| تفسير القرآن الموضوع الثالث | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الأحد نوفمبر 09, 2008 12:25 am | |
| 31-وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ 32-قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ 33-قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ هذا مقام ذكر الله تعالى فيه شرف آدم على الملائكة بما اختصه من علم أسماء كل شيء دونهم وهذا كان بعد سجودهم له وإنما قدم هذا الفصل على ذاك لمناسبة ما بين هذا المقام وعدم علمهم بحكمة خلق الخليفة حين سألوا عن ذلكفأخبرهم تعالى بأنه يعلم ما لا يعلمون ولهذا ذكر الله هذا المقام عقيب هذا ليبين لهم شرف آدم بما فضل به عليهم في العلم فقال تعالى « وعلم آدم الأسماء كلها » قال السدي عمن حدثه عن ابن عباس « وعلم آدم الأسماء كلها » قال علمه أسماء ولده إنسانا إنسانا والدواب فقيل هذا الحمار هذا الجمل هذا الفرس وقال الضحاك عن ابن عباس « وعلم آدم الأسماء كلها » قال هي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس إنسان ودواب وسماء وأرض وسهل وبحر وخيل وحمار وأشباه ذلك من الأمم وغيرها وروى ابن أبي حاتم وابن جرير من حديث عاصم بن كليب عن سعيد بن معبد عن ابن عباس « وعلم آدم الأسماء كلها » قال علمه اسم الصحفة والقدر قال نعم حتى الفسوة والفسية وقال مجاهد « وعلم آدم الأسماء كلها » قال علمه أسم كل دابة وكل طير وكل شيء وكذلك روي عن سعيد بن جبير وقتادة وغيرهم من السلف أنه علمه أسماء كل شيء وقال الربيع في رواية عنه أسماء الملائكة وقال حميد الشامي أسماء النجوم وقال عبد الرحمن بن زيد علمه أسماء ذريته كلهم واختار ابن جرير أنه علمه أسماء الملائكة وأسماء الذرية لأنه قال « ثم عرضهم » وهذا عبارة عما يعقل وهذا الذي رجح به ليس بلازم فإنه لا ينفي أن يدخل معهم غيرهم ويعبر عن الجميع بصيغة من يعقل للتغليب كما قال تعالى « والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير » وقد قرأ عبد الله بن مسعود ثم عرضهن وقرأ أبي بن كعب ثم عرضها أي السموات الصحيح أنه علمه أسماء الأشياء كلها ذراتها وصفاتها وأفعالها كما قال ابن عباس حتى الفسوة والفسية يعني أسماء الذوات والأفعال المكبر والمصغر ولهذا قال البخاري في تفسير هذه الآية في كتاب التفسير من صحيحه « 4476 » حدثنا مسلم ابن إبراهيم حدثنا هشام حدثنا قتادة عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وقال لي خليفة حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا فيأتون آدم فيقولون أنت أبو الناس خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء فاشفع لنا إلى ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا فيقول لست هناكم ويذكر ذنبه فيستحي ائتو نوحا فانه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض فيأتونه فيقول لست هناكم ويذكر سؤاله ربه ماليس له به علم فيستحي فيقول ائتوا خليل الرحمن فيأتونه فيقول لست هناكم فيقول ائتوا موسى عبدا كلمه الله وأعطاه التوراة فيأتونه فيقول لست هناكم ويذكر قتل النفس بغير نفس فيستحي من ربه فيقول ائتوا عيسى عبد الله ورسوله وكلمة الله وروحه فيأتونه فيقول لست هناكم ائتوا محمدا عبدا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فيأتوني فأنطلق حتى أستأذن على ربي فيأذن لي فإذا رأيت ربي وقعت ساجدا فيدعني ما شاء الله ثم يقال ارفع رأسك وسل تعطه وقل يسمع واشفع تشفع فأرفع رأسي فأحمده بتحميد يعلمنيه ثم أشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة ثم أعود اليه فاذا رأيت ربي مثله ثم اشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة ثم أعود الثالثة ثم أعود الرابعة فأقول مابقي في النار إلا من حبسه القرآن ووجب عليه الخلود هكذا ساق البخاري هذا الحديث ههنا وقد رواه مسلم « 193 » والنسائي « كبرى تحفة 1357 » من حديث هشام ابن أبي عبد الله الدستوائي عن قتادة به وأخرجه مسلم « 193 » والنسائي « كبرى 11243 » وابن ماجه « 4312 » من حديث سعيد وهو ابن أبي عروبة عن قتادة ووجه إيراده ههنا والمقصود منه قوله عليه الصلاة والسلام فيأتون آدم فيقولون أنت أبو الناس خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء فدل هذا على أنه علمه أسماء جميع المخلوقات ولهذا قال « ثم عرضهم على الملائكة » يعني المسميات كما قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال ثم عرض تلك الأسماء على الملائكة « فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين » وقال السدي في تفسيره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة « وعلم آدم الأسماء كلها » ثم عرض الخلق على الملائكة وقال ابن جريج عن مجاهد ثم عرض أصحاب الأسماء على الملائكة وقال ابن جرير حدثنا القاسم حدثنا الحسين حدثني الحجاج عن جرير بن حازم ومبارك بن فضالة عن الحسن وأبي بكر عن الحسن وقتادة قالا علمه اسم كل شيء وجعل يسمي كل شيء باسمه وعرضت عليه أمة أمة وبهذا الإسناد عن الحسن وقتادة في قوله تعالى « إن كنتم صادقين » إني لم أخلق خلقا إلا كنتم أعلم منه فأخبروني بأسماءهؤلاء إن كنتم صادقين وقال الضحاك عن ابن عباس « إن كنتم صادقين » إن كنتم تعلمون أني لم أجعل في الأرض خليفة وقال السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة إن كنتم صادقين أن بني آدم يفسدون في الأرض ويسفكون الدماء وقال ابن جرير وأولى الأقوال في ذلك تأويل ابن عباس ومن قال بقوله ومعنى ذلك فقال أنبئوني بأسماء من عرضته عليكم أيها الملائكة القائلون أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء من غيرنا أم منا فنحن نسبح بحمدك ونقدس لك إن كنتم صادقين في قيلكم إني إن جعلت خليفتي في الأرض من غيركم عصاني وذريته وأفسدوا وسفكوا الدماء وإن جعلتكم فيها أطعتموني واتبعتم أمري بالتعظيم لي والتقديس فإذا كنتم لا تعلمون أسماء هؤلاء الذين عرضت عليكم وأنت تشاهدونهم فأنتم بما هو غير موجود من الأمور الكائنة التي لم توجد أحرى أن تكونوا غير عالمين « قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم » هذا تقديس وتنزيه من الملائكة لله تعالى ان يحيط احد بشيء من علمه إلا بما شاء وان يعلموا شيئا إلا ما علمهم الله تعالى ولهذا قالوا « سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم » أي العليم بكل شيء الحكيم في خلقك وأمرك وفي تعليمك ما تشاء ومنعك ما تشاء لك الحكمة في ذلك والعدل التام قال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا حفص بن غياث عن حجاج عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس سبحان الله قال تنزيه الله نفسه عن السوء ثم قال عمر لعلي وأصحابه عنده لا إله إلا الله قد عرفناها فما سبحان الله فقال له علي كلمة أحبها الله لنفسه ورضيها وأحب أن تقال قال وحدثنا أبي حدثنا ابن نفيل حدثنا النضر بن عربي قال سأل رجل ميمون بن مهران عن سبحان الله فقال اسم يعظم الله به ويحاشا به من السوء قوله تعالى « قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون » قال زيد بن أسلم قال أنت جبرائيل أنت ميكائيل أنت إسرافيل حتى عدد الأسماء كلها حتى بلغ الغراب وقال مجاهد في قول الله « قال يا آدم انبئهم بأسمائهم » قال اسم الحمامة والغراب واسم كل شيء وروي عن سعيد بن جبير والحسن وقتادة نحو ذلك فلما ظهر فضل آدم عليه السلام على الملائكة عليهم السلام في سرده ما علمه الله تعالى من أسماء الأشياء قال الله تعالى للملائكة « ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون » أي ألم أتقدم إليكم اني أعلم الغيب الظاهر والخفي كما قال تعالى « وإن تجهر بالقول فانه يعلم السر وأخفى » وكما قال إخبارا عن الهدهد أنه قال لسليمان « ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السموات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم » وقيل في قوله تعالى « وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون » غير ما ذكرناه فروى الضحاك عن ابن عباس « وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون » قال أعلم السر كما أعلم العلانية يعني ما كتم إبليس في نفسه من الكبر والإغترار وقال السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة قال قولهم أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء الآية فهذا الذي أبدوا « وما كنتم تكتمون » يعني ما أسر إبليس في نفسه من الكبر وكذلك قال سعيد بن جبير ومجاهد والسدي والضحاك والثوري واختار ذلك ابن جرير وقال أبو العالية والربيع بن أنس والحسن وقتادة هو قولهم لم يخلق ربنا خلقا إلا كنا أعلم منه وأكرم عليه منه وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس « وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون » فكان الذي أبدوا هو قولهم أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء وكان الذي كتموا بينهم قولهم لن يخلق ربنا خلقا إلا كنا أعلم منه وأكرم فعرفوا ان الله فضل عليهم آدم في العلم والكرم وقال ابن جرير حدثنا يونس حدثنا ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قصة الملائكة وآدم فقال الله للملائكة كما لم تعلموا هذه الأسماء فليس لكم علم إنما أردت أن أجعلهم ليفسدوا فيها هذا عندي قد علمته فكذلك أخفيت عنكم اني أجعل فيها من يعصيني قال وقد سبق من الله « لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين » قال ولم تعلم الملائكة ذلك ولم يدروه قال فلما رأوا ما أعطى الله آدم من العلم أقروا له بالفضلوقال ابن جرير وأولى الأقوال في ذلك قول ابن عباس وهو أن معنى قوله تعالى « وأعلم ما تبدون » وأعلم مع علمي غيب السموات والأرض ما تظهارونه بألسنتكم وما كنتم تخفون في أنفسكم فلا يخفى علي شيء سواء عندي سرائركم وعلانيتكم والذي أظهروه بألسنتهم قولهم أتجعل فيها من يفسد فيها والذي كانوا يكتمون ما كان عليه منطويا إبليس من الخلاف على الله في أوامره والتكبر عن طاعته قال وصح ذلك كما تقول العرب قتل الجيش وهزموا وإنما قتل الواحد أو البعض وهزم الواحد أو البعض فيخرج الخبر عن المهزوم منه والمقتول مخرج الخبر عن جميعهم كما قال تعالى « إن الذين ينادونك من وراء الحجرات » ذكر أن الذي نادى إنما كان واحدا من بني تميم قال وكذلك قوله « وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون » تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الأحد نوفمبر 09, 2008 12:27 am | |
| 34-وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ وهذه كرامة عظيمة من الله تعالى لآدم امتن بها على ذريته حيث أخبر أنه تعالى أمر الملائكة بالسجود لآدم وقد دل على ذلك أحاديث أيضا كثيرة منها حديث الشفاعة المتقدم وحديث موسى عليه السلام رب أرني آدم الذي أخرجنا ونفسه من الجنة فلما اجتمع به قال أنت آدم الذي خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته قال وذكر الحديث كما سيأتي إن شاء الله وقال ابن جرير حدثنا أبو كريب حدثنا عثمان بن سعيد حدثنا بشر بن عمارة عن أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس قال كان إبليس من حي من أحياء الملائكة يقال لهم الجن خلقوا من نار السموم من بين الملائكة وكان اسمه الحارث وكان خازنا من خزان الجنة قال وخلقت الملائكة كلهم من نور غير هذا الحي قال وخلقت الجن الذين ذكروا في القرآن من مارج من نار وهو لسان النار الذي يكون في طرفها إذا ألهبت قال وخلق الأنسان من طين فأول من سكن الأرض الجن فأفسدوا فيها وسفكوا الدماء وقتل بعضهم بعضا قال فبعث الله إليهم إبليس في جند من الملائكة وهم هذا الحي الذين يقال لهم الجن فقتلهم إبليس ومن معه حتى ألحقهم بجزائر البحور وأطراف الجبال فلما فعل إبليس ذلك إغتر في نفسه فقال قد صنعت شيئا لم يصنعه أحد قال فاطلع الله على ذلك من قلبه ولم تطلع عليه الملائكة الذين كانوا معه فقال الله تعالى للملائكة الذين كانوا معه إني جاعل في الأرض خليفة فقالت الملائكة مجيبين له اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء كما افسدت الجن وسفكت الدماء وإنما بعثتنا عليهم لذلك فقال الله تعالى إني اعلم ما لا تعلمون يقول إني قد اطلعت من قلب إبليس على ما لم تطلعوا عليه من كبره واغتراره قال ثم أمر بتربةآدم فرفعت فخلق الله آدم من طين لازب واللازب اللازج الطيب من حمإ مسنون منتن وإنما كان حمأ مسنونا بعد التراب فخلق منه آدم بيده قال فمكث اربعين ليلة جسدا ملقى وكان إبليس يأتيه فيضربه برجله فيصلصل فيصوت فهو قول الله تعالى « من صلصال كالفخار » يقول كالشيء المنفرج الذي ليس بمصمت قال ثم يدخل في فيه ويخرج من دبره ويدخل من دبره ويخرج من فيه ثم يقول لست شيئا للصلصلة ولشيء ما خلقت ولئن سلطت عليك لأهلكنك ولئن سلطت علي لأعصينك قال فلما نفخ الله فيه من روحه أتت النفخة من قبل رأسه فجعل لا يجري شيء منها في جسده إلا صار لحما ودما فلما انتهت النفخة إلى سرته نظر إلى جسده فأعجبه مارأى من جسده فذهب لينهض فلم يقدر فهو قول الله تعالى « وكان الأنسان عجولا » قال ضجرا لا صرله على سراء ولا ضراء قال فلما تمت النفخة في جسده عطس فقال الحمد لله رب العالمين بإلهام الله فقال الله له يرحمك الله يا آدم قال ثم قال تعالى للملائكة الذين كانوا مع إبليس خاصة دون الملائكة الذين في السموات اسجدوا لآدم فسجدوا كلهم أجمعون إلا إبليس ابى واستكبر لما كان حدث نفسه من الكبر والإغترار فقال لا أسجد له وأنا خير منه وأكبر سنا واقوى خلقا خلقتني من نار وخلقته من طين يقول إن النار اقوى من الطين قال فلما أبى إبليس أن يسجد أبلسه الله اي آيسه من الخير كله وجعله شيطانا رجيما عقوبة لمعصيته ثم علم آدم الأسماء كلها وهي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس إنسان ودابة وأرض وسهل وبحر وجبل وحمار وأشباه ذلك من الأمم وغيرها ثم عرض هذه الأسماء على أولئكالملائكة يعني الملائكة الذين كانوا مع إبليس الذين خلقوا من نار السموم وقال لهم « أنبئوني بأسماء هؤلاء » أي يقول أخبروني بأسماء هؤلاء « إن كنتم صادقين » إن كنتم تعلمون لم أجعل في الأرض خليفة قال فلما علمت الملائكة موجدة الله عليهم فيما تكلموا به من علم الغيب الذي لا يعلمه غيره الذي ليس لهم به علم « قالوا سبحانك » تنزيها لله من أن يكون أحد يعلم الغيب غيره تبنا إليك « لا علم لنا إلا ما علمتنا » تبريا منهم من علم الغيب إلا ما علمتنا كما علمت آدم فقال « يا آدم أنبئهم بأسمائهم » يقول أخبرهم بأسمائهم « فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم » أيتها الملائكة خاصة « إني أعلم غيب السموات والأرض » ولا يعلم غيري « وأعلم ما تبدون » يقول ما تظهارون « وما كنتم تكتمون » يقول أعلم السر كما أعلم العلانية يعني ما كتم إبليس في نفسه من الكبر والإغترار هذا سياق غريب وفيه أشياء فيها نظر يطول مناقشتها وهذا الإسناد إلى ابن عباس يروى به تفسير مشهور وقال السدي في تفسيره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لما فرغ الله من خلق ما أحب استوى على العرش فجعل إبليس على ملك السماء الدنيا وكان من قبيلة من الملائكة يقال لهم الجن وإنما سموا الجن لأنهم خزان الجنة وكان إبليس مع ملكه خازنا فوقع في صدره وقال ما أعطاني الله هذا إلا لمزية لي على الملائكة فلما وقع ذلك الكبر في نفسه إطلع الله على ذلك منه فقال الله للملائكة « إني جاعل في الأرض خليفة » فقالوا ربنا وما يكون ذلك الخليفة قال يكون له ذرية يفسدون في الأرض ويتحاسدون ويقتل بعضهم بعضا « قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون » يعني من شأن إبليس فبعث الله جبريل إلى الأرض ليأتيه بطين منها فقالت الأرض إني أعوذ بالله منك أن تنقص مني أو تشينني فرجع ولم يأخذ وقال يارب إنها عاذت فأعذتها فبعث ميكائيل فعاذت منه فأعاذها فرجع فقال كما قال جبريل فبعث ملك الموت فعاذت منه فقال وأنا أعوذ بالله أن أرجع ولم أنفذ أمره فأخذ من وجه الأرض وخلط ولم يأخذ من مكان واحد وأخذ من تربة حمراء وبيضاء وسوداء فلذلك خرج بنو آدم مختلفين فصعد به قبل التراب حتى عاد طينا لازبا واللازب هو الذي يلتزق بعضه ببعض ثم قال للملائكة « إني خالق بشرا من طين فاذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين » فخلقه الله بيده لئلا يتكبر إبليس عنه ليقول له تتكبر عما عملت بيدي ولم أتكبر أنا عنه بخلقه بشرا فكان جسدا من طين أربعين سنة من مقدار يوم الجمعة فمرت به الملائكة ففزعوا منه لما رأوه فكان أشدهم فزعا منه إبليس فكان يمر به فيضربه فيصوت الجسد كما يصوت الفخار يكون له صلصلة فذلك حين يقول « من صلصال كالفخار » ويقول لأمر ما خلقت ودخل من فيه فخرج من دبره وقال للملائكة لا ترهبوا من هذا فإن ربكم صمد وهذا أجوف لئن سلطت عليه لأهلكنه فلما بلغ الحين الذي يريد الله عز وجل أن ينفخ فيه الروح قال للملائكة إذا نفخت فيه من روحي فاسجدوا له فلما نفخ فيه الروح فدخل الروح في رأسه عطس فقالت الملائكة قل الحمد لله فقال الحمد لله فقال له الله يرحمك ربك فلما دخلت الروح في عينيه نظر إلى ثمار الجنة فلما دخل الروح إلى جوفه اشتهى الطعام فوثب قبل أن تبلغ الروح رجليه عجلان إلى ثمار الجنة فذلك حين يقول الله تعالى « خلق الإنسان من عجل » فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين أبى واستكبر وكان من الكافرين قال الله له ما منعك أن تسجد إذ أمرتك لما خلقت بيدي قال أنا خير منه لم أكن لأسجد لبشر خلقته من طين قال الله له « اخرج منها فما يكون لك » يعني ما ينبغي لك « أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين » والصغار هو الذل قال « وعلم آدم الأسماء كلها » ثم عرض الخلق على الملائكة « فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين » أن بني آدم يفسدون في الأرض ويسفكون الدماء فقالوا « سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم » قال الله « يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون » قال قولهم « أتجعل فيها من يفسد فيها » فهذا الذي ابدوا « وأعلم ما تكتمون » يعني ما أسر إبليس في نفسه من الكبر فهذا الإسناد إلى هؤلاء الصحابة مشهور في تفسير السدي ويقع فيه إسرائيليات كثيرة فلعل بعضها مدرج ليس من كلام الصحابةأو أنهم أخذوه من بعض الكتب المتقدمة والله أعلم والحاكم يروي في مستدركه بهذا الإسناد بعينه أشياء ويقول على شرط البخاري والغرض ان الله تعالى لما أمر الملائكة بالسجود لآدم دخل إبليس في خطابهم لأنه وإن لم يكن من عنصرهم إلا أنه كان قد تشبه بهم وتوسم بأفعالهم فلهذا دخل في الخطاب لهم وذم في مخالفة الامر وسنبسط المسألة إن شاء الله تعالى عند قوله « إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه » ولهذا قال محمد بن إسحاق عن خلاد عن عطاء عن طاوس عن ابن عباس قال كان إبليس قبل أن يركب المعصية من الملائكة اسمه عزازيل وكان من سكان الأرض وكان من أشد الملائكة اجتهادا وأكثرهم علما فذلك دعاه إلى الكبر وكان من حي يسمون حنا وفي رواية عن خلاد عن عطاء عن طاوس أو مجاهد عن ابن عباس أو غيره بنحوه وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا سعيد بن سليمان حدثنا عباد يعني ابن العوام عن سفيان بن حسين عن يعلى بن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان إبليس اسمه عزازيل وكان من أشراف الملائكة من ذوي الأجنحة الأربعة ثم أبلس بعد وقال سنيد عن حجاج عن ابن جريج قال قال ابن عباس كان إبليس من أشراف الملائكة وأكرمهم قبيلة وكان خازنا على الجنان وكان له سلطان سماء الدنيا وكان له سلطان الأرض وهكذا روى الضحاك وغيره عن ابن عباس سواء وقال صالح مولى التوأمة عن ابن عباس إن من الملائكة قبيلا يقال لهم الجن وكان إبليس منهم وكان يسوس ما بين السماء والأرض فعصى فمسخه الله شيطانا رجيما رواه ابن جرير وقال قتادة عن سعيد بن المسيب كان إبليس رئيس ملائكة سماء الدنيا وقال ابن جرير حدثنا محمد بن بشار حدثنا عدي بن أبي عدي عن عوف عن الحسن قال ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين قط وإنه لأصل الجن كما أن آدم أصل الإنس وهذا إسناد صحيح عن الحسن وهكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم سواء وقال شهر بن حوشب كان إبليس من الجن الذين طردتهم الملائكة فأسره بعض الملائكة فذهب به إلى السماء رواه ابن جرير وقال سنيد بن داود حدثنا هشيم أنبأنا عبد الرحمن بن يحيى عن موسى بن نمير وعثمان بن سعيد بن كامل عن سعد بن مسعود قال كانت الملائكة تقاتل الجن فسبي إبليس وكان صغيرا فكان مع الملائكة يتعبد معها فلما أمروا بالسجود لآدم سجدوا فأبى إبليس فلذلك قال تعالى « إلا إبليس كان من الجن » وقال ابن جرير حدثنا محمد بن سنان القزاز حدثنا أبو عاصم عن شريك عن رجل عن عكرمة عن ابن عباس قال إن الله خلق خلقا فقال اسجدوا لآدم فقالوا لا نفعل فبعث الله عليهم نارا فأحرقتهم ثم خلق خلقا آخر فقال « إني خالق بشرا من طين » اسجدوا لآدم قال فأبوا فبعث الله عليهم نارا فأحرقتهم ثم خلق هؤلاء فقال اسجدوا لآدم قالوا نعم وكان إبليس من أولئك الذين أبوا أن يسجدوا لآدم وهذا غريب ولا يكاد يصح إسناده فإن فيه رجلا مبهما ومثله لا يحتج به والله أعلم وقال قتادة في قوله تعالى « وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم » فكانت الطاعة لله والسجدة لآدم أكرم الله آدم أن أسجد له ملائكته وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو أسامة حدثنا صالح بن حيان حدثنا عبد الله بن بريدة قوله تعالى « وكان من الكافرين » من الذين أبوا فأحرقتهم النار وقال أبو جعفر رضي الله عنه عن الربيع عن أبي العالية « وكان من الكافرين » يعني من العاصين وقال السدي « وكان من الكافرين » الذين لم يخلقهم الله يومئذ يكونون بعد وقال محمد بن كعب القرظي ابتدأ الله خلق إبليس من الكفر والضلالة وعمل بعمل الملائكة فصيره الله إلى ما أبدى عليه خلقه من