مفهوم النقد الأدبي ووظيفته
مدخل : إن مفهوم النقد الأدبي العام يحمل معنى أخلاقيا يهدف إلى ذكر العيوب فيقال مثلا : " نقد فلان فلانا " أي أعابه ولامه على فعل أو عمل سيئ ما ، وأصل لفظة "نقد " يعود إلى العملة التي بتداولها القدم والتي تجمع على " نقود ولهذه الكلمة عدة مشتقات يقال : " نقد الدراهم ، وانتقده " وسميت العملة بالنقد لأنها تنقد ، والنقد بالنسبة للمصرفي هو تفحص الدراهم وتحديد قيمتها أو كشف صححيها من زائفها والناقد هنا هو البصير والخبير بشؤون النقود يتفحصها ويحللها ويقيمها ، وقد انتقل هذا المدلول إلى مجال الأدب فصار كذلك يعنى بنقد الإنتاج الأدبي وتقييمه وإصدار الحكم عليه نظرا لما بين المصرفي وناقد الأدب من أوجه التشابه في مهمة كل منهما ، فالنقد الأدبي هنا له مدلول اصطلاحي يعنى بتقدير العمل الفني ومعرفة قيمته ودرجته في الجودة في الأدب أو غيره من الأعمال الفنية الأخرى كالتصوير أو الموسيقى أو النقش ...الخ والنقد الأدبي لا يعني مجرد تشخيص العيوب أنما يعني تقدير العمل الفني والحكم عليه بالحسن أو القبيح أي من حيث الجودة والرداءة
بين المبدع والناقد :إن المبدع أي الفنان حرفي عمله الفني ، أما الناقد فمقيد بشروط الموضوعية وبقوانين النقد ومعاييره عند الحكم على العمل . وقد يكون الناقد نفسه مبدعا وقد لا يكون أي هو مجرد ناقد كما يلاحظ لدى العديد من النقاد في تاريخ النقد العربي وقد يلاحظ أحيانا اختلاف الأحكام النقدية حول العمل الأدبي والأمر ذلك يعود إلى اختلاف درجات الأذواق والأحاسيس بين النقاد ولكن بالرغم من ذلك يبقى هناك حد مشترك بين النقاد لا يمكن الخروج عنه
ومن مميزات النقد الأدبي أنه أقرب إلى العلم منه إلى الفن فالفرق مثلا بين البلاغة وبين النقد أن للبلاغة جانب فني تسعى إلى تعليم المنشئ الإتيان بتعابير فنية بليغة ، أما النقد فإنه يبين الأسس التي تقدر بها تلك العبارة البليغة الجميلة أي أن البلاغة تعني بالشكل أما النقد فيعني بالشكل والمضمون ولذلك يميل الناقد أحيانا إلى مهاجمة المبدع لأن الناقد مقيد بقواعد تمنعه من التحليق في الخيال المفرط الذي نلمسه في العديد من الأعمال الإبداعية