير عن عكرمة وغيره أنه قال جبر وميك وإسراف عبيد وإيل الله وقال ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن سنان حدثنا عبد الرحمن ابن مهدي عن سفيان عن الأعمش عن إسماعيل بن أبي رجاء عن عمير مولى ابن عباس عن ابن عباس قال إنما كان قوله جبرائيل كقوله عبد الله وعبد الرحمن وقيل جبر عبد وإيل الله وقال محمد بن إسحاق عن الزهري عن علي بن الحسين قال أتدرون ما اسم جبرائيل من أسمائكم قلنا لا قال إسمه عبد الله قال فتدرون ما اسم ميكائيل من أسمائكم قلنا لا قال اسمه عبيد الله وكل إسم مرجعه إلى إيل فهو إلى الله عزوجل قال ابن أبي حاتم وروي عن عكرمة ومجاهد والضحاك ويحيى بن يعمر نحو ذلك ثم قال حدثني أبي حدثنا أحمد بن أبي الحواري حدثني عبد العزيز بن عمير قال إسم جبرائيل في الملائكة خادم الله قال فحدثت به أبا سليمان الداراني فانتفض وقال لهذا الحديث أحب إلى من كل شيء في دفتر كان بين يديه وفي جبرائيل وميكال لغات وقراآت تذكر في كتب اللغة والقراآت ولم نطول كتابنا هذا بسرد ذلك إلا أن يدور فهم المعنى عليه أو يرجع الحكم في ذلك إليه وبالله الثقة وهو المستعان وقوله تعالى « فإن الله عدو للكافرين » فيه إيقاع المظهر مكان المضمر حيث لم يقل فإنه عدو بل قال « فإن الله عدو للكافرين » كما قال الشاعر-لا أرى الموت يسبق الموت شيء سبق الموت ذا الغنى والفقيرا-وقال الآخر ليت الغراب غداة ينعب دائبا كان الغراب مقطع الأوداج وإنما أظهر الله هذا الإسم ههنا لتقرير هذا المعنى وإظهاره وإعلامهم أن من عادى وليا لله فقد عادى الله ومن عادى الله فإن الله عدو له ومن كان الله عدوه فقد خسر الدنيا والآخرة كما تقدم الحديث من عادى لي وليا فقد آذنته بالمحاربة وفي الحديث الآخر إني لأثأر لأوليائي كما يثأر الليث الحرب وفي الحديث الصحيح من كنت خصمه خصمته تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الإثنين نوفمبر 10, 2008 2:45 am | |
| 99-وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ 100-أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ 101-وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ 102-وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ 103-وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّه خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ قال الإمام أبو جعفر بن جرير في قوله تعالى « ولقد أنزلنا إليك آيات بينات » الآية أي أنزلنا إليك يامحمد علامات واضحات دالات على نبوتك وتلك الآيات هي ما حواه كتاب الله من خفايا علوم اليهود ومكنونات سرائر أخبارهم وأخبار أوائلهم من بني إسرائيل والنبأ عما تضمنته كتبهم التي لم يكن يعلمها إلا أحبارهم وعلماؤهم وماحرفه أوائلهم وأواخرهم وبدلوه من أحكامهم التي كانت في التوراة فأطلع الله في كتابه الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم فكان في ذلك من أمره الآيات البينات لمن أنصف من نفسه ولم يدعها إلى هلاكها الحسد والبغي إذ كان في فطرة كل ذي فطرة صحيحة تصديق من أتى بمثل ماجاء به محمد صلى الله عليه وسلم من الآيات البينات التي وصف من غير تعلم تعلمه من بشر ولا أخذ شيئا منه عن آدمي كما قال الضحاك عن ابن عباس « ولقد أنزلنا إليك آيات بينات » يقول فأنت تتلوه عليهم وتخبرهم به غدوة وعشية وبين ذلك وأنت عندهم أمي لم تقرأ كتابا وأنت تخبرهم بما في أيديهم على وجهه يقول الله تعالى لهم في ذلك عبرة وبيان وعليهم حجة لوكانوا يعلمون وقال محمد بن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة و سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال ابن صوريا القطويني لرسول الله صلى الله عليه وسلم يامحمد ماجئتنا بشيء نعرفه وما أنزل الله عليك من آية بينة فنتبعك فأنزل الله في ذلك من قوله « ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون » وقال مالك ابن الصيف حين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكرهم ما أخذ عليهم من الميثاق وماعهد إليهم في محمد صلى الله عليه وسلم والله ماعهد إلينا قفي محمد وما أخذ علينا ميثاقا فأنزل الله تعالى « أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريقا منهم » وقال الحسن البصري في قوله « بل أكثرهم لا يؤمنون » قال نعم ليس في الأرض عهد يعاهدون عليه إلا نقضوه ونبذوه يعاهدون اليوم وينقضون غدا وقال السدي لا يؤمنون بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وقال قتادة نبذه فريق منهم أي نقضه فريق منهم وقال ابن جرير أصل النبذ الطرح والإلقاء ومنه سمي اللقيط منبوذا ومنه سمي النبيذ هو التمر والزبيب إذا طرحا في الماء قال أبو ألأسود الدؤلي-نظرت إلى عنوانه فنبذته كنبذك نعلا أخلقت من نعالكا-لقلت فالقوم ذمهم الله بنبذهم العهود التي تقدم الله إليهم في التمسك بها والقيام بحقها ولهذا أعقبهم ذلك التكذيب بالرسول المبعوث إليهم وإلى الناس كافة الذي في كتبهم نعته وصفته وأخباره وقد أمروا فيها باتباعه ومؤازرته ونصرته كما قال تعالى « الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل » الآية وقال ههنا « ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم » الآية أي طرح طائفة منهم كتاب الله الذي بأيديهم مما فيه البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم وراء ظهورهم أي تركوها كأنهم لا يعلمون مافيها وأقبلوا على تعلم السحر واتباعه ولهذا أرادوا كيدا برسول الله صلى الله عليه وسلم وسحروه في مشط ومشاقة وجف طلعة ذكر تحت راعوثة ببئر أروان وكان الذي تولى ذلك منهم رجل يقال له لبيد بن الأعصم لعنه الله وقبحه فأطلع الله على ذلك رسوله صلى الله عليه وسلم وشفاه منه وأنقذه كما ثبت ذلك مبسوطا في الصحيحين « خ 3175 م 2189 » عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنه كما سيأتي بيانه قال السدي « ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم » قال لما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم عارضوه بالتوراة فخاصموه بها فاتفقت التوراة والقرآن فنبذوا التوراة وأخذوا بكتاب آصف وسحر هاروت وماروت فلم يوافق القرآن فذلك قوله « كأنهم لا يعلمون » وقال قتادة في قوله « كأنهم لا يعلمون » قال إن القوم كانوا يعلمون ولكنهم نبذوا علمهم وكتموه وجحدوا به وقال العوفي في تفسيره عن ابن عباس في قوله تعالى « واتبعوا ما تتلو الشياطين » الآية وكان حين ذهب ملك سليمان ارتد فئام من الجن والإنس واتبعوا الشهوات فلما أرجع الله إلى سليمان ملكه وقام الناس على الدين كما كان وان سليمان ظهر على كتبهم فدفنها تحت كرسيه وتوفي سليمان عليه السلام حدثان ذلك فظهر الإنس والجن على الكتب بعد وفاة سليمان وقالوا هذا كتاب من الله نزل على سليمان فأخفاه عنا فأخذوا به فجعلوه دينا فأنزل الله تعالى « ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم » الآية واتبعوا الشهوات التي كانت تتلو الشياطين وهي المعازف واللعب وكل شيء يصد عن ذكر الله وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو أسامة عن الأعمش عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان آصف كاتب سليمان وكان يعلم الاسم الأعظم وكان يكتب كل شيء بأمر سليمان ويدفنه تحت كرسيه فلما مات سليمان أخرجته الشياطين فكتبوا بين كل سطرين سحرا وكفرا وقالوا هذا الذي كان سليمان يعمل بها قال فأكفره جهال الناس وسبوه ووقف علماء الناس فلم يزل جهال الناس يسبونه حتى أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم « واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا » وقال ابن جرير حدثني أبو السائب سلم بن جنادة السوائي حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان سليمان عليه السلام إذا أراد أن يدخل الخلاء أو يأتي شيئا من نسائه أعطى الجرادة وهي امرأته خاتمه فلما أراد الله أن يبتلي سليمان عليه السلام بالذي ابتلاه به أعطى الجرادة ذات يوم خاتمه فجاء الشيطان في صورة سليمان فقال هاتي خاتمي فأخذه ولبسه فلما لبسه دانت له الشياطين والجن والإنس قال فجاءها سليمان فقال لها هاتي خاتمي فقالت كذبت لست سليمان قال فعرف سليمان أنه بلاء ابتلي به قال فانطلقت الشياطين فكتبت في تلك الأيام كتبا فيها سحر وكفر فدفنوها تحت كرسي سليمان ثم أخرجوها وقرءوها على الناس وقالوا إنما كان سليمان يغلب الناس بهذه الكتب قال فبرئ الناس من سليمان وكفروه حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم فأنزل عليه « وما كفرسليمان ولكن الشياطين كفروا » ثم قال ابن جرير حدثنا ابن حميد حدثنا جرير عن حصين بن عبد الرحمن عن عمران وهو ابن الحارث قال بينا نحن عند ابن عباس رضي الله عنهما إذ جاء رجل فقال له من أين جئت قال من العراق قال من أيه قال من الكوفة قال فماالخبر قال تركتهم يتحدثون أن عليا خارج إليهم ففزع ثم قال ما تقول لا أبالك لو شعرنا ما نكحنا نساءه ولا قسمنا ميراثه أما إني سأحدثكم عن ذلك إنه كانت الشياطين يسترقون السمع من السماء فيجيء أحدهم بكلمة حق قد سمعها فإذا جرت منه وصدق كذب معها سبعين كذبة قال فتشربها قلوب الناس قال فأطلع الله عليها سليمان عليه السلام فدفنها تحت كرسيه فلما توفي سليمان عليه السلام قام شيطان الطريق فقال هل أدلكم على كنزه الممنع الذي لاكنز له مثله تحت الكرسي فأخرجوه فقال هذا سحر فتناسخها الأمم حتى بقاياها ما يتحدث به أهل العراق فأنزل الله عز وجل « واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا » الآية وروى الحاكم في مستدركه « 2/265 » عن أبي زكريا العنبري عن محمد بن عبد السلام عن إسحاق بن إبراهيم عن جرير به وقال السدي في قوله تعالى « واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان » أي على عهد سليمان قال كانت الشياطين تصعد إلى السماء فتقعد منها مقاعد للسمع فيستمعون من كلام الملائكة ما يكون في الأرض من موت أو غيب أو أمر فيأتون الكهنة فيخبرونهم فتحدث الكهنة الناس فيجدونه كما قالوا فلما أمنتهم الكهنة كذبوا لهم وأدخلوا فيه غيره فزادوا مع كل كلمة سبعين كلمة فاكتتب الناس ذلك الحديث في الكتب وفشا ذلك في بني إسرائيل أن الجن تعلم الغيب فبعث سليمان في الناس فجمع تلك الكتب فجعلها في صندوق ثم دفنها تحت كرسيه ولم يكن أحد من الشياطين يستطيع أن يدنو من الكرسي إلا احترق وقال لا أسمع أحدا يذكر أن الشياطين يعلمون الغيب إلا ضربت عنقه فلما مات سليمان وذهبت العلماء الذين كانوا يعرفون أمر سليمان وخلف من بعد ذلك خلف تمثل الشيطان في صورة إنسان ثم أتى نفرا من بني إسرائيل فقال لهم هل أدلكم على كنز لا تأكلونه أبدا قالوا نعم قال فاحفروا تحت الكرسي فذهب معهم وأراهم المكان وقام ناحيته فقالوا له فادن فقال لا ولكنني ههنا في أيديكم فإن لم تجدوه فاقتلوني فحفروا فوجدوا تلك الكتب فلما أخرجوها قال الشيطان إن سليمان إنما كان يضبط الإنس والشياطين والطير بهذا السحر ثم طار وذهب وفشا في الناس أن سليمان كان ساحرا واتخذت بنو إسرائيل تلكالكتب فلما جاء محمد صلى الله عليه وسلم خاصموه بها فذلك حين يقول الله تعالى « وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا » وقال الربيع بن أنس إن اليهود سألوا محمدا صلى الله عليه وسلم زمانا عن أمور من التوراة لا يسألونه عن شيء من ذلك الا أنزل الله سبحانه وتعالى ما سألوه عنه فيخصمهم فلما رأوا ذلك قالوا هذا أعلم بما أنزل الله الينا منا وأنهم سألوه عن السحر وخاصموه به فأنزل الله عز وجل « واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر » وإن الشياطين عمدوا إلى كتاب فكتبوا فيه السحر والكهانة وماشاء الله من ذلك فدفنوه تحت كرسي مجلس سليمان وكان عليه السلام لا يعلم الغيب فلما فارق سليمان الدنيا استخرجوا ذلك السحر وخدعوا الناس وقالوا هذا علم كان سليمان يكتمه ويحسد الناس عليه فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث فرجعوا من عنده وقد حزنوا وقد أدحض الله حجتهم وقال مجاهد في قوله تعالى « واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان » قال كانت الشياطين تستمع الوحي فما سمعوا من كلمة زادوا فيها مئتين مثلها فأرسل سليمان عليه السلام إلى ماكتبوا من ذلك فلما توفي سليمان وجدته الشياطين وعلمته الناس وهو السحر وقال سعيد بن جبير كان سليمان يتتبع ما في أيدي الشياطين من السحر فيأخذه منهم فيدفنه تحت كرسيه في بيت خزانته فلم تقدر الشياطين أن يصلوا اليه فدنت إلى الإنس فقالوا لهم أتدرون ما العلم الذي كان سليمان يسخر به الشياطين والرياح وغير ذلك قالوا نعم قالوا فإنه في بيت خزانته وتحت كرسيه فاستثار به الإنس واستخرجوه وعملوا بها فقال أهل الحجا كان