salimmen1 salimmen1
عدد المساهمات : 898 تاريخ التسجيل : 05/07/2008 العمر : 42
| موضوع: المدرس ودور المدرسة الاجتماعي الخميس نوفمبر 13, 2008 12:04 am | |
| المدرس ودور المدرسة الاجتماعي : ترتبط وظيفة المدرسة الاجتماعية ارتباطا وثيقا بالإطار الاجتماعي السائد. إذا كان هذا الإطار الاجتماعي يقوم على أساس القيم الاشتراكية الديمقراطية والمهارات المختلفة اللازمة للسلوك الاجتماعي في هذا الإطار. ويحتاج المدرس إلى معرفة وظيفة المدرسة الاجتماعية حتى يستطيع أن يربط مادته بالمجتمع الذي يعيش فيه، وحتى يستطيع في تدريسه لهذه المادة أن يحقق الأهداف التي يعمل المجتمع على تحقيقها وبحيث لا يكون هناك تعارض بين النتائج السلوكية لتدريس مادته، والنتائج السلوكية التي تهدف المدرسة إلى تحقيقها. ولكي يشترك المدرس في تشكيل البرنامج المدرسي ووضع الأهداف التي يتوخاها من تدريس هذا البرنامج يحتاج إلى فهم بنوع الأفراد الذين تعمل المدرسة على تكوينهم وتشكيلهم، ولتحقيق هذا الفهم يحتاج إلى معرفة بنوع النظام الاجتماعي الذي سيشتركون فيه، وبالتالي يحتاج إلى فهم لدور المدرسة الاجتماعي. وفي هذا المجال يحتاج المدرس إلى أن يدير في ذهنه عدة أسئلة عن النظريات المختلفة لدور المدرسة الاجتماعي في المجتمع الحديث وعلاقة ذلك بمجتمعنا العربي، وعن علاقة ذلك بالتغير الاجتماعي ومدى إسهام المدرسة في تحقيقه وتعميقه، وعن العلاقات الإنسانية التي يتطلبها هذا الدور الاجتماعي للمدرسة، ومعنى ذلك بالنسبة للتنظيمات المدرسية وللبرنامج المدرسي وبالنسبة لتدريسه لمادته.
التغير الاجتماعي والمدرسة :
إذا كانت المدرسة جزءا لا يتجزأ من المجتمع الذي نعيش فيه، فإن دراسة الثقافة تساعد المدرس على إدراك طبيعة التغير الاجتماعي وعلاقته بالمدرسة فالتغير الاجتماعي هو تغير ثقافي، أي تغير النظام الثقافي للمجتمع، من معتقدات وأفكار وتقاليد وخبرات. والتغيرات الاجتماعية - خاصة إذا كانت شاملة متسعة - تخلق الكثير من المشكلات، وتفرض الكثير من المطالب، وتقدم الكثير من التحديات - لأولئك الذين يعملون في الميدان التعليمي. وهكذا يكون تكوين الحساسية الاجتماعية من أهم مميزات المدرس الناجح.
ديناميكية الثقافة والتغير الاجتماعي:
تنمو الثقافات وتتطور عبر العصور المختلفة ويزداد التراث الثقافي ويتعقد نتيجة عوامل مختلفة، منها ما هو داخل الثقافة ومنها ما هو خارجها. وتحدث بذلك في الثقافة عمليات اجتماعية عديدة تقوم على التفاعل بين أجزائها أو بين الثقافات الأخرى. والتغير الاجتماعي سواء أكان سريعا أو بطيئا مما يميز جميع المجتمعات قديمها وحديثها، فلقد تغير الجماعات الإنسانية في حجمها وفي اقتصادياتها وفي التكوين الاجتماعي لها، وفي التركيز على النواحي الدينية، وفي نمو العلم وظهور فلسفات جديدة، واتخاذ الحرب أشكالا جديدة، وتفكك في النظام الأسري، وتطلع الأمم إلى الاستقلال والحرية، ولقد تغيرت المجتمعات أيضا في عاداتها وفي طريقة استمتاعها، وفي نوع الحكم الذي ترنو إليه، وفي أيديولوجياتها وفي محاولة التحكم في مصائرها وفي مقدراتها. ولقد نظر البعض إلى بعض المجتمعات على أنها جامدة غير متغيرة، ولكن الأمر نسبي على أي حال. فالتغير يحدث في جميع المجتمعات على حد سواء، ولكنه يختلف في سرعته وفي اتساعه. ولقد كانت المجتمعات القديمة تعيش على نمط واحد مستقر نقلته عبر الأجيال المختلفة دون تغيير يذكر، واستمر