الكفر قال الله تعالى « وكان من الكافرين » وقال بعض الناس كان هذا سجود تحية وسلام وإكرام كما قال تعالى « ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا » وقد كان هذا مشروعا في الأمم الماضية ولكنه نسخ في ملتنا قال معاذ قدمت الشام فرأيتهم يسجدون لأساقفتهم وعلمائهم فأنت يا رسول الله أحق أن يسجد لك فقال لا لو كنت آمرا بشرا أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها ورجحه الرازي وقال بعضهم بل كانت السجدة لله وآدم قبلة فيها كما قال تعالى « أقم الصلاة لدلوك الشمس » وفي هذا التنظير نظر والأظهر أن القول الأول أولىوالسجدة لآدم إكراما وإعظاما واحتراما وسلاما وهي طاعة لله عز وجل لأنها امتثال لأمره تعالى وقد قواه الرازي في تفسيره وضعف ماعداه من القولين الآخرين وهما كونه جعل قبلة إذ لا يظهر فيه شرف والآخر أن المراد بالسجود الخضوع لا الإنحناء ووضع الجبهة على الأرض وهو ضعيف كما قال وقال قتادة في قوله تعالى « فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين » حسد عدو الله إبليس آدم عليه السلام على ما أعطاه الله من الكرامة وقال أنا ناري وهذا طيني وكان بدء الذنوب الكبر استكبر عدو الله أن يسجد لآدم عليه السلام « قلت » وقد ثبت في الصحيح لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر وقد كان في قلب إبليس من الكبر والكفر والعناد ما اقتضى طرده وإبعاده عن جناب الرحمة وحضرة القدس قال بعض المعربين وكان من الكافرين أي وصار من الكافرين بسبب امتناعه كما قال « فكان من المغرقين » وقال « فتكونا من الظالمين » وقال الشاعر-بتيهاء قفر والمطي كأنها قطا الحزن قد كانت فراخا بيوضها-أي قد صارت وقال ابن فورك تقديره وقد كان في علم الله من الكافرين ورجحه القرطبي وذكر ههنا مسألة فقال قال علماؤنا من أظهر الله على يديه ممن ليس بنبي كرامات وخوارق للعادات فليس ذلك دالا على ولايته خلافا لبعض الصوفية والرافضة هذا لفظه ثم استدل على ما قال بأنا لا نقطع بهذا الذي جرى الخارق على يديه انه يوافي الله بالإيمان وهو لا يقطع لنفسه بذلك يعني والولي الذي يقطع له بذلك في نفس الأمر قلت وقد استدل بعضهم على أن الخارق قد يكون على يدي غير الولي بل قد يكون على يد الفاجر والكافر أيضا بما ثبت عن ابن صياد أنه قال هو الدخ حين خبأ له رسول الله صلى الله عليه وسلم « فارتقب يوم تأت السماء بدخان مبين » وبما كان يصدر عنه أنه كان يملأ الطريق إذا غضب حتى ضربه عبد الله بن عمر وبما ثبتت به الأحاديث عن الدجال بما يكون على يديه من الخوارق الكثيرة من انه يأمر السماء أن تمطر فتمطر والأرض أن تنبت فتنبت وتتبعه كنوز الأرض مثل اليعاسيب وأنه يقتل ذلك الشاب ثم يحييه إلى غير ذلك من الأمور المهولة وقد قال يونس بن عبد الأعلى الصدفي قلت للشافعي كان الليث بن سعد يقول إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء ويطير في الهواء فلا تغتروا به حتى تعرضوا أمره على الكتاب والسنة فقال الشافعي قصر الليث رحمه الله بل إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء ويطير في الهواء فلا تغتروا به حتى تعرضوا أمره على الكتاب والسنة وقد حكى الرازي وغيره قولين للعلماء هل المأمور بالسجود لآدم خاص بملائكة الارض أو عام في ملائكة السموات والارض وقد رجح كلا من القولين طائفة وظاهر الآية الكريمة العموم « فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس » فهذه أربعة أوجه مقوية للعموم والله أعلم تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الأحد نوفمبر 09, 2008 12:29 am | |
| 35-وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ 36-فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ يقول الله تعالى إخبارا عما أكرم به آدم بعد أن أمر الملائكة بالسجود فسجدوا إلا إبليس أنه أباحه الجنة يسكن منها حيث يشاء ويأكل منها ما شاء رغدا أي هنيئا واسعا طيبا وروى الحافظ أبو بكر بن مردويه من حديث محمد بن عيسى الدامغاني حدثنا سلمة بن الفضل عن ميكائيل عن ليث عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال قلت يا رسول الله أريت آدم أنبيا كان قال نعم نبيا رسولا يكلمه الله قبيلا يعني عيانا فقال « أسكن أنت وزوجك الجنة » وقد اختلف في الجنة التي أسكنها آدم أهي في السماء أم في الارض فالأكثرون على الأول وحكى القرطبي عن المعتزلة والقدرية القول بأنها في الارض وسيأتي تقرير ذلك في سورة الأعراف إن شاء الله تعالى وسياق الآيةيقتضي أن حواء خلقت قبل دخول آدم الجنة وقد صرح بذلك محمد بن إسحاق حيث قال لما فرغ الله من معاتبة إبليس أقبل على آدم وعلمه الأسماء كلها فقال يا آدم أنبئهم بأسمائهم إلى قوله « إنك أنت العليم الحكيم » قال ثم ألقيت السنة على آدم فيما بلغنا عن أهل الكتاب من أهل التوراة وغيرهم من أهل العلم عن ابن عباس وغيره ثم أخذ ضلعا من أضلاعه من شقه الأيسر ولأم مكانه لحما وآدم نائم لم يهب من نومه حتى خلق الله من ضلعه تلك زوجته حواء فسواها امرأة ليسكن إليها فلما كشف عنه السنة وهب من نومه رآها إلى جنبه فقال فيما يزعمون والله أعلم لحمي ودمي وزوجتي فسكن اليها فلما زوجه الله وجعل له سكنا من نفسه قال له قبيلا « يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين » ويقال إن خلق حواء كان بعد دخول الجنة كما قال السدي في خبر ذكره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة أخرج إبليس من الجنة وأسكن آدم الجنة فكان يمشي فيها وحيشا ليس له زوج يسكن إليه فنام نومة فاستيقظ وعند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله من ضلعه فسألها ما أنت قالت امرأة قال ولم خلقت قالت لتسكن إلي قالت له الملائكة ينظرون ما بلغ من علمه ما اسمها يا آدم قال حواء قالوا ولم حواء قال إنها خلقت من شيء حي قال الله « يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما » وأما قوله « ولا تقربا هذه الشجرة » فهو اختبار من الله تعالى وامتحان لآدم وقد اختلف في هذه الشجرة ماهي فقال السدي عمن حدثه عن ابن عباس الشجرة التي نهي عنها آدم عليه السلام هي الكرم وكذا قال سعيد بن جبير والسدي والشعبي وجعدة بن هبيرة ومحمد بن قيس وقال السدي أيضا في خبر ذكره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة « ولا تقربا هذه الشجرة » هي الكرم وتزعم يهود أنها الحنطة وقال ابن جرير وابن أبي حاتم حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي حدثنا أبو يحيى الحماني حدثنا أبو النضر أبو عمر الخزاز عن عكرمة عن ابن عباس قال الشجرة التي نهي عنها آدم عليه السلام هي السنبلة وقال عبد الرزاق أنبأنا ابن عيينة وابن المبارك عن الحسن بن عمارة عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال هي السنبلة وقال محمد بن إسحاق عن رجل من أهل العلم عن مجاهد عن ابن عباس قال هي البر وقال ابن جرير وحدثني المثنى بن إبراهيم حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا القاسم حدثني رجل من بني تميم أن ابن عباس كتب إلى أبي الخلد يسأله عن الشجرة التي أكل منها آدم والشجرة التي تاب عندها آدم فكتب اليه أبو الخلد سألتني عن الشجرة التي نهي عنها آدم وهي السنبلة وسألتني عن الشجرة التي تاب عندها آدم وهي الزيتونة وكذلك فسره الحسن البصري ووهب بن منبه وعطية العوفي وأبو مالك ومحارب بن دثار وعبد الرحمن بن أبي ليلى وقال محمد بن إسحاق عن بعض أهل اليمن عن وهب بن منبه أنه كان يقول هي البر ولكن الحبة منها في الجنة ككلى البقر وألين من الزبد وأحلى من العسل وقال سفيان الثوري عن حصين عن أبي مالك « ولا تقربا هذه الشجرة » قال النخلة وقال ابن جريج عن مجاهد « ولا تقربا هذه الشجرة » قال التينة وبه قال قتادة وابن جريج وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية كانت الشجرة من أكل منها أحدث ولا ينبغي أن يكون في الجنة حدث وقال عبد الرزاق حدثنا عمر بن عبد الرحمن بن مهرب قال سمعت وهب بن منبه يقول لما أسكن الله آدم وزوجته الجنة ونهاه عن أكل الشجرة وكانت شجرة غصونها متشعب بعضها من بعض وكان لها ثمر تأكله الملائكة لخلدهم وهي الشجرة التي نهى الله عنها آدم وزوجته فهذه أقوال ستة في تفسير هذه الشجرة قال الإمام العلامة أبو جعفر بن جرير رحمه الله والصواب في ذلك أن يقال إن الله عز وجل ثناؤه نهى آدم وزوجته عن أكل شجرة بعينها من أشجار الجنة دون سائر أشجارها فأكلا منها ولا علم عندنا بأي شجرة كانت على التعيين لأن الله لم يضع لعباده دليلا على ذلك في القرآن ولا من السنة الصحيحة وقد قيل كانت شجرة البر وقيل كانت شجرة العنب وقيل كانت شجرة التين وجائز أن تكون واحدة منها وذلك علم اذا علم لم ينفع العالم به علمه وإن جهله جاهل لم يضره جهله به والله أعلم وكذلك رجح الإبهام الرازي في تفسيره وغيرهوهو الصواب وقوله تعالى « فأزلهما الشيطان عنها » يصح أن يكون الضمير في قوله عنها عائدا إلى الجنة فيكون معنى الكلام كما قال عاصم بن بهدلة وهو ابن أبي النجود فأزا لهما أي فنحاهما ويصح أن يكون عائدا على أقرب المذكورين وهو الشجرة فيكون معنى الكلام كما قال الحسن وقتادة فأزلهما أي من قبل الزلل فعلى هذا يكون تقدير الكلام « فأزلهما الشيطان عنها » أي بسببها كما قال تعالى « يؤفك عنه من أفك » أي يصرف بسببه من هو مأفوك ولهذا قال تعالى « فأخرجهما مما كانا فيه » أي من اللباس والمنزل الرحب والرزق الهنيء والراحة « وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين » أي قرار وأرزاق وآجال « إلى حين » أي إلى وقت مؤقت ومقدار معين ثم تقوم القيامة وقد ذكر المفسرون من السلف كالسدي بأسانيده وأبي العالية ووهب بن منبه وغيرهم ههنا أخبارا إسرائيلية عن قصة الحية وإبليس وكيف جرى من دخول إبليس إلى الجنة ووسوسته وسنبسط ذلك إن شاء الله في سورة الأعراف فهناك القصة أبسط منها ههنا والله الموفق وقد قال ابن أبي حاتم ههنا حدثنا علي بن الحسن بن إشكاب حدثنا علي بن عاصم عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن أبي بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله خلق آدم رجلا طوالا كثير شعر الرأس كأنه نخلة سحوق فلما ذاق الشجرة سقط عنه لباسه فأول مابدا منه عورته فلما نظر إلى عورته جعل يشتد في الجنة فأخذت شعره شجرة فنازعها فناداه الرحمن يا آدم مني تفر فلما سمع كلام الرحمن قال يارب لا ولكن استحياء قال وحدثني جعفر بن أحمد بن الحكم القرشي سنة أربع وخمسين ومئتين حدثنا سليمان بن منصور بن عمار حدثنا علي بن عاصم عن سعيد عن قتادة عن أبي بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ذاق آدم من الشجرة فر هاربا فتعلقت شجرة بشعره فنودي يا آدم أفرارا مني قال بل حياء منك قال يا آدم اخرج من جواري فبعزتي لا يساكنني فيها من عصاني ولو خلقت مثلك ملء الأرض خلقا ثم عصوني لأسكنتهم دار العاصين هذا حديث غريب وفيه انقطاع بل إعضال بين قتادة وأبي بن كعب رضي الله عنهما وقال الحاكم « 2/542 » حدثنا أبو بكر بن بالويه عن محمد بن أحمد بن النضر عن معاوية بن عمرو عن زائدة عن عمار بن أبي معاوية البجلي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال ما أسكن آدم الجنة إلا ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس ثم قال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وقال عبد بن حميد في تفسيره حدثنا روح عن هشام عن الحسن قال لبث آدم في الجنة ساعة من نهار تلك الساعة ثلاثون ومئة سنة من أيام الدنيا وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس قال خرج آدم من الجنة للساعة التاسعة أو العاشرة فأخرج آدم معه غصنا من شجر الجنة على رأسه تاج من شجر الجنة وهو الإكليل من ورق الجنة وقال السدي قال الله تعالى « اهبطوا منها جميعا » فهبطوا ونزل آدم بالهند ونزل معه الحجر الأسود وقبضة من ورق الجنة فبثه بالهند فنبتت شجرة الطيب فإنما أصل ما يجاء به من الطيب من الهند من قبضة الورق التي هبط بها آدم وإنما قبضها آدم أسفا على الجنة حين أخرج منها وقال عمران بن عيينة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال أهبط آدم بدحنا أرض الهند وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن عطاء عن سعيد عن ابن عباس قال أهبط آدم عليه السلام إلى أرض يقال لها دحنا بين مكة والطائف وعن الحسن البصري قال أهبط آدم بالهند وحواء بجدة وإبليس بدستميسان من البصرة على أميال وأهبطت الحية بأصبهان رواه ابن أبي حاتم وقال محمد بن أبي حاتم حدثنا محمد بن عمار بن الحارث حدثنا محمد بن سعيد بن سابق حدثنا عمرو بن أبي قيس عن الزبير بن عدي عن ابن عمر قال أهبط آدم بالصفا وحواء بالمروءة وقال رجاء بن سلمة أهبط آدم عليه السلام يداه على ركبتيه مطأطئا رأسه وأهبط إبليس مشبكا بين أصابعه رافعا رأسه إلى السماء وقال عبد الرزاق قال معمر أخبرني عوف عن قسامة بن زهير عن أبي موسى قال إن الله حين أهبط آدم من الجنة إلى الأرض علمه صنعة كل شيء وزوده من ثمار الجنة فثماركم هذه من ثمار الجنة غير ان هذه تتغير وتلك لا تتغير وقال الزهري عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها رواه مسلم « 854 » والنسائي « 3/89 » وقالالرازي إعلم ان في هذه الآية تهديدا عظيما عن كل المعاصي من وجوه « الأول » إنما يتصور ما جرى على آدم بسبب إقدامه على هذه الزلة الصغيرة كان على وجل شديد من المعاصي قال الشاعر-ياناظرا يرنو بعيني راقد ومشاهدا للأمر غير مشاهد**تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي درج الجنان ونيل فوز العابد**أنسيت ربك حين أخرج آدما منها إلى الدنيا بذنب واحد-قال ابن القاسم-ولكننا سبي العدو فهل ترى نعود إلى أوطاننا ونسلم-قال الرازي عن فتح الموصلي أنه قال كنا قوما من أهل الجنة فسبانا إبليس إلى الدنيا فليس لنا إلا الهم والحزن حتى نرد إلى الدار التي أخرجنا منها فإن قيل فاذا كانت جنة آدم التي أخرج منها في السماء كما يقوله الجمهور من العلماء فكيف تمكن إبليس من دخول الجنة وقد طرد من هنالك طردا قدريا والقدري لا يخالف ولا يمانع فالجواب أن هذا بعينه استدل به من يقول إن الجنة التي كان فيها آدم في الأرض لا في السماء كما قد بسطنا هذا في أول كتابنا البداية والنهاية وأجاب الجمهور بأجوبة « أحدها » أنه منع من دخول الجنة مكرما فأما على وجه السرقة والإهانة فلا يمتنع ولهذا قال بعضهم كما جاء في التوراة أنه دخل في فم الحية إلى الجنة وقد قال بعضهم يحتمل أنه وسوس لهما وهو خارج باب الجنة « وقال بعضهم » يحتمل أنه وسوس لهما في الأرض وهما في السماء ذكرها الزمخشري وغيره وقد أورد القرطبي ههنا أحاديث في الحيات وقتلهن وبيان حكم ذلك فأجاد وأفاد تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الأحد نوفمبر 09, 2008 12:31 am | |
| 37-فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ قيل إن هذه الكلمات مفسرة بقوله تعالى « قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين » وروي هذا عن مجاهد وسعيد بن جبير وابي العالية والربيع بن أنس والحسن وقتادة ومحمد بن كعب القرظي وخالد بن معدان وعطاء الخراساني وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وقال أبو إسحاق السبيعي عن رجل من بني تميم قال اتيت ابن عباس فسألته ما الكلمات التي تلقى آدم من ربه قال علم شأن الحج وقال سفيان الثوري عن عبد العزيز بن رفيع أخبرني من سمع عبيد بن عمير وفي رواية قال أخبرني مجاهد عن عبيد بن عمير أنه قال قال آدم يارب خطيئتي التي أخطأت شيء كتبته على قبل أن تخلقني أو شيء ابتدعته من قبل نفسي قال بل شيء كتبته عليك قبل أن اخلقك قال فكما كتبته علي فاغفر لي قال فذلك قوله تعالى « فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه » وقال السدي عمن حدثه عن ابن عباس فتلقى آدم من ربه كلمات قال قال آدم عليه السلام يارب ألم تخلقني بيدك قيل له بلى ونفخت في من روحك قيل له بلى قال أرأيت إن تبت هل أنت راجعي إلى الجنة قال نعم وهكذا رواه العوفي وسعيد بن جبير وسعيد بن معبد عن ابن عباس بنحوه ورواه الحاكم في مستدركه « 2/545 » من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه وهكذا فسره السدي وعطية العوفي وقد روى ابن أبى حاتم ههنا حديثا شبيها بهذا فقال حدثنا علي بن الحسين بن إشكاب حدثنا ابن عاصم عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن أبي بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال آدم عليه السلام أرأيت يارب إن تبت ورجعت أعائدي إلى الجنة قال نعم فذلك قوله « فتلقى آدم من ربه كلمات » وهذا حديث غريب من هذا الوجه وفيه انقطاع وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى « فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه » قال إن آدم لما أصاب الخطيئة قال أرأيت يارب إن تبت وأصلحت قال الله إذا أدخلك الجنة فهي الكلمات ومن الكلمات ايضا « ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين » وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه كان يقول في قول الله تعالى « فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه » قال الكلمات اللهم لا إله إلا انت سبحانك وبحمدك رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي انك خير الغافرين اللهم لا إله إلا انت سبحانك وبحمدك رب إني ظلمت نفسي فارحمني إنك خير الراحمين اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك رب إني ظلمت نفسي فتب علي انك أنت التواب الرحيم وقوله تعالى « إنه هو التواب الرحيم » أي أنه يتوب على من تابإليه وأناب كقوله « ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده » وقوله « ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه » الآية وقوله « ومن تاب وعمل صالحا » وغير ذلك من الآيات الدالة على أنه تعالى يغفر الذنوب ويتوب على من يتوب وهذا من لطفه بخلقه ورحمته بعبيده لا إله إلا هو التواب الرحيم تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الأحد نوفمبر 09, 2008 12:33 am | |
| 38-قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ 39-وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ يقول تعالى مخبرا عما أنذر به آدم وزوجته وإبليس حين أهبطهم من الجنة والمراد الذرية إنه سينزل الكتب ويبعث الأنبياء والرسل كما قال أبو العالية الهدى الانبياء والرسل والبينات والبيان وقال مقاتل بن حيان الهدى محمد صلى الله عليه وسلم وقال الحسن الهدى القرآن وهذان القولان صحيحان وقول أبي العالية أعم « فمن اتبع هداي » أي من أقبل على ما أنزلت به الكتب وأرسلت به الرسل « فلا خوف عليهم » أي فيما يستقبلونه من أمر الآخرة « ولا هم يحزنون » على ما فاتهم من أمور الدنيا كما قال في سورة طه « قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى » قال ابن عباس فلا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة « ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى » كما قال ههنا « والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون » أي مخلدون فيها لا محيد لهم عنها ولا محيص وقد أورد ابن جرير ههنا حديثا ساقه من طريقين عن أبي مسلمة سعيد بن يزيد عن أبي نضرة المنذر بن مالك بن قطعة عن أبي سعيد واسمه سعد بن مالك بن سنان الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أهل النار الذين هم أهلها فلا يموتون فيها ولا يحيون ولكن أقوام أصابتهم النار بخطاياهم فأماتتهم إماتة حتى إذا صاروا فحما أذن في الشفاعة وقد رواه مسلم من حديث شعبة عن أبي مسلمة به وذكر هذا الإهباط الثاني لما تعلق به مابعده من المعنى المغاير للأول وزعم بعضهم أنه تأكيد وتكرير كما يقال قم قم وقال آخرون بل الإهباط الأول من الجنة إلى السماء الدنيا والثاني من سماء الدنيا إلى الأرض والصحيح الأول الله أعلم تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الأحد نوفمبر 09, 2008 12:35 am | |