سليمان يعمل بهذا وهذا سحر فأنزل الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم براءة سليمان عليه السلام فقال تعالى « واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا » وقال محمد بن إسحاق بن يسار عمدت الشياطين حين عرفت موت سليمان بن داودعليه السلام فكتبوا أصناف السحر من كان يحب أن يبلغ كذا وكذا فليفعل كذا وكذا حتى إذا صنفوا أصناف السحر جعلوه في كتاب ثم ختموه بخاتم على نقش خاتم سليمان وكتبوا في عنوانه هذا ما كتب آصف بن برخيا الصديق للملك سليمان بن داود من ذخائر كنوز العلم ثم دفنوه تحت كرسيه واستخرجته بعد ذلك بقايا بني إسرائيل حتى أحدثوا ما أحدثوا فلما عثروا عليه قالوا والله ما كان ملك سليمان إلا بهذا فافشوا السحر في الناس فتعلموه وعلموه فليس هو في أحد أكثر منه في اليهود لعنهم الله فلما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما نزل عليه من الله سليمان ابن داود وعده فيمن عد من المرسلين قال من كان بالمدينة من اليهود ألا تعجبون من محمد يزعم أن ابن داود كان نبيا والله ما كان إلا ساحرا وأنزل الله في ذلك من قولهم « واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا » الآية وقال ابن جرير حدثنا القاسم حدثنا حسين حدثنا الحجاج عن أبي بكر عن شهر بن حوشب قال لما سلب سليمان ملكه كانت الشياطين تكتب السحر في غيبة سليمان فكتبت من أراد أن يأتي كذا وكذا فليستقبل الشمس وليقل كذا كذا ومن أراد أن يفعل كذا وكذا فليستدبر الشمس وليقل كذا وكذا فكتبته وجعلت عنوانه هذا ماكتب آصف بن برخيا للملك سليمان بن داود عليهما السلام من ذخائر كنوز العلم ثم دفنه تحت كرسيه فلما مات سليمان عليه السلام قام إبليس لعنه الله خطيبا فقال يا أيها الناس إن سليمان لم يكن نبيا إنما كان ساحرا فالتمسوا سحره في متاعه وبيوته ثم دلهم على المكان الذي دفن فيه فقالوا والله لقد كان سليمان ساحرا هذا سحره بهذا تعبدنا وبهذا قهرنا فقال المؤمنون بل كان نبيا مؤمنا فلما بعث الله النبي محمدا صلى الله عليه وسلم وذكر داود وسليمان فقالت اليهود انظروا إلى محمد يخلط الحق بالباطل يذكر سليمان مع الأنبياء إنما كان ساحرا يركب الريح فأنزل الله تعالى « واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان » يتبع
عدل سابقا من قبل badi1983 في الإثنين نوفمبر 10, 2008 2:49 am عدل 1 مرات | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الإثنين نوفمبر 10, 2008 2:48 am | |
| الآية وقال ابن جرير حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني قال حدثنا المعتمر بن سليمان قال سمعت عمران بن حدير عن أبي مجلز قال أخذ سليمان عليه السلام من كل دابة عهدا فإذا أصيب رجل فسأل بذلك العهد خلي عنه فزاد الناس السجع والسحر فقالوا هذا يعمل به سليمان بن داود عليهما السلام فقال الله تعالى « وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر » وقال ابن أبي حاتم حدثنا عصام بن رواد حدثنا آدم حدثنا المسعودي عن زياد مولى ابن مصعب عن الحسن « واتبعوا ما تتلو الشياطين » قال ثلث الشعر وثلث السحر وثلث الكهانة وقال حدثنا الحسن بن أحمد حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن بشار الواسطي حدثني سرور بن المغيرة عن عباد بن منصور عن الحسن « واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان » وتبعته اليهود على ملكه وكان السحر قبل ذلك في الأرض لم يزل بها ولكنه إنما اتبع على ملك سليمان فهذه نبذة من أقوال أئمة السلف في هذا المقام ولا يخفى ملخص القصة والجمع بين أطرافها وأنه لا تعارض بين السياقات على اللبيب الفهم والله الهادي وقوله تعالى « واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان » أي واتبعت اليهود الذين أوتوا الكتاب من بعد إعراضهم عن كتاب الله الذي بأيديهم ومخالفتهم لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ما تتلوه الشياطين أي ما ترويه وتخبر به وتحدثه الشياطين على ملك سليمان وعداه بعلى لأنه تضمن تتلو تكذب وقال ابن جرير علي ههنا بمعنى في أي تتلو في ملك سليمان ونقله عن ابن جريج وابن إسحاق « قلت » والتضمن أحسن وأولى والله أعلم وقول الحسن البصري رحمه الله وكان السحر قبل زمان سليمان بن داود صحيح لاشك فيه لأن السحرة كانوا في زمان موسى عليه السلام وسليمان بن داود بعده كما قال تعالى « ألم تر إلى الملإ من بني اسرائيل من بعد موسى » الآية ثم ذكر القصة بعدها وفيها « وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة » وقال قوم صالح وهم قبل إبراهيم الخليل عليه السلام لنبيهم صالح إنما « أنت من المسحرين » أي المسحورين على المشهور قوله تعالى « وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت ومايعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه » إختلف الناس في هذا المقام فذهب بعضهم إلى أن ما نافية أعني التي في قوله « وما أنزل على الملكين » قال القرطبي ما نافية ومعطوف في قوله « وماكفر سليمان » ثم قال « ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين » وذلك أن اليهود كاموا يزعمون أنه نزل به جبريل وميكائيل فأكذبهم اللهوجعل قوله « هاروت وماروت » بدلا من الشياطين قال وصح ذلك إما لأن الجمع يطلق على الإثنين كما في قوله نعالى « فإن كان له إخوة » أو لكونهما لهما أتباع أو ذكرا من بينهم لتمردهما تقدير الكلام عنده يعلمون الناس السحر ببابل هاروت وماروت ثم قال وهذا أولى ماحملت عليه الآية وأصح ولا يلتفت إلى ما سواه وروى ابن جرير بإسناده من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله « وما أنزل على الملكين ببابل » الآية يقول لم ينزل الله السحر وبإسناده عن الربيع بن أنس في قوله « وما أنزل على الملكين » قال ما أنزل الله عليهما السحر قال ابن جرير فتأويل الآية على هذا « واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان » من السحر وماكفر سليمان ولا أنزل الله السحر على الملكين ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ببابل هاروت وماروت فيكون قوله ببابل هاروت وماروت من المؤخر الذي معناه المقدم قال فإن قال لنا قائل كيف وجه تقديم ذلك قيل وجه تقديمه أن يقال « واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان » من السحر وماكفر سليمان وما أنزل الله السحر على الملكين ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ببابل هاروت وماروت فيكون معنيا بالملكين جبريل وميكائيل عليهما السلام لأن سحرة اليهود فيما ذكر كانت تزعم أن الله أنزل السحر على لسان جبريل وميكائيل إلى سليمان بن داود فأكذبهم الله بذلك وأخبر نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن جبريل وميكائيل لم ينزلا بسحر وبرأ سليمان عليه السلام مما نحلوه من السحر وأخبرهم أن السحر عن عمل الشياطين وأنها تعلو الناس ذلك ببابل وأن الذين يعلمونهم ذلك رجلان إسم أحدهما هاروت واسم الآخر ماروت فيكون هاروت وماروت على هذا التأويل ترجمة عن الناس وردا عليهم هذا لفظه بحروفه وقد قال ابن أبي حاتم حدثت عن عبيد الله بن موسى أخبرنا فضيل بن مرزوق عن عطية « وما أنزل على الملكين » قال ما أنزل الله على جبريل وميكائيل السحر قال ابن أبي حاتم وأخبرنا الفضل بن شاذان أخبرنا محمد بن عيسى أخبرنا معلى يعني ابن أسد أخبرنا بكر يعني ابن مصعب أخبرنا الحسن بن أبي جعفر أن عبد الرحمن بن أبزى كان يقرؤها « وما أنزل على الملكين داود وسليمان » وقال أبو العالية لم ينزل عليهما السحر يقول علما الإيمان والكفر فالسحر من الكفر فهما ينهيان عنه أشد النهي رواه ابن أبي حاتم ثم شرع ابن جرير في رد هذا القول وأن بمعنى الذي وأطال القول في ذلك وادعى أن هاروت وماروت ملكان أنزلهما الله إلى الأرض وأذن لهما في تعليم السحر اختبارا لعباده وامتحانا بعد أن بين لعباده أن ذلك مما ينهى عنه من ألسنة الرسل وادعى أن هاروت وماروت مطيعان في تعليم ذلك لأنهما امتثلا ما أمرا به وهذا الذي سلكه غريب جدا وأغرب منه قول من زعم أن هاروت وماروت قبيلان من الجن كما زعمه ابن حزم وروى ابن أبي حاتم بإسناده عن الضحاك بن مزاحم أنه كان يقرؤها « وما أنزل على الملكين » ويقول هما علجان من أهل بابل ووجه أصحاب القول الإنزال بمعنى الخلق لا بمعنى الإيحاء في قوله تعالى « وما أنزل على الملكين » كما قال تعالى « وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج » « وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد » « وينزل لكم من السماء رزقا » وفي الحديث ما أنزل الله داء إلا أنزل له دواء وكما يقال أنزل الله الخير والشر وحكى القرطبي عن ابن عباس وابن أبزي والحسن البصري أنهم قرؤا « وما أنزل على الملكين » بكسر اللام قال ابن أبزي وهما داود وسليمان قال القرطبي فعلى هذا تكون ما نافية أيضا وذهب آخرون إلى الوقف على قوله « يعلمون الناس السحر » و ما نافية قال ابن جرير حدثني يونس أخبرنا ابن وهب أخبرنا الليث عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد وسأله رجل عن قول الله « يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت » فقال الرجلان يعلمان الناس ما أنزل عليهما ويعلمان الناس ما لم ينزل عليهما فقال القاسم ما أبالي أيتهما كانت ثم روي عن يونس عن أنس بن عياض عن بعض أصحابه أن القاسم قال في هذه القصة لا أبالي أي ذلك كان إني آمنت به وذهب كثير من السلف إلى أنهما كانا ملكين من السماء وأنهما أنزلا إلى الأرض فكان من أمرهما ماكان وقد ورد في ذلك حديث مرفوع رواه الإمام أحمد في مسنده رحمه الله كما سنورده إن شاء الله وعلى هذا فيكون الجمع بين هذا وبين ماورد من الدلائل على عصمة الملائكة أن هذين سبق في علم الله لهما هذا فيكون تخصيصا لهما فلا تعارض حينئذ كما سبق في علمه من إبليس ما سبق وفي قول إنه كان من الملائكة لقوله تعالى « وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلاإبليس أبى » إلى غير ذلك من الآيات الدالة على ذلك مع أن شأن هاروت وماروت على ماذكر أخف مما وقع من إبليس لعنه الله تعالى وقد حكاه القرطبي عن علي وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وكعب الأحبار والسدي والكلبي-حديث هاروت وماروت- « ذكر الحديث الوارد في ذلك إن صح سنده ورفعه وبيان الكلام عليه » قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى في مسنده « 2/134 » أخبرنا يحيى بن أبي بكير حدثنا زهير بن محمد عن موسى بن جبير عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه سمع نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول إن آدم عليه السلام لما أهبطه الله إلى الأرض قالت الملائكة أي رب « أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون » قالوا ربنا نحن أطوع لك من بني آدم قال الله تعالى للملائكة هلموا ملكين من الملائكة حتى نهبطهما إلى الأرض فننظر كيف يعملان قالوا ربنا هاروت وماروت فأهبطا إلى الأرض ومثلت لهما الزهرة امرأة من أحسن البشر فجاءتهما فسألاها نفسها فقالت لاوالله حتى تتكلما بهذه الكلمة من الإشراك فقالا والله لا نشرك بالله شيئا أبدا فذهبت عنهما ثم رجعت بصبي تحمله فسألاها نفسها فقالت لا والله حتى تقتلا هذا الصبي فقالا لا والله لا نقتله أبدا فذهبت ثم رجعت بقدح خمر تحمله فسألاها نفسها فقالت لا والله حتى تشربا هذا الخمر فشربا فسكرا فوقعا عليها وقتلا الصبي فلما أفاقا قالت المرأة والله ما تركتما شيئا أبيتماه علي إلا قد فعلتماه حين سكرتما فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا وهكذا رواه أبو حاتم بن حبان في صحيحه « 6186 » عن الحسن عن سفيان عن أبي بكر بن أبي شيبة عن يحيى بن بكير به وهذا حديث غريب من هذا الوجه ورجاله كلهم ثقات من رجال الصحيحين إلا موسى بن جبير هذا وهو الأنصاري السلمي مولاهم المديني الحذاء روى عن ابن عباس وأبي أمامة بن سهل بن حنيف ونافع وعبد الله بن كعب بن مالك وروى عنه ابنه عبد السلام وبكر بن مضر وزهير بن محمد وسعيد بن سلمة وعبد الله بن لهيعة وعمرو بن الحارث ويحيى بن أيوب وروى له أبو داود وابن ماجه وذكره ابن أبي حاتم في كتاب الجرح والتعديل « 8/139 » ولم يحك فيه شيئا من هذا ولا هذا فهو مستور الحال وقد تفرد به عن نافع مولى ابن عمر عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم وروي له متابع من وجه آخر عن نافع كما قال ابن مردويه حدثنا دعلج بن أحمد حدثنا هشام بن علي بن هشام حدثنا عبد الله بن رجاء حدثنا سعيد بن سلمة حدثنا موسى بن سرجس عن نافع عن ابن عمر سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول فذكره بطوله وقال أبو جعفر بن جرير رحمه