مقدمةالتعلم من المفاهيم الأساسية في مجال علم النفس، وبالرغم من ذلك فانه ليس من السهل وضع تعريف محدد لمفهوم التعلم، وذلك لأنه لا يمكننا ملاحظة عملية التعلم ذاتها بشكل مباشر، ولا يمكن اعتبارها وحدة منفصلة أو دراستها بشكل منعزل، فالتعلم يعتبر عمليات افتراضية يستدل عليها من ملاحظة السلوك.
لقد اقترح علماء النفس العديد من التعريفات لمفهوم التعلم، غير انه لا يمكننا الاعتماد على تعريف واحد.
1- تحديد مفهوم التعلم يعرف التعلم عموما ، بكونه عملية تغيير ،شبه دائم في سلوك الفرد. ولا يمكن ملاحظته مباشرة، ولكن يستدل عليه من أداء الفرد ، وينشأ نتيجة الممارسة .وقد يتفق علماء النفس عموما، على أن التغيرات السلوكية الثابتة نسبيا تندرج تحت التغيرات المتعلمة، وهذا يعني أن التغيرات المؤقتة في السلوك لا يمكن اعتبارها دليلا على حدوث التعلم.
ويشير هذا التعريف أن التعلم تغيير في الحصيلة السلوكية أكثر ما هو تغيير في السلوك. وقد اكتشف المختصين في علم النفس أن السلوك لا يعتبر مؤشرا للتعلم، وان غياب السلوك ليس دليلا على عدم التعلم. و يرى (ويتيج 1980) ضرورة استبعاد التغيرات الناتجة عن الخبرة والعماليات الطويلة المدى كالتي تحدث نتيجة النمو الجسمي أو التقدم في السن أو التعب أو المرض .
بينما ترى النظرية التربوية التعلم بمفهوم التفكير الذي يتطلب استعمال معرفة سابقة واستراتيجيات خاصة لفهم الأفكار في نص ما ، وفهم عناصر المسألة باعتبارها كلية واحدة.
تفترض هذه النظرية أن المدارس تحدث أثر في التعلم . أن عدم التحصيل المتعلمين يمكن تعديله من خلال توفير خبرات تدريسية ملائمة ، وتعليمهم كيفية مراقبة أدائهم وسيطرة عليه.
أما كلمة التعلم في القاموس الفرنسي "لاغوس" ، تعني الدراسة واكتساب معارف . ويأخذ التعلم صفة ارتباط المثير بالاستجابة نتيجة للتعزيز الايجابي بمفهوم السلوكيين، و تغيير في البنيات العقلية بمفهوم المعرفيين. ويعتبر عالم البيلوجيا التعلم بمثابة الكيفية التي تتطور بها شبكة الأعصاب في الدماغ .
ويرى (جونز 1988) أن هناك ستة فرضيات عن التعلم مستندة إلى نتائج البحث التربوي، وان هذه الفرضيات تشكل المفهوم الجديد للتعلم، ولها اثر حاسم في الكيفية التي ينفذ بها التدريس ويمثل الشكل أدناه الفرضيات الست المذكورة.
التعلم الموجه بالهدف يعني أن المتعلم الماهر يبذل قصارى جهده لبلوغ هدفين يتمثلان في فهم معنى المهمات التي بين يديه وضبط تعلمه، بالاظافة لذلك فقد يضع المعلم النموذجي في سياق تعليمه عددا من الأهداف الخاصة بالمهمة.
ويعتقد الباحثون في مجال التربية أن المعلومات المخزنة في الذاكرة عل شكل بنى معرفية تسمى مخططات، ويمثل المخطط الواحد جملة ما يعرفه المتعلم عن الموضوع ،وهي شديدة الترابط و ذات صفات حيوية، تتيح للمتعلم أن يقوم بأنواع مختلفة من النشاط المعرفي الذي يتطلب الكثير من التفكير والتخطيط مثل الاستدلال والتقييم.
ويعتبر تنظيم المعرفة عبارة عن تركيب الأفكار و المعلومات في بنى منظمة وموحدة.
أما فيما يخص ما وراء المعرفة فالمتعلم يعي و يدرك المهارات و الاستراتجيات الخاصة التي يستعملها في التعلم ويسمى هذا النشاط بالإدراك فوق المعرفي للتعلم.