ما تحت الشمس ثابتا لا يعتريه التغير، وسارت الحياة مجراها العادي دون أن يحدث للثقافة تغيير يذكر. ولقد رأى أفراد هذه الثقافات القديمة تغيرات من نوع معين لم تكن تلك التغيرات التي تحدث اختلافا في طرق الحياة. ولقد كانت هذه الاختلافات كالزواج والميلاد والشيخوخة والمرض والحوادث، ولم يكن موجودا ذلك النوع من التغير الذي نعني به التراكم التقدمي للثقافة. ثم ظهر العلم الحديث وغيره من الأفكار الجديدة والمخترعات الحديثة في جميع نواحي الحياة، وبدا التغير مقوما هاما من مقومات حياتنا في العصر الحاضر "وأصبح عامل التغير، العامل الذي يعم جميع نواحي حياتنا الحاضرة". لقد كان الإغريق وخاصة أفلاطون وأرسطو هم الذين قدموا للعالم المفهوم القديم للمجتمع غير المتغير. ولقد استمر هذا المفهوم يتحكم في الفكر الغربي حتى استطاع العلم الحديث أن يغير التفكير تغييرا جذريا. ولقد كان التغير في نظر أفلاطون وأرسطو عرضيا وتافها ولذلك كانت النظرة إلى المجتمعات نظرة جامدة ترمي إلى بقائها على حالها. ولقد رأى أفلاطون الذي ساد في عصره الاضطراب والتغير أن ما يحتاج إليه المجتمع هو النظام والاستقرار الاجتماعيان اللذان يؤسسان على العدل، إذ بدون العدل لا يبقى شيء أو يستمر. ولقد كانت لهذه النظرة الجديدة للتغير أثرها في الاعتراف بالمجهود الإنساني، إذ أعطت الفرد الإنساني أملا في نتائج مجهداته، وحفزته إلى النضال والكفاح بعد أن كان يخضع قبل ذلك لنظام قدري يستوي فيه الأمس واليوم والغد ويستوي فيه الواقع والأمل، ويحرم فيه الفرد من النظر إلى مستقبله نظرة تحسن. فلقد كان الفرد في النظام القديم يقبل ما هو موجود ولا يتطلع ببصره إلى ما بعده. ولكن النظرة الجديدة تفتح آفاقا جديدة فاستطاع الفرد الإنساني أن يصل إلى الاكتشافات الجديدة والمخترعات العلمية. وأصبح المفهوم الحديث للتقدم والتطور من الأعمال الإنسانية التي تثير الرغبات العظيمة والآمال الكبيرة. وقد أدت النظرة الجديدة إلى التغير إلى أن ترتفع نظرة الإنسان إلى نفسه، فهو يستطيع الآن أن يؤثر وأن يفكر تفكيرا متسعا عميقا، خلاقا نقديا. وكلما تعلم الإنسان أن مجهداته لها قيمتها وكلما قل انسحاب الإنسان من مجتمعه منهزما وكلما بحث عن الوسائل المختلفة لتقدم الحياة وارتفاع مستواها. فإذا شعر الفرد أن هناك أشياء تسير سيرا خطأ في المجتمع فليس معنى هذا أن يهرب من المجتمع فليس معنى هذا أن يهرب من المجتمع وينعزل عنه ويخلق لنفسه عالما يعيش فيه كما كان ينادي أولئك الذين يرون الحياة مليئة بالشرور وألا خير فيها، ولذلك يجب على الإنسان أن يلجأ إلى ضميره وإلى التأمل الفكري بعيدا عن المجتمع. إن الطريق الصحيح لمعالجة الأخطاء ليس الهروب منها ولكن بالتفكير الأفضل والمجهود الأعظم يستطيع الإنسان أن يواجه المستقبل مواجهة إيجابية تعتمد على مجهوده الذي يحدث به التغير في هذا العالم ويحدد إلى درجة كبيرة أو صغيرة مقدرات المستقبل. وإذا كان التغير الاجتماعي قد فتح أمام الإنسان هذه الإمكانيات الواسعة وأعطى لمجهداته وذكائه وتفكيره قيمة في تحديد الأحداث وتوجيهها، فلقد نتج عنه أيضا أن أخذ الإنسان على عاتقه كثيرا من المسؤوليات. فالفرد مسئول عن تحسين أحواله وعن الإسهام في تطور المجتمع. وكان على التربية مسؤولية كبرى أن تعمل على خلق مواطنين أذكياء يستطيعون التأثير في حاضرهم ومستقبلهم، وفي حاضر الجماعة كلها ومستقبلها. | |
|