الله حدثنا القاسم أخبرنا الحسين وهو سنيد بن داود صاحب التفسير أخبرنا الفرج بن فضالة عن معاوية بن صالح عن نافع قال سافرت مع ابن عمر فلما كان من آخر الليل قال يا نافع انظر طلعت الحمراء قلت لا مرتين أو ثلاثا ثم قلت قد طلعت قال لامرحبا بها ولا أهلا قلت سبحان الله نجم مسخر سامع مطيع قال ما قلت لك إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الملائكة قالت يارب كيف صبرك على بني آدم في الخطايا والذنوب قال إني ابتليتهم وعافيتكم قالوا لو كنا مكانهم ماعصيناك قال فاختاروا ملكين منكم قال فلم يألوا جهدا أن يختاروا فاختاروا هاروت وماروت وهذان أيضا غريبان جدا وأقرب ما يكون في هذا أنه من رواية عبد الله بن عمر عن كعب الأحبار لاعن النبي صلى الله عليه وسلم كما قال عبد الرزاق في تفسيره عن الثوري عن موسى بن عقبة عن سالم عن ابن عمر عن كعب الأحبار قال ذكرت الملائكة أعمال بني آدم وما يأتون من الذنوب فقيل لهم اختاروا منكم اثنين فاختاروا هاروت وماروت فقال لهما إني أرسل إلى بني آدم رسلا وليس بيني وبينكم رسولا إنزلا لا تشركا بي شيئا ولا تزنيا ولا تشربا الخمر قال كعب فوالله ما أمسيا من يومهما الذي أهبطا فيه حتى استكملا جميع ما نهيا عنه رواه ابن جرير من طريقين عن عبد الرزاق به ورواه ابن أبي حاتم عن أحمد بن عصام عن مؤمل عن سفيان الثوري به ورواه ابن جرير أيضا حدثني المثنى أخبرنا المعلى وهو ابن أسد أخبرنا عبد العزيز بن المختار عن موسى بن عقبة حدثني سالم أنه سمع عبد الله يحدث عن كعب الأحبار فذكره فهذا أصح وأثبت إلى عبد الله بن عمر من الإسنادين المتقدمين وسالم أثبت في أبيه من مولاه نافع فدار الحديث ورجع إلى نقل كعب الأحبار عن كتب بني إسرائيل والله أعلم-الآثار عن الصحابة والتابعين في هاروت وماروت « ذكر الآثار الواردة في ذلك عن الصحابة والتابعين رضي الله عنه عنهم أجمعين » يتبع | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الإثنين نوفمبر 10, 2008 2:52 am | |
| قال ابن جرير حدثني المثنى حدثنا الحجاج أخبرنا حماد عن خالد الحذاء عن عمير بن سعيد قال سمعت عليا رضي الله عنه يقول كانت الزهرة امرأة جميلة من أهل فارس وإنها خاصمت إلى الملكين هاروت وماروت فراوداها عن نفسها فأبت عليهما إلا أن يعلماها الكلام الذي إذا تكلم به أحد يعرج به إلى السماء فعلماها فتكلمت به فعرجت إلى السماء فمسخت كوكبا وهذا الإسناد رجاله ثقات وهو غريب جدا وقال ابن أبي حاتم أخبرنا الفضل بن شاذان أخبرنا محمد بن عيسى أخبرنا إبراهيم بن موسى أخبرنا أبو معاوية عن خالد عن عمير بن سعيد عن علي رضي الله عنه قال هما ملكان من ملائكة السماء يعني « وما أنزل على الملكين » ورواه الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره بسنده عن مغيث عن مولاه جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي مرفوعا وهذا لا يثبت من هذا الوجه ثم رواه من طريقين آخرين عن جابر عن أبي الطفيل عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الله الزهرة فإنها هي التي فتنت الملكين هاروت وماروت وهذا أيضا لا يصح وهو منكر جدا والله أعلم وقال ابن جرير حدثني المثنى بن إبراهيم أخبرنا الحجاج بن منهال حدثنا حماد عن علي بن زيد عن أبي عثمان النهدي عن ابن مسعود وابن عباس أنهما قالا جميعا لما كثر بنو آدم وعصوا دعت الملائكة عليهم والأرض والجبال ربنا لا تهلكهم فأوحى الله إلى الملائكة إني أزلت الشهوة والشيطان من قلوبكم وأنزلت الشهوة والشيطان في قلوبهم ولو نزلتم لفعلتم أيضا قال فحدثوا أنفسهم أن لو ابتلوا اعتصموا فأوحى الله إليهم أن اختاروا ملكين من أفضلكم فاختاروا هاروت وماروت فأهبطا إلى الأرض وأنزلت الزهرة إليهما في صورة امرأة من أهل فارس يسمونها بيذخت قال فوقعا بالخطيئة فكانت الملائكة يستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فلما وقعا بالخطيئة استغفروا لمن في الأرض ألا إن الله هو الغفور الرحيم فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا وقال ابن أبي حاتم أخبرنا أبي أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي أخبرنا عبيد الله يعني ابن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن المنهال بن عمرو ويونس بن خباب عن مجاهد قال كنت نازلا على عبد الله بن عمر في سفر فلما كان ذات ليلة قال لغلامه انظر هل طلعت الحمراء لامرحبا بها ولا أهلا ولا حياها الله هي صاحبة الملكين قالت الملائكة يارب كيف تدع عصاة بني آدم وهم يسفكون الدم الحرام وينتهكون محارمك ويفسدون في الأرض قال إني ابتليتهم فلعلي إن ابتليتكم بمثل الذي ابتليتهم به فعلتم كالذي يفعلون قالوا لا قال فاختاروا من خياركم اثنين فاختاروا هاروت وماروت فقال لهما إني مهبطكما إلى الأرض وعاهد إليكما أن لا تشركا ولا تزنيا ولا تخونا فأهبطا إلى الأرض وألقى عليهما الشهوة وأهبطت لهما الزهرة في أحسن صورة امرأة فتعرضت لهما فراوداها عن نفسها فقالت إني على دين لا يصح لأحد أن يأتيني إلا من كان على مثله قالا ومادينك قالت المجوسية قالا الشرك هذا شيء لا نقربه فمكثت عنهما ما شاء الله تعالى ثم تعرضت لهما فراوداها عن نفسها فقالت ما شئتما غير أن لي زوجا وأنا أكره أن يطلع على هذا مني فأفتضح فإن أقررتما لي بديني وشرطتما لي أن تصعدا بي إلى السماء فعلت فأقرا لها بدينها وأتياها فيما يريان ثم صعدا بها إلى السماء فلما انتهيا بها إلى السماء اختطفت منهما وقطعت أجنحتهما فوقعا خائفين نادمين يبكيان وفي الأرض نبي يدعو بين الجمعتين فإذا كان يوم الجمعة أجيب فقالا لو أتينا فلانا فسألناه فطلب لنا التوبة فأتياه فقال رحمكا الله كيف يطلب التوبة أهل الأرض لأهل السماء قالا إنا قد ابتلينا قال ائتياني يوم الجمعة فأتياه فقال ما أجبت فيكما بشيء ائتياني في الجمعة الثانية فأتياه فقال اختاروا فقد خيرتما إن اخترتما معافاة الدنيا وعذاب الآخرة وإن أحببتما فعذاب الدنيا وأنتما يوم القيامة على حكم الله فقال أحدهما إن الدنيا لم يمض منها إلا القليل وقال الآخر ويحك إني قد أطعتك في الأمر الأول فأطعني الآن إن عذابا يفنى ليس كعذاب يبقى فقال إننا يوم القيامة على حكم الله فأخاف أن يعذبنا قال لا إني أرجو إن علم الله أنا قد اخترنا عذاب الدنيا مخافة عذاب الآخرة أن لا يجمعهما علينا قال فاختارا عذاب الدنيا فجعلاني بكرات من حديد في قليب مملوءة من نار عإليهما سافلهما وهذا إسناد جيد إلى عبد الله بن عمروقد تقدم في رواية ابن جرير من حديث معاوية بن صالح عن نافع عنه رفعه وهذا أثبت وأصح إسنادا ثم هو والله أعلم من رواية بن عمر عن كعب كما تقدم بيانه من رواية سالم عن أبيه وقوله إن الزهرة نزلت في صورة امرأة حسناء وكذا في المروي عن علي فيه غرابة جدا وأقرب ماورد في ذلك ما قال ابن أبي حاتم أخبرنا عصام بن رواد أخبرنا آدم أخبرنا أبو جعفر حدثنا الربيع بن أنس عن قيس بن عباد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لما وقع الناس من بعد آدم عليه السلام فيما وقعوا فيه من المعاصي والكفر بالله قالت الملائكة في السماء يارب هذا العالم الذي إنما خلقتهم لعبادتك وطاعتك قد وقعوا فيما وقعوا فيه وركبوا الكفر وقتل النفس وأكل المال الحرام والزنا والسرقة وشرب الخمر فجعلوا يدعون عليهم ولايعذرونهم فقيل إنهم في غيب فلم يعذروهم فقيل لهم اختاروا من أفضلكم ملكين آمرهما وأنهاهما فاختاروا هاروت وماروت فأهبطا إلى الأرض وجعل لهما شهوات بني آدم وأمرهما الله أن يعبداه ولايشركا به شيئا ونهيا عن قتل النفس الحرام وأكل المال الحرام وعن الزنا والسرقة وشرب الخمر فلبثا في الأرض زمانا يحكمان بين الناس بالحق وذلك في زمن إدريس عليه السلام وفي ذلك الزمان امرأة حسنها في النساء كحسن الزهرة في سائر الكواكب وإنهما أتيا عليها فخضعا لها في القول وأراداها على نفسها فأبت إلا أن يكونا على أمرها وعلى دينها فسألاها عن دينها فأخرجت لهما صنما فقالت هذا أعبده فقالا لا حاجة لنا في عبادة هذا فذهبا فعبرا ما شاء الله ثم أتيا عليها فأراداها على نفسها ففعلت مثل ذلك فذهبا ثم أتيا عليها فأراداها على نفسها فلما رأت أنهما قد أبيا أن يعبدا الصنم قالت لهما إختارا أحد الخلال الثلاث إما أن تعبدا هذا الصنم وإما أن تقتلا هذه النفس وإما أن تشربا هذه الخمر فقالا كل هذا لا ينبغي وأهون هذا شرب الخمر فشربا الخمر فأخذت فيهما فواقعا المرأة فخشيا أن يخبر الإنسان عنهما فقتلاه فلما ذهب عنهما السكر وعلما ما وقعا فيه من الخطيئة أرادا أن يصعدا إلى السماء فلم يستطيعا وحيل بينهما وبين ذلك وكشف الغطاء فيما بينهما وبين أهل السماء فنظرت الملائكة إلى ماوقعا فيه فعجبوا كل العجب وعرفوا أنه من كان في غيب فهو أقل خشية فجعلوا بعد ذلك يستغفرون لمن في الأرض فنزل في ذلك « والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض » فقيل لهما اختارا عذاب الدنيا أو عذاب الآخرة فقالا أما عذاب الدنيا فإنه ينقطع ويذهب وأما عذاب الآخرة فلا انقطاع له فاختارا عذاب الدنيا فجعلا ببابل فهما يعذبان وقد رواه الحاكم في مستدركه مطولا عن أبي زكريا العنبري عن محمد بن عبد السلام عن إسحاق بن راهويه عن حكام بن سلم الرازي وكان ثقة عن أبي جعفر الرازي به ثم قال صحيح الإسناد لم يخرجاه فهذا أقرب ماروي في شأن الزهرة والله أعلم وقال ابن أبي حاتم أخبرنا أبي أخبرنا مسلم أخبرنا القاسم بن الفضل الحداني أخبرنا يزيد يعني الفارسي عن ابن عباس أن أهل سماء الدنيا أشرفوا على أهل الأرض فرأوهم يعملون المعاصي فقالوا يارب أهل الأرض كانوا يعملون بالمعاصي فقال الله أنتم معي وهم في غيب عني فقيل لهم إختاروا منكم ثلاثة فاختاروا منهم ثلاثة على أن يهبطوا إلى الأرض على أن يحكموا بين أهل الأرض وجعل فيهم شهوة الآدميين فأمروا أن لا يشربوا خمرا ولايقتلوا نفسا ولا يزنوا ولا يسجدوا لوثن فاستقال منهم واحد فأقيل فأهبط اثنان إلى الأرض فأتتهما امرأة من أحسن الناس يقال لها مناهية فهوياها جميعا ثم أتيا منزلها فاجتمعا عندها فأراداها فقالت لهما لا حتى تشربا خمري وتقتلا ابن جاري وتسجدا لوثني فقالا لا نسجد ثم شربا من الخمر ثم قتلا ثم سجدا فأشرف أهل السماء عليهما وقالت لهما أخبراني بالكلمة التي إذا قلتماها طرتما فأخبراها فطارت فمسخت جمرة وهي هذه الزهرة وأما هما فأرسل إليهما سليمان بن داود فخيرهما بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا فهما مناطان بين السماء والأرض وهذا السياق فيه زيادة كثيرة وإغراب ونكارة والله أعلم بالصواب وقال عبد الرزاق قال معمر قال قتادة والزهري عن عبيد الله بن عبد الله « وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت » كانا ملكين من الملائكة فأهبطا ليحكما بين الناس وذلك أن الملائكة سخروا من حكام بني آدمفحاكمت إليهما امرأة فحافا لها ثم ذهبا يصعدان فحيل بينهما وبين ذلك ثم خيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا وقال معمر قال قتادة فكانا يعلمان الناس السحر فأخذ عليهما أن لا يعلما أحدا حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر وقال أسباط عن السدي أنه قال كان من أمر هاروت وماروت أنهما طعنا على أهل الأرض في أحكامهم فقيل لهما إني أعطيت بني آدم عشرا من الشهوات فبها يعصونني قال هاروت وماروت ربنا لو أعطيتنا تلك الشهوات ثم نزلنا لحكمنا بالعدل فقال لهما انزلا فقد أعطيتكما تلك الشهوات العشر فاحكما بين الناس فنزلا ببابل ديناوند فكانا يحكمان حتى إذا أمسيا عرجا فإذا أصبحا هبطا فلم يزالا كذلك حتى أتتهما امرأة تخاصم زوجها فأعجبهما حسنها واسمها بالعربية الزهرة وبالنبطية بيدخت وبالفارسية أناهيد فقال أحدهما لصاحبه إنها لتعجبني قال الآخر قد أردت أن أذكر لك فاستحييت منك فقال الآخر هل لك أن أذكرها لنفسها قال نعم ولكن كيف لنا بعذاب الله قال الآخر إنا لنرجو رحمة الله فلما جاءت تخاصم زوجها ذكرا إليها نفسها فقالت لا حتى تقضيا لي على زوجي فقضيا لها على زوجها ثم واعدتهما خربة من الخرب يأتيانها فيها فأتياها لذلك فلما أراد الذي يواقعها قالت ما أنا بالذي أفعل حتى تخبراني بأي كلام تصعدان إلى السماء وبأي كلام تنزلان منها فأخبراها فتكلمت فصعدت فأنساها الله تعالى ما تنزل به فثبتت مكانها وجعلها الله كوكبا فكان عبد الله بن عمر كلما رآها لعنها وقال هذه التي فتنت هاروت وماروت فلما كان الليل أرادا أن يصعدا فلم يطيقا فعرفا الهلكة فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا فعلقا ببابل وجعلا يكلمان الناس كلامهما وهو السحر وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد أما شأن هاروت وماروت فإن الملائكة عجبت من ظلم بني آدم وقد جاءتهم الرسل والكتب والبينات فقال لهم