| 40-يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ 41-وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ يقول تعالى آمرا بني إسرائيل بالدخول في الإسلام ومتابعة محمد عليه من الله أفضل الصلاة والسلام ومهيجا لهم بذكر أبيهم إسرائيل وهو نبي الله يعقوب عليه السلام وتقديره يا بني العبد الصالح المطيع لله كونوا مثل أبيكم في متابعة الحق كما تقول يا ابن الكريم افعل كذا يا ابن الشجاع بارز الأبطال يا ابن العالم اطلب العلم ونحو ذلك ومن ذلك أيضا قوله تعالى « ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا » فإسرائيل هو يعقوب بدليل ما رواه أبو داود الطيالسي حدثنا عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب قال حدثني عبد الله بن عباس قال حضرت عصابة من اليهود نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم هل تعلمون أن إسرائيل يعقوب قالوا اللهم نعم فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم اشهد وقال الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن عمير مولى ابن عباس عن عبد الله بن عباس أن إسرائيل كقولك عبد الله وقوله تعالى « اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم » قال مجاهد نعمة الله التي أنعم بها عليهم فيما سمي وفيما سوى ذلك أن فجر لهم الحجر وأنزل عليهم المن والسلوى ونجاهم من عبودية آل فرعون وقال أبو العالية نعمته أن جعل منهم الأنبياء والرسل أو نزل عليهم الكتب قلت وهذا كقول موسى عليه السلام له « يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين » يعني في زمانهم وقال محمد بن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى « اذكروا نعمتي التيأنعمت عليكم » أي بلائي عندكم وعند آبائكم لما كان نجاهم من فرعون وقومه « وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم » قال بعهدي الذي أخذت في أعناقكم للنبي صلى الله عليه وسلم إذا جاءكم أوف بعهدكم أي أنجز لكم ما وعدتكم عليه من تصديقه واتباعه بوضع ما كان عليكم من الإصر والأغلال التي كانت في أعناقكم بذنوبكم التي كانت من أحداثكم وقال الحسن البصري هو قوله تعالى « ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وأتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم سيآتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار » الآية وقال آخرون هو الذي أخذ الله عليهم في التوراة أنه سيبعث من بني إسماعيل نبيا عظيما يطيعه جميع الشعوب والمراد به محمد صلى الله عليه وسلم فمن اتبعه غفر الله له ذنبه وأدخله الجنة وجعل له أجرين وقد أورد الرازي إشارات كثيرة عن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بمحمد صلى الله عليه وسلم وقال أبو العالية « وأوفوا بعهدي » قال عهده إلى عباده دين الإسلام وان يتبعوه وقال الضحاك عن ابن عباس أوف بعهدكم قال أرضى عنكم وأدخلكم الجنة وكذا قال السدي والضحاك وأبو العالية والربيع بن أنس وقوله تعالى « وإياي فارهبون » أي فاخشون قال أبو العالية والسدي والربيع بن أنس وقتادة وقال ابن عباس في قوله تعالى « واياي فارهبون » أي إن نزل بكم ما أنزلت بمن كان قبلكم من آبائكم من النقمات التي قد عرفتم من المسخ وغيره وهذا انتقال من الترغيب إلى الترهيب فدعاهم إليه بالرغبة والرهبة لعلهم يرجعون إلى الحق وإتباع الرسول صلى الله عليه وسلم والإتعاظ بالقرآن وزواجره وامتثال أوامره وتصديق أخباره والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ولهذا قال « وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم » يعني به القرآن الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم النبي الأمي العربي بشيرا ونذيرا وسراجا منيرا مشتملا على الحق من الله تعالى مصدقا لما بين يديه من التوراة والإنجيل قال أبو العالية رحمه الله في قوله تعالى « وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم » يقول يا معشر أهل الكتاب آمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم يقول لأنهم يجدون محمد صلى الله عليه وسلم مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل وروي عن مجاهد والربيع بن أنس وقتادة نحو ذلك وقوله « ولا تكونوا أول كافر به » قال بعض المعربين أول فريق كافر به أو نحو ذلك قال ابن عباس ولا تكونوا أول كافر به وعندكم فيه من العلم ماليس عند غيركم وقال أبو العالية ولا تكونوا أول من كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم يعني من جنسكم أهل الكتاب بعد سماعكم بمبعثه وكذا قال الحسن والسدي والربيع بن أنس واختار ابن جرير أن الضمير في قوله به عائد على القرآن الذي تقدم ذكره في قوله « بما أنزلت » وكلا القولين صحيح لأنهما متلازمان لأن من كفر بالقرآن فقد كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم ومن كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم فقد كفر بالقرآن وأما قوله « أول كافر به » فيعني به أول من كفر به من بني إسرائيل لأنه قد تقدمهم من كفار قريش وغيرهم من العرب بشر كثير وإنما المراد أول من كفر به من بني إسرائيل مباشرة فإن يهود المدينة أول بني إسرائيل خوطبوا بالقرآن فكفرهم به يستلزم أنهم أول من كفر به من جنسهم وقوله تعالى « ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا » يقول لا تعتاضوا عن الإيمان بآياتي وتصديق رسولي بالدنيا وشهواتها فإنها قليلة فانية كما قال عبد الله بن المبارك أنبأنا عبد الرحمن بن زيد بن جابر عن هارون بن يزيد قال سئل الحسن يعني البصري عن قوله تعالى « ثمنا قليلا » قال الثمن القليل الدنيا بحذافيرها وقال ابن لهيعة حدثني عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير في قوله تعالى « ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا » إن آياته كتابه الذي أنزله إليه وإن الثمن القليل الدنيا وشهواتها وقال السدي ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا يقول لا تأخذوا طمعا قليلا ولا تكتموا اسم الله فذلك الطمع هو الثمن وقال أبو جعفر عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى « ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا » يقول لا تأخذوا عليه أجرا قال وهو مكتوب عندهم في الكتاب الأول يا ابن آدم علم مجانا كما علمت مجانا وقيل معناه لا تعتاضوا عن البيان والإيضاح ونشر العلم النافع في الناس بالكتمان واللبس لتستمروا على رياستكم في الدنيا القليلة الحقيرة الزائلة عن قريب وفي سنن أبي داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب بهعرضا من الدنيا لم يرح رائحة الجنة يوم القيامة فأما تعليم العلم بأجرة فإن كان في تعين عليه فلا يجوز أن يأخذ عليه أجرا ويجوز أن يتناول من بيت المال ما يقوم به حاله وعياله فإن لم يحصل له منه شيء وقطعه التعليم عن التكسب فهو كما لم يتعين عليه وإذا لم يتعين عليه فإنه يجوز أن يأخذ عليه اجرا عند مالك والشافعي وأحمد وجمهور العلماء كما في صحيح البخاري عن أبي سعيد في قصة اللديغ إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله وقوله في قصة المخطوبة زوجتكها بما معك من القرآن فأما حديث عبادة بن الصامت أنه علم رجلا من أهل الصفا شيئا من القرآن فأهدى له قوسا فسأل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن أحببت أن تطوق بقوس من نار فاقبله فتركه رواه أبو داود وروي مثله عن أبي أبن كعب مرفوعا فإن صح إسناده فهو محمول عند كثير من العلماء منهم أبو عمر بن عبد البر على أنه لما علمه الله لم يجز بعد هذا أن يعتاض عن ثواب الله بذلك القوس فأما إذا كان من أول الأمر على التعليم بالإجرة فإنه يصح كما في حديث اللديغ وحديث سهل في المخطوبة والله أعلم وقوله « وإياي فاتقون » قال ابن أبي حاتم حدثنا أبو عمر الدوري حدثنا أبو إسماعيل المؤدب عن عاصم الأحول عن أبي العالية عن طلق بن حبيب قال التقوى أن تعمل بطاعة الله رجاء رحمة الله على نور من الله وان تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله ومعنى قوله « وإياي فاتقون » إنه تعالى يتوعدهم فيما يتعمدونه من كتمان الحق وإظهار خلافه ومخالفتهم الرسول صلوات الله وسلامه عليه تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الأحد نوفمبر 09, 2008 12:38 am | |
| 42-وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ 43-وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ يقول تعالى ناهيا لليهود عما كانوا يتعمدونه من تلبيس الحق بالباطل وتمويهه به وكتمانهم للحق وإظهارهم الباطل « ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون » فنهاهم عن الشيئين معا وأمرهم بإظهار الحق والتصريح به ولهذا قال الضحاك عن ابن عباس « ولا تلبسوا الحق بالباطل » لا تخلطوا الحق بالباطل والصدق بالكذب وقال أبو العالية « ولا تلبسوا الحق بالباطل » يقول ولا تخلطوا الحق بالباطل وأدوا النصيحة لعباد الله من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ويروى عن سعيد بن جبير والربيع بن أنس نحوه وقال قتادة « ولا تلبسوا الحق بالباطل » ولا تلبسوا اليهودية والنصرانية بالإسلام وأنتم تعلمون أن دين الله الإسلام وأن اليهودية والنصرانية بدعة ليست من الله وروي عن الحسن البصري نحو ذلك وقال محمد بن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس «وتكتموا الحق وأنتم تعلمون » أي لا تكتموا ما عندكم من المعرفة برسولي وبما جاء به وأنتم تجدونه مكتوبا عندكم فيما تعلمون من الكتب التي بأيديكم وروي عن أبي العالية نحو ذلك وقال مجاهد والسدي وقتادة والربيع بن أنس « وتكتموا الحق » يعني محمد صلى الله عليه وسلم « قلت » وتكتموا يحتمل أن يكون مجزوما ويحتمل أن يكون منصوبا أي لا تجمعوا بين هذا وهذا كما يقال لا تأكل السمك وتشرب اللبن قال الزمخشري وفي مصحف ابن مسعود وتكتمون الحق أي في حال كتمانكم الحق وأنتم تعلمون حال أيضا ومعناه وأنتم تعلمون الحق ويجوز أن يكون المعنى وأنتم تعلمون ما في ذلك من الضرر العظيم على الناس من إضلالهم عن الهدى المفضي بهم إلى النار إن سلكوا ما تبدونه لهم من الباطل المشوب بنوع من الحق لتروجوه عليهم والبيان الإيضاح وعكسه الكتمان وخلط الحق بالباطل « وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأركعوا مع الراكعين » قال مقاتل قوله تعالى لأهل الكتاب « وأقيموا الصلاة » أمرهم أن يصلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم « وآتوا الزكاة » أمرهم أن يؤتوا الزكاة أي يدفعونها إلى النبي صلى الله عليه وسلم « وأركعوا مع الراكعين » أمرهم أن يركعوا مع الراكعين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم يقول كونوا معهم ومنهم وقال علي بن طلحة عن ابن عباس يعني بالزكاة طاعة الله والإخلاص وقال وكيع عن أبي جناب عن عكرمة عن ابن عباس في قوله وآتوا الزكاة قال ما يوجب الزكاة قال مئتان فصاعدا وقال مبارك بن فضالة عن الحسن في قولهتعالى « وآتوا الزكاة » قال فريضة واجبة لا تنفع الأعمال إلا بها وبالصلاة وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن أبي حيان التيمي عن الحارث العكلي في قوله تعالى « وآتوا الزكاة » قال صدقة الفطر وقوله تعالى « واركعوا مع الراكعين » أي وكونوا مع المؤمنين في أحسن أعمالهم ومن أخص ذلك وأكمله الصلاة وقد استدل كثير من العلماء بهذه الآية على وجوب الجماعة وأبسط ذلك في كتاب الأحكام الكبير إن شاء الله تعالى وقد تكلم القرطبي على مسائل الجماعة والإمامة فأجاد تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الأحد نوفمبر 09, 2008 12:41 am | |
| 44-أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ يقول تعالى كيف يليق بكم يا معشر أهل الكتاب وأنتم تأمرون الناس بالبر وهو جماع الخير أن تنسوا أنفسكم فلا تأتمرون بما تأمرون الناس به وأنتم مع ذلك تتلون الكتاب وتعلمون ما فيه على من قصر في أوامر الله أفلا تعقلون ما أنتم صانعون بأنفسكم فتنتبهوا من رقدتكم وتتبصروا من عنايتكم وهذا كما قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى « أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم » قال كان بنو إسرائيل يأمرون الناس بطاعة الله وبتقواه وبالبر ويخالفون فعيرهم الله عز وجل وكذلك قال السدي وقال ابن جريج « أتأمرون الناس بالبر » أهل الكتاب والمنافقون كانوا يأمرون الناس بالصوم والصلاة ويدعون العمل بما يأمرون به الناس فعيرهم الله بذلك فمن أمر بخير فليكن أشد الناس فيه مسارعة وقال محمد بن إسحاق عن محمد عن عكرمة او سعيد بن جبير عن ابن عباس « وتنسون أنفسكم » أي تتركون أنفسكم « وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون » أي تنهون الناس عن الكفر بما عندكم من النبوة والعهد من التوراة وتتركون أنفسكم أي وأنتم تكفرون بما فيها من عهدي إليكم في تصديق رسولي وتنقضون ميثاقي وتجحدون ما تعلمون من كتابي وقال الضحاك عن ابن عباس في هذه الآية يقول أتأمرون الناس بالدخول في دين محمد صلى الله عليه وسلم وغير ذلك مما أمرتم به من إقام الصلاة وتنسون أنفسكم-صفات من يأمر بالمعروف-وقال أبو جعفر بن جرير حدثني علي بن الحسن حدثنا أسلم الحرمي حدثنا مخلد بن الحسين عن أيوب السختياني عن أبي قلابة في قول الله تعالى « أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب » قال أبو الدرداء رضي الله عنه لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يمقت الناس في ذات الله ثم يرجع إلى نفسه فيكون لها أشد مقتا وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في هذه الآية هؤلاء اليهود إذا جاء الرجل سألهم عن الشيء ليس فيه حق ولا رشوة أمروه بالحق فقال الله تعالى « أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون » والغرض أن الله تعالى ذمهم على هذا الصنيع ونبههم على خطئهم في حق أنفسهم حيث كانوا يأمرون بالخير ولا يفعلونه وليس المراد ذمهم على أمرهم بالبر مع تركهم له بل على تركهم له فإن الأمر بالمعروف معروف وهو واجب على العالم ولكن الواجب والأولى بالعالم أن يفعله مع من أمرهم به ولا يتخلف عنهم كما قال شعيب عليه السلام « وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب » فكل من الأمر بالمعروف وفعله واجب لا يسقط أحدهما بترك الآخر على أصح قولي العلماء من السلف والخلف وذهب بعضهم إلى أن مرتكب المعاصي لا ينهى غيره عنها وهذا ضعيف وأضعف منه تمسكهم بهذه الآية فإنه لاحجة لهم فيها والصحيح أن العالم يأمر بالمعروف وإن لم يفعله وينهي عن المنكر وإن ارتكبه قال مالك عن ربيعة سمعت سعيد بن جبير يقول لو كان المرء لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء ما أمر أحد بمعروف ولا نهى عن منكر قال مالك وصدق من ذا الذي ليس فيه شيء « قلت » لكنه والحالة هذه مذموم على ترك الطاعة وفعله المعصية لعلمه بها ومخالفته على بصيرة فإنه ليس من يعلم كمن لا يعلم ولهذا جاءت الأحاديث في الوعيد على ذلك كما قال الإمام أبو القاسم الطبراني في معجمه الكبير « 2/1681 » حدثنا أحمد بن المعلى الدمشقي والحسن بن علي العمري قالا حدثنا هشام بن عمار حدثنا علي بن سليمان الكلبي حدثنا الأعمش عن أبي تميمة الهجيمي عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل العالم الذي يعلم الناس الخير ولا يعمل به كمثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه هذا حديث غريب من هذا الوجه « حديث آخر » قال الإمام أحمد بن حنبل في مسنده « 3/180 » حدثنا وكيع حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد هو ابن جدعان عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مررت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار قال قلت من هؤلاء قالوا خطباء أمتك من أهل الدنيا ممن كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون ورواه عبد بن حميد في مسنده وتفسيره عن الحسن بن موسى عن حماد بن سلمة به ورواه ابن مردويه في تفسيره من حديث يونس بن محمد المؤدب والحجاج بن منهال كلاهما عن حماد بن سلمة به وكذا رواه يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة به ثم قال ابن مردويه حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم حدثنا موسى بن هارون حدثنا إسحاق بن إبراهيم التستري ببلخ حدثنا مكي بن إبراهيم حدثنا عمر بن قيس عن علي بن زيد عن ثمامة عن أنس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول مررت ليلة أسري بي على أناس تقرض شفاههم وألسنتهم بمقاريض من نار قلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء خطباء أمتك الذين يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وأخرجه ابن حبان في صحيحه « 53 » وابن أبي حاتم وابن مردويه أيضا من حديث هشام الدستوائي عن المغيرة يعني ابن حبيب ختن مالك بن دينار عن مالك بن دينار عن ثمامة عن أنس بن مالك قال لما عرج برسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقوم تقرض شفاههم فقال يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء الخطباء من أمتك يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم أفلا يعقلون « حديث آخر » قال الإمام أحمد « 5/205 » حدثنا يعلي بن عبيد حدثنا الأعمش عن أبي وائل قال قيل لأسامة وأنا رديفه ألا تكلم عثمان فقال إنكم ترون إني لا أكلمه ألا أسمعكم إني لأكلمه فيما بيني وبينه دون أن أفتتح أمرا لا أحب أن أكون أول من أفتتحه والله لا أقول لرجل أنك خير الناس وإن كان علي أميرا بعد أن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قالوا وما سمعته يقول قال سمعته يقول يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى بالنار فتندلق به أقتابه فيدور بها في النار كما يدور الحمار برحاه فيطوف به أهل النار فيقولون يافلان ما اصابك ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر فيقول كنت أمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه ورواه البخاري « 3267 » ومسلم « 2989 » من حديث سليمان بن مهران الأعمش به نحوه وقال أحمد حدثنا سيار بن حاتم حدثنا جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن اللهيعافي الأميين يوم القيامة ما لا يعافي العلماء وقد ورد في بعض الآثار أنه يغفر للجاهل سبعين مرة حتى يغفر للعالم مرة واحدة ليس من يعلم كمن لا يعلم-وقال تعالى « قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب » وروى ابن عساكر في ترجمة الوليد بن عقبة عن النبي صلى الله عليه وسلم إن أناسا من أهل الجنة يطلعون على أناس من أهل النار فيقولون بما دخلتم النار فوالله ما دخلنا الجنة إلا بما تعلمنا منكم فيقولون إنا كنا نقول ولا نفعل ورواه ابن جرير الطبري عن أحمد بن يحيى الخباز الرملي عن زهير بن عباد الرواسي عن أبي بكر الزهري عبد الله بن حكيم عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن الوليد بن عقبة فذكره وقال الضحاك عن ابن عباس أنه جاءه رجل فقال يا ابن عباس إني أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر قال أبلغت ذلك قال أرجو قال إن لم تخش أن تفتضح بثلاث آيات من كتاب الله فافعل قال وما هن قال قوله تعالى « أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم » أحكمت هذه قال لا قال فالحرف الثاني قوله تعالى « لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون » أحكمت هذه قال لا قال فالحرف الثالث قال قول العبد الصالح شعيب عليه السلام « وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الأصلاح » أحكمت هذه الآية قال لا قال فابدأ بنفسك رواه ابن مردويه في تفسيره وقال الطبراني حدثنا عبدان بن أحمد حدثنا زيد بن الحريش حدثنا عبد الله بن خراش عن العوام بن حوشب عن المسيب بن رافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من دعا الناس إلى قول أو عمل ولم يعمل هو به لم يزل في ظل سخط الله حتى يكف أو يعمل ما قال أو دعا إليه إسناده فيه ضعف وقال إبراهيم النخعي إني لأكره القصص لثلاث آيات قوله تعالى « أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم » وقوله « يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون » وقوله إخبارا عن شعيب « وما أريد أنأخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما أستطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب » تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الأحد نوفمبر 09, 2008 12:43 am | |
| 45-وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ 46-الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ يقول تعالى آمرا عبيده فيما يأملون من خير الدنيا والآخرة بالإستعانة بالصبر والصلاة كما قال مقاتل بن حيان في تفسير هذه الآية استعينوا على طلب الآخرة بالصبر على الفرائض والصلاة فأما الصبر فقيل إنه الصيام نص عليه مجاهد قال القرطبي وغيره ولهذا يسمى رمضان شهر الصبر كما نطق به الحديث وقال سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن جري ابن كليب عن رجل من بني سليم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الصوم نصف الصبر وقيل المراد بالصبر الكف عن المعاصي ولهذا قرنه بإداء العبادات وأعلاها فعل الصلاة قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عبد الله بن حمزة بن إسماعيل حدثنا إسحاق بن سليمان عن أبي سنان عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال الصبر صبران صبر عند المصيبة حسن وأحسن منه الصبر عن محارم الله قال وروي عن الحسن البصري نحو قول عمر وقال ابن المبارك « زهد نعيم 111 » عن ابن لهيعة عن عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير قال الصبر إعتراف العبد لله بما أصيب فيه واحتسابهم عند الله ورجاء ثوابه وقد يجزع الرجل وهو يتجلد لا يرى منه إلا الصبر وقال أبو العالية في قوله تعالى « واستعينوا بالصبر والصلاة » قال على مرضاة الله واعلموا أنها من طاعة الله وأما قوله والصلاة إن الصلاة من أكبر العون على الثبات في الأمر كما قال تعالى « أتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر » الآية وقال الإمام أحمد « 5/388 » حدثنا خلف بن الوليد حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن عكرمة بن عمار عن محمد بن عبد الله الدؤلي قال قال عبد العزيز أخو حذيفة قال حذيفة يعني ابن اليمان رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى ورواه أبو داود « 1319 » عن محمد بن عيسى عن يحيى بن زكريا عن عكرمة بن عمار كما سيأتي وقد رواه ابن جرير من حديث ابن جريج عن عكرمة بن عمار عن محمد بن عبيد بن أبي قدامة عن عبد العزيز بن اليمان عن حذيفة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ورواه بعضهم عن عبد العزيز ابن أخي حذيفة ويقال أخي حذيفة مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة حدثنا سهل بن عثمان العسكري حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال قال عكرمة بن عمار قال محمد بن عبد الله الدؤلي قال عبد العزيز قال حذيفة رجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الأحزاب وهو مشتمل في شملة يصلي وكان إذا حزبه أمر صلى حدثنا عبد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن أبي إسحاق سمع حارثة بن مضرب سمع عليا رضي الله عنه يقول لقد رأيتنا ليلة بدر وما فينا إلا نائم غير رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ويدعو حتى أصبح قال ابن جرير وروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه مر بأبي هريرة وهو منبطح على بطنه فقال له أشكت درد ومعناه أيوجعك بطنك قال نعم قال قم فصل فإن الصلاة شفاء قال ابن جرير وقد حدثنا محمد بن العلاء ويعقوب بن إبراهيم قالا حدثنا ابن علية حدثنا عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه أن ابن عباس نعي إليه أخوه قثم وهو في سفر فاسترجع ثم تنحى عن الطريق فأناخ فصلى ركعتين أطال فيهما الجلوس ثم قام يمشي إلى راحلته وهو يقول « واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة على الخاشعين » وقال سنيد عن حجاج عن ابن جريج « واستعينوا بالصبر والصلاة » قال انهما معونتان على رحمة الله والضمير في قوله وإنها لكبيرة عائد إلى الصلاة نص عليه مجاهد واختاره ابن جرير ويحتمل ان يكون عائدا على ما يدل عليه الكلام وهو الوصية بذلك كقوله تعالى في قصة قارون « وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون » وقال تعالى « ولا تستوي الحسنة ولا السيئة إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم » أي وما يلقى هذه الوصية إلا الذين صبروا وما يلقاهاأي يؤتاها ويلهمها إلا ذو حظ عظيم وعلى كل تقدير كقوله تعالى وإنها لكبيرة أي مشقة ثقيلة إلا على الخاشعين قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس يعني المصدقين بما أنزل الله وقال مجاهد المؤمنين حقا وقال أبو العالية إلا على الخاشعين الخائفين وقال مقاتل بن حيان إلا على الخاشعين يعني به المتواضعين وقال الضحاك وإنها لكبيرة قال إنها لثقيلة إلا على الخاضعين لطاعته الخائفين سطوته المصدقين بوعده ووعيده وهذا يشبه ما جاء في الحديث لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه وقال ابن جرير معنى الآية واستعينوا أيها الأحبار من أهل الكتاب بحبس أنفسكم على طاعة الله وبإقامة الصلاة المانعة من الفحشاء والمنكر المقربة من رضا الله العظيمة إقامتها إلا على الخاشعين أي المتواضعين المستكينين لطاعته المتذللين من مخافته هكذا قال والظاهر أن الآية وإن كانت خطابا في سياق إنذار بني إسرائيل فإنهم لم يقصدوا بها على سبيل التخصيص وإنما هي عامة لهم ولغيرهم والله أعلم وقوله تعالى « الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون » هذا من تمام الكلام الذي قبله أي أن الصلاة أو الوصاة لثقيلة إلا على الخاشعين الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم أي يعلمون أنهم محشورون إليه يوم القيامة معروضون عليه وإنهم إليه راجعون أي أمورهم راجعة إلى مشيئته يحكم فيها ما يشاء بعدله فلهذا لما أيقنوا بالميعاد والجزاء سهل عليهم فعل الطاعات وترك المنكرات فأما قوله « يظنون أنهم ملاقوا ربهم » قال ابن جرير رحمه الله العرب قد تسمي اليقين ظنا والشك ظنا نظير تسميتهم الظلم سدفة والضياء سدفة والمغيث صارخا والمستغيث صارخا وما أشبه ذلك من الأسماء التي يسمى بها الشيء وضده كما قال دريد بن الصمة-فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج سراتهم في الفارسي المسرد-يعني بذلك تيقنوا بألفي مدجج يأتيكم وقال عمير بن طارق-فإن يعبروا قومي وأقعد فيكم نجمي وأجعل مني الظن غيبا مرجما-يعني وأجعل مني اليقين غيبا مرجما قال والشواهد من أشعار العرب وكلامها على أن الظن في معنى اليقين أكثر من أن تحصى وفيما ذكرنا لمن وفق لفهمه كفاية ومنه قوله تعالى « ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها » ثم قال ابن جرير حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو عاصم حدثنا سفيان عن جابر عن مجاهد كل ظن في القرآن يقين أي ظننت وظنوا وحدثني المثنى حدثنا إسحاق حدثنا أبو داود الحفري عن سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال كل ظن في القرآن فهو علم وهذا سند صحيح وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى « الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم » قال الظن ههنا يقين قال ابن أبي حاتم وروي عن مجاهد والسدي والربيع بن أنس وقتادة نحو قول أبي العالية وقال سنيد عن حجاج عن ابن جريج « الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم » علموا أنهم ملاقوا ربهم كقوله « إني ظننت أني ملاق حسابيه » يقول علمت وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم « قلت » وفي الصحيح « م 2968 » أن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة ألم أزوجك ألم أكرمك ألم أسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع فيقول بلى فيقول الله تعالى أظننت أنك ملاقي فيقول لا فيقول الله اليوم أنساك كما نسيتني وسيأتي مبسوطا عند قوله تعالى « نسوا الله فنسيهم » إن شاء الله تعالى تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الأحد نوفمبر 09, 2008 12:45 am | |
| 47-يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ يذكرهم تعالى بسالف نعمه على آبائهم وأسلافهم وما كان فضلهم به عن إرسال الرسل منهم وإنزال الكتب عليهم وعلى سائر الأمم من أهل زمانهم كما قال تعالى « ولقد اخترناهم على علم على العالمين » وقال تعالى « وإذا قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتا كم ما لم يؤت أحدا من العالمين » قال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى « وأني فضلتكم على العالمين » قال بما أعطوا من الملك والرسل والكتب على عالم من كان في ذلك الزمان فإن لكل زمان عالما وروي عن مجاهد والربيع بن أنس وقتادة وإسماعيلابن أبي خالد نحو ذلك ويجب الحمل على هذا لأن هذه الأمة أفضل منهم لقوله تعالى خطابا لهذه الأمة « كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم » وفي المسانيد والسنن « حم 4/447 ت 3001 جه 4287 » عن معاوية بن حيدة القشيري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتم توفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله والأحاديث في هذا كثيرة تذكر عند قوله تعالى « كنتم خير أمة أخرجت للناس » وقيل المراد بتفضيل بنوع ما من الفضل على سائر الناس ولا يلزم تفضيلهم مطلقا حكاه الرازي وفيه نظر وقيل إنهم فضلوا على سائر الأمم لاشتمال أمتهم على الأنبياء منهم حكاه القرطبي في تفسيره وفيه نظر لأن العالمين عام يشمل من قبلهم ومن بعدهم من الأنبياء فإبراهيم الخليل قبلهم وهو أفضل من سائر أنبيائهم ومحمد بعدهم وهو أفضل من جميع الخلق وسيد ولد آدم في الدنيا والآخرة صلوات الله وسلامه عليه تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الأحد نوفمبر 09, 2008 12:46 am | |
| 48-وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ لما ذكرهم تعالى بنعمه أولا عطف على ذلك التحذير من طول نقمه بهم يوم القيامة فقال « واتقوا يوما » يعني يوم القيامة « لا تجزي نفس عن نفس شيئا » أي لا يغنى أحد عن أحد كما قال « ولا تزر وازرة وزر أخرى » وقال « لكل أمرئ منه يومئذ شأن يغنيه » وقال « يا أيها الناس أتقوا ربكم وأخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا » فهذا أبلغ المقامات إن كلا من الوالد وولده لا يغني أحدهما عن الآخر شيئا وقوله تعالى « ولا يقبل منها شفاعة » يعني من الكافرين كما قال « فما تنفعهم شفاعة الشافعين » وكما قال عن أهل النار « فما لنا من شافعين ولا صديق حميم » وقوله تعالى « ولايؤخذ منها عدل » أي لا يقبل منها فداء كما قال الله تعالى « إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به » وقال « إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم » وقال تعالى « وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها » وقال « فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم » الآية فأخبر تعالى إنهم إن لم يؤمنوا برسوله ويتابعوه على ما بعثه به ووافوا الله يوم القيامة على ما هم عليه فإنهم لا ينفعهم قرابة قريب ولا شفاعة ذي جاه ولايقبل منهم فداء ولو بملء الأرض ذهبا كما قال تعالى « من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة » وقال «لابيع فيه ولا خلال » قال سنيد حدثني حجاج حدثني ابن جريج قال قال مجاهد قال ابن عباس « ولا يؤخذ منها عدل » قال بدل والبدل الفدية وقال السدي أما عدل فيعدلها من العدل يقول لو جاءت بملء الأرض ذهبا تفتدي به ما تقبل منها وكذا قال عبد الرحمن ابن زيد بن أسلم وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله « ولا يقبل منها عدل » يعني فداء قال ابن أبي حاتم وروي عن أبي مالك والحسن وسعيد بن جبير وقتادة والربيع بن أنس نحو ذلك وقال عبد الرزاق أنبأنا الثوري عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن علي رضي الله عنه في حديث طويل قال والصرف والعدل التطوع والفريضة وكذا قال الوليد بن مسلم عن عثمان بن أبي العاتكة عن عمير بن هانيء وهذا القول غريب ههنا والقول الأول أظهر في تفسير هذه الآية وقد ورد حديث يقويه وهو ما قال ابن جرير حدثني نجيح بن إبراهيم حدثنا علي بن حكيم حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن أبيه عن عمرو بن قيس الملائي عن رجل من بني أمية من أهل الشام أحسن عليه الثناء قال قيل يا رسول الله ما العدل قال العدل الفدية وقوله تعالى « ولا هم ينصرون » أي ولا أحد يغضب لهم فينصرهم وينقذهم من عذاب الله كما تقدم من أنه لا يعطف عليهم ذو قرابة ولا ذو جاه ولا يقبل منهم فداء هذا كله من جانب التلطف ولا لهم ناصر من أنفسهم ولا من غيرهم كما قال « فما له من قوة ولا ناصر » أي أنه تعالى لا يقبل فيمن كفر به فدية ولا شفاعة ولا ينقذ أحدا من عذابه منقذ ولا يخلص منه أحد ولا يجير منه أحد كما قال تعالى « وهو يجير ولا يجار عليه » وقال « فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد » وقال « مالكم لا تناصرون بل هم اليوم مستسلمون » وقال « فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا آلهة بل ضلوا عنهم » الآية وقال الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى « ما لكم لا تناصرون » مالكم اليوم لا تمانعون منا هيهات ليس ذلك لكم اليوم قال ابن جرير وتأويل قوله « ولا هم ينصرون » يعني أنهم يومئذ لا ينصرهم ناصر كما لا يشفع لهم شافع ولا يقبل منهم عدل ولا فدية بطلت هنالك المحاباة واضمحلت الرشى والشفاعات وارتفع من القوم التناصر والتعاون وصار الحكم إلى الجبار العدل الذي لا ينفع لديه الشفعاء والنصراء فيجزي بالسيئة مثلها وبالحسنة أضعافها وذلك نظير قوله تعالى « وقفوهم إنهم مسؤلون ما لكم لا تناصرون بل هم اليوم مستسلمون » تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الأحد نوفمبر 09, 2008 1:04 am | |
| 49-وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ 50-وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ يقول تعالى اذكروا يا بني إسرائيل نعمتي عليكم إذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب أي خلصتكم منهم وأنقذتكم من أيديهم صحبة موسى عليه السلام وقد كانوا يسومونكم ويذيقونكم ويولونكم سوء العذاب وذلك أن فرعون لعنه الله كان قد رأى رؤيا هالته رأى نارا خرجت من بيت المقدس فدخلت بيوت القبط ببلاد مصر إلا بيوت بني إسرائيل مضمونها أن زوال ملكه يكون على يدي رجل من بني إسرائيل ويقال بعد تحدث سماره عنده بأن بني إسرائيل يتوقعون خروج رجل منهم يكون لهم به دولة ورفعة وهكذا جاء في حديث الفتون كما سيأتي في موضعه في سورة طه إن شاء الله تعالى فعند ذلك أمر فرعون لعنه الله بقتل كل ذكر يولد بعد ذلك من بني إسرائيل وأن تترك البنات وأمر باستعمال بني إسرائيل في مشاق الأعمال وأرذلها وههنا فسر العذاب بذبح الأبناء وفي سورة إبراهيم عطف عليه كما قال « يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم » وسيأتي تفسير ذلك في أول سورة القصص إن شاء الله تعالى وبه الثقة والمعونة والتأييد ومعنى يسومونكم يولونكم قاله أبو عبيدة كما يقال سامه خطة خسف إذا أولاه إياها قال عمرو بن كلثوم-إذا ما الملك سام الناس خسفا أبينا أن نقر الخسف فينا-وقيل معناه يديمون عذابكم كما يقال سائمة الغنم من إدامتها الرعي نقله القرطبي وإنما قال ههنا « يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم » ليكون ذلك تفسيرا للنعمة عليهم في قوله « يسومونكم سوء العذاب » ثم فسره بهذا لقوله ههنا « اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم » وأما في سورة إبراهيم فلما قال « وذكرهم بأيام الله » أي بأياديه ونعمه عليهم فناسب أن يقول هناك « يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم » فعطف عليه الذبح ليدل على تعدد النعم والأيادي على بني إسرائيل وفرعون علم على كل من ملك مصر كافرا من العماليق وغيرهم كما ان قيصر علم على كل من ملك الروم مع الشام كافرا وكسرى لمن ملك الفرس وتبع لمن ملك اليمن كافرا والنجاشي لمن ملك الحبشة وبطليموس لمن ملك الهند ويقال كان اسم فرعون الذي كان في زمن موسى عليه السلام الوليد بن مصعب بن الريان وقيل مصعب بن الريان فكان من سلالة عمليق بن الأود بن إرم بن سنام بن نوح وكنيته أبو مرة وأصله فارسي من اصطخر وأيا ما كان فعليه لعنة الله وقوله تعالى « وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم » قال ابن جرير وفي الذي فعلنا بكم من إنجائنا آبائكم مما كنتم فيه من عذاب آل فرعون بلاء لكم من ربكم عظيم أي نعمة عظيمة عليكم في ذلك وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله تعالى « بلاء من ربكم عظيم » قال نعمة وقال مجاهد بلاء من ربكم عظيم قال نعمة من ربكم عظيمة وكذا قال أبو العالية وأبو مالك والسدي وغيرهم وأصل البلاء الإختبار وقد يكون بالخير والشر كما قال تعالى « ونبلوكم بالشر والخير فتنة » وقال « وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون » قال ابن جرير وأكثر ما يقال في الشر بلوته أبلوه بلاء وفي الخير أبليه إبلاء وبلاء وقال زهير بن أبي سلمة-جزى الله بالإحسان مافعلا بكم وأبلاهما خير البلاء الذي يبلو-قال فجمع بين اللغتين لأنه أراد فأنعم الله عليهما خير النعم التي يختبر بها عباده وقيل المراد بقوله « وفي ذلكم بلاء » إشارة إلى ما كانوا فيه من العذاب المهين من ذبح الأبناء واستحياء النساء قال القرطبي وهذا قول الجمهور ولفظه بعدما حكى القول الأول ثم قال وقال الجمهور الإشارة إلى الذبح ونحوه والبلاء ههنا في الشر والمعنى وفي الذبح مكروه وامتحان وقوله تعالى « وإذا فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون » معناه وبعد إن أنقذناكم من آل فرعون وخرجتم مع موسى عليه السلام خرج فرعون في طلبكم ففرقنا بكم البحر كما أخبر تعالى عن ذلك مفصلا كما سيأتي في مواضعه ومن أبسطها ما في سورة الشعراء إن شاء الله « فأنجيناكم » أي خلصناكم منهم وحجزنا بينكم وبينهم وأغرقناهم وأنتم تنظرون ليكون ذلك أشفى لصدوركم وأبلغ في إهانة عدوكم قال عبد الرزاق أنبأنا معمر عن أبي إسحاق الهمداني عن عمرو بن ميمون الأودي في قوله تعالى « وإذ فرقنا بكم البحر » إلى قوله « وأنتم تنظرون » قال لما خرج موسى ببني إسرائيل بلغ ذلك فرعون فقال لا تتبعوهم حتى تصيح الديكة قال فوالله ما صاح ليلتئذ ديك حتى أصبحوا فدعا بشاة فذبحت ثم قال لأافرغ من كبدها حتى يجتمع إلي ست مائة ألف من القبط فلم يفرغ من كبدها حتى اجتمع إليه ست مائة ألف من القبط فلما أتى موسى البحر قال له رجل من أصحابه يقال له يوشع ابن نون أين أمر ربك قال أمامك يشير إلى البحر فأقحم يوشع فرسه في البحر حتى بلغ الغمر فذهب به الغمر ثم رجع فقال اين أمر ربك يا موسى فوالله ماكذبت ولا كذبت فعل ذلك ثلاث مرات ثم أوحى الله إلى موسى أن أضرب بعصاك البحر فضربه فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم يقول مثل الجبل ثم سار موسى ومن معه وتبعهم فرعون في طريقهم حتى إذا تتاموا فيه أطبقه الله عليهم فلذلك قال « وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون » وكذلك قال غير واحد من السلف كما سيأتي بيانه في موضعه وقد ورد أن هذا اليوم كان يوم عاشوراء كما قال الإمام أحمد « 1/291 » حدثنا عفان حدثنا عبد الوارث حدثنا أيوب عن عبد الله بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود يصومون يوم عاشوراء فقال ماهذا اليوم الذي تصومون قالوا هذا يوم صالح هذا يوم نجى الله عز وجل فيه بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى عليه السلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أحق بموسى منكم فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصومه وروى هذا الحديث البخاري « 2004 » ومسلم « 1130 » والنسائي « كبرى تحفة 5528 » وابن ماجه من طرق عن أيوب السختياني بهنحو ما تقدم وقال أبو يعلى الموصلي « 4094 » حدثنا أبو الربيع حدثنا سلام يعني ابن سليم عن زيد العمي عن يزيد الرقاشي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فلق الله البحر لبني إسرائيل يوم عاشوراء وهذا ضعيف من هذا الوجه فان زيد العمي فيه ضعف وشيخه يزيد الرقاشي أضعف منه تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الإثنين نوفمبر 10, 2008 1:35 am | |
| 51-وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ 52-ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ 53-وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ يقول تعالى واذكروا نعمتي عليكم في عفوي عنكم لما عبدتم العجل بعد ذهاب موسى لميقات ربه عند انقضاء أمد المواعدة وكانت أربعين يوما وهي مذكورة في الأعراف في قوله تعالى « وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر » قيل إنها ذو القعدة بكماله وعشرة من ذي الحجة وكان ذلك بعد خلاصهم من فرعون وإنجائهم من البحر وقوله تعالى « وإذا آتينا موسى الكتاب » يعني التوراة « والفرقان » وهو ما يفرق بين الحق والباطل والهدى والضلالة « لعلكم تهتدون » وكان ذلك أيضا بعد خروجهم من البحر كما دل عليه سياق الكلام في سورة الأعراف « ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للناس وهدى ورحمة لعلهم يتذكرون » وقيل الواو زائدة والمعنى ولقد آتينا موسى الكتاب والفرقان وهذا غريب وقيل عطف عليه وإن كان المعنى واحد كما في قول الشاعر-وقدمت الأديم لراقشيه فألفى قولها كذبا وميناوقال الآخر-ألا حبذا هند وأرض بها هند وهند أتى من دونها النأي والبعد-فالكذب هو المين والنأي هو البعد وقال عنترة-حييت من طلل تقادم عهده أقوى وأقفر بعد أم الهيثم-فعطف الإقفار على الإقواء وهو هو تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الإثنين نوفمبر 10, 2008 1:37 am | |
| 54-وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ هذه صفة توبته تعالى على بني إسرائيل من عبادة العجل قال الحسن البصري رحمه الله في قوله تعالى « وإذ قال موسى لقومه ياقوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل » فقال ذلك حين وقع في قلوبهم من شأن عبادتهم العجل ما وقع حتى قال الله تعالى « ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا » الآية قال فذلك حين يقول موسى « ياقوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل » وقال أبو العالية وسعيد بن جبير والربيع بن أنس « فتوبوا إلى بارئكم » أي إلى خالقكم قلت وفي قوله ههنا « إلى بارئكم » تنبيه على عظم جرمهم أي فتوبوا إلى الذي خلقكم وقد عبدتم معه غيره وقد روى النسائي « كبرى 11326 » وابن جرير « 16/164 » وابن أبي حاتم من حديث يزيد بن هارون عن الأصبغ بن زيد الوراق عن القاسم بن أبي أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال فقال الله تعالى إن توبتهم أن يقتل كل واحد منهم من لقي من والد وولد فيقتله بالسيف ولا يبالي من قتل في ذلك المواطن فتاب أولئك الذين كانوا خفى على موسى وهارون ما أطلع الله على ذنوبهم فاعترفوا بها وفعلوا ما أمروا به فغفر الله للقاتل والمقتول وهذا قطعة من حديث الفتون وسيأتي في سورة طه بكامله إن شاء الله وقال ابن جرير حدثني عبد الكريم بن الهيثم حدثنا إبراهيم بن بشار حدثنا سفيان بن عيينة قال قال أبو سعد عن عكرمة عن ابن عباس قال قال موسى لقومه توبوا إلى بارئكم « فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم » قال أمر موسى قومه عن أمر ربه عز وجل أن يقتلوا أنفسهم قال واحتبى الذين عبدوا العجل فجلسوا وقام الذين لم يعكفوا عن العجل فأخذوا الخناجر بأيديهم وأصابتهم ظلمة شديدة فجعل يقتل بعضهم بعضا فانجلت الظلمة عنهم وقد جلوا عن سبعين ألف قتيل كل من قتل منهم كانت له توبة وكل من بقي كانت له توبة وقال ابن جريج أخبرني القاسم بن أبي بزة أنه سمع سعيد بن جبير ومجاهدا يقولان في قوله تعالى « فاقتلوا أنفسكم » قالا قام بعضهم إلى بعض بالخناجر يقتل بعضهم بعضا لا يحنوا رجل على قريب ولا بعيد حتى ألوى موسى بثوبه فطرحوا مابأيديهم فكشف عن سبعين ألف قتيل وإن الله أوحى إلى موسى أن حسبي فقد اكتفيت فذلك حين ألوى موسى بثوبه وروي عن علي رضى الله عنه نحو ذلك وقال قتادة أمر القوم بشديد من الأمر فقاموا يتناحرون بالشفار يقتل بعضهم بعضا حتى بلغ الله فيهم نقمته فسقطت الشفار من أيديهم فأمسك عنهم القتلى فجعل لحيهم توبة وللمقتول شهادة وقال الحسن البصري أصابتهم ظلمة حندس فقتل بعضهم بعضا ثم انكشف عنهم فجعل توبتهم في ذلك وقال السدي في قوله « فاقتلوا أنفسكم » قال فاجتلد الذين عبدوه والذين لم يعبدوه بالسيوف فكان من قتل من الفريقين شهيدا حتى كثر القتل حتى كادوا أن يهلكوا حتى قتل منهم سبعون ألفا وحتى دعا موسى وهارون ربنا أهلكت بني إسرائيل ربنا البقية البقية فأمرهم أن يلقوا السلاح وتاب عليهم فكان من قتل منهم من الفريقين شهيدا ومن بقي مكفرا عنه فذلك قوله « فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم » وقال الزهري لما أمرت بنو إسرائيل بقتل أنفسها برزوا ومعهم موسى فاضطربوا بالسيوف وتطاعنوا بالخناجر وموسى رافع يديه حتى إذا أفنوا بعضهم قالوا يانبي الله أدع الله لنا وأخذوا بعضديه يسندون يديه فلم يزل أمرهم على ذلك حتى إذا قبل الله توبتهم قبض أيديهم بعضهم عن بعض فألقوا السلاح وحزن موسى وبنو إسرائيل للذي كان من القتل فيهم فأوحى الله جلثناؤه إلى موسى ما يحزنك أما من قتل منهم فحي عندي يرزقون وأما من بقي فقد قبلت توبته فسر بذلك موسى وبنو إسرائيل رواه ابن جرير بإسناد جيد عنه وقال ابن إسحاق لما رجع موسى إلى القوم وأحرق العجل وذراه في اليم خرج إلى ربه بمن اختار من قومه فأخذتهم الصاعقة ثم بعثوا فسأل موسى ربه التوبة لبني إسرائيل من عبادة العجل فقال لا إلا أن يقتلوا أنفسهم قال فبلغني أنهم قالوا لموسى نصبر لأمر الله فأمر موسى من لم يكن عبد العجل أن يقتل من عبده فجلسوا بالأفنية وأصلت عليهم القوم السيوف فجعلوا يقتلونه وبكى موسى وبهش إليه النساء والصبيان يطلبون العفو عنهم فتاب الله عليهم وعفا عنهم وأمر موسى أن ترفع عنهم السيوف وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم لما رجع موسى إلى قومه وكانوا سبعون رجلا قد إعتزلوا مع هارون العجل لم يعبدوه فقال لهم موسى إنطلقوا إلى موعد ربكم فقالوا يا موسى ما من توبة قال بلى أقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم الآية فاخترطوا السيوف والجرزة والخناجر والسكاكين قال وبعث عليهم ضبابة قال فجعلوا يتلامسون بالأيدي ويقتل بعضهم بعضا قال ويلقى الرجل أباه وأخاه فيقتله وهو لا يدري قال ويتنادون فيها رحم الله عبدا صبر نفسه حتى يبلغ الله رضاه قال فقتلاهم شهداء وتيب على أحيائهم ثم قرأ « فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم » تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الإثنين نوفمبر 10, 2008 1:41 am | |