ربهم تعالى اختاروا منكم ملكين أنزلهما يحكمان في الأرض فاختاروا فلم يألوا هاروت وماروت فقال لهما حين أنزلهما أعجبتما من بني آدم من ظلمهم ومعصيتهم وإنما تأتيهم الرسل والكتب من وراء وراء وإنكما ليس بيني وبينكما رسولا فافعلا كذا وكذا ودعا كذا وكذا فأمرهما بأمور ونهاهما ثم نزلا على ذلك ليس أحد أطوع لله منهما فحكما فعدلا فكانا يحكمان في النهار بين بني آدم فإذا أمسيا عرجا فكانا مع الملائكة وينزلان حين يصبحان فيحكمان فيعدلان حتى أنزلت عليهما الزهرة في أحسن صورة امرأة تخاصم فقضيا عليها فلما قامت وجد كل واحدمنهما في نفسه فقال أحدهما لصاحبه وجدت مثل الذي وجدت قال نعم فبعثا إليها أن ائتيانا نقض لك فلما رجعت قالا وقضيا لها فأتتهما فكشفا لها عن عورتيهما وإنما كانت سوآتهما في أنفسهما ولم يكونا كبني آدم في شهوة النساء ولذاتها فلما بلغا ذلك واستحلا افتتنا فطارت الزهرة فرجعت حيث كانت فلما أمسيا عرجا فزجرا فلم يؤذن لهما ولم تحملهما أجنحتهما فاستغاثا برجل من بني آدم فأتياه فقالا ادع لنا ربك فقال كيف يشفع أهل الأرض لأهل السماء قالا سمعنا ربك يذكرك بخير في السماء فوعدهما يوما وغدا يدعو لهما فدعا لهما فاستجيب له فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فنظر أحدهما إلى صاحبه فقال ألا تعلم أن أفواج عذاب الله في الآخرة كذا وكذا في الخلد وفي الدنيا تسع مرات مثلها فأمرا أن ينزلا ببابل فثم عذابهما وزعم أنهما معلقان في الحديد مطويان يصفقان بأجنحتهما وقد روي في قصة هاروت وماروت عن جماعة من التابعين كمجاهد والسدي والحسن البصري وقتادة وأبي العالية والزهري والربيع بن أنس ومقاتل بن حيان وغيرهم وقصها خلق من المفسرين من المتقدمين والمتأخرين وحاصلها راجع في تفصيلها إلى أخبار بني إسرائيل إذ ليس فيها حديث مرفوع صحيح متصل الإسناد إلى الصادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى وظاهر سياق القرآن إجمال القصة من غير بسط ولا إطناب فنحن نؤمن بما ورد في القرآن على ما أراده الله تعالى والله أعلم بحقيقة الحال وقد ورد في ذلك أثر غريب وسياق عجيب في ذلك أحببنا أن ننبه عليه قال الإمام أبو جعفر بن جرير رحمه الله تعالى أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا ابن وهب أخبرنا ابن أبي الزناد حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشةزوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت قدمت علي امرأة من أهل دومة الجندل جاءت تبتغي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته حداثة ذلك تسأله عن أشياء دخلت فيه من أمر السحر ولم تعمل به وقالت عائشة رضي الله عنها لعروة يا ابن أختي فرأيتها تبكي حين لم تجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيشفيها فكانت تبكي حتى إني لأرحمها وتقول إني أخاف أن أكون قد هلكت كان لي زوج فغاب عني فدخلت علي عجوز فشكوت ذلك إليها فقالت إن فعلت ما آمرك به فأجعله يأتيك فلما كان الليل جاءتني بكلبين أسودين فركبت أحدهما وركبت الآخر فلم يكن شيء حتى وقفنا ببابل وإذا برجلين معلقين بأرجلهما فقالا ما جاء بك قلت نتعلم السحر فقالا إنما نحن فتنة فلا تكفري فارجعي فأبيت وقلت لا قالا فاذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه فذهبت ففزعت ولم أفعل فرجعت إليهما فقالا أفعلت فقلت نعم فقالا هل رأيت شيئا فقلت لم أر شيئا فقالا لم تفعلي ارجعي إلى بلادك ولا تكفري فأرببت وأبيت فقالا اذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه فذهبت فاقشعررت وخفت ثم رجعت إليهما وقلت قد فعلت فقالا فما رأيت قلت لم أر شيئا فقالا كذبت لم تفعلي ارجعي إلى بلادك ولا تكفري فإنك على رأس أمرك فأرببت وأبيت فقالا اذهبي إلى التنور فبولي فيه فذهبت إليه فبلت فيه فرأيت فارسا مقنعا بحديد خرج مني فذهب في السماء وغاب حتى ما أراه فجئتهما فقلت قد فعلت فقالا فما رأيت قلت رأيت فارسا مقنعا خرج مني فذهب في السماء وغاب حتى ما أراه فقالا صدقت ذلك إيمانك خرج منك اذهبي فقلت للمرأة والله ما أعلم شيئا وما قالا لي شيئا فقالت بلى لم تريدي شيئا إلا كان خذي هذا القمح فابذري فبذرت وقلت أطلعي فأطلعت وقلت احقلي فأحقلت ثم قلت افركي فأفركت ثم قلت أيبسي فأيبست ثم قلت اطحني فأطحنت ثم قلت أخبزي فأخبزت فلما رأيت أني لا أريد شيئا إلا كان سقط في يدي وندمت والله يا أم المؤمنين ما فعلت شيئا ولا أفعله أبدا ورواه ابن أبي حاتم عن الربيع بن سليمان به مطولا كما تقدم وزاد بعد قولها ولا أفعله أبدا فسألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حداثة وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يومئذ متوافرون فما دروا ما يقولون لها وكلهم هاب وخاف أن يفتيها بما لا يعلمه إلا أنه قد قال لها ابن عباس أو بعض من كان عنده لو كان أبواك حيين أو أحدهما قال هشام فلو جاءتنا أفتيناها بالضمان قال ابن أبي الزناد وكان هشام يقول إنهم كانوا من أهل الورع والخشية من الله ثم يقول هشام لو جاءتنا مثلها اليوم لوجدت نوكى أهل حمق وتكلف بغير علم فهذا إسناد جيد إلى عائشة رضي الله عنها وقد استدل بهذا الأثر من ذهب إلى أن الساحر له تمكن في قلب الأعيان لأن هذه المرأة بذرت واستغلت في الحال وقال آخرون بل ليس له قدرة إلا على التخييل كما قال تعالى « سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاؤا بسحر عظيم » وقال تعالى « يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى » استدل به على أن بابل المذكورة في القرآن هي بابل العراق لا بابل ديناوند كما قاله السدي وغيره ثم الدليل على أنها بابل العراق ما قال ابن أبي حاتم أخبرنا علي بن الحسين أخبرنا أحمد بن صالح حدثني ابن وهب حدثني ابن لهيعة ويحيى بن أزهر عن عمار بن سعد المرادي عن أبي صالح الغفاري أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه مر ببابل وهو يسير فجاء المؤذن يؤذنه بصلاة العصر فلما برز منها أمر المؤذن فأقام الصلاة فلما فرغ قال إن حبيبي صلى الله عليه وسلم نهاني أن أصلي بأرض المقبرة ونهاني أن أصلي ببابل فإنها ملعونة وقال أبو داود « 490 » أخبرنا سليمان بن داود أخبرنا ابن وهب حدثني ابن لهيعة ويحيى بن أزهر عن عمار بن سعد المرادي عن أبي صالح الغفاري أن عليا مر ببابل وهو يسير فجاءه المؤذن يؤذنه بصلاة العصر فلما برز منها أمر المؤذن فأقام الصلاة فلما فرغ قال إن حبيبي صلى الله عليه وسلم نهاني أن أصلي في المقبرة ونهاني أن أصلي بأرض بابل فإنها ملعونة حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني يحيى بن أزهر وابن لهيعة عن الحجاج بن شداد عن أبي صالح الغفاري عن علي بمعنى حديث سليمان بن داود قال فلما خرج مكان برز وهذا الحديث حسن عند الإمام أبي داود لأنه رواه وسكت عنه ففيه من الفقه كراهية الصلاة بأرض بابل كما تكره بديار ثمود الذين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدخول إلى منازلهم إلا أن يكونوا باكين قال أصحاب الهيئة وبعد مابين بابلوهي من أقليم العراق عن البحر المحيط الغربي ويقال له أوقيانوس سبعون درجة ويسمون هذا طولا وأما عرضهما وهو بعد ما بينها وبين وسط الأرض من ناحية الجنوب وهو المسامت لخط الاستواء اثنان وثلاثون درجة والله أعلم وقوله تعالى « وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر » يتبع | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الإثنين نوفمبر 10, 2008 2:55 am | |
| قال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن قيس بن عباد عن ابن عباس قال فإذا أتاهما الآتي يريد السحر نهياه أشد النهي وقالا له إنما نحن فتنة فلا تكفر وذلك أنهما علما الخير والشر والكفر والإيمان فعرفا أن السحر من الكفر قال فإذا أبى عليهما أمراه أن يأتي مكان كذا وكذا فإذا أتاه عاين الشيطان فعلمه فإذا تعلمه خرج منه النور فنظر إليه ساطعا في السماء فيقول ياحسرتاه ياويله ماذا أصنع وعن الحسن البصري أنه قال في تفسير هذه الآية نعم أنزل الملكان بالسحر ليعلما الناس البلاء الذي أراد الله أن يبتلي به الناس فأخذ عليهم الميثاق أن لا يعلما أحدا حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر رواه ابن أبي حاتم وقال قتادة كان أخذ عليهما أن لا يعلما أحدا حتى يقولا إنما نحن فتنة أي بلاء ابتلينا به فلا تكفر وقال السدي إذا أتاهما إنسان يريد السحر وعظاه وقالا له لا تكفر إنما نحن فتنة فإذا أبى قالا له ائت هذا الرماد فبل عليه فإذا بال عليه خرج منه نور فسطع حتى يدخل السماء وذلك الإيمان وأقبل شيء أسود كهيئة الدخان حتى يدخل في مسامعه وكل شيء وذلك غضب الله فإذا أخبرهما بذلك علماه السحر فذلك قول الله تعالى « وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر » الآية وقال سنيد عن حجاج عن ابن جريج في هذه الآية لا يجتريء على السحر إلا كافر وأما الفتنة فهي المحنة والإختبار ومنه قول الشاعر-وقد فتن الناس في دينهم وخلى ابن عفان شرا طويلا-وكذلك قوله تعالى إخبارا عن موسى عليه السلام حيث قال « إن هي إلا فتنتك » أي ابتلاؤك واختبارك وامتحانك « تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء » وقد استدل بعضهم بهذه الآية على تكفير من تعلم السحر واستشهد له بالحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البزار حدثنا محمد بن المثنى أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن همام عن عبد الله قال من أتى كاهنا أو ساحرا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وهذا إسناد جيد وله شواهد أخر وقوله تعالى « فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه » أي فيتعلم الناس من هاروت وماروت من علم السحر ما يتصرفون به فيما يتصرفون من الأفاعيل المذمومة ما إنهم ليفرقون به بين الزوجين مع ما بينهما من الخلطة والإئتلاف وهذا من صنيع الشياطين كما رواه مسلم في صحيحه « 2813 » من حديث الأعمش عن أبي سفيان عن طلحة بن نافع عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الشيطان ليضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه في الناس فأقربهم عنده منزلة أعظمهم عنده فتنة يجيء أحدهم فيقول مازلت بفلان حتى تركته وهو يقول كذا وكذا فيقول إبليس لا والله ماصنعت شيئا ويجيء أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين أهله قال فيقربه ويدنيه ويلتزمه ويقول نعم أنت وسبب التفريق بين الزوجين بالسحر ما يخيل إلى الرجل أو المرأة من الآخر من سوء منظر أو خلق أو نحو ذلك أو عقد أو بغضة أو نحو ذلك من الأسباب المقتضية للفرقة والمرء عبارة عن الرجل وتأنيثه امرأة ويثني كل منهما ولا يجمعان والله أعلم-وقوله تعالى « وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله » قال سفيان الثوري إلا بقضاء الله وقال محمد بن إسحاق إلا بتخلية الله بينه وبين ما أراد وقال الحسن البصري « وماهم بضارين به من أحد الا بإذن الله » قال نعم من شاء الله سلطهم عليه ومن لم يشأ الله لم يسلط ولا يستطيعون من أحد إلا بإذن الله كما قال الله تعالى وفي رواية عن الحسن أنه قال لا يضر هذا السحر إلا من دخل فيه وقوله تعالى « ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم » أي يضرهم في دينهم وليس فيه نفع يوازي ضرره « ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق » أي ولقد علم اليهود الذين استبدلوا بالسحر عن متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم لمن فعل فعلهم ذلك أنه ماله في الآخرة من خلاق قال ابن عباس ومجاهد والسدي من نصيب وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة ماله في الآخرة من حجة عند الله وقال عبد الرزاق وقال الحسن ليس له دين وقالسعد عن قتادة « ماله في الآخرة من خلاق » قال ولقد علم أهل الكتاب فيما عهد الله إليهم أن الساحر لاخلاق له في الآخرة وقوله تعالى « ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون » يقول تعالى « ولبئس » البديل ما استبدلوا به من السحر عوضا عن الإيمان ومتابعة الرسول لو كان لهم علم بما وعظوا به « ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير » أي ولو أنهم آمنوا بالله ورسله واتقوا المحارم لكان مثوبة الله على ذلك خيرا لهم مما استخاروا لأنفسهم ورضوا به كما قال تعالى « وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون » -السحر والسحرة-وقد استدل بقوله « ولو أنهم آمنوا واتقوا » من ذهب إلى تكفير الساحر كما هو رواية عن الإمام أحمد بن حنبل وطائفة من السلف وقيل بل لا يكفر ولكن حده ضرب عنقه لما رواه الشافعي « 2/89 » وأحمد بن حنبل « 1/190 » قالا أخبرنا سفيان هو ابن عيينة عن عمرو