| 55-وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ 56-ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ يقول تعالى واذكروا نعمتي عليكم في بعثي لكم بعد الصعق إذ سألتم رؤيتي جهرة عيانا مما لا يستطاع لكم ولا لأمثالكم كما قال ابن جريج قال ابن عباس في هذه الآية « وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة » قال علانية وكذا قال إبراهيم بن طهمان عن عباد بن إسحاق عن أبي الحويرث عن ابن عباس أنه قال في قول الله تعالى « لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة » أي علانية أي حتى نرى الله وقال قتادة والربيع بن أنس « حتى نرى الله جهرة » أي عيانا وقال أبو جعفر عن الربيع بن أنس هم السبعون الذين إختارهم موسى فساروا معه قال فسمعوا كلاما فقالوا « لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة » قال فسمعوا صوتا فصعقوا يقول ماتوا وقال مروان بن الحكم فيما خطب به على منبر مكة الصاعقة صيحة من السماء وقال السدي في قوله « فأخذتكم الصاعقة » الصاعقة نار وقال عروة بن رويم في قوله « وأنتم تنظرون » قال صعق بعضهم وبعض ينظرون ثم بعث هؤلاء وصعق هؤلاء وقال السدي « فأخذتكم الصاعقة » فماتوا فقام موسى يبكي ويدعو الله ويقول رب ماذا أقول لبني إسرائيل إذا أتيتهموقد أهلكت خيارهم « لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا » فأوحى الله إلى موسى ان هؤلاء السبعين ممن اتخذوا العجل ثم إن الله أحياهم فقاموا وعاشوا رجل رجل ينظر بعضهم إلى بعض كيف يحيون قال فذلك قوله تعالى « ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون » وقال الربيع بن أنس كان موتهم عقوبة لهم فبعثوا من بعد الموت ليستوفوا آجالهم وكذا قال قتادة وقال ابن جرير حدثنا محمد بن حميد حدثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق قال لما رجع موسى إلى قومه فرأى ماهم عليه من عبادة العجل وقال لأخيه وللسامري ما قال وحرق العجل وذرأه في اليم اختار موسى منهم سبعين رجلا الخير فالخير وقال انطلقوا إلى الله وتوبوا إلى الله مما صنعتم واسألوه التوبة على من تركتم وراءكم من قومكم صوموا وتطهروا وطهروا ثيابكم فخرج بهم إلى طور سيناء لميقات وقته له ربه وكان لا يأتيه إلا بإذن منه وعلم فقال له السبعون فيما ذكر لي حين صنعوا ما أمروا به وخرجوا للقاء الله قالوا يا موسى اطلب لنا إلى ربك نسمع كلام ربنا فقال أفعل فلما دنا موسى من الجبل وقع عليه الغمام حتى تغشى الجبل كله ودنا موسى فدخل فيه وقال للقوم ادنوا وكان موسى إذا كلمه الله وقع على جبهته نور ساطع لا يستطيع أحد من بني آدم أن ينظر إليه فضرب دونه بالحجاب ودنا القوم حتى إذا دخلوا في الغمام وقعوا سجودا فسمعوه وهو يكلم موسى ويأمره وينهاه افعل ولا تفعل فلما فرغ إليه من أمره انكشفعن موسى الغمام فأقبل إليهم فقالوا لموسى « لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة » فأخذتهم الرجفة وهي الصاعقة فماتوا جميعا وقام موسى يناشد ربه ويدعوه ويرغب إليه ويقول « رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي » قد سفهوا أفتهلك من ورائي من بني إسرائيل بما يفعل السفهاء منا أي إن هذا لهم هلاك واختلات منهم سبعين رجلا الخير فالخير أرجع إليهم وليس معي منهم رجل واحد فما الذي يصدقوني به ويأمنوني عليه بعد هذا « إنا هدنا إليك » فلم يزل موسى يناشد ربه عز وجل ويطلب إليه حتى رد إليهم أرواحهم وطلب إليه التوبة لبني إسرائيل من عبادة العجل فقال لا إلا أن يقتلوا أنفسهم هذا سياق محمد بن إسحاق وقال إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير لما تابت بنو إسرائيل من عبادة العجل وتاب الله عليهم بقتل بعضهم لبعض كما أمرهم الله به أمر الله موسى أن يأتيه في كل أناس من بني إسرائيل يعتذرون إليه من عبادة العجل واوعدهم موسى فاختار موسى سبعين رجلا على عينه ثم ذهب بهم ليعتذروا وساق البقية وهذا السياق يقتضي أن الخطاب توجه إلى بني إسرائيل في قوله « وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة » والمراد السبعون المختارون منهم ولم يحك كثير من المفسرين سواه وقد أغرب الرازي في تفسيره حين حكى في قصة هؤلاء السبعين أنهم بعد إحيائهم قالوا إنك لا تطلب من الله شيئا إلا أعطاك فادعه أن يجعلنا أنبياء فدعى بذلك فأجاب الله دعوته وهذا غريب جدا إذ لا يعرف في زمان موسى نبي سوى هارون ثم يوشع بن نون وقد غلط أهل الكتاب أيضا في دعواهم أن هؤلاء رأو الله عز وجل فإن موسى الكليم عليه السلام قد سأل ذلك فمنع منه كيف يناله هؤلاء السبعون القول الثاني في الآية قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في تفسير هذه الآية قال لهم موسى لما رجع من عند ربه بالألواح قد كتب فيها التوراة فوجدهم يعبدون العجل فأمرهم بقتل أنفسهم ففعلوا فتاب الله عليهم فقال إن هذه الألواح فيها كتاب الله فيه أمركم الذي أمركم به ونهيكم الذي نهاكم عنه فقالوا ومن يأخذه بقولك أنت لا والله حتى نرى الله جهرة حتى يطلع الله علينا ويقول هذا كتابي فخذوه فماله لا يكلمنا كما يكلمك أنت ياموسى وقرأ قول الله « لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة » قال فجاءت غضبة من الله فجاءتهم صاعقة بعد التوبة فصعقتهم أجمعون قال ثم أحياهم الله من بعد موتهم وقرأ قول الله « ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون » وقال لهم موسى خذوا كتاب الله فقالوا لا فقال أي شيء أصابكم فقالوا أنا متنا ثم أحيينا قال خذوا كتاب الله قالوا لا فبعث الله ملائكة فنتقت الجبل فوقهم وهذا السياق يدل على أنهم كلفوا بعدما أحيوا وقد حكى الماوردي في ذلك قولين أحدهما أنه سقط التكليف عنهم لمعاينتهم الأمر جهرا حتى صاروا مضطرين إلى التصديق والثاني أنهم مكلفون لئلا يخلو عاقل من تكليف قال القرطبي وهذا هو الصحيح لأن معاينتهم للأمور الفظيعة لا تمنع تكليفهم لأن بني إسرائيل قد شاهدوا أمورا عظاما من خوارق العادات وهم في ذلك مكلفون وهذا واضح والله أعلم تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير
| |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الإثنين نوفمبر 10, 2008 1:45 am | |
| 57-وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ لما ذكر تعالى مادفعه عنهم من النقم شرع يذكرهم أيضا بما أسبغ عليهم من النعم فقال « وظللنا عليكم الغمام » وهو جمع غمامة سمي بذلك لأنه يغم السماء أي يواريها ويسترها وهو السحاب الأبيض ظللوا به في التيه ليقيهم حر الشمس كما رواه النسائي وغيره عن ابن عباس في حديث الفتون قال ثم ظلل عليهم في التيه بالغمام قال ابن أبي حاتم وروي عن ابن عمر والربيع بن أنس وأبي مجلز والضحاك والسدي نحوه قول ابن عباس وقال الحسن وقتادة « وظللنا عليكم الغمام » كان هذا في البرية ظلل عليهم الغمام من الشمس وقال ابن جرير قال آخرون وهو غمام أبرد من هذا وأطيب وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أبو حذيفة حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد « وظللنا عليكم الغمام » قال ليسبالسحاب هو الغمام الذي يأتي الله فيه يوم القيامة ولم يكن إلا لهم وهكذا رواه ابن جرير عن المثنى بن إبراهيم عن أبي حذيفة وكذا رواه الثوري وغيره عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وكأنه يريد والله أعلم أنه ليس من زي هذا السحاب بل أحسن منه وأطيب وأبهى منظرا كما قال سنيد في تفسيره عن حجاج بن محمد عن ابن جريج قال قال ابن عباس « وظللنا عليكم الغمام » قال غمام أبرد من هذا وأطيب وهو الذي يأتي الله فيه في قوله « هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة » وهو الذي جاءت فيه الملائكة يوم بدر قال ابن عباس وكان معهم في التيه وقوله تعالى « وأنزلنا عليكم المن » اختلفت عبارات المفسرين في المن ما هو فقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس كان المن ينزل عليهم على الأشجار فيغدون إليه فيأكلون منه ما شاؤوا وقال مجاهد المن صمغة وقال عكرمة المن شيء أنزله الله عليهم مثل الطل شبه الرب الغليظ وقال السدي قالوا يا موسى كيف لنا بما ههنا أين الطعام فأنزل الله عليهم المن فكان يسقط على شجرة الزنجبيل وقال قتادة كان المن ينزل عليهم في محلهم سقوط الثلج أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل يسقط عليهم من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس يأخذ الرجل منهم قدر ما يكفيه يومه ذلك فاذا تعدى ذلك فسد ولم يبق حتى إذا كان يوم سادسه يوم جمعته أخذ ما يكفيه ليوم سادسه ويوم سابعه لأنه كان يوم عيد لا يشخص فيه لأمر معيشته ولا يطلبه لشيء وهذا كله في البرية وقال الربيع بن أنس المن شراب كان ينزل عليهم مثل العسل فيمزجونه بالماء ثم يشربونه وقال وهب بن منبه وسئل عن المن فقال خبز رقاق مثل الذرة أو مثل النقي وقال أبو جعفر بن جرير حدثني محمد بن إسحاق حدثنا أبو أحمد حدثنا إسرائيل عن جابر عن عامر وهو الشعبي قال عسلكم هذا جزء من سبعين جزءا من المن وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أنه العسل ووقع في شعر أمية بن أبي الصلت حيث قال-فرأى الله أنهم بمضيع لابذي مزرع ولا مثمورا**فنساها عليهم غاديات ويرى مزنهم خلايا وخورا**عسلا ناطفا وماء فراتا وحليبا ذا بهجة مزمورا-فالناطف هو السائل والحليب المزمور الصافي منه والغرض أن عبارات المفسرين متقاربة في شرح المن فمنهم من فسره بالطعام ومنهم من فسره بالشراب والظاهر والله أعلم أنه كل ما امتن الله به عليهم من طعام وشراب وغير ذلك مما ليس لهم فيه عمل ولا كد فالمن المشهور إن أكل وحده كان طعاما وحلاوة وإن مزج مع الماء صار شرابا طيبا وان ركب مع غيره صارنوعا آخر ولكن ليس هو المراد من الآية وحده والدليل على ذلك قول البخاري « 4478 » حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن عبد الملك عن عمرو بن حريث عن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليهوسلم الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين وهذا الحديث رواه الإمام أحمد « 1/187 » عن سفيان بن عيينة عن عبد الملك وهو ابن عمير به وأخرجه الجماعة في كتبهم « م 2049 ت 2067 جه 3454 س كبرى 6667 » إلا أبا داود من طرق عن عبد الملك وهو ابن عمير به وقال الترمذي حسن صحيح ورواه البخاري « 5708 » ومسلم « 2049 » والنسائي « كبرى 6666 » من رواية الحكم عن الحسن العرني عن عمرو بن حريث به وقال الترمذي « 2066 » حدثنا أبو عبيدة بن أبي السفر ومحمود بن غيلان قال ا حدثنا سعيد بن عامر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم العجوة من الجنة وفيها شفاء من السم والكمأة من المن وماؤها شفاء للعين تفرد بإخراجه الترمذي ثم قال هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن عمرو وإلا من حديث سعيد بن عامر عنه وفي الباب عن سعيد بن زيد وأبي سعيد وجابر كذا قال وقد رواه الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره من طريق آخر عن أبي هريرة فقال حدثنا أحمد بن الحسن بن أحمد البصري حدثنا أسلم بن سهل حدثنا القاسم بن عيسى حدثنا طلحة بن عبد الرحمن عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين وهذا حديث غريب من هذا الوجه وطلحة بن عبد الرحمن هذا السلمي الواسطي يكنى بأبي محمد وقيل أبو سليمان المؤدب قال فيه الحافظ أبو أحمد بن عدي روى عن قتادة أشياء لا يتابع عليها ثم قال الترمذي حدثنا محمد بن بشار حدثنا معاذ بن هشام حدثنا أبي عن قتادة عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا الكمأة جدري الأرض فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين والعجوة من الجنة وهي شفاء من السم وهذا الحديث قد رواه النسائي « كبرى تحفة 13496 » عن محمد بن بشار به وعنه « كبرى 6673 » عن غندر عن شعبة عن أبي بشر جعفر بن إياس عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة به و « كبرى 667 » عن محمد بن بشار عن عبد الأعلى عن خالد الحذاء عن شهر بن حوشب بقصة الكمأة فقط وروى النسائي أيضا « كبرى تحفة 13496 » وابن ماجه « 3455 » من حديث محمد بن بشار عن أبي عبد الصمد عبد العزيز بن عبد الصمد عن مطر الوراق عن شهر بقصة العجوة عند النسائي وبالقصتين عند ابن ماجه وهذه الطريق منقطعة بين شهر بن حوشب وأبي هريرة فإنه لم يسمع منه بدليل مارواه النسائي في الوليمة من سننه « كبرى 6670 » عن علي بنالحسين الدرهمي عن عبد الأعلى عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن أبي هريرة قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يذكرون الكمأة وبعضهم يقول جدري الأرض فقال الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين وروي عن شهر بن حوشب عن أبي سعيد وجابر كما قال الإمام أحمد « 3/48 » حدثنا أسباط بن محمد حدثنا الأعمش عن جعفر بن إياس عن شهر بن حوشب عن جابر بن عبد الله وأبي سعيد الخدري قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين والعجوة من الجنة وهي شفاء من السم وقال النسائي في الوليمة أيضا حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبي بشر جعفر بن إياس عن شهر بن حوشب عن أبي سعيد وجابر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين ثم رواه أيضا وابن ماجه « 3453 » من طرق عن الأعمش عن أبي بشر عن شهر عنهما به وقد رويا أعني النسائي « كبرى 6676 » من حديث جرير وابن ماجه « 3453 » من حديث سعيد بن مسلمة كلاهما عن الأعمش عن جعفر بن إياس عن أبي نضرة عن أبي سعيد زاد النسائي وجابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين ورواه ابن مردويه عن أحمد بن عثمان حدثنا عباس الدوري عن لاحق ابن صواب عن عمار بن رزيق عن الأعمش كابن ماجه وقال ابن مردويه أيضا حدثنا أحمد بن عثمان حدثنا عباس الدوري حدثنا الحسن بن الربيع حدثنا أبو الأحوص عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي سعيد الخدري قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده كمآت فقال الكماة من المن وماؤها شفاء للعين وأخرجه النسائي « كبرى تحفة 4131 » عن عمرو بن منصور عن الحسن بن الربيع كما ذكر ابن مردويه ثم رواه أيضا عن عبد الله بن إسحاق عن الحسن بن سلام عن عبيد الله بن موسى عن شيبان عن الأعمش به وكذا رواه النسائي « كبرى 6678 » عن أحمد بن عثمان بن حكيم عن عبيد الله بن موسى وقد روي من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه كما قال ابن مردويه حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم حدثنا حمدون بن أحمد حدثنا حوثرة بن أشرس حدثنا حماد عن شعيب بن الحبحاب عن أنس أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تداروا في الشجرة التي اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار فقال بعضهم تحسبه الكمأة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين والعجوة من الجنة وفيها شفاء من السم وهذا الحديث محفوظ أصله من رواية حماد بن سلمة وقد روى الترمذي « 3119 » والنسائي « كبرى 11262 » من طريقه شيئا من هذا والله أعلم وروي عن شهر عن ابن عباس كما رواه النسائي أيضا في الوليمة « 6669 » عن أبي بكر أحمد بن علي بن سعيد عن عبد الله بن عون الخراز عن أبي عبيدة الحداد عن عبد الجليل بن عطية عن شهر عن عبد الله بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين فقد اختلف كما ترى فيه على شهر بن حوشب ويحتمل عندي أنه حفظه ورواه من هذا الطرق كلها وقد سمعه من بعض الصحابة وبلغه عن بعضهم فان الأسانيد إليه جيدة وهو لا يعتمد الكذب وأصل الحديث محفوظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدم من رواية سعيد بن زيد رضي الله عنه وأما السلوى فقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس السلوى طائر يشبه بالسماني كانوا يأكلون منه وقال السدي في خبره ذكره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة السلوى طائر يشبه السماني وقال ابن أبي حاتم حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا قرة ابن خالد عن جهضم عن ابن عباس قال السلوى هو السماني وكذا قال مجاهد والشعبي والضحاك والحسن وعكرمةوالربيع بن أنس رحمهم الله تعالى وعن عكرمة أما السلوى فطير كطير يكون بالجنة أكبر من العصفور أو نحو ذلك وقال قتادة السلوى كان من طير إلى الحمرة تحشرها عليهم الريح الجنوب وكان الرجل يذبح منها قدر ما يكفيه يومه ذلك فاذا تعدى فسد ولم يبق عنده حتى إذا كان يوم سادسه ليوم جمعته أخذ ما يكفيه ليوم سادسه ويوم سابعه لأنه كان يوم عبادة لا يشخص فيه لشيء ولا يطلبه وقال وهب بن منبه السلوى طير سمين مثل الحمامة كان يأتيهم فيأخذون منه من سبت إلى سبت وفي رواية عن وهب قال سألت بنو إسرائيل موسى عليه السلام لحما فقال الله لأطعمنهم من أقل لحم يعلم في الأرض فأرسل عليهم ريحا فأذرت عند مساكنهم السلوى وهو السماني مثل ميل في ميل قيد رمح في السماء فخبؤوا للغد فنتن اللحم وخنز الخبز وقال السدي لما دخل بنو إسرائيل التيه قالوا لموسى عليه السلام كيف لنا بما ههنا أين الطعام فأنزل الله عليهم المن فكان ينزل على شجر الزنجبيل والسلوى وهو طائر يشبه السماني أكبر منه فكان يأتي أحدهم فينظر إلى الطير فان كان سمينا ذبحه وإلا أرسله فاذا سمن أتاه فقالوا هذا الطعام فأين الشراب فأمر موسى فضرب بعصاه الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا فشرب كل سبط من عين فقالوا هذا الشراب فأين الظل فظل عليهم الغمام فقالوا هذا الظل فأين اللباس فكانت ثيابهم تطول معهم كما تطول الصبيان ولا يتخرق لهم ثوب فذلك قوله تعالى « وظللنا عليهم الغمام وأنزلنا عليهم المن والسلوى » وقوله « وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين » وروى عن وهب بن منبه وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم نحو ما قاله السدي وقال سنيد عن حجاج عن ابن جريج قال قال ابن عباس خلق لهم في التيه ثياب لا تخرق ولاتدرن قال ابن جريج فكان الرجل إذا أخذ من المن والسلوى فوق طعام يوم فسد الا أنهم كانوا يأخذون في يوم الجمعة طعام يوم السبت فلا يصبح فاسدا قال ابن عطية السلوى طير باجماع المفسرين وقد غلط الهذلي في قوله انه العسل وأنشد في ذلك مستشهدا-وقاسمها بالله جهدا لأنتم ألذ من السلوى اذا ما أشورها-قال فظن أن للسلوى عسلا قال القرطبي دعوى الإجماع لا تصح لأن المؤرج أحد علماء اللغة والتفسير قال إنه العسل واستدل ببيت الهذلي هذا وذكر أنه كذلك في لغة كنانة لأنه يسلى به ومنه عين سلوان وقال الجوهري السلوى العسل واستشهد ببيت الهذلي أيضا والسلوانةبالضم خرزة كانوا يقولون إذا صب عليها ماء المطر فشربها العاشق سلا قال الشاعر-شربت على سلوانة ماء مزنة فلا وجديد العيش يامي ما أسلو-واسم ذلك الماء السلوان وقال بعضهم السلوان دواء يشفي الحزين فيسلو والأطباء يسمونه مفرج قالوا والسلوى جمع بلفظ الواحد أيضا كما يقال سماني للمفرد والجمع وويلي كذلك وقال الخليل واحده سلواة وأنشد-وإني لتعروني لذكراك هزة كما انتفض السلواة من بلل القطر-وقال الكسائي السلوى واحدة وجمعه سلاوي نقله كله القرطبي وقوله تعالى « كلوا من طيبات ما رزقناكم » أمر إباحة وإرشاد وامتنان وقوله تعالى « وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون » أي أمرناهم بالأكل مما رزقناهم وأن يعبدوا كما قال « كلوا من رزق ربكم واشكروا له » فخالفوا وكفروا فظلموا أنفسهم هذا مع ما شاهدوه من الآيات البينات والمعجزات القاطعات وخوارق العادات ومن ههنا تتبين فضيلة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم على سائر أصحاب الأنبياء في صبرهم وثباتهم وعدم تعنتهم مع ما كانوا معه في أسفاره وغزواته منها عام تبوك في ذلك القيظ والحر الشديد والجهد لم يسألوا خرق عادة ولا إيجاد أمر مع أن ذلك كان سهلا على النبي صلى الله عليه وسلم ولكن لما أجهدهم الجوع سألوه في تكثير طعامهم فجمعوا ما معهم فجاء قدر مبرك الشاة فدعا الله فيه وأمرهم فملؤوا كل وعاء معهم وكذا لما احتاجوا إلى الماء سأل الله تعالى فجاءتهم سحابة فأمطرتهم فشربوا وسقوا الإبل وملؤوا أسقيتهم ثم نظروا فاذا هي لم تجاوز العسكر فهذا هو الأكمل في اتباع الشيء مع قدر الله مع متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الإثنين نوفمبر 10, 2008 1:47 am | |
| 58-وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ هَـذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ 59-فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ يقول تعالى لائما لهم على نكولهم عن الجهاد ودخولهم الأرض المقدسة لما قدموا من بلاد مصر صحبة موسى عليه السلام فأمروا بدخول الارض المقدسة التي هي ميراث لهم عن أبيهم إسرائيل وقتال من فيها من العماليق الكفرة فنكلوا عن قتالهم وضعفوا واستحسروا فرماهم الله في التيه عقوبة لهم كما ذكره تعالى في سورة المائدة ولهذا كان أصح القولين أن هذه البلدة هي بيت المقدس كما نص على ذلك السدي والربيع بن أنس وقتادة وأبو مسلم الأصفهاني وغير واحد وقد قال الله تعالى حاكيا عن موسى « يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا » الآيات وقال آخرون هي أريحا ويحكى عن ابن عباس وعبد الرحمن بن زيد وهذا بعيد لأنها ليست على طريقهم وهم قاصدون بيت المقدس لا أريحاء وأبعد من ذلك قول من ذهب إلى أنها مصر حكاه الرازي في تفسيره والصحيح الأول أنها بيت المقدس وهذا كان لما خرجوا من التيه بعد أربعين سنة مع يوشع بن نون عليه السلام وفتحها الله عليهم عشية جمعة وقد حبست لهم الشمس يومئذ قليلا حتى أمكن الفتح ولما فتحوها أمروا أن يدخلوا الباب باب البلد « سجدا » أي شكرا لله تعالى على ما أنعم عليهم من الفتح والنصر ورد عليهم وإنقاذهم من التيه والضلال قال العوفي في تفسيره عن ابن عباس أنه كان يقول في قوله تعالى « وادخلوا الباب سجدا » أي ركعا وقال ابن جرير حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا سفيان عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله « وادخلوا الباب سجدا » قال ركعا من باب صغير ورواه الحاكم « 2/262 » من حديث سفيان به ورواه ابن أبي حاتم من حديث سفيان وهو الثوري به وزاد فدخلوا من قبل أستاههم وقال الحسن البصري أمروا أن يسجدوا على وجوههم حال دخولهم واستبعده الرازي وحكي عن بعضهم أن المراد ههنا بالسجود الخضوع لتعذر حمله على حقيقته وقال خصيف قال عكرمة قال ابن عباس كان الباب قبل القبلة وقال ابن عباس ومجاهد والسدي وقتادة والضحاك هو باب الحطة من باب إيلياء بيت المقدس وحكى الرازي عن بعضهم أنه عني بالباب جهة من جهات القبلة وقال خصيف قال عكرمة قال ابن عباس فدخلوا على شق وقال السدي عن أبي سعيد الأزدي عن أبي الكنود عن عبد الله بن مسعود و قيل لهم أدخلوا الباب سجدا فدخلوا مقنعي رؤسهم أي رافعي رؤسهم خلاف ما أمروا وقوله تعالى « وقولوا حطة » قال الثوري عن الأعمش عن المنهال عن سعيد بن جبير عن أبي عباس « وقولوا حطة » قال مغفرة أستغفروا وروي عن عطاء والحسن وقتادة والربيع بن أنس نحوه وقال الضحاك عن ابن عباس « وقولوا حطة » قال قولوا هذا الأمر حق كما قيل لكم وقال عكرمة قولوا لا إله إلا الله وقال الأوزاعي كتب ابن عباس إلى رجل قد سماه فسأله عن قوله تعالى « وقولوا حطة » فكتب إليه أن أقر بالذنب وقال الحسن وقتادة أي أحطط عنا خطايانا « نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين » وقال هذا جواب الأمر أي إذا فعلتم ما أمرناكم غفرنا لكم الخطيئات وضعفنا لكم الحسنات وحاصل الأمر أنهم أمروا ان يخضعوا لله تعالى عند الفتح بالفعل والقول وان يعترفوا بذنوبهم ويستغفروا منها والشكر على النعمة عندها والمبادرة إلى ذلك من المحبوب عند الله تعالى كما قال تعالى « إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا » فسره بعض الصحابة لكثرة الذكر والإستغفار عند الفتح والنصر وفسره ابن عبس بأنه نعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أجله فيها وأقره على ذلك عمر رضي الله عنه ولا منافاة بين أن يكون قد أمر بذلك عند ذلك ونعي إليه روحه الكريمة أيضا ولهذا كان عليه الصلاة والسلام يظهر عليه الخضوع جدا عند النصر كما روي أنه كان يوم الفتح فتح مكة داخلا إليها من الثنية العليا وإنه لخاضع لربه حتىأن عثنونه ليمس مورك رحله شكرا لله على ذلك ثم لما دخل البلد اغتسل وصلى ثماني ركعات وذلك ضحى فقال بعضهم هذه صلاة الضحى وقال آخرون بل هي صلاة الفتح فاستحبوا للإمام وللأمير إذا فتح بلدا ان يصلي فيه ثماني ركعات عند أول دخوله كما فعل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لما دخل إيوان كسرى صلى فيه ثماني ركعات والصحيح أنه يفصل بين كل ركعتين بتسليم وقيل يصليها كلها بتسليم واحد والله أعلم وقوله تعالى « فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم » قال البخاري حدثني محمد حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن ابن المبارك عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال قيل لبني إسرائيل « ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة » فدخلوا يزحفون على أستاههم فبدلوا وقالوا حبة في شعرة ورواه النسائي « كبرى 10989 » عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن مهدي به موقوفا و « كبرى 10990 » عن محمد بن عبيد بن محمد عن ابن المبارك ببعضه مسندا في قوله تعالى « حطة » قال فبدلوا وقالوا حبة وقال عبد الرزاق أنبأنا معمر عن همام بن منبه أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله لبني إسرائيل « ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم » فبدلوا ودخلوا الباب يزحفون على أستاههم فقالوا حبة في شعرة وهذا حديث صحيح رواه البخاري « 3403 » عن إسحاق بن نصر ومسلم « 3015 » عن محمد بن رافع والترمذي « 2956 » عن عبد بن حميد كلهم عن عبد الرزاق به وقال الترمذي حسن صحيح وقال محمد بن إسحاق كان تبديلهم كما حدثني صالح بن كيسان عن صالح مولى التوامة عن أبي هريرة وعمن لا أتهم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال دخلوا الباب الذي أمروا أن يدخلوا فيه سجدا يزحفون على أستاههم وهم يقولون حنطة في شعيرة وقال أبو داود « 4006 » حدثنا أحمد بن صالح وحدثنا سليمان بن داود حدثنا عبد الله بن وهب حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الله لبني إسرائيل أدخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم ثم قال أبو داود « 4007 » حدثنا جعفر بن مسافر حدثنا ابن أبي فديك عن هشام بن سعد مثله هكذا رواه منفردا به في كتاب الحروف مختصرا وقال ابن مردويه حدثنا عبد الله بن جعفر حدثنا إبراهيم بن مهدي حدثنا أحمد بن محمد بن المنذر القزاز حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن هشام بن سعد عن زيدبن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان من آخر الليل أجزنا في ثنية يقال لها ذات الحنظل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما مثل هذه الثنية الليلة إلا كمثل الباب الذي قال الله لبني إسرائيل ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وقال سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن البراء « سيقول السفهاء من الناس » قال اليهود قيل لهم أدخلوا الباب سجدا قال ركعا وقولوا حطة أي مغفرة فدخلوا على أستاههم وجعلوا يقولون حنطة حمراء فيها شعيرة فذلك قول الله تعالى « فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم » وقال الثوري عن السدي عن أبي سعد الأزدي عن أبي الكنود عن ابن مسعود وقولوا حطة فقالوا حنطة حبة حمراء فيها شعيرة فأنزل الله « فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم » قال أسباط عن السدي عن مرة عن ابن مسعود أنه قال إنهم قالوا هطا سمعانا أزبة مزبا فهي بالعربية حبة حنطة حمراء مثقوبة فيها شعرة سوداء فذلك قوله تعالى « فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم » وقال الثوري عن الأعمش عن المنهال عن سعيد عن ابن عباس في قوله تعالى « أدخلوا الباب سجدا » قال ركعا من باب صغير فدخلوا من قبل أستاههم وقالوا حنطة فذلك قوله تعالى « فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم » وهكذا روي عن عطاء ومجاهد وعكرمة والضحاك والحسن وقتادة والربيع بن أنس ويحيى بن رافع وحاصل ماذكره المفسرون ومادل عليه السياق أنهم بدلوا أمر الله لهم من الخضوع بالقول والفعل فأمروا أن يدخلوا سجدا فدخلوا يزحفون على أستاههم من قبل أستاههم رافعي رؤسهم وأمروا أن يقولوا حطة أي أحطط عنا ذنوبنا وخطايانا فاستهزأوا فقالوا حنطة في شعيرة وهذا في غاية ما يكون من المخالفة والمعاندة ولهذا أنزل الله بهم بأسه وعذابه بفسقهم وهو خروجهم عن طاعته ولهذا قال « فانزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون » وقال الضحاك عن ابن عباس كل شيء في كتاب الله من الرجس يعني به العذاب وهكذا روي عن مجاهد وأبي مالك والسدي والحسن وقتادة أنه العذاب وقال أبو العالية الرجز الغضب وقال الشعبي الرجز إما الطاعونوإما البرد وقال سعيد بن جبير الطاعون وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا وكيع عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن إبراهيم بن سعد يعني ابن أبي وقاص عن سعد بن مالك وأسامة بن زيد وخزيمة بن ثابت رضي الله عنهم قالوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاعون رجز أو عذاب عذب به من كان قبلكم وهكذا رواه النسائي « كبرى 7523 م 2218 » من حديث سفيان الثوري به وأصل الحديث في الصحيحين « خ 5728 م 2218 » من حديث حبيب بن أبي ثابت إذا سمعتم الطاعون بأرض فلا تدخلوها الحديث قال ابن جرير أخبرني يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن يونس عن الزهري قال أخبرني عامر بن سعد بن للأبي وقاص عن أسامة بن زيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن هذا الوجع والسقم رجز عذب به بعض الأمم قبلكم وهذا الحديث أصله مخرج في الصحيحين « خ 3473 م 2218 » من حديث الزهري ومن حديث مالك عن محمد بن المنكدر وسالم بن أبي النضر عن عامر بن سعد بنحوه تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الإثنين نوفمبر 10, 2008 1:48 am | |
| 60-وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ يقول تعالى واذكروا نعمتي عليكم في إجابتي لنبيكم موسى عليه السلام حين استسقاني لكم وتيسيري لكم الماء وإخراجه لكم من حجر يحمل معكم وتفجيري الماء لكم منه من ثنتي عشرة عينا لكل سبط من أسباطكم عين قد عرفوها فكلوا من المن والسلوى واشربوا من هذا الماء الذي أنبعته لكم بلا سعي منكم ولا كد واعبدوا الذي سخر لكم ذلك « ولا تعثوا في الأرض مفسدين » ولا تقابلوا النعم بالعصيان فتسلبوها وقد بسطه المفسرون في كلامهم كما قال ابن عباس رضي الله عنه وجعل بين ظهرانيهم حجر مربع وأمر موسى عليه السلام فضربه بعصاه فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا في كل ناحية منه ثلاث عيون وأعلم كل سبط عينهم يشربون منها لا يرتحلون من منقلة إلا وجدوا ذلك معهم بالمكان الذي كان منهم بالمنزل الأول وهذا قطعة من الحديث الذي رواه النسائي « كبرى 11326 » وابن جرير وابن أبي حاتم وهو حديث الفتون الطويل وقال عطية العوفي وجعل لهم حجرا مثل رأس الثور يحمل على ثور فإذا نزلوا منزلا وضعوه فضربه موسى عليه السلام بعصاه فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا فاذا ساروا حملوه على ثور فاستمسك الماء وقال عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه كان لبني إسرائيل حجر فكان يضعه هارون ويضربه موسى بالعصا وقال قتادة كان حجرا طوريا من الطور يحملونه معهم حتى إذا نزلوا ضربه موسى بعصاه وقال الزمخشري وقيل كان من رخام وكان ذراعا في ذراع وقيل مثل رأس الإنسان وقيل كان من الجنة طوله عشرة أذرع على طول موسى وله شعبتان يتقدان في الظلمة وكان يحمل على حمار قال وقيل أهبطه آدم من الجنة فتوارثوه حتى وقع إلى شعيب فدفعه اليه مع العصا وقيل هو الحجر الذي وضع عليه ثوبه حين اغتسل فقال له جبريل ارفع هذا الحجر فان فيه قدرة ولك فيه معجزة فحمله في مخلاته قال الزمخشري ويحتمل أن تكون اللام للجنس لا للعهد أي أضرب الشيء الذي يقال له الحجر وعن الحسن لم يأمره أن يضرب حجرا بعينه قال وهذا أظهر في المعجزة وأبين في القدرة فكان يضرب الحجر بعصاه فينفجر ثم يضربه فييبس فقالوا إن فقد موسى هذا الحجر عطشنا فأوحى الله اليه أن يكلم الحجارة فتنفجر ولا يمسها بالعصا لعلهم يقرون والله أعلم وقال يحيى بن النضر قلت لجويبر كيف علم كل أناس مشربهم قال كان موسى يضع الحجر ويقوم من كل سبط رجل ويضرب موسى الحجر فينفجر منه اثنتا عشرة عينا فينضح من كل عين على رجل فيدعو ذلك الرجل سبطه إلى تلك العين وقال الضحاك قال ابن عباس لما كان بنو إسرائيل في التيه شق لهم من الحجر أنهارا وقال الثوري عن أبي سعيد عن عكرمة عن ابن عباس قال ذلك في التيه ضرب لهم موسى الحجر فصار منه اثنتا عشرة عينا من ماء لكل سبط منهم عين يشربون منها وقال مجاهد نحو قول ابن عباس وهذه القصة شبيهة بالقصة التي في سورة الأعراف ولكن تلك مكية فلذلك كان الإخبار عنهم بضمير الغائب لأن الله تعالى يقصعلى رسوله صلى الله عليه وسلم مافعل بهم وأما في هذه السورة وهي البقرة فهي مدنية فلهذا كان الخطاب فيها متوجها إليهم وأخبر هناك بقوله « فانبجست منه اثنتا عشرة عينا » وهو أول الإنفجار وأخبر ههنا بما آل اليه الحال آخرا وهو الإنفجار فناسب ذكر الإنفجار ههنا وذاك هناك والله أعلم وبين السياقين تباين من عشرة أوجه لفظية ومعنوية قد سأل عنها الزمخشري في تفسيره وأجاب عنها بما عنده والأمر في ذلك قريب والله أعلم تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الإثنين نوفمبر 10, 2008 1:59 am | |
| 61-وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ يقول تعالى واذكروا نعمتي عليكم في إنزالي عليكم المن والسلوى طعاما طيبا نافعا هنيئا سهلا واذكروا دبركم وضجركم مما رزقناكم وسؤالكم موسى استبدال ذلك بالأطعمة الدنيئة من البقول ونحوها مما سألتم وقال الحسن البصري فبطروا ذلك فلم يصبروا عليه وذكروا عيشهم الذي كانوا فيه وكانوا قوما أهل أعداس وبصل وبقل وفوم فقالوا « يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها » وإنما قالوا على طعام واحد وهم يأكلون المن والسلوى لأنه لا يتبدل ولا يتغير كل يوم فهو مأكل واحد فالبقول والقثاء والعدس والبصل كلها معروفة وأما الفوم فقد اختلف السلف في معناه فوقع في قراءة ابن مسعود وثومها بالثاء وكذا فسره مجاهد في رواية ليث بن أبي سليم عنه بالثوم وكذا الربيع بن أنس وسعيد بن جبير وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عمرو بن رافع حدثنا أبو عمارة يعقوب بن إسحاق البصري عن يونس عن الحسن في قوله « وفومها » قال قال ابن عباس الثوم قالوا وفي اللغة القديمة فوموا لنا بمعنى اختزوا قال ابن جرير فان كان ذلك صحيحا فإنه من الحروف المبدلة كقولهم وقعوا في عاثور شر وعافور شر وأثافي وأثاثي ومغافير ومغاثير وأشباه ذلك مما تقلب الفاء ثاء والثاء فاء لتقارب مخرجيهما والله أعلم وقال آخرون الفوم الحنطة وهو البر الذي يعمل منه الخبز قال ابن أبي حاتم حدثنا يونس بن عبد الأعلى قراءة أنبأنا ابن وهب قراءة حدثني نافع بن أبي نعيم أن ابن عباس سئل عن قول الله « وفومها » مافومها قال الحنطة قال ابن عباس اما سمعت قول احيحة بن الجلاح وهو يقول-قد كنت اغنى الناس شخصا واحدا ورد المدينة عن زراعة فوم-وقال ابن جرير حدثنا علي بن الحسن حدثنا مسلم الجهني حدثنا عيسى بن يونس عن رشيد بن كريب عن ابيه عن ابن عباس في قول الله تعالى « وفومها » قال الفوم الحنطة بلسان بني هاشم وكذا قال علي بن أبي طلحة والضحاك عن ابن عباس وعكرمة عنابن عباس أن الفوم الحنطة وقال سفيان الثوري عن ابن جريج عن مجاهد وعطاء « وفومها » قالا وخبزها وقال هشيم عن يونس عن الحسين وحصين عن أبي مالك « وفومها » قال الحنطة وهو قول عكرمة والسدي والحسن البصري وقتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهم فالله أعلم وقال الجوهري الفوم الحنطة وقال ابن دريد الفوم السنبلة وحكى القرطبي عن عطاء وقتادة أن الفوم كل حب يختبز قال وقال بعضهم هو الحمص لغة شامية ومنه يقال لبائعه فامي مغير عن فومي وقال البخاري وقال بعضهم الحبوب التي تؤكل كلها فوم وقوله تعالى « قال اتستبدلون الذي هو ادنى بالذي هو خير » فيه تقريع لهم وتوبيخ على على ما سألوا من هذه الأطعمة الدنيئة مع ماهم فيه من العيش الرغيد والطعام الهنيء الطيب النافع وقوله تعالى « اهبطوا مصرا » هكذا هو منون مصروف مكتوب بالألف في المصاحف الأئمة العثمانية وهو قراءة الجمهور بالصرف قال ابن جرير ولا أستجيز القراءة بغير ذلك لإجماع المصاحف على ذلك وقال ابن عباس « اهبطوا مصرا » قال مصرا من الأمصار رواه ابن أبي حاتم من حديث أبي سعيد البقال سعيد بن المرزبان عن عكرمة عنه قال وروي عن السدي وقتادة والربيع بن أنس نحو ذلك وقال ابن جرير وقع في قراءة أبي بن كعب وابن مسعود « اهبطوا مصر » من غير إجراء يعني من غير صرف ثم روى عن أبي العالية والربيعابن أنس أنهما فسرا ذلك بمصر فرعون وكذا رواه ابن أبي حاتم عن أبي العالية والربيع وعن الأعمش أيضا قال ابن جرير ويحتمل أن يكون المراد مصر فرعون على قراءة الإجراء أيضا ويكون ذلك من باب الإتباع لكتابة المصحف كما في قوله تعالى « قواريرا قواريرا » ثم توقف في المراد ماهو أمصر فرعون أم مصر من الأمصار وهذا الذي قاله فيه نظر والحق أن المراد مصر من الأمصار كما روي عن ابن عباس وغيره والمعنى على ذلك لأن موسى عليه السلام يقول لهم هذا الذي سألتم ليس بأمر عزيز بل هو كثير في أي بلد دخلتموها وجدتموه فليس يساوي مع دناءته وكثرته في الأمصار أن أسأل الله فيه ولهذا قال « أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير أهبطوا مصرا فان لكم ما سألتم » أي ما طلبتم ولما كان سؤالهم هذا من باب البطر والأشر ولا ضرورة فيه لم يجابوا إليه والله أعلم يقول تعالى « وضربت عليهم الذلة والمسكنة » أي وضعت عليهم وألزموا بها شرعا وقدرا أي لا يزالون مستذلين من وجدهم استذلهم وأهانهم وضرب عليهم الصغار وهم مع ذلك في أنفسهم أذلاء متمسكنون قال الضحاك عن ابن عباس « وضربت عليهم الذلة والمسكنة » قال هم أصحاب النيالات يعني الجزية وقال عبد الرزاق عن معمر عن الحسن وقتادة في قوله تعالى « وضربت عليهم الذلة » قال يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون وقال الضحاك وضربت عليهم الذلة وقال الذل وقال الحسن أذلهم الله فلا منعة لهم وجعلهم تحت أقدام المسلمين وقد أدركتهم هذه الأمة إن المجوس لتجبيهم الجزية وقال أبو العالية والربيع بن أنس والسدي المسكنة الفاقة وقال عطية العوفي الخراج وقال الضحاك الجزية وقوله تعالى « وباؤا بغضب من الله » قال الضحاك استحقوا الغضب من الله وقال الربيع بن أنس فحدث عليهم غضب من الله وقال سعيد بن جبير « وباؤا بغضب من الله » يقول استوجبوا سخطا وقال ابن جرير يعني بقوله « وباؤوا بغضب من الله » انصرفوا ورجعوا ولايقال باء إلا موصولا إما بخير وإما بشر يقال منه باء فلان بذنبه يبوء به بوءا وبواء ومنه قوله تعالى « إني أريد أن تبوء باثمي وإثمك » يعني تنصرف متحملهما وترجع بهما قد صارا عليك دوني فمعنى الكلام إذا رجعوا منصرفين متحملين غضب الله قد صار عليهم من الله غضب ووجب عليهم من الله سخط وقوله تعالى « ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق » يقول تعالى هذا الذي جازيناهم من الذلة والمسكنة وإحلال الغضب بهم من الذلة بسبب إستكبارهم عن اتباع الحق وكفرهم بآيات الله وإهانتهم حملة الشرع وهم الأنبياء وأتباعهم فانتقصوهم إلى أن أفضى بهم الحال إلى أن قتلوهم فلا كفر أعظم من هذا إنهم كفروا بآيات الله وقتلوا أنبياء الله بغير الحق ولهذا جاء في الحديث المتفق على صحته « م 91 » أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الكبر بطر الحق وغمط الناس وقال الإمام أحمد « 1/385 » رحمه الله حدثنا إسماعيل عن ابن عون عن عمرو بن سعيد عن حميد بن عبد الرحمن قال قال ابن مسعود كنت لا أحجب عن النجوى ولا عن كذا ولا عن كذا فاتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده مالك بن مرارة الرهاوي فأدركته من آخر حديثه وهو يقول يا رسول الله قد قسم لي من الجمال ما ترى فما أحب أن أحدا من الناس فضلني بشراكين فما فوقهما أليس ذلك هو البغي فقال لا ليس ذلك من البغي ولكن البغي من بطر أو قال سفه الحق وغمط الناس يعني رد الحق وانتقاص الناس والإزدراء بهم والتعاظم عليهم ولهذا لما ارتكب بنو إسرائيل ما ارتكبوه من الكفر بآيات الله وقتلهم أنبياءه أحل الله بهم بأسه الذي لا يرد وكساهم ذلا في الدنيا موصولا بذل الآخرة جزاء وفاقا قال أبو داود الطيالسي حدثنا شعبة عن الأعمش عن إبراهيم عن أبي معمر عن عبد الله بن مسعود قال كانت بنو إسرائيل في اليوم تقتل ثلاث مئة نبي ثم يقيموا سوق بقلهم من آخر النهار وقد قال الإمام أحمد حدثنا عبد الصمد حدثنا أبان حدثنا عاصم عن أبي وائل عن عبد الله يعني ابن مسعود أن رسول الله صلى اللهعليه وسلم قال أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل قتله نبي أو قتل نبيا وإمام ضلالة وممثل من الممثلين وقوله تعالى « ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون » وهذه علة أخرى في مجازاتهم بما جوزوا به أنهم كانوا يعصون ويعتدون فالعصيان فعل المناهي والاعتداء المجاوزة في حد المأذون فيه والمأمور به والله أعلم تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الإثنين نوفمبر 10, 2008 2:01 am | |