بن دينار أنه سمع بجلة بن عبدة يقول كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن اقتلوا كل ساحر وساحرة قال فقتلنا ثلاث سواحر وقد أخرجه البخاري في صحيحه أيضا وهكذا صح أن حفصة أم المؤمنين سحرتها جارية لها فأمرت بها فقتلت قال الإمام أحمد بن حنبل صح عن ثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في قتل الساحر وروى الترمذي « 1460 » من حديث إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن جندب الأزدي أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حد الساحر ضربه بالسيف ثم قال لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه وإسماعيل بن مسلم يضعف في الحديث والصحيح عن الحسن عن جندب موقوفا قلت قد رواه الطبراني من وجه آخر « كبير 2/1666 » عن الحسن عن جندب مرفوعا والله أعلم وقد روي من طرق متعددة أن الوليد ابن عقبة كان عنده ساحر يلعب بين يديه فكان يضرب رأس الرجل ثم يصيح به فيرد إليه رأسه فقال الناس سبحان الله يحيي الموتى ورآه رجل من صالحي المهاجرين فلما كان الغد جاء مشتملا على سيفه وذهب يلعب لعبه ذلك فاخترط الرجل سيفه فضرب عنق الساحر وقال إن كان صادقا فليحيي نفسه وتلا قوله تعالى « أفتأتون السحر وأنتم تبصرون » فغضب الوليد إذ لم يستأذنه في ذلك فسجنه ثم أطلقه والله أعلم وقال الإمام أبو بكر الخلال أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي أخبرنا يحيى بن سعيد حدثني أبو إسحاق عن حارثة قال كان عند بعض الأمراء رجل يلعب فجاء جندب مشتملا على سيفه فقتله قال أراه كان ساحرا وحمل الشافعي رحمه الله قصة عمر وحفصة على سحر يكون شركا والله أعلم-حقيقة السحر- « فصل » حكى أبو عبد الله الرازي في تفسيره عن المعتزلة أنهم أنكروا وجود السحر قال وربما كفروا من اعتقد وجوده قال وأما أهل السنة فقد جوزوا أن يقدر الساحر أن يطير في الهواء ويقلب الإنسان حمارا والحمار إنسانا إلا أنهم قالوا إن الله يخلق الأشياء عندما يقول الساحر تلك الرقى والكلمات المعينة فأما أن يكون المؤثر في ذلك هو الفلك والنجوم فلا خلافا للفلاسفة والمنجمين والصابئة ثم استدل على وقوع السحر وأنه يخلق الله تعالى بقوله تعالى « وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله » ومن الأخبار بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سحر وأن السحر عمل فيه وبقصة تلك المرأة مع عائشة رضي الله عنه وما ذكرت تلك المرأة من إتيانها بابل وتعلمها السحر قال وبما يذكر في هذا الباب من الحكايات الكثيرة ثم قال بعد هذا « المسألة الخامسة » في أن العلم بالسحر ليس بقبيح ولا محظور إتفق المحققون على ذلك لأن العلم لذاته شريف وأيضا لعموم قوله تعالى « قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون » ولأن السحر لو لم يكن يعلم لما أمكن الفرق بينه وبين المعجزة والعلم بكون المعجز معجزا واجب ومايتوقف الواجب عليه فهو واجب فهذا يقتضي أن يكون تحصيل العلم بالسحر واجبا وما يكون واجبا فكيف يكون حراما وقبيحا هذا لفظه بحروفه في هذه المسألة وهذا الكلام فيه نظر من وجوه « أحدها » قوله العلم بالسحر ليس بقبيح إن عني به ليس بقبيح عقلا فمخالفوه من المعتزلة يمنعون هذا وإن عني أنه ليس بقبح شرعا ففي هذه الآية الكريمة تبشيع لعلم السحر وفي الصحيح من أتى عرافا أو كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمد وفي السنن من عقد عقدة ونفث فيها فقد سحر وقوله ولا محظور إتفق المحققونعلى ذلك كيف لا يكون محظورا مع ماذكرناه من الآية والحديث واتفاق المحققين يقتضي أن يكون قد نص على هذه المسألة أئمة العلماء أو أكثرهم وأين نصوصهم على ذلك ثم إدخاله علم السحر في عموم قوله تعالى « قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون » فيه نظر لأن هذه الآية إنما دلت على مدح العالمين العلم الشرعي ولم قلت إن هذا منه ثم ترقيه إلى وجوب تعلمه بأنه لا يحصل العلم بالمعجز إلا به ضعيف بل فاسد لأن أعظم معجزات رسولنا عليه الصلاة والسلام هي القرآن العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ثم إن العلم بأنه معجز لا يتوقف على علم السحر أصلا ثم من المعلوم بالضرورة أن الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين وعامتهم كانوا يعلمون المعجز ويفرقون بينه وبين غيره ولم يكونوا يعلمون السحر ولا تعلموه ولا علموه والله أعلم ثم قد ذكر أبو عبد الله الرازي « 3/223 » أن أنواع السحر ثمانية « الأول » سحر الكذابين والكشدانيين الذين كانوا يعبدون الكواكب السبعة المتحيرة وهي السيارة وكانوا يعتقدون أنها مدبرة العالم وأنها تأتي بالخير والشر وهم الذين بعث الله إليهم إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم مبطلا لمقالتهم ورادا لمذهبهم وقد استقصى في « كتاب السر المكتوم في مخاطبة الشمس والنجوم » المنسوب إليه كما ذكرها القاضي ابن خلكان « الوفيات 3/381 » وغيره ويقال إنه تاب منه وقيل بل صنفه على وجه اظهار الفضيلة لا على سبيل الإعتقاد وهذا هو المظنون به إلا أنه ذكر فيه طريقهم في مخاطبة كل من هذه الكواكب السبعة وكيفية ما يفعلون وما يلبسونه وما يتنسكون به قال « والنوع الثاني » سحر أصحاب الأوهام والنفوس القوية ثم استدل على أن الوهم له تأثير بأن الأنسان يمكنه ان يمشي على الجسر الموضوع على وجه الأرض ولا يمكنه المشي عليه إذا كان ممدودا على نهر أو نحوه قال وكما أجمعت الأطباء على نهي المرعوف عن النظر إلى الأشياء الحمر والمصروع إلى الأشياء القوية اللمعان أو الدوران وما ذاك إلا لأن النفوس خلقت منطبعة للأوهام قال وقد إتفق العقلاء على أن الإصابة بالعين حق وله أن يستدل على ذلك بما ثبت في الصحيح « م 2188 » يتبع | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الإثنين نوفمبر 10, 2008 2:56 am | |
| أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين قال فإذا عرفت هذا فنقول النفس التي تفعل هذه الأفاعيل قد تكون قوية جدا فتستغني في هذه الأفاعيل عن الإستعانة بالآلات والأدوات وقد تكون ضعيفة فتحتاج إلى الإستعانة بهذه الآلات وتحقيقه ان النفس إذا كانت مستعلية على البدن شديدة الإنجذاب إلى عالم السماوات صارت كأنها روح من الأرواح السماوية فكانت قوية على التأثير في مواد هذا العالم واذا كانت ضعيفة شديدة التعلق بهذه اللذات البدنية فحينئذ لا يكون لها تأثير البتة إلا في هذا البدن ثم أرشد إلى مداواة هذا الداء بتقليل الغذاء والإنقطاع عن الناس والرياء « قلت » وهذا الذي يشير إليه هو التصرف بالحال وهو على قسمين تارة تكون حالا صحيحة شرعية يتصرف بها فيما أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ويترك ما نهى الله تعالى عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم فهذه الأحوال مواهب من الله تعالى وكرامات للصالحين من هذه الأمة ولا يسمى هذا سحرا في الشرع وتارة تكون الحال فاسدة لا يتمثل صاحبها ما أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولا يتصرف بها في ذلك فهذه حال الأشقياء المخالفين للشريعة ولا يدل إعطاء الله إياهم هذه الأحوال على محبته لهم كما أن الدجال له من الخوارق للعادات مادلت عليه الأحاديث الكثيرة مع أنه مذموم شرعا لعنه الله وكذلك من شابهه من مخالفي الشريعة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام وبسط هذا يطول جدا وليس هذا موضعه قال « والنوع الثالث » من السحر الإستعانة بالأرواح الأرضية وهم الجن خلافا للفلاسفة والمعتزلة وهم على قسمين مؤمنون وكفار وهم الشياطين قال واتصال النفوس الناطقة بها أسهل من أتصالها بالأرواح السماوية لما بينهما من المناسبة والقرب ثم إن أصحاب الصنعة وأرباب التجربة شاهدوا ان الإتصال بهذه الأرواح الأرضية يحصل بأعمال سهلة قليلة من الرقى والدخن والتجريد وهذا النوع هو المسمى بالعزائم وعمل التسخير « النوع الرابع » من السحر التخييلات والأخذ بالعيون والشعبذة ومبناه على ان البصر قد يخطئ ويشتغل بالشيءالمعين دون غيره ألا ترى ذا الشعبذة الحاذق يظهر عمل شيء يذهل أذهان الناظرين به ويأخذ عيونهم اليه حتى إذا استفرغهم الشغل بذلك الشيء بالتحديث ونحوه عمل شيئا آخر عملا بسرعة شديدة وحينئذ يظهر لهم شيء آخر غير ما انتظروه فيتعجبون منه جدا ولو أنه سكت ولم يتكلم بما يصرف الخواطر إلى ضد ما يريد أن يعلمه ولم تتحرك النفوس والأوهام إلى غير ما يريد إخراجه لفطن الناظرون لكل ما يفعله قال وكلما كانت الأحوال تفيد حسن البصر نوعا من أنواع الخلل أشد كان العمل أحسن مثل أن يجلس المشعبذ في موضع مضيء جدا أو مظلم فلا تقف القوة الناظرة على أحوالها والحالة هذه « قلت » وقد قال بعض المفسرين إن سحر السحرة بين يدي فرعون إنما كان من باب الشعبذة ولهذا قال تعالى « فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاؤا بسحر عظيم » وقال تعالى « يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى » قالوا ولم تكن تسعى في نفس الأمر والله أعلم « النوع الخامس من السحر » الأعمال العجيبة التي تظهر من تركيب آلات مركبة على النسب الهندسية كفارس على فرس في يده بوق كلما مضت ساعة من النهار ضرب بالبوق من غير أن يمسه أحد ومنها الصور التي تصورها الروم والهند حتى لا يفرق الناظر بينها وبين الإنسان حتى يصورونها ضاحكة وباكية إلى أن قال فهذه الوجوه من لطيف أمور التخاييل قال وكان سحر سحرة فرعون من هذا القبيل « قلت » يعني ما قاله بعض المفسرين إنهم عمدوا إلى تلك الحبال والعصي فحشوها زئبقا فصارت تتلوى بسبب مافيها من ذلك الزئبق فيخيل إلى الرائي انها تسعى باختيارها قال الرازي ومن هذا الباب تركيب صندوق الساعات ويندرج في هذا الباب علم جر الأثقال بالآلات الخفيفة قال وهذا في الحقيقة لا ينبغي أن يعد من باب السحر لأن لها أسبابا معلومة يقينية من اطلع عليها قدر عليها « قلت » ومن هذا القبيل حيل النصارى على عامتهم بما يرونهم إياه من الأنوار كقضية قمامة الكنيسة التي لهم ببلد المقدس وما يحتالون به من إدخال النار خفية إلى الكنيسة واشعال ذلك القنديل بصنعة لطيفة تروج على الطغام منهم وأما الخواص فهم معترفون بذلك ولكن يتأولون أنهم يجمعون شمل أصحابهم على دينهم فيرون ذلك سائغا لهم وفيه شبهة على الجهلة الأغبياء من متعبدي الكرامية الذين يرون جواز وضع الأحاديث في الترغيب والترهيب فيدخلون في عداد من قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم من كذب علي معتمدا فليتبوأ مقعده من النار « خ 110 م 3 » وقوله حدثوا عني ولا تكذبوا علي فانه من يكذب علي يلج النار « خ 106 م 1 » ثم ذكر ههنا حكاية عن بعض الرهبان وهو أنه سمع صوت طائر حزين الصوت ضعيف الحركة فإذا سمعته الطيور ترق له فتذهب فتلقي في وكره من ثمر الزيتون ليتبلغ به فعمد هذا الراهب إلى صنعة طائر على شكله وتوصل إلى ان جعله أجوف فإذا دخلته الريح يسمع منه صوت كصوت ذلك الطائر وانقطع في صومعة ابتناها وزعم انها على قبر بعض صالحيهم وعلق ذلك الطائر في مكانها منها فإذا كان زمان الزيتون فتح بابا من ناحيته فيدخل الريح إلى داخل هذه الصورة فيسمع صوتها كل طائر فيشكله أيضا فتأتي الطيور فتحمل من الزيتون شيئا كثيرا فلا ترى النصارى إلا ذلك الزيتون في هذه الصومعة ولا يدرون ما سببه ففتنهم بذلك وأوهم أن هذا من كرامات صاحب هذا القبر عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة قال الرازي « النوع السادس من السحر » الاستعانة بخواص الأدوية يعني في الأطعمة والدهانات قال واعلم أنه لاسبيل إلى إنكار الخواص فإن تأثير المغناطيس مشاهد « قلت » يدخل في هذا القبيل كثير ممن يدعي الفقر ويتحيل على جهلة الناس بهذه الخواص مدعيا انها أحوال له من مخالطة النيران ومسك الحيات إلى غير ذلك من المحالات قال « النوع السابع من السحر » التعليق للقلب وهو ان يدعي الساحر أنه عرف الإسم الأعظم وان الجن يطيعونه وينقادون له في أكثر الأمور فإذا اتفق ان يكون السامع لذلك ضعيف العقيل قليل التمييز اعتقد أنه حق وتعلق قلبه بذلك وحصل في نفسه نوع من الرعب والمخافة فإذا حصل الخوف ضعفت القوى الحساسة فحينئذ يتمكن الساحر أن يفعل ما يشاء « قلت » هذا النمط يقال له التنبلة وإنما يروج على الضعفاء العقول من بني آدم وفي علم الفراسة ما يرشد إلىمعرفة كامل العقل من ناقصه فإذا كان النبيل حاذقا في علم الفراسة عرف من ينقاد له من الناس من غيره قال « النوع الثامن من السحر » السعي بالنميمة والتضريب من وجوه خفيفة لطيفة وذلك شائع في الناس « قلت » النميمة على قسمين تارة تكون على وجه التحريش بين الناس وتفريق قلوب المومنين فهذا حرام متفق عليه فأما إن كانت على وجه الإصلاح بين الناس وائتلاف كلمة المسلمين كما جاء في الحديث « خ 2692 م 2605 » ليس بالكذاب من ينم خيرا أو يكون على وجه التخذيل والتفريق بين جموع الكفرة فهذا أمر مطلوب كما جاء في الحديث « خ 3030 م 1739 » الحرب خدعة وكما فعل نعيم بن مسعود في تفريقه بين كلمة الأحزاب وبين قريظة جاء إلى هؤلاء فنمى إليهم عن هؤلاء كلاما ونقل من هؤلاء إلى أولئك شيئا آخر ثم لأم بين ذلك فتنا كرت النفوس وافترقت وانما يحذو على مثل هذا الذكاء ذو البصيرة النافذة والله المستعان ثم قال الرازي فهذه جملة الكلام في أقسام السحر وشرح أنواعه وأصنافه « قلت » وإنما أدخل كثيرا من هذه الأنواع المذكورة في فن السحر للطافة مداركها لأن السحر في اللغة عبارة عما لطف وخفى سببه ولهذا جاء في الحديث إن من البيان لسحرا وسمي السحور لكونه يقع خفيا آخر الليل والسحر الرئة وهي محل الغذاء وسميت بذلك لخفائها ولطف مجاريها إلى أجزاء البدن وغضونه كما قال أبو جهل يوم بدر لعتبة انتفخ سحره أي أنتفخت رئته من الخوف وقالت عائشة رضي الله عنه توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري « خ 890 م 2443 » وقال تعالى « سحروا أعين الناس » أي أخفوا عنهم عملهم والله أعلم وقال أبو عبد الله القرطبي وعندنا أن السحر حق وله حقيقة يخلق الله عنده ما يشاء خلافا للمعتزلة وأبي إسحاق الإسفرايني من الشافعية حيث قالوا إنه تمويه وتخييل قال ومن السحر ما يكون بخفة اليد كالشعوذة والشعوذي البريد لخفة سيره قال ابن فارس وليست هذه الكلمة من كلام أهل البادية قال القرطبي ومنه ما يكون كلاما يحفظ ورقى من أسماء الله تعالى وقد يكون من عهود الشياطين ويكون أدوية وأدخنة وغير ذلك قال وقوله عليه السلام إن من البيان لسحرا يحتمل أن يكون مدحا كما تقوله طائفة ويحتمل أن يكون ذما للبلاغة قال وهذا أصح قال لأنها تصوب الباطل حتى توهم السامع أنه حق كما قال عليه الصلاة والسلام فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له الحديث « فصل » وقد ذكر الوزير أبو المظفر يحيى بن هبيرة بن محمد بن هبيرة رحمه الله في كتابه « الإشراف على مذاهب الأشراف » بابا في السحر فقال أجمعوا على أن السحر له حقيقة إلا أبا حنيفة فانه قال لاحقيقة له عنده واختلفوا فيمن يتعلم السحر ويستعمله فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد يكفر بذلك ومن أصحاب أبي حنيفة من قال إن تعلمه ليتقيه أو ليجتنبه فلا يكفر ومن تعلمه معتقدا جوازه أو أنه ينفعه كفر وكذا من اعتقد أن الشياطين تفعل له ما يشاء فهو كافر وقال الشافعي رحمه الله إذا تعلم السحر قلنا له صف لنا سحرك فان وصف ما يوجب الكفر مثل ما اعتقده أهل بابل من التقرب إلى الكواكب السبعة وأنها تفعل ما يلتمس منها فهو كافر وان كان لا يوجب الكفر فإن اعتقد إباحته فهو كافر قال ابن هبيرة وهل يقتل بمجرد فعله واستعماله فقال مالك وأحمد نعم وقال الشافعي وأبو حنيفة لا فأما إن قتل بسحره إنسانا فإنه يقتل عند مالك والشافعي وأحمد وقال أبو حنيفة لا يقتل حتى يتكرر منه ذلك أو يقر بذلك في حق شخص معين وإذا قتل فإنه يقتل حدا عندهم إلا الشافعي فإنه قال يقتل والحالة هذه قصاصا قال وهل إذا تاب الساحر تقبل توبته فقال مالك وأبو حنيفة وأحمد في المشهور عنهم لا تقبل وقال الشافعي وأحمد في الرواية الأخرى تقبل وأما ساحر أهل الكتاب فعند أبي حنيفة أنه يقتل كما يقتل الساحر المسلم وقال مالك وأحمد والشافعي لا يقتل يعني لقصة لبيد بن الأعصم واختلفوا في المسلمة الساحرة فعند أبي حنيفة أنها لا تقتل ولكن تحبس وقال الثلاثة حكمها حكم الرجل والله أعلم وقال أبو بكر الخلال أخبرنا أبو بكر المروزي قال قرأ على أبي عبد الله يعني أحمد بن حنبل عمر بن هارون أخبرنا يونس عن الزهري قال يقتل ساحرالمسلمين ولا يقتل ساحر المشركين لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سحرته امرأة من اليهود فلم يقتلها وقد نقل القرطبي عن مالك رحمه الله أنه قال في الذمي يقتل إن قتل سحره وحكى ابن خويز منداد عن مالك روايتين في الذمي إذا سحر إحداهما أنه يستتاب فإن أسلم وإلا قتل والثانية أنه يقتل وإن أسلم وأما الساحر المسلم فإن تضمن سحره كفرا كفر عند الأئمة الأربعة وغيرهم لقوله تعالى « وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر » لكن قال مالك إذا ظهر عليه لم تقبل توبته لأنه كالزنديق فإن تاب قبل أن يظهر عليه وجاءنا تائبا قبلناه فإن قتل سحره قتل قال الشافعي فإن قال لم أتعمد القتل فهو مخطئ تجب عليه الدية « مسألة » وهل يسئل الساحر حلا لسحره فأجاز سعيد بن المسيب فيما نقله عنه البخاري وقال عامر الشعبي لابأس بالنشرة وكره ذلك الحسن البصري وفي الصحيح عن عائشة انها قالت يا رسول الله هلا تنشرت فقال أما الله فقد شفاني وخشيت أن أفتح على الناس شرا وحكى القرطبي عن وهب أنه قال يؤخذ سبع ورقات من سدر فتدق بين حجرين ثم تضرب بالماء ويقرأ عليها آية الكرسي ويشرب منها المسحور ثلاث حسوات ثم يغتسل بباقيه فإنه يذهب مابه وهو جيد للرجل الذي يؤخذ عن امرأته « قلت » أنفع ما يستعمل لإذهاب السحر ما أنزل الله على رسوله في إذهاب ذلك وهما المعوذتان وفي الحديث لم يتعوذ المتعوذ بمثلهما وكذلك قراءة آية الكرسي فإنها مطردة للشيطان تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الثلاثاء نوفمبر 11, 2008 6:31 pm | |
| 104-يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ 105-مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ نهى الله تعالى عباده المؤمنين أن يتشبهوا بالكافرين في مقالهم وفعالهم وذلك أن اليهود كانوا يعانون من الكلام مافيه تورية لما يقصدونه من التنقيص عليهم لعائن الله فإذا أرادوا أن يقولوا اسمع لنا يقولوا راعنا ويورون بالرعونة كما قال تعالى « من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا » وكذلك جاءت الأحاديث بالإخبار عنهم بأنهم كانوا إذا سلموا إنما يقولون السام عليكم والسام هو الموت ولهذا أمرنا أن نرد عليهم بوعليكم وإنما يستجاب لنا فيهم ولا يستجاب لهم فينا والغرض أن الله تعالى نهى المؤمنين عن مشابهة الكافرين قولا وفعلا فقال « يا أيها آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم » وقال الإمام أحمد « 2/50 » أخبرنا أبو النضر أخبرنا عبد الرحمنبن ثابت أخبرنا حسان بن عطية عن أبي منيب الجرشي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم وروى أبو داود « 4031 » عن عثمان بن أبي شيبة عن أبي النضر هاشم أخبرنا ابن القاسم به من تشبه بقوم فهو منهم ففيه دلالة على النهي الشديد والتهديد والوعيد على التشبه بالكفار في أقوالهم وأفعالهم ولباسهم وأعيادهم وعباداتهم وغير ذلك من أمورهم التي لم تشرع لنا ولا نقرر عليها وقال ابن أبي حاتم أخبرنا أبي أخبرنا نعيم بن حماد أخبرنا عبد الله بن المبارك « زهد 36 » أخبرنا مسعر عن ابن معن وعون أو أحدهما أن رجلا أتى عبد الله بن مسعود فقال اعهد إلي فقال إذا سمعت الله يقول « يا أيها الذين آمنوا » فارعها سمعك فانه خير يأمر به أو شر ينهى عنه وقال الأعمش عن خيثمة قال ما تقرءون في القرآن « يا أيها الذين آمنوا » فإنه في التوراة يا أيها المساكين وقال محمد بن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد عن سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس « راعنا » أي أرعنا سمعك وقال الضحاك عن ابن عباس « يا أيهاالذين آمنوا لا تقولوا راعنا » قال كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم أرعنا سمعك وإنما راعنا كقولك عاطنا وقال ابن أبي حاتم وروي عن أبي العالية وأبي مالك والربيع بن أنس وعطية العوفي وقتادة نحو ذلك وقال مجاهد « لاتقولوا راعنا » لاتقولوا خلافا وفي رواية لا تقولوا اسمع منا ونسمع منك وقال عطاء لا تقولوا « راعنا » كانت لغة تقولها الأنصار فنهى الله عنها وقال الحسن « لاتقولوا راعنا » قال الراعن من القول السخري منه نهاهم الله أن يسخروا من قول محمد صلى الله عليه وسلم ومايدعوهم إليه من الإسلام وكذا روي عن ابن جريج أنه قال مثله وقال أبو صخر « لاتقولوا راعنا وقولوا انظرنا » قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أدبر ناداه من كانت له حاجة من المؤمنين فيقول أرعنا سمعك فأعظم الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقال ذلك له وقال السدي كان رجل من اليهود من بني قينقاع يدعى رفاعة بن زيد يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فإذا لقيه فكلمه قال أرعني سمعك واسمع غير مسمع وكان المسلمون يحسبون أن الأنبياء كانت تفخم بهذا فكان ناس منهم يقولون اسمع غير مسمع غير صاغر وهي كالتي في سورة النساء فتقدم الله إلى المؤمنين أن لا يقولوا راعنا وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم بنحو من هذا قال ابن جرير والصواب من القول في ذلك عندنا أن الله نهى المؤمنين أن يقولوا لنبيه صلى الله عليه وسلم راعنا لأنها كلمة كرهها الله تعالى أن يقولوها لنبيه صلى الله عليه وسلم نظير الذي ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا تقولوا للعنب الكرم ولكن قولوا الحبلة « م 2248 » ولاتقولوا عبدي ولكن قولوا فتاي « خ 2552 م 2249 » وما أشبه ذلك وقوله تعالى « مايود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم » يبين بذلك تعالى شدة عداوة الكافرين من أهل الكتاب والمشركين الذين حذر الله تعالى من مشابهتهم للمؤمنين ليقطع المودة بينهم وبينهم ونبه تعالى على ما أنعم به على المؤمنين من الشرع التام الكامل الذي شرعه لنبيهم محمد صلى الله عليه وسلم حيث يقول تعالى « والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم » تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الثلاثاء نوفمبر 11, 2008 6:33 pm | |
| 106-مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ 107-أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنه عنهما « ماننسخ من آية » ما نبدل من آية وقال ابن جريج عن مجاهد « ماننسخ من آية » اي ما نمحو من آية وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد « ماننسخ من آية » قال نثبت خطها ونبدل حكمها حدث به عن أصحاب عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم وقال ابن أبي حاتم وروي عن أبي العالية ومحمد بن كعب القرظي نحو ذلك وقال الضحاك « ماننسخ من آية » ما ننسك وقال عطاء أما « ماننسخ » فما نترك من القرآن وقال ابن أبي حاتم يعني ترك فلم ينزل على محمد صلى الله عليه وسلم وقال السدي « ماننسخ من آية » نسختها قبضها وقال ابن أبي حاتم يعني قبضها رفعها مثل قوله الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة وقوله لو كان لأبن آدم واديان من ذهب لابتغى لهما ثالثا وقال ابن جرير « ماننسخ من آية » ما ننقل من حكم آية إلى غيره فنبدله ونغيره وذلك أن نحول الحلال حراما والحرام حلالا والمباح محظورا والمحظور مباحا ولا يكون ذلك إلا في الأمر والنهي والحظر والإطلاق والمنع والإباحة فأما الأخبار فلا يكون فيها ناسخ ولا منسوخ وأصل النسخ من نسخ الكتاب وهو نقله من نسخة أخرى إلى غيرها فكذلك معنى نسخ الحكم إلى غيره إنما هو تحويله ونقل عبارة إلى غيرها وسواء نسخ حكمها أو خطبها إذ هي في كلتا حالتيها منسوخة وأما علماء الأصول فاختلفت عباراتهم في حد النسخ والأمر في ذلك قريب لأن معنى النسخ الشرعي معلوم عند العلماء ولحظ بعضهم أنه رفع الحكم بدليل شرعي متأخر فاندرج في ذلك نسخ الأخف بالأثقل وعكسه والنسخ لا إلى بدله وأما تفاصيل أحكام النسخ وذكر أنواعه وشروطه فمبسوطة في أصول الفقه وقال الطبراني « كبير 12/13141 » أخبرنا أبو شبيل عبيد الله بن عبد الرحمن بن واقد أخبرنا أبي أخبرنا العباس بن الفضل عن سليمان بن أرقم عن الزهري عن سالم عن أبيه قال قرأ رجلان سورة أقرأهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانايقرآن بها فقاما ذات ليلة يصليان فلم يقدرا منها على حرف فأصبحا غاديين على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها مما نسخ وأنسي فالهوا عنها فكان الزهري يقرؤها « ما ننسخ من آية أو ننسها » بضم النون الخفيفة سليمان بن الأرقم ضعيف وقد روى أبو بكر بن الأنباري عن أبيه عن نصر بن داود عن أبي عبيد الله عن عبد الله بن صالح عن الليث عن يونس وعقيل عن ابن شهاب عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف مثله مرفوعا ذكره القرطبي وقوله تعالى « أو ننسها » فقرئ على وجهين ننسأها وننسها فأما من قرأها بفتح النون والهمزة بعد السين فمعناه نؤخرها قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس « ماننسخ من آية أو ننسها » يقول ما نبدل من آية أو نتركها لا