| 62-إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ لما بين تعالى حال من خالف أوامره وارتكب زواجره وتعدى في فعل ما لا إذن فيه وانتهاك المحارم وما أحل بهم من النكال نبه تعالى على أن من أحسن من الأمم السالفة وأطاع فان له جزاء الحسنى وكذلك الأمر إلى قيام الساعة كل من اتبع الرسول النبي الأمي فله السعادة الأبدية ولا خوف عليهم فيما يستقبلونه ولاهم يحزنون على ما يتركونه ويخلفونه كما قال تعالى « ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون » وكما تقول الملائكة للمؤمنين عند الإحتضار في قوله « إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التى كنتم توعدون » قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا ابن أبي عمر العدني حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال قال سلمان رضي الله عنه سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أهل دين كنت معهم فذكرت منصلاتهم وعبادتهم فنزلت « إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر » إلى آخر الآية وقال السدي « إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا » الآية نزلت فى أصحاب سليمان الفارسى يينا هو يحدث النبي صلى الله عليه وسلم إذ ذكر أصحابه فأخبره خبرهم فقال كانوا يصلون ويصومون ويؤمنون بك ويشهدون أنك ستبعث نبيا فلما فرغ سلمان من ثنائه عليهم قال له نبي الله صلى الله عليه وسلم يا سلمان هم من أهل النار فاشتد ذلك على سلمان فأنزل الله هذه الآية فكان إيمان اليهود أنه من تمسك بالتوراة وسنة موسى عليه السلام حتى جاء عيسى فلما جاء عيسى كان من تمسك بالتوراة وأخذ بسنة موسى فلم يدعها ولم يتبع عيسى كان هالكا وإيمان النصارى أن من تمسك بالإنجيل منهم وشرائع عيسى كان مؤمنا مقبولا منه حتى جاء محمد صلى الله عليه وسلم فمن لم يتبع محمدا صلى الله عليه وسلم منهم ويدع ما كان عليه من سنة عيسى والإنجيل كان هالكا قال ابن أبي حاتم وروي عن سعيد بن جبير نحو هذا « قلت » وهذا لا ينافي ماروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس « إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمنبالله واليوم الآخر » الآية قال فأنزل الله بعد ذلك « ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين » فإن هذا الذي قاله ابن عباس إخبار عن أنه لا يقبل من أحد طريقة ولا عملا إلا ما كان موافقا لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن بعثه بما بعثه به فأما قبل ذلك فكل من اتبع الرسول في زمانه فهو على هدى وسبيل ونجاة فاليهود أتباع موسى عليه السلام الذين كانوا يتحاكمون إلى التوراة في زمانهم واليهود من الهوادة وهي المودة أو التهود وهي التوبة كقول موسى عليه السلام « إنا هدنا اليك » أي تبنا فكأنهم سموا بذلك في الأصل لتوبتهم ومودتهم في بعضهم لبعض وقيل لنسبتهم إلى يهودا أكبر أولاد يعقوب وقال أبو عمرو بن العلاء لأنهم يتهودون أي يتحركون عند قراءة التوراة فلما بعث عيسى صلى الله عليه وسلم وجب على بني إسرائيل إتباعه والإنقياد له فاصحابه وأهل دينه هم النصارى وسموا بذلك لتناصرهم فيما بينهم وقد يقال لهم أنصار أيضا كما قال عيسى عليه السلام « من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله » وقيل إنهم إنما سموا بذلك من أجل أنهم نزلوا أرضا يقال لها ناصرة قاله قتادة وابن جريج وروي عن ابن عباس أيضا والله أعلم والنصارى جمع نصران كنشاوي جمع نشوان وسكارى جمع سكران ويقال للمرأة نصرانة قال الشاعر نصرانة لم تحنف فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم خاتما للنبيين ورسولا إلى بني آدم على الإطلاق وجب عليهم تصديقه فيماأخبر وطاعته فيما أمر والإنكفاف عما عنه زجر وهؤلاء هم المؤمنون حقا وسميت أمة محمد صلى الله عليه وسلم مؤمنين لكثرة إيمانهم وشدة إيقانهم ولأنهم يؤمنون بجميع الأنبياء الماضية والغيوب الآتية وأما الصابئون فقد اختلف فيهم فقال سفيان الثوري عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد قال الصائبون قوم بين المجوس واليهود والنصارى ليس لهم دين وكذا رواه ابن أبي نجيح عنه وروي عن عطاء وسعيد بن جبير نحو ذلك وقال أبو العالية والربيع بن أنس والسدي وأبو الشعثاء جابر بن زيد والضحاك وإسحاق بن راهويه والصابئون فرقة من أهل الكتاب يقرءون الزبور ولهذا قال أبو حنيفة وإسحاق لا بأس بذبائحهم ومناكحتهم وقال هشيم عن مطرف كنا عند الحكم بن عتبة فحدثه رجل من أهل البصرة عن الحسن أنه كان يقول في الصابئين إنهم كالمجوس فقال الحكم ألم أخبركم بذلك وقال عبد الرحمن بن مهدي عن معاوية بن عبد الكريم سمعت الحسن ذكر الصابئين فقال هم قوم يعبدون الملائكة وقال ابن جرير حدثنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه عن الحسن قال أخبر زياد أن الصابئين يصلون إلى القبلة ويصلون الخمس قال فأراد أن يضع عنهم الجزية قال فخبر بعد أنهم يعبدون الملائكة وقال أبو جعفر الرازي بلغني أن الصابئين قوم يعبدون الملائكة ويقرءون الزبور ويصلون للقبلة وكذا قال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة وقال ابن أبي حاتم حدثنا يونس بن عبد الأعلى أخبرنا ابن وهب أخبرني ابن أبي الزناد عن ابيه قال الصائبون قوم مما يلي العراق وهم بكوثى وهم يؤمنون بالنبيين كلهم ويصومون من كل سنة ثلاثين يوما ويصلون إلى اليمن كل يوم خمس صلوات وسئل وهب بن منبه عن الصائبين فقال الذي يعرف الله وحده وليست له شريعة يعمل بها ولم يحدث كفرا وقال عبد الله بن وهب قال عبد الرحمن بن زيد الصائبون أهل دين من الأديان كانوا بجزيرة الموصل يقولون لا إله إلا الله وليس لهم عمل ولا كتاب ولا نبي إلا قول لا إله إلا الله قال ولم يؤمنوا برسول فمن أجل ذلك كان المشركون يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه هؤلاء الصائبون يشبهونهم بهم يعني في قول لا إله إلا الله وقال الخليل هم قوم يشبه دينهم دين النصارى إلا أن قبلتم نحو مهب الجنوب يزعمون أنهم على دين نوح عليه السلام وحكى القرطبي عن مجاهد والحسن وابن أبي نجيح أنهم قوم تركب دينهم بين اليهود والمجوس ولا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح نساؤهم قال القرطبي والذي تحصل من مذهبهم فيما ذكره بعض العلماء أنهم موحدون ويعتقدون تأثير النجوم وأنها فاعلة ولهذا أفتى أبو سعيد الإصطخري بكفرهم للقادر بالله حين سأله عنهم واختار الرازي أن الصابئين قوم يعبدون الكواكب بمعنى أن الله جعلها قبلة للعبادة والدعاء أو بمعنى أن الله فوض تدبير أمر هذا العالم إليها قال وهذا القول هو المنسوب إلى الكشرانيين الذين جاءهم إبراهيم عليه السلام رادا عليهم مبطلا لقولهم وأظهر الأقوال والله أعلم قول مجاهد ومتابعيه ووهب بن منبه أنهم قوم ليسوا على دين اليهود ولا النصارى ولا المجوس ولا المشركين وإنما هم قوم باقون على فطرتهم ولا دين مقرر لهم يتبعونه ويقتفونه ولهذا كان المشركون ينبزون من أسلم بالصابيء أي أنه قد خرج عن سائر أديان أهل الأرض إذ ذاك وقال بعض العلماء الصابئون الذين لم تبلغهم دعوة نبي والله أعلم تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الإثنين نوفمبر 10, 2008 2:02 am | |
| 63-وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ 64-ثُمَّ تَوَلَّيْتُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ يقول تعالى مذكرا بني إسرائيل ما أخذ عليهم من العهود والمواثيق بالإيمان به وحده لا شريك له واتباع رسله وأخبر تعالى أنه لما أخذ عليهم الميثاق رفع الجبل فوق رءوسهم ليقروا بما عوهدوا عليه ويأخذوه بقوة وجزم وامتثال كما قال تعالى « وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون » فالطور هو الجبل كما فسره به في الأعراف ونص على ذلك ابن عباس ومجاهد وعطاء وعكرمة والحسن والضحاك والربيع بن أنس وغير واحد وهذا ظاهر وفي رواية عن ابن عباس الطور ما أنبت من الجبال ما لم ينبت فليس بطور وفي حديث الفتونعن ابن عباس أنهم لما امتنعوا عن الطاعة رفع عليهم الجبل ليسمعوا وقال السدي فلما أبو أن يسجذوا أمر الله الجبل يقع عليهم فنظروا اليه وقد غشيهم فسقطوا سجدا فسجدوا على شق ونظروا بالشق الآخر فرحمهم الله فكشفه عنهم فقالوا والله ما سجدة أحب إلى الله من سجدة كشف بها العذاب عنهم فهم يسجدون كذلك وذلك قول الله تعالى « ورفعنا فوقكم الطور » وقال الحسن في قوله « خذوا ما آتيناكم بقوة » يعني التوراة وقال أبو العالية والربيع بن أنس بقوة أي بطاعة وقال مجاهد « بقوة » بعمل بما فيه وقال قتادة « خذوا ما آتيناكم بقوة » القوة الجد وإلا قذفته عليكم قال فأقروا بذلك أنهم يأخذون ما أوتوا بقوة ومعنى قوله وإلا قذفته عليكم أي أسقطه عليكم يعني الجبل وقال أبو العالية والربيع « واذكروا ما فيه » يقول اقرءوا ما في التوراة واعملوا به وقوله تعالى « ثم توليتم من بعد ذلك فلولا فضل الله » يقول تعالى ثم بعد هذا الميثاق المؤكد العظيم توليتم عنه وانثنيتم ونقضتموه « فلولا فضل الله عليكم ورحمته » أي بتوبته عليكم وإرساله النبيين والمرسلين إليكم « لكنتم من الخاسرين » بنقضكم ذلك الميثاق في الدنيا والآخرة تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الإثنين نوفمبر 10, 2008 2:04 am | |
| 65-وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ 66-فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ يقول تعالى « ولقد علمتم » يا معشر اليهود ما أحل من البأس بأهل القرية التي عصت أمر الله وخالفوا عهده وميثاقه فيما أخذه عليهم من تعظيم السبت والقيام بأمره إذ كان مشروعا لهم فتحيلوا على اصطياد الحيتان في يوم السبت بما وضعوا لها من الشصوص والحبائل والبرك قبل يوم السبت فلما جاءت يوم السبت على عادتها في الكثرة نشبت بتلك الحبائل والحيل فلم تخلص منها يومها ذلك فلما كان الليل أخذوها بعد انقضاء السبت فلما فعلوا ذلك مسخهم الله إلى صورة القردة وهي أشبه بالأناسي في الشكل الظاهر وليست بإنسان حقيقة فكذلك أعمال هؤلاء وحيلتهم لما كانت مشابهة للحق في الظاهر ومخالفة له في الباطن كان جزاؤهم من جنس عملهم وهذه القصة مبسوطة في سورة الأعراف حيث يقول تعالى « واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يستبون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون » القصة بكمالها وقال السدي أهل هذه القرية هم أهل أيلة وكذا قال قتادة وسنورد أقوال المفسرين هناك مبسوطة إن شاء الله وبه الثقة وقوله تعالى « فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين » قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أبو حذيفة حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد « فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين » قال مسخت قلوبهم ولم يمسخوا قردة وإنما هو مثل ضربه الله « كمثل الحمار يحمل أسفارا » ورواه ابن جرير عن المثنى عن أبي حذيفة وعن محمد بن عمرو الباهلي عن أبي عاصم عن عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به وهذا سند جيد عن مجاهد وقول غريب خلاف الظاهر من السياق في هذا المقام وفي غيره قال الله تعالى « قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت » الآية وقال العوفي في تفسيره عن ابن عباس « فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين » فجعل الله منهم القردة والخنازير فزعم أن شباب القوم صاروا قردة وأن المشيخة صاروا خنازير وقال شيبان النحوي عن قتادة « فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين » فصار القوم قردة تعاوى لها أذناب بعدما كانوا رجالا ونساء وقال عطاء الخراساني نودوا يا أهل القرية « كونوا قردة خاسئين » فجعل الذين نهوهم يدخلون عليهم فيقولون يافلان ألم ننهكم فيقولون برءوسهم أي بلى وقال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسن حدثنا عبد الله بن محمد بن الربيع بالمصيصية حدثنا محمد بن مسلم يعني الطائفي عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس قال إنما كان الذين اعتدوا في السبت فجعلوا قردة فواقا ثم هلكوا ما كان للمسخ نسل وقال الضحاك عن ابن عباس فمسخهم الله قردة بمعصيتهم يقول إذ لا يحيون في الأرض إلا ثلاثة أيام قال ولم يعش مسخ قط فوق ثلاثة أيام ولم يأكل ولم يشرب ولم ينسل وقد خلق الله القردة والخنازير وسائر الخلق في الستة الأيام التي ذكرها الله في كتابه فمسخ هؤلاء القوم في صورة القردةوكذلك يفعل بمن يشاء كما يشاء ويحوله كما يشاء وقال أبو جعفر عن الربيع عن أبي العالية في قوله « كونوا قردة خاسئين » قال يعني أذلة صاغرين وروي عن مجاهد وقتادة والربيع وأبي مالك نحوه وقال محمد بن إسحاق عن داود بن أبي الحصين عن عكرمة قال قال ابن عباس إن الله إنما افترض على بني إسرائيل اليوم الذي افترض عليكم في عيدكم يوم الجمعة فخالفوا إلى السبت فعظموه وتركوا ما أمروا به فلما أبوا إلا لزوم السبت ابتلاهم الله فيه فحرم عليهم ما أحل لهم في غيره وكانوا في قرية بين أيلة والطور يقال لها مدين فحرم الله عليهم في السبت الحيتان صيدها وأكلها وكانوا إذا كان يوم السبت أقبلت إليهم شرعا إلى ساحل بحرهم حتى إذا ذهب السبت ذهبن فلم يروا حوتا صغيرا ولا كبيرا حتى إذا كان يوم السبت أتين سرا حتى إذا ذهب السبت ذهبن فكانوا كذلك حتى طال عليهم الأمد وقرموا إلى الحيتان عمد رجل منهم فاخذ حوتا سرا يوم السبت فخرمه بخيط ثم أرسله في الماء وأوتد له وتدا في الساحل فأوثقه ثم تركه حتى إذا كان الغد جاء فأخذه أي إني لم آخذه في يوم السبت فانطلق به فأكله حتى إذا كان يوم السبت الآخر عاد لمثل ذلك ووجد الناس ريح الحيتان فقال أهل القرية والله لقد وجدنا ريح الحيتان ثم عثروا على صنيع ذلك الرجل قال ففعلوا كما فعل وصنعوا سرا زمانا طويلا لم يعجل الله عليهم العقوبة حتى صادوها علانية وباعوها في الأسواق فقالت طائفة منهم من أهل البقية ويحكم اتقوا الله ونهوهم عما كانوا يصنعون فقالت طائفة أخرى لم تأكل الحيتان ولم تنه القوم عما صنعوا « لم تعظون قوما الله مهلكم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم » بسخطنا أعمالهم « ولعلهم يتقون » قال ابن عباس فبينما هم على ذلك أصبحت تلك البقية في أنديتهم ومساجدهم فقدوا الناس فلم يروهم قال فقال بعضهم لبعض إن للناس شأنا فانظروا ماهو فذهبوا ينظرون في دورهم فوجدوها مغلقة عليهم قد دخلوها ليلا فغلقوها على أنفسهم كما يغلق الناس على أنفسهم فأصبحوا فيها قردة وإنهم ليعرفون الرجل بعينه وإنه لقرد والمرأة بعينها وإنها لقردة والصبي بعينه وإنه لقرد قال قال ابن عباس فلولا ماذكر الله أنه نجى الذين نهوا عن السوء لقد أهلك الله الجميع منهم قال وهي القرية التي قال جل ثناؤه لمحمد صلى الله عليه وسلم « واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر » الآية وروى الضحاك عن ابن عباس نحوا من هذا وقال السدي في قوله تعالى « ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهمكونوا قردة خاسئين » قال هم أهل أيلة وهي القرية التي كانت حاضرة البحر فكانت الحيتان إذا كان يوم السبت وقد حرم الله على اليهود أن يعملوا في السبت شيئا لم يبق في البحر حوت إلا خرج حتى يخرجن خراطيمهن من الماء فإذا كان يوم الأحد لزمن مقل البحر فلم ير منهن شيء حتى يكون يوم السبت فذلك قوله تعالى « واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم » فاشتهى بعضهم السمك فجعل الرجل يحفر الحفيرة ويجعل لها نهرا إلى البحر فإذا كان يوم السبت فتح النهر فأقبل الموج بالحيتان يضربها حتى يلقيها في الحفيرة فيريد الحوت ان يخرج فلا يطيق من أجل قلة ماء النهر فيمكث فيها فإذا كان يوم الأحد جاء فأخذه فجعل الرجل يشوي السمك فيجد جاره روائحه فيسأله فيخبره فيصنع مثل ما صنع جاره حتى فشا فيهم أكل السمك فقال لهم علماؤهم ويحكم إنما تصطادون يوم السبت وهو لا يحل لكم فقالوا إنما صدناه يوم الأحد حين أخذناه فقال الفقهاء لا ولكنكم صدتموه يوم فتحتم له الماء فدخل قال وغلبوا أن ينتهوا فقال بعض الذين نهوهم لبعض « لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا » يقول لم تعظوهم وقد وعظتموهم فلم يطيعوكم فقال بعضهم « معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون » فلما أبوا قال المسلمون والله لا نساكنكم في قرية واحدة فقسموا القرية بجدار فتح المسلمون بابا والمعتدون في السبت بابا ولعنهم داود عليه السلام فجعل المسلمون يخرجون من بابهم والكفار من بابهم فخرج المسلمون ذات يوم ولم يفتح الكفار بابهم فلما أبطؤوا عليهم تسور المسلمون عليهم الحائط فإذا هم قردة يثب بعضهم على بعض ففتحوا عنهم فذهبوا في الأرض فذلك قول الله تعالى « فلما عتوا عما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين » وذلك حين يقول « لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم » الآية فهم القردة « قلت » والغرض من هذا السياق عن هؤلاء الأئمة بيان خلاف ماذهب إليه مجاهد رحمه الله من أن مسخهم إنما كان معنويا لا صوريا بل الصحيحأنه معنوي صوري والله تعالى أعلم وقوله تعالى « فجعلناها نكالا » قال بعضهم الضمير في فجعلناها عائد على القردة وقيل على الحيتان وقيل على العقوبة وقيل على القرية حكاها ابن جرير والصحيح أن الضمير عائد على القرية أي فجعل الله هذه القرية والمراد أهلها بسبب اعتدائهم في سبتهم « نكالا » أي عاقبناهم عقوبة فجعلناها عبرة كما قال الله عن فرعون « فأخذه الله نكال الآخرة والأولى » وقوله تعالى « لما بين يديها وما خلفها » أي من القرى قال ابن عباس يعني جعلناها بما أحللنا بها من العقوبة عبرة لما حولها من القرى كما قال تعالى « ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى وصرفنا الآيات لعلهم يرجعون » ومنه قوله تعالى « أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها » الآية على أحد الأقوال فالمراد لما بين يديها وما خلفها في المكان كما قال محمد بن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس لما بين يديها من القرى وما خلفها من القرى وكذا قال سعيد بن جبير لما بين يديها وما خلفها قال من بحضرتها من الناس يومئذ وروي عن إسماعيل بن أبي خالد وقتادة وعطية العوفي « فجعلناها نكالا لما بين يديها » قال ما قبلها من الماضين في شأن السبت وقال أبو العالية والربيع وعطية وما خلفها لما بقي بعدهم من الناس من بني إسرائيل أن يعملوا مثل عملهم وكان هؤلاء يقولون المراد لما بين يديها وما خلفها في الزمان وهذا مستقيم بالنسبة إلى من يأتي بعدهم من الناس أن تكون أهل تلك القرية عبرة لهم وأما بالنسبة إلى من سلف قبلهم من الناس فكيف يصح هذا الكلام أن تفسر الآية به وهو أن يكون عبرة لمن سبقهم وهذا لعل أحدا من الناس ولا يقوله بعد تصوره فتعين أن المراد بما بين يديها وما خلفها في المكان وهو ما حولها من القرى كما قاله ابن عباس وسعيد بن جبير والله أعلم وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية « فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها » أي عقوبة لما خلا من ذنوبهم وقال ابن أبي حاتم وروى عن عكرمة ومجاهد والسدي والحسن وقتادة والربيع بن أنس والفراء ابن عطية لما بين يديها من ذنوب القوم وما خلفها لمن يعمل بعدها مثل تلك الذنوب وحكى الرازي ثلاثة أقوال « أحدها » أن المراد بما بين يديها وما خلفها من تقدمها من القرى بما عندهم من العلم يخبرها بالكتب المتقدمة ومن بعدها « والثاني » المراد بذلك من بحضرتها من القرى والأمم « والثالث » أنه تعالى جعلها عقوبة لجميع ما ارتكبوه من قبل هذا الفعل وما بعده وهو قول الحسن « قلت » وأرجح الأقوال المراد بما بين يديها وما خلفها من بحضرتها من القرى يبلغهم خبرها وما حل بها كما قال تعالى « ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى » الآية وقال تعالى « ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة » الآية وقال تعالى « أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها » فجعلهم عبرة ونكالا لمن في زمانهم وموعظة لمن يأتي بعدهم بالخبر المتواتر عنهم ولهذا قال « وموعظة للمتقين » وقوله تعالى « وموعظة للمتقين » قال محمد بن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس « وموعظة للمتقين » الذين من بعدهم إلى يوم القيامة وقال الحسن وقتادة « وموعظة للمتقين » بعدهم فيتقون نقمة الله ويحذرونها وقال السدي وعطية العوفي « وموعظة للمتقين » قال أمة محمد صلى الله عليه وسلم « قلت » المراد بالموعظة ههنا الزاجر أي جعلنا ما أحللنا بهؤلاء من البأس والنكال في مقابلة ما ارتكبوه من محارم الله وما تحيلوا به من الحيل فليحذر المتقون صنيعهم لئلا يصيبهم ما أصابهم كما قال الإمام أبو عبد الله بن بطة « جيل 24 » حدثنا أحمد بن محمد بن مسلم حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني حدثنا يزيد بن هارون حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل وهذا إسناد جيد وأحمد بن محمد بن مسلم هذا وثقه الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي وباقي رجاله مشهورون على شرط الصحيح والله أعلم تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير
| |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الإثنين نوفمبر 10, 2008 2:05 am | |