نبدلها وقال مجاهد عن أصحاب ابن مسعود أو ننسأها نثبت خطها ونبدل حكمها وقال عبد بن عمير ومجاهد وعطاء أو ننسأها نؤخرها ونرجئها وقال عطية العوفي أو ننسأها نؤخرها فلا ننسخها وقال السدي مثله أيضا وكذا الربيع بن أنس وقال الضحاك « ماننسخ من آية أو ننسأها » يعني الناسخ من المنسوخ وقال أبو العالية « ماننسخ من آية أو ننسأها » نؤخرها عندنا وقال ابن أبي حاتم أخبرنا عبيد الله بن إسماعيل البغدادي أخبرنا خلف أخبرنا الخفاف عن إسماعيل يعني ابن أسلم عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال خطبنا عمر رضي الله عنه فقال يقول الله عز وجل « ماننسخ من آية أو ننسأها » أي نؤخرها وأما على قراءة « أو ننسها » فقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله « ماننسخ من آية أو ننسها » قال كان الله عز وجل ينسي نبيه صلى الله عليه وسلم ما يشاء وينسخ ما يشاء وقال ابن جرير أخبرنا سوار بن عبد الله أخبرنا خالد بن الحارث أخبرنا عوف عن الحسن أنه قال في قوله « أو ننسها » قال إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قرأ قرآنا ثم نسيه وقال ابن أبي حاتم أخبرنا أبي أخبرنا ابن نفيل أخبرنا محمد بن الزبير الحراني عن الحجاج يعني الجزري عن عكرمة عن ابن عباس قال كان مما ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي بالليل وينساه بالنهار فأنزل الله عز وجل « ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها » قال ابن أبي حاتم قال لي أبو جعفر بن نفيل ليس هو الحجاج بن أرطاة هو شيخ لنا جزري وقال عبيد بن عمير « أو ننسها » نرفعها من عندكم وقال ابن جرير حدثني يعقوب بن إبراهيم أخبرنا هشيم عن يعلى بن عطاء عن القاسم بن ربيعة قال سمعت سعد ابن أبي وقاص يقرأ «ماننسخ من آية أو ننسها » قال قلت له فإن سعيد بن المسيب يقرأ « أو ننساها » قال فقال سعد إن القرآن لم ينزل على المسيب ولا على آل المسيب قال قال الله جل ثناؤه « سنقرئك فلا تنسى » « واذكر ربك إذا نسيت » وكذا رواه عبد الرزاق عن هشيم وأخرجه الحاكم في مستدركه « 2/242 » من حديث أبي حاتم الرازي عن آدم عن شعبة عن يعلى بن عطاء به وقال على شرط الشيخين ولم يخرجاه قال ابن أبي حاتم وروي عن محمد بن كعب وقتادة وعكرمة نحو قول سعيد وقال الإمام أحمد « 5/113 » أخبرنا يحيى أخبرنا سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال عمر علي أقضانا وأبي أقرؤنا وإنا لندع من قول أبي وذلك أن أبيا يقول ما أدع شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم والله يقول « ماننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها » قال البخاري « 4481 » حدثنا عمرو بن علي أخبرنا يحيى أخبرنا سفيان عن حبيب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال عمر أقرؤنا أبي وأقضانا علي وأنا لندع من قول أبي وذلك أن أبيا يقول لا أدع شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال الله « ما ننسخ من آية أو ننسها » وقوله « نأت بخير منها أو مثلها » أي في الحكم بالنسبة إلى مصلحة المكلفين كما قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس « نأت بخير منها » يقول خير لكم في المنفعة وأرفق بكم وقال أبو العالية « ماننسخ من آية » فلا نعمل بها « أو ننسأها » أي نرجئها عندنا بها أو نظيرها وقال السدي « نأت بخير منها أو مثلها » يقول نأت بخير من الذي نسخناه أو مثل الذي تركناه وقال قتادة « نأت بخير منها أو مثلها » يقول آية فيها تخفيف فيها رخصة فيها أمر فيها نهي وقوله « ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير » يرشد عباده تعالى بهذا إلى أنه المتصرف في خلقه بما يشاء فله الخلق والأمر وهو المتصرف فكما خلقهم كما يشاء ويسعد من يشاء ويشقي من يشاء ويصح من يشاء ويمرض من يشاء ويوفق من يشاء ويخذل من يشاء كذلكيحكم في عباده بما يشاء فيحل ما يشاء ويحرم ما يشاء ويبيح ما يشاء ويحظر ما يشاء وهو الذي يحكم ما يريد لا معقب لحكمه ولا يسئل عما يفعل وهم يسئلون ويختبر عباده وطاعتهم لرسله بالنسخ فيأمر بالشيء لما فيه من المصلحة التي يعلمها تعالى ثم ينهى عنه لما يعلمه تعالى فالطاعة كل الطاعة في امتثال أمره واتباع رسله في تصديق ما أخبروا وامتثال ما أمروا وترك ما عنه زجروا وفي هذا المقام رد عظيم وبيان بليغ لكفر اليهود وتزييف شبهتهم لعنهم الله في دعوى استحالة النسخ إما عقلا كما زعمه بعضهم جهلا وكفرا وإما نقلا كما تخرصه آخرون منهم افتراء وإفكا قال الإمام أبو جعفر بن جرير رحمه الله فتأويل الآية ألم تعلم يا محمد أن لي ملك السموات والأرض وسلطانهما دون غيري أحكم فيهما وفيما فيهما بما أشاء وآمر فيهما وفيما فيهما بما أشاء وأنهى عما أشاء وأنسخ وأبدل وأغير من أحكامي التي أحكم بها في عبادي بما أشاء إذ أشاء وأقر فيهما ما أشاء ثم قال وهذا الخبر وإن كان خطابا من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم على وجه الخبر عن عظمته فإنه منه جل ثناؤه تكذيب لليهود الذين أنكروا نسخ أحكام التوراة وجحدوا نبوة عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام لمجيئهما بما جاءا به من عند الله بتغير ما غير الله من حكم التوراة فأخبرهم الله أن له ملك السموات والأرض وسلطانهما وأن الخلق أهل مملكته وطاعته وعليهم السمع والطاعة لأمره ونهيه وأن له أمرهم بما يشاء ونهيهم عما يشاء ونسخ ما يشاء وإقرار ما يشاء وإنشاء ما يشاء من إقراره وأمره ونهيه-الرد على اليهود في جواز النسخ- « قلت » الذي يحمل اليهود على البحث في مسألة النسخ إنما هو الكفر والعناد فإنه ليس في العقل ما يدل على امتناع النسخ في أحكام الله تعالى لأنه يحكم ما يشاء كما يشاء كما أنه يفعل ما يريد مع أنه قد وقع ذلك في كتبه المتقدمة وشرائعه الماضية كما أحل لآدم تزويج بناته من بنيه ثم حرم ذلك وكما أباح لنوح بعد خروجه من السفينة أكل جميع الحيوانات ثم نسخ حل بعضها وكان نكاح الأختين مباحا لإسرائيل وبنيه وقد حرم ذلك في شريعة التوراة وما بعدها وأمر إبراهيم عليه السلام بذبح ولده ثم نسخه قبل الفعل وأمر جمهور بني إسرائيل بقتل من عبد العجل منهم ثم رفع عنهم القتل كيلا يستأصلهم القتل وأشياء كثيرة يطول ذكرها وهم يعترفون بذلك ويصدفون عنه وما يجاب به عن هذه الأدلة بأجوبة لفظية فلا يصرف الدلالة في المعنى إذ هو المقصود وكما في كتبهم مشهورا من البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم والأمر باتباعه فإنه يفيد وجوب متابعته عليه الصلاة والسلام وأنه لا يقبل عمل إلا على شريعته وسواء قيل إن الشرائع المتقدمة مغياة إلى بعثته عليه السلام فلا يسمى ذلك نسخا لقوله « ثم أتموا الصيام إلى الليل » وقيل إنها مطلقة وإن شريعته محمد صلى الله عليه وسلم نسختها فعلى كل تقدير فوجوب متابعته متعين لأنه جاء بكتاب هو آخر الكتب عهدا بالله تبارك وتعالى ففي هذا المقام بين تعالى جواز النسخ ردا على اليهود عليهم لعنة الله حيث قال تعالى « ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض » الآية فكما أن له الملك بلا منازع فكذلك له الحكم بما يشاء « ألا له الخلق والأمر » وقرئ في سورة آل عمران التي نزل في صدرها خطابا مع أهل الكتاب وقوع النسخ في قوله تعالى « كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه » الآية كما سيأتي تفسيره والمسلمون كلهم متفقون على جواز النسخ في أحكام الله تعالى لما له في ذلك من الحكمة البالغة وكلهم قال بوقوعه وقال أبو مسلم الأصبهاني المفسر لم يقع شيء من ذلك في القرآن وقوله ضعيف مردود مرذول وقد تعسف في الأجوبة عما وقع من النسخ فمن ذلك قضية العدة بأربعة أشهر وعشر بعد الحمل لم يجب عن ذلك بكلام مقبول وقضية تحويل القبلة إلى الكعبة عن بيت المقدس لم يجب بشيء ومن ذلك نسخ مصابرة المسلم لعشرة من الكفرة إلى مصابرة الإثنين ومن ذلك نسخ وجوب الصدقة قبل مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم وغير ذلك والله أعلم تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الثلاثاء نوفمبر 11, 2008 6:34 pm | |
| 108-أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِن قَبْلُ وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ نهى الله تعالى المؤمنين في هذه الآية الكريمة عن كثرة سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن الأشياء قبل كونها كما قال تعالى « يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم » أي وإن تسألوا عن تفصيلها بعد نزولها تبين لكم ولاتسألوا عن الشيء قبل كونه فلعله أن يحرم من أجل تلك المسألة ولهذا جاء في الصحيح « خ 7289 م 2358 » إن أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسئلته ولما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجد مع امرأته رجلا فإن تكلم تكلم بأمر عظيم وإن سكت سكت على مثل ذلك فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها ثم أنزل الله حكم الملاعنة ولهذا ثبت في الصحيحين من حديث المغيرة بن شعبة « خ 1477 م 593 » أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال وفي صحيح مسلم « 1337 » ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه مااستطعتم وإن نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وهذا إنما قاله بعد ما أخبرهم أن الله كتب عليهم الحج فقال رجل أكل عام يا رسول الله فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا ثم قال عليه السلام لا ولو قلت نعم لوجبت ولو وجبت لما استطعتم ثم قال ذروني ما تركتم الحديث ولهذا قال أنس بن مالك نهينا أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء فكان يعجبنا أن يأتي الرجل من أهل البادية فيسأله ونحن نسمع وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده أخبرنا أبو كريب أخبرنا إسحاق بن سليمان عن أبي سنان عن أبي إسحاق عن البراء ابن عازب قال إن كان ليأتي علي السنة أريد أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشيء فأتهيب منه وإن كنا لنتمنى الأعراب وقال البزار أخبرنا محمد بن المثنى أخبرنا ابن فضيل عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال مارأيت قوما خيرا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ما سألوه إلا عن اثنتي عشرة مسألة كلها في القرآن « يسألونك عن الخمر والميسر » و « يسألونك عن الشهر الحرام » و « يسألونك عن اليتامى » يعني هذا وأشباهه وقوله تعالى « أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل » أي بل تريدون أو هي على بابها في الإستفهام وهو إنكاري وهو يعم المؤمنين والكافرين فإنه عليه الصلاة والسلام رسول الله إلى الجميع كما قال تعالى « يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماءفقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم » قال محمد بن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد عن ابن عباس قال قال رافع بن حريملة أو وهب بن زيد يا محمد ائتنا بكتاب تنزله علينا من السماء نقرؤه وفجر لنا أنهارا نتبعك ونصدقك فأنزل الله من قولهم « أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل » وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى « أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل » قال قال رجل يا رسول الله لو كانت كفارتنا ككفارات بني إسرائيل فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم لا نبغيها ثلاثا ما أعطاكم الله خير مما أعطى بني إسرائيل كانت بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم الخطيئة وجدها مكتوبة على بابه وكفارتها فإن كفرها كانت له خزيا في الدنيا وإن لم يكفرها كانت له خزيا في الآخرة فما أعطاكم الله خير مما أعطى بني إسرائيل قال « ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما » وقال الصلوات الخمس من الجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن وقال من هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه وإن عملها كتبت سيئة واحدة ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة واحدة وان عملها كتبت له عشر أمثالها ولا يهلك على الله إلا هالك فأنزل الله « أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل » وقال مجاهد « أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل » أن يريهم الله جهرة قال سألت قريش محمدا صلى الله عليه وسلم ان يجعل لهم الصفا ذهبا قال نعم وهو لكم كالمائدة لبني إسرائيل فأبوا ورجعوا وعن السدي وقتادة نحو هذا والله أعلم والمراد أن الله ذم من سأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن شيء على وجه التعنت والإقتراح كما سألت بنو إسرائيل موسى عليه السلام تعنتا وتكذيبا وعنادا قال الله تعالى « ومن يتبدل الكفر بالإيمان » أي ومن يشتر الكفر بالإيمان « فقد ضل سواء السبيل » أي فقد خرج عن الطريق المستقيم إلى الجهل والضلال وهكذا حال الذين عدلوا عن تصديق الأنبياء واتباعهم والإنقياد لهم إلى مخالفتهم وتكذيبهم والإقتراح عليهم بالأسئلة التي لا يحتاجون إليها على وجه التعنت والكفر كما قال تعالى « ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها وبئس القرار » وقال أبو العالية يتبدل الشدة بالرخاء تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الثلاثاء نوفمبر 11, 2008 6:37 pm | |
| 109-وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ 110-وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ يحذر تعالى عباده المؤمنين عن سلوك طريق الكفار من أهل الكتاب ويعلمهم بعداوتهم في الباطن والظاهر وما هم مشتملون عليه من الحسد للمؤمنين مع علمهم بفضلهم وفضل نبيهم ويأمر عباده المؤمنين بالصفح والعفو أو الإحتمال حتى يأتي أمر الله من النصر والفتح ويأمرهم بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ويحثهم على ذلك ويرغبهم فيه كما قال محمد بن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد عن سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس قال كان حيي بن أخطب وأبو ياسر ابن أخطب من أشد يهود للعرب حسدا إذ خصهم الله برسوله صلى الله عليه وسلم وكانا جاهدين فى رد الناس عن الإسلام مااستطاعا فأنزل الله فيهما « ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم » الآية وقال عبد الرزاق عن معمر عن الزهري في قوله تعالى « ود كثير من أهل الكتاب » قال هو كعب بن الأشرف وقال ابن أبي حاتم أخبرنا أبي أخبرنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه أن كعب بن الأشرف اليهودي كان شاعرا وكان يهجو النبي صلى الله عليه وسلم وفيه أنزل الله « ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم » إلى قوله « فاعفوا واصفحوا » وقال الضحاك عن ابن عباس أن رسولا أميا يخبرهم بما في أيديهم من الكتب والرسل والآيات ثم يصدق بذلك كله مثل تصديقهم ولكنهم جحدوا ذلك كفرا وحسدا وبغيا وكذلك قال الله تعالى « كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق » يقول من بعد ما أضاء لهم الحق لم يجهلوا منه شيئا ولكن الحسد حملهم على الجحود فعيرهم ووبخهم ولامهم أشد الملامة وشرع لنبيه صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين ماهم عليه من التصديق والإيمان والإقرار بما أنزل الله عليهم وما أنزل من قبلهم بكرامته وثوابه الجزيل ومعونته لهم وقال الربيع بن أنس « من عند أنفسهم » من قبل أنفسهم وقال أبو العالية « من بعد ما تبين لهم الحق » من بعد ما تبين أن محمدا رسول الله يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل فكفروا به حسدا وبغيا إذ كان من غيرهم وكذا قال قتادة والربيع بن أنس والسدي وقوله « فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره » مثل قوله تعالى « ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا » الآية قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله « فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره » والسدي وقوله « فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره » نسخ ذلك قوله « فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم » وقوله « قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر » إلى قوله « وهم صاغرون » فنسخ هذا عفوه عن المشركين وكذا قال أبو العالية والربيع بن أنس وقتادة والسدي إنها منسوخة بآية السيف ويرشد إلى ذلك أيضا قوله تعالى « حتى يأتي الله بأمره » وقال ابن أبي حاتم أخبرنا أبي أخبرنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري أخبرني عروة بن الزبير أن أسامة بن زيد أخبره قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله ويصبرون على الأذى قال الله « فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير » وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتأول من العفو ما أمره الله به حتى أذن الله فيهم بالقتل فقتل الله به من قتل من صناديد قريش وهذا إسناده صحيح ولم أره في شيء من الكتب الستة ولكن له أصل في الصحيحين عن أسامة بن زيدوقوله تعالى « وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله » يحثهم تعالى على الإشتغال بما ينفعهم وتعود عليهم عاقبته يوم القيامة من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة حتى يمكن لهم الله النصر في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد « يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار » ولهذا قال تعالى « إن الله بما تعملون بصير » يعني أنه تعالى لا يغفل عن عمل عامل ولا يضيع لديه سواء كان خيرا أو شرا فانه سيجازى كل عامل بعمله وقال أبو جعفر بن جرير في قوله تعالى « إن الله بما تعملون بصير » هذا الخبر من الله للذين خاطبهم بهذه الآيات من المؤمنين أنهم مهما فعلوا من خير أو شر سرا وعلانية فهو به بصير لا يخفى عليه منه شيء فيجزيهم بالإحسان خيرا وبالإساءة مثلها وهذا الكلام وإن كان قد خرج مخرج الخبر فإن فيه وعدا ووعيدا وأمرا وزجرا وذلك أنه أعلم القوم أنه بصير بجميع أعمالهم ليجدوا في طاعته إذ كان ذلك مذخورا لهم عنده حتى يثيبهم عليه كما قال تعالى « وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله » وليحذروا معصيته قال وأما قوله « بصير » فانه مبصر صرف إلى بصير كما صرف مبدع إلى بديع ومؤلم إلى أليم والله أعلم وقال ابن أبي حاتم أخبرنا أبو زرعة أخبرنا ابن بكير حدثني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ هذه الآية سميع بصير يقول بكل شيء بصير تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الثلاثاء نوفمبر 11, 2008 6:40 pm | |
| 111-وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ 112-بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ 113-وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ يبين تعالى إغترار اليهود والنصارى بما هم فيه حيث ادعت كل طائفة من اليهود والنصارى أنه لن يدخل الجنة إلا من كان على ملتها كما أخبر الله عنهم في سورة المائدة أنهم قالوا « نحن أبناء الله وأحباؤه » فأكذبهم الله تعالى بما أخبرهم أنه معذبهم بذنوبهم ولو كانوا كما ادعوا لما كان الأمر كذلك وكما تقدم من دعواهم أنه لن تمسهم النار إلا أياما معدودة ثم ينتقلون إلى الجنة ورد عليهم تعالى في ذلك وهكذا قال لهم في هذه الدعوى التي ادعوها بلا دليل ولا حجة ولا بينة فقال « تلك أمانيهم » وقال أبو العالية أماني تمنوها على الله بغير حق وكذا قال قتادة والربيع بن أنس ثم قال تعالى « قل » أي يامحمد « هاتوا برهانكم » قال أبو العالية ومجاهد والسدي والربيع بن أنس حجتكم وقال قتادة بينتكم على ذلك « إن كنتم صادقين » أي فيما تدعونه ثم قال تعالى « بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن » أي من أخلص العمل لله وحده لا شريك له كما قال تعالى « فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن » الآية وقال أبو العالية والربيع « بلى من أسلم وجهه لله » يقول من أخلص لله وقال سعيد بن جبير « بلى من أسلم » أخلص « وجهه » قال دينه « وهو محسن » أي اتبع فيه الرسول صلى الله عليه وسلم فإن للعمل المتقبل شرطين أحدهما أن يكون خالصا لله وحده والآخر أن يكون صوابا موافقا للشريعة فمتى كان خالصا ولم يكن صوابا لم يتقبل ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد رواه مسلم من حديث عائشة عنه عليه الصلاة والسلام فعمل الرهبان ومن شابههم وإن فرض أنهم مخلصون فيه لله فانه لا يتقبل منهم حتى يكون ذلك متابعا للرسول صلى الله عليه وسلم المبعوث إليهم وإلى الناس كافة وفيهم وأمثالهم قال الله تعالى « وقدمنا إلى ماعملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا » وقال تعالى « والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا » وقال تعالى « وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة تصلى نارا حامية تسقى من عين آنية » وروي عن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه أنه تأولهافي الرهبان كما سيأتي وأما إن كان العمل موافقا للشريعة في الصورة الظاهرة ولكن لم يخلص عامله القصد لله فهو أيضا مردود على فاعله وهذا حال المرائين والمنافقين كما قال تعالى « إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولايذكرون الله إلا قليلا » وقال تعالى « فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراءون ويمنعون الماعون » ولهذا قال تعالى « فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولايشرك بعبادة ربه أحدا » وقال في هذه الآية الكريمة « بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن » وقوله « فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون » ضمن لهم تعالى على ذلك تحصيل الأجور وآمنهم مما يخافونه من المحذور « فلا خوف عليهم » فيما يستقبلونه « ولا هم يحزنون » على ما مضى مما يتركونه كما قال سعيد بن جبير « فلا خوف عليهم » يعني في الآخرة « ولا هم يحزنون » يعني لا يحزنون للموت وقوله تعالى « وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب » بين به تعالى تناقضهم وتباغضهم وتعاديهم وتعاندهم كما قال محمد بن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس قال لما قدم أهل نجران من النصارى على رسول الله صلى الله عليه وسلم أتتهم أحبار يهود فتنازعوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رافع بن حرملة ما أنتم على شيء وكفر بعيسى وبالإنجيل وقال رجل من أهل نجران من النصارى لليهود ما أنتم على شيء وجحد نبوة موسى وكفر بالتوراة فأنزل الله في ذلك من قولهما « وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب » قال إن كلا يتلو في كتابه تصديق من كفر به أن يكفر اليهود بعيسى وعندهم التوراة فيها ما أخذ الله عليهم على لسان موسى بالتصديق بعيسى وفي الإنجيل ما جاء به عيسى بتصديق موسى وما جاء من التوراة من عند الله وكل يكفر بما في يد صاحبه وقال مجاهد في تفسير هذه الآية قد كانت أوائل اليهود والنصارى على شيء وقال قتادة « وقالت اليهود ليست النصارى على شيء » قال بلى قد كانت أوائل النصارى على شيء ولكنهم ابتدعوا وتفرقوا « وقالت النصارى ليست اليهود على شيء » قال بلى قد كانت أوائل اليهود على شيء ولكنهم ابتدعوا وتفرقوا وعنه رواية أخرى كقول أبي العالية والربيع بن أنس في تفسير هذه الآية « وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء » هؤلاء أهل الكتاب الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا القول يقتضي أن كلا من الطائفتين صدقت فيما رمت به الطائفة الأخرى ولكن ظاهر سياق الآية يقتضي ذمهم فيما قالوه مع علمهم بخلاف ذلك ولهذا قال تعالى « وهم يتلون الكتاب » أي وهم يعلمون شريعة التوراة والإنجيل كل منهما قد كانت مشروعة في وقت ولكنهم تجاحدوا فيما بينهم عنادا وكفرا ومقابلة للفاسد وبالفاسد كما تقدم عن ابن عباس ومجاهد وقتادة في الرواية الأولى عنه في تفسيرها والله أعلم وقوله « كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم » بين بهذا جهل اليهود والنصارى فيما تقابلوا به من القول وهذا من باب الإيماء والإشارة وقد اختلف فيمن عنى بقوله تعالى « الذين لا يعلمون » فقال الربيع بن أنس وقتادة « كذلك قال الذين لا يعلمون » قالا وقالت النصارى مثل قول اليهود وقيلهم وقال ابن جريج قلت لعطاء من هؤلاء الذين لا يعلمون قال أمم كانت قبل اليهود والنصارى وقبل التوراة والإنجيل وقال السدى كذلك « قال الذين لا يعلمون » فهم العرب قالوا ليس محمد على شيء واختار أبو جعفر بن جرير أنها عامة تصليح للجميع وليس ثم دليل قاطع يعين واحدا من هذه الأقوال والحمل على الجميع أولى والله أعلم وقوله تعالى « فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون » أى أنه تعالى يجمع بينهم يوم المعاد ويفصل بينهم بقضائه العدل الذى لا يجور فيه ولا يظلم مثقال ذرة وهذه الآية كقوله تعالى فى سورة الحج « إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد » وكما قال تعالى « قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم » تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
| تفسير القرآن الموضوع الثالث | |
|