| 67-وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ يقول الله تعالى واذكروا يا بني إسرائيل نعمتي عليكم في خرق العادة لكم في شأن البقرة وبيان القاتل من هو بسببها وإحياء الله المقتول ونصه على من قتله منهم-قصة بقرة بني إسرائيل- « ذكر بسط القصة » قال ابن أبي حاتم حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح حدثنا يزيد بن هارون أنبأنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن عبيدة السلماني قال كان رجل من بني إسرائيل عقيما لا يولد له وكان له مال كثير وكان ابن أخيه وارثه فقتله ثم احتمله ليلا فوضعه على باب رجل منهم ثم أصبح يدعيه عليهم حتى تسلحوا وركب بعضهم على بعض فقال ذوو الرأي منهم والنهي علام يقتل بعضكم بعضا وهذا رسول الله فيكم فأتوا موسى عليه السلام فذكروا ذلك له فقال « إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين » قال فلو لم يعترضوا لأجزأت عنهم أدنى بقرة ولكنهم شددوا فشدد عليهم حتى انتهوا إلى البقرة التي أمروا بذبحها فوجدوها عند رجل ليس له بقرة غيرها فقال والله لا أنقصها من ملء جلدها ذهبا فأخذوها بملء جلدها ذهبا فذبحوها فضربوه ببعضها فقام فقالوا من قتلك فقال هذا لابن أخيه ثم مال ميتا فلم يعط من ماله شيئا فلم يورث قاتل بعد ورواه ابن جرير من حديث أيوب عن محمد بن سيرين عن عبيدة بنحو من ذلك والله أعلم ورواه عبد بن حميد في تفسيره أنبأنا يزيد بن هارون به ورواه آدم بن أبي إياس في تفسيره عن أبي جعفر هو الرازي عن هشام بن حسان به وقال آدم ابن أبي إياس في تفسيره أنبأنا أبو جعفر الرازي عن الربيع عن أبي العالية في قول الله تعالى « إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة » قال كان رجل من بني إسرائيل وكان غنيا ولم يكن له ولد وكان له قريب وكان وارثه فقتله ليرثه ثم ألقاه على مجمع الطريق وأتى موسى عليه السلام فقال له إن قريبي قتل وإني إلى أمر عظيم وإني لا أجد أحدا يبين لي من قتله غيرك يانبي الله قال فنادى موسى في الناس فقال أنشد الله من كان عنده من هذا علم إلا يبينه لنا فلم يكن عندهم علم فأقبل القاتل على موسى عليه السلام فقال له أنت نبي الله فسل لنا ربك أن يبين لنا فسأل ربه فأوحى الله « إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة » فعجبوا من ذلك فقالوا « أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض » يعني لا هرمة « ولا بكر » يعني ولا صغيرة « عوان بين ذلك » أي نصف بين البكر والهرمة « قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قالإنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها » أي صاف لونها « تسر الناظرين » أي تعجب الناظرين « قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول » اي لم يذللها العمل « تثير الأرض ولا تسقي الحرث » يعني وليست بذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث يعني ولا تعمل في الحرث « مسلمة » يعني مسلمة من العيوب « لا شية فيها » يقول لا بياض فيها « قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون » قال ولو أن القوم حين أمروا بذبح بقرة استعرضوا بقرة من البقر فذبحوها لكانت إياها ولكن شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم ولولا أن القوم استثنوا فقالوا وإنا إن شاء الله لمهتدون لما هدوا إليها أبدا فبلغنا أنهم لم يجدوا البقرة التي نعتت لهم إلا عند عجوز وعندها يتامى وهي القيمة عليهم فلما علمت أنه لا يزكوا لهم غيرها أضعفت عليهم الثمن فأتوا موسى فأخبروه أنهم لم يجدوا هذا النعت إلا عند فلانة وأنها سألت أضعاف ثمنها فقال موسى إن الله قد خفف عليكم فشددتم على أنفسكم فأعطوها رضاها وحكمها ففعلوا وأشتروها فذبحوها فأمرهم موسى عليه السلام أن يأخذوا عظما منها فيضربوا به القتيل ففعلوا فرجع إليه روحه فسمى لهم قاتله ثم عاد ميتا كما كان فأخذ قاتله وهو الذي كان أتى موسى عليه السلام فشكا إليه فقتله الله على أسوإ عمله وقال محمد بن جرير حدثني محمد بن سعيد حدثني أبي حدثني عمي حدثني أبي عن أبيه عن ابن عباس في قوله في شان البقرة وذلك أن شيخا من بني إسرائيل على عهد موسى عليه السلام كان مكثرا من المال وكان بنو أخيه فقراء لامال لهم وكان الشيخ لا ولد له وكان بنو أخيه ورثته فقالوا ليت عمنا قد مات فورثنا ماله وإنه لما تطاول عليهم ألا يموت عمهم أتاهم الشيطان فقال لهم هل لكم إلى أن تقتلوا عمكم فترثوا ماله وتغرموا أهل المدينة التي لستم بهاديته وذلك أنهما كانتا مدينتين كانوا في إحداهماوكان القتيل إذا قتل وطرح بين المدينتين قيس مابين القتيل والقريتين فأيتهما كانت أقرب إليه غرمت الدية وأنهم لما سول لهم الشيطان ذلك وتطاول عليهم أن لا يموت عمهم عمدوا إليه فقتلوه ثم عمدوا فطرحوه على باب المدينة التي ليسوا فيها فلما أصبح أهل المدينة جاء بنو أخي الشيخ فقالوا عمنا قتل على باب مدينتكم فوالله لتغرمن لنا دية عمنا قال أهل المدينة نقسم بالله ما قتلنا ولا علمنا قاتلا ولا فتحنا باب مدينتنا منذ أغلق حتى أصبحنا وإنهم عمدوا إلى موسى عليه السلام فلما أتوه قال بنو أخي الشيخ عمنا وجدناه مقتولا على باب مدينتهم وقال أهل المدينة نقسم بالله ما قتلناه ولا فتحنا باب المدينة من حين أغلقناه حتى أصبحنا وإن جبرائيل جاء بأمر السميع العليم إلى موسى عليه السلام فقال قل لهم « إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة » فتضربوه ببعضها وقال السدي « واذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة » قال كان رجل من بني إسرائيل مكثرا من المال فكانت له ابنة وكان له ابن أخ محتاج فخطب إليه ابن أخيه ابنته فأبى أن يزوجه فغضب الفتى وقال والله لأقتلن عمي ولآخذن ماله ولأنكحن ابنته ولآكلن ديته فأتاه الفتى وقد قدم تجار في بعض أسباط بني إسرائيل فقال ياعم انطلق معي فخذ لي من تجارة هؤلاء القوم لعلي أن أصيب منهم فانهم إذا رأوك معي أعطوني فخرج العم مع الفتى ليلا فلما بلغ الشيخ ذلك السبط قتله الفتى ثم رجع إلى أهله فلما أصبح جاء كأنه يطلب عمه كأنه لا يدري أين هو فلم يجده فانطلق نحوه فإذا هو بذلك السبط مجتمعين عليه فأخذهم وقال قتلتم عمي فأدوا إلي ديته فجعل يبكي ويحثو التراب على رأسه وينادي واعماه فرفعهم إلى موسى فقضى عليهم بالدية فقالوا له يا رسول الله ادع لنا ربك حتى يبين لنا من صاحبه فيؤخذ صاحب القضية فوالله إن ديته علينا لهينة ولكن نستحي أن نعير به فذلك حين يقول تعالى « وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون » فقال لهم موسى « إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة » قالوا نسألك عن القتيل وعمن قتله وتقول اذبحوا بقرة أتهزأ بنا « قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين » قال ابن عباس فلو اعترضوا بقرة فذبحوها لأجزأت عنهم ولكن شددوا وتعنتوا على موسى فشدد الله عليهم فقالوا « أدع لنا ربك يبين لنا ماهي قال إنه يقول إنها بقرة لافارض ولا بكر عوان بين ذلك » والفارض الهرمة التي لا تولد والبكر التي لم تلد إلا ولدا واحدا والعوان النصف التي بين ذلك التي قد ولدت وولد ولدها « فافعلوا ما تؤمرون قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها » قال نقي لونها « تسر الناظرين » قال تعجب الناظرين « قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لاشية فيها » من بياض ولاسواد ولا حمرة « قالوا الآن جئت بالحق » فطلبوها فلم يقدروا عليها وكان رجل في بني إسرائيل من أبر الناس بأبيه وإن رجلا مر به معه لؤلؤ يبيعه وكان أبوه نائما تحت رأسه المفتاح فقال له الرجل تشتري مني هذا اللؤلؤ بسبعين ألفا فقال له الفتى كما أنت حتى يستيقظ أبي فآخذه منك بثمانين ألفا قال الآخر أيقظ أباك وهو لك بستين ألفا فجعل التاجر يحط له حتى بلغ ثلاثين ألفا وزاد الآخر على أن ينتظر أباه حتى يستيقظ حتى بلغ مئة ألف فلما أكثر عليه قال والله لا أشتريه منك بشيء أبدا وأبى أن يوقظ أباه فعوضه الله من ذلك اللؤلؤ أن جعل له تلك البقرة فمرت به بنو إسرائيل يطلبون البقرة وأبصروا البقرة عنده فسألوه أن يبيعهم إياها بقرة ببقرة فأبى فأعطوه ثنتين فأبى فزادوه حتى بلغوا عشرا فقالوا والله لا نتركك حتى نأخذها منك فانطلقوا به إلى موسى عليه السلام فقالوا يا نبي الله إنا وجدناها عند هذا وأبى أن يعطيناها وقد أعطيناه ثمنا فقال له موسى أعطهم بقرتك فقال يا رسول الله أنا أحق بمالي فقال صدقت وقال للقوم أرضوا صاحبكم فأعطوه وزنها ذهبا فأبى فأضعفوه له حتى أعطوه وزنها عشر مرات ذهبا فباعهم إياها وأخذ ثمنها فذبحوها قال اضربوه ببعضها فضربوه بالبضعة التي بين الكتفين فعاش فسألوه من قتلك فقال لهم ابن أخي قال أقتله فآخذ ماله وأنكح ابنته فاخذوا الغلام فقتلوه وقال سنيد حدثنا حجاج هو ابن محمد عن ابن جريج عن مجاهد وحجاج عن أبي معشر عن محمد بن كعب القرظي ومحمد بن قيس دخل حديث بعضهم في حديث بعض قالوا إن سبطا من بني إسرائيل لما رأوا كثرة شرور الناس بنوا مدينة فاعتزلوا شرور الناس فكانوا إذا أمسوا لم يتركوا أحدا منهم خارجا الا أدخلوه وإذا أصبحواقام رئيسهم فنظر وأشرف فإذا لم ير شيئا فتح المدينة فكانوا مع الناس حتى يمسوا قال وكان رجل من بني إسرائيل له مال كثير ولم يكن له وراث غير أخيه فطال عليه حياته فقتله ليرثه ثم حمله فوضعه على باب المدينة ثم كمن في مكان هو وأصحابه قال فأشرف رئيس المدينة على باب المدينة فنظر فلم ير شيئا ففتح الباب فلما رأى القتيل رد الباب فناداه أخو المقتول وأصحابه هيهات قتلتموه ثم تردون الباب وكان موسى لما رأى القتل كثيرا في بني إسرائيل كان إذا رأى القتيل بين ظهراني القوم أخذهم فكاد يكون بين أخي المقتول وبين أهل المدينة قتال حتى لبس الفريقان السلاح ثم كف بعضهم عن بعض فأتوا موسى فذكروا له شأنهم قالوا يا موسى إن هؤلاء قتلوا قتيلا ثم ردو الباب قال أهل المدينة يا رسول الله قد عرفت اعتزالنا الشرور وبنينا مدينة كما رأيت نعتزل شرور الناس والله ما قتلنا ولا علمنا قاتلا فأوحى الله تعالى إليه أن يذبحوا بقرة لهم موسى « إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة » وهذه السياقات عن عبيدة وأبي العالية والسدي وغيرهم فيها اختلاف ما والظاهر أنها ما خوذة من كتب بني إسرائيل وهي مما يجوز نقلها ولكن لا تصدق ولا تكذب فلهذا لا يعتمد عليها إلا ما وافق الحق عندنا والله أعلم تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الإثنين نوفمبر 10, 2008 2:07 am | |
| 68-قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ 69-قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِـعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ 70-قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاء اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ 71-قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا قَالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ أخبر تعالى عن تعنت بني إسرائيل وكثرة سؤالهم لرسولهم ولهذا لما ضيقوا على أنفسهم ضيق الله عليهم ولو أنهم ذبحوا أي بقرة كانت لوقعت الموقع عنهم كما قال ابن عباس وعبيدة وغير واحد ولكنهم شددوا فشدد عليهم فقالوا « أدع لنا ربك يبين لنا ما هي » أي ما هذه البقرة وأي شيء صفتها قال ابن جرير حدثنا أبو كريب حدثنا عثام بن علي عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال لو أخذوا أدنى بقرة لاكتفوا بها ولكنهم شددوا فشدد الله عليهم إسناد صحيح وقد رواه غير واحد عن ابن عباس وكذا قال عبيدة والسدي ومجاهد وعكرمة وأبو العالية وغير واحد وقال ابن جريج قال لي عطاء لو أخذوا أدنى بقرة كفتهم قال ابن جريج قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أمروا بأدنى بقرة ولكنهم لما شددوا شدد الله عليهم وأيم الله لو أنهم لم يستثنوا لما بينت لهم آخر الأبد قال « إنه يقول إنها بقرة لافارض ولا بكر » أي لاكبيرة هرمة ولا صغيرة لم يلحقها الفحل كما قاله أبو العالية والسدي ومجاهد وعكرمة وعطية العوفي وعطاء الخراساني ووهب بن منبه والضحاك والحسن وقتادة وقاله ابن عباس أيضا وقال الضحاك عن ابن عباس عوان بين ذلك يقول نصف بين الكبيرة والصغيرة وهي أقوى ما يكون من الدواب والبقر وأحسن ما تكون وروي عن عكرمة ومجاهد وأبي العالية والربيع بن أنس وعطاء الخراساني والضحاك نحو ذلك وقال السدي العوان النصف التي بين ذلك التي قد ولدت وولد ولدها وقال هشيم عن جويبر عن كثير بن زياد عن الحسن في البقرة كانت بقرة وحشية وقال ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس من لبس نعلا صفراء لم يزل في سرور مادام لابسها وذلك قوله تعالى « تسر الناظرين » وكذا قال مجاهد ووهب بن منبه كانت صفراء وعن ابن عمر كانت صفراء الظلف وعن سعيد بن جبير كانت صفراء القرن والظلف وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا نصر بن علي حدثنا نوح بن قيس أنبأنا أبو رجاء عن الحسن في قوله تعالى « بقرة صفراء فاقع لونها » قال سوداء شديدة السواد وهذا غريب والصحيح الأول ولهذا أكد صفرتها بأنه « فاقع لونها » وقال عطية العوفي « فاقع لونها » تكاد تسود من صفرتها وقال سعيد بن جبير « فاقع لونها » قال صافية اللون وروي عن أبي العالية والربيع بن أنس والسدي والحسن وقتادة نحوهوقال شريك عن معمر عن ابن عمر « فاقع لونها » قال صاف وقال العوفي في تفسيره عن ابن عباس « فاقع لونها » شديدة الصفرة تكاد من صفرتها تبيض وقال السدي « تسر الناظرين » أي تعجب الناظرين وكذا قال أبو العالية وقتادة والربيع ابن أنس وقال وهب بن منبه إذا نظرت إلى جلدها تخيلت أن شعاع الشمس يخرج من جلدها وفي التوراة أنها كانت حمراء فلعل هذا خطأ في التعريب أو كما قال الأول إنها كانت شديدة الصفرة تضرب إلى حمرة وسواد والله أعلم وقوله تعالى « إن البقر تشابه علينا » أي لكثرتها فميز لنا هذه البقرة وصفها وحلها لنا « وإنا إن شاء الله » إذا بينتها لنا « لمهتدون » إليها وقال ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن يحيى الأودي الصوفي حدثنا أبو سعيد أحمد بن داود الحداد حدثنا سرور بن المغيرة الواسطي ابن أخي منصور بن زاذان عن عباد بن منصور عن الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا أن بني إسرائيل قالوا « وإنا إن شاء الله لمهتدون » لما أعطوا ولكن استثنوا ورواه الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره من وجه آخر عن سرور بن المغيرة بن زاذان عن عباد بن منصور عن الحسن عن حديث أبي رافع عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا أن بني إسرائيل قالوا « وإنا إن شاء الله لمهتدون » ما أعطوا أبدا ولو أنهم اعترضوا بقرة من البقر فذبحوها لأجزأت عنهم ولكن شددوا فشدد الله عليهم وهذا حديث غريب من هذا الوجه وأحسن أحواله أن يكون من كلام أبي هريرة كما تقدم مثله عن السدي والله أعلم « قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث » أي إنها ليست مذللة بالحراثة ولا معدة للسقي في السانية بل هي مكرمة حسنة صبيحة مسلمة صحيحة لاعيب فيها « لاشية فيها » أي ليس فيها لون غير لونها وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة مسلمة يقول لا عيب فيها وكذا قال أبو العالية والربيع وقال مجاهد مسلمة من الشية وقال عطاء الخراساني مسلمة القوائم والخلق لاشية فيها قال مجاهد لابياض ولا سواد وقال أبو العالية والربيع والحسن وقتادة ليس فيها بياض وقال عطاء الخراساني لاشية فيها قال لونها واحد بهيم وروي عن عطية العوفي ووهب بن منبه وإسماعيل بن أبي خالد نحو ذلك وقال السدي لاشية فيها من بياض ولا سواد ولا حمرة وكل هذه الأقوال متقاربة في المعنى وقد زعم بعضهم أن المعنى في ذلك قوله تعالى « إنها بقرة لاذلول » ليست بمذللة بالعمل ثم استأنف فقال « تثير الأرض » أي يعمل عليها بالحراثة لكنها لا تسقي الحرث وهذا ضعيف لأنه فسر الذلول التي لم تذلل بالعمل بأنها لا تثير الأرض ولاتسقي الحرث كذا قرره القرطبي وغيره « قالوا الآن جئت بالحق » قال قتادة الآن بينت لنا وقال عبد الرحمن ابن زيد بن أسلم وقيل ذلك والله جاءهم الحق « فذبحوها وما كادوا يفعلون » قال الضحاك عن ابن عباس كادوا أن لا يفعلوا ولم يكن ذلك الذي أرادوا لأنهم أرادوا أن لا يذبحوها يعني أنهم مع هذا البيان وهذه الأسئلة والأجوبة والايضاح ماذبحوها إلا بعد الجهد وفي هذا ذم لهم وذلك أنه لم يكن غرضهم إلا التعنت فلهذا ماكادوا يذبحونها وقال محمد بن كعب ومحمد بن قيس فذبحوها وما كادوا يفعلون لكثرة ثمنها وفي هذا نظر لأن كثرة الثمن لم يثبت إلا من نقل بني إسرائيل كما تقدم من حكاية أبي العالية والسدي ورواه العوفي عن ابن عباس وقال عبيدة ومجاهد ووهب بن منبه وأبو العالية وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم أنهم اشتروها بمال كثير وفيه اختلاف ثم قد قيل في ثمنها غير ذلك وقال عبد الرزاق أنبأنا ابن عيينة أخبرني محمد بن سوقة عن عكرمة قال ما كان ثمنها إلا ثلاثة دنانير وهذا إسناد جيد عن عكرمة والظاهر أنه نقله عن أهل الكتاب أيضا وقال ابن جرير وقال آخرون لم يكادوا أن يفعلوا ذلك خوف الفضيحة إن اطلع الله على قاتل القتيل الذي اختصموا فيه ولم يسنده عن أحد ثم اختار أن الصواب في ذلك أنهم لم يكادوا يفعلوا ذلك لغلاء ثمنها وللفضيحة وفي هذا نظر بل الصواب والله أعلم ما تقدم من رواية الضحاك عن ابن عباس على ما وجهناه وبالله التوفيق « مسألة » استدل بهذه الآية في حصر صفات هذه البقرة حتى تعينت أو تم تقييدها بعد الاطلاق على صحة السلم في الحيوان كما هو مذهب مالك والأوزاعي والليث والشافعي وأحمد وجمهور العلماء سلفا وخلفا بدليل ماثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تنعت المرأة المرأة لزوجها كأنه ينظر إليها وكما وصف النبي صلى الله عليه وسلم إبل الدية في قتل الخطأ وشبه العمد بالصفات المذكورة بالحديث وقال أبو حنيفة والثوري والكوفيون لا يصح السلم فيالحيوان لأنه لا تنضبط أحواله وحكي مثله عن ابن مسعود وحذيفة بن اليمان وعبد الرحمن بن سمرة وغيرهم تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
badi1983
عدد المساهمات : 570 تاريخ التسجيل : 13/10/2008 العمر : 41
| موضوع: رد: تفسير القرآن الموضوع الثالث الإثنين نوفمبر 10, 2008 2:11 am | |
| 72-وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ 73-فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ قال البخاري « فادارأتم فيها » اختلفتم وهكذا قال مجاهد فيما رواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن أبي حذيفة عن شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه قال في قوله تعالى « وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها » اختلفتم وقال عطاء الخراساني والضحاك اختصمتم فيها وقال ابن جريج « وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها » قال قال بعضهم أنتم قتلتموه وقال آخرون بل أنتم قتلتموه وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم « والله مخرج ماكنتم تكتمون » قال مجاهد ما تغيبون وقال ابن أبي حاتم حدثنا عمرو بن سلم البصري حدثنا محمد بن الطفيل العبدي حدثنا صدقة بن رستم سمعت المسيب ابن رافع يقول ماعمل رجل حسنة في سبعة أبيات إلا أظهرها الله وما عمل رجل سيئة في سبعة أبيات إلا أظهرها الله وتصديق ذلك في كلام الله « والله مخرج ما كنتم تكتمون فقلنا اضربوه ببعضها » هذا البعض أي شيء كان من أعضاء هذه البقرة فالمعجزة حاصلة به وخرق العادة به كائن وقد كان معينا في نفس الأمر فلو كان في تعيينه لنا فائدة تعود علينا في أمر الدين أو الدنيا لبينه الله تعالى لنا ولكنه أبهمه ولم يجيء من طريق صحيح عن معصوم بيانه فنحن نبهمه كما أبهمه الله ولهذا قال ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن سنان حدثنا عفان بن مسلم حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال إن أصحاب بقرة بني إسرائيل طلبوها أربعين سنة حتى وجدوها عند رجل في بقر له وكانت بقرة تعجبه قال فجعلوا يعطونه بها فيأبى حتى أعطوه ملء مسكها دنانير فذبحوها فضربوه يعني القتيل بعضو منها فقام تشخب أوداجه دما فقالوا له من قتلك قال قتلني فلان وكذا قال الحسن وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم أنه ضرب ببعضها وفي رواية عن ابن عباس أنه ضرب بالعظم الذي يلي الغضروف وقال عبد الرزاق أنبأنا معمر قال قال أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة ضربوا القتيل ببعض لحمها قال معمر قال قتادة ضربوه بلحم فخذها فعاش فقال قتلني فلان وقال وكيع بن الجراح في تفسيره حدثنا النضر ابن عربي عن عكرمة « فقلنا اضربوه ببعضها » فضرب بفخذها فقام فقال قتلني فلان قال ابن أبي حاتم وروي عن مجاهد وقتادة وعكرمة نحو ذلك وقال السدي فضربوه بالبضعة التي بين الكتفين فعاش فسألوه فقال قتلني ابن أخي وقال أبو العالية أمرهم موسى عليه السلام أن يأخذوا عظما من عظامها فيضربوا به القتيل ففعلوا فرجع اليه روحه فسمى لهم قاتله ثم عاد ميتا كما كان وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم فضربوه ببعض أرابها وقيل بلسانها وقيل بعجب ذنبها وقوله تعالى « كذلك يحيي الله الموتى » أي فضربوه فحيي ونبه تعالى على قدرته وإحيائه الموتى بما شاهدوه من أمر القتيل جعل تبارك وتعالى ذلك الصنيع حجة لهم على المعاد وفاصلا ما كان بينهم من الخصومة والعناد والله تعالى قد ذكر في هذه السورة مما خلقه من إحياء الموتى في خمسة مواضع « ثم بعثناكم من بعد موتكم » وهذه القصة وقصة الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت وقصة الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها وقصة إبراهيم عليه السلام والطيور الأربعة ونبه تعالى بإحياء الأرض بعد موتها على إعادة الأجسام بعد صيرورتها رميما كما قال أبو داود الطيالسي « 1089 » حدثنا شعبة أخبرني يعلى بن عطاء قال سمعت وكيع بن عدس يحدث عن أبي رزين العقيلي رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله كيف يحيي الله الموتى قال أما مررت بواد ممحل ثم مررت به خضرا قال بلى قال كذلك النشور أو قال كذلك يحيي الله الموتى وشاهد هذا قوله تعالى « وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون » « مسألة » إستدل لمذهب الإمام مالك في كون قول الجريح فلان قتلنيلوثا بهذه القصة لأن القتيل لما حيي سئل عمن قتله فقال فلان قتلني فكان ذلك مقبولا منه لأنه لا يخبر حينئذ إلا بالحق ولايتهم والحالة هذه ورجحوا ذلك لحديث أنس أن يهوديا قتل جارية على أوضاح لها فرضخ رأسها بين حجرين فقيل من فعل بك هذا أفلان أفلان حتى ذكروا اليهودي فأومأت برأسها فأخذ اليهودي فلم يزل به حتى اعترف فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرض رأسه بين حجرين وعند مالك إذا كان لوثا حلف أولياء القتيل قسامة وخالف الجمهور في ذلك ولم يجعلوا قول القتيل في ذلك لوثا تفسير ابن كثير_أبو الفداء إسماعيل بن كثير | |
|
| |
| تفسير القرآن الموضوع الثالث | |
|