و
خلاصة القول أن التعلم لا يحدث مرة واحدة وإنما يحدث على شكل دفعات في مراحل متلاحقة، تبدأ بمرحلة التحضير وذلك بتنشيط معرفته السابقة، ثم مرحلة المعالجة المباشرة المضبوطة التي تتميز بتقييم المعرفة الجديدة ودمجها وفق المعرفة السابقة. وأخيرا مرحلة التعزيز والتوسع ضمن عملية الإدراك الكلي للمعنى و إدماجه في المخزون المعرفي السابق . و القيام باجاد الروابط بين المعرفتين و التأكد منها.
إن التعلم يتأثر بالعوامل النمائية للمتعلم مما يؤدي إلى فوارق متباينة البنى المعرفية بين المتعلمين .و يشير( جونزو آخرون،1988 ) أن الطلبة المتخلفين في التحصيل يحتاجون إلى فرص متنوعة للتدريب على المهارات و تطبيقها في ظروف مختلفة، على أن يكون ذلك مصحوبا بتغذية راجعة تصحيحية و بتعليم مثير لاستراتجيات ما وراء المعرفة.
مراحل التعلم في معالجة المعرفة
2- مراحل البحث في التعلم : يقسم هورتن وتيرنج ( 1976) تاريخ البحث في التعلم إلى ثلاث مراحل وهيِ:
1.2- مرحلة ماقبل السلوكية وقد بدأت هذه المرحلة بفلسفة جون لوك الذي يقال انه وضع الأساس لنظرية تداعي الخبرة . بريطانيا، ويرى جون لوك أن العقل البشري يولد صفحة بيضاء تخط الخبرة عليها فيما بعد.
وقد ارتبط مفهوم التعلم بكون العقل البشري يتميز بعمليات فطرية خاصة مستقلة عن الخبرة. ويرى العالم الألماني "ولهم فونت" الذي تنسب إليه المدرسة التركيبية في علم النفس أن المتعلم يلاحظ عملياته العقلية أي يقوم بالاستبطان الذاتي. كما تميزت هذه الفترة بأعمال هرمان ايبنجهاوس في مجال الذاكرة التي لعبت دورا كبيرا في التطور اللاحق لتجارب ثورندايك وكلارك هل وايدوين جاثري .وفي الوقت الذي كان فيه علم النفس التجريبي لا يزال في مراحله الأولى ،كان ايبنجاوس يقدم نظرة منهجية لدراسة التعلم البشري.
2.2- المرحلة السلوكيةأما المرحلة السلوكية التي تميزت بنظرية الارتباطين التي تبنها جون واطسون، وقد جاءت نتيجة لتأثير أعمال العالم الروسي أيفين بافلوف في نظريته الشهيرة في لاشتراط الكلاسيكية، ونظرية ادوارد ثورندايك صاحب التعلم بالمحاولة والخطأ و لاشتراط الإجرائي لبور يس سكينر وغيرهم ممن كان لهم بصمات في عملية التعلم.
3.2- المرحلة المعاصرةفي هذه المرحلة اتجه علماء النفس إلى التفكير في وضع تخطيط للقدرات المعرفية والوجدانية للكائن الحي في عماليات التعلم حيث ازداد الاهتمام بالدافعية والارتباط والتعزيز .
3- مراحل التعلم : دلت نتائج البحوث أن التعلم يحدث خلال ثلاثة مراحل أساسية، يمكن تقديمها على الشكل التالي:
- مرحلة الاكتساب: وهي المرحلة التي يدخل المتعلم من خلالها المادة المتعلمة إلى الذاكرة.
-
مرحلة الاختزان: تتميز بحفظ المعلومات في الذاكرة.
-
مرحلة الاسترجاع: وتتضمن القدرة على استخراج المعلومات المخزنة في صورة استجابة.
يعتبر فهم المعنى السيكولوجي للتعلم، هو معرفة ما لا يقدر تعلمه.
فالتعلم ليس ما يحدث في غرفة الصف . وإنما التعلم يحدث بشكل مستمر في حياتنا اليومية ولا يتعلق الأمر بكل ما هو صحيح فقط، فالخطأ يعد تعلما أيضا، ولا يقتصر التعلم على المعرفة والمهارات و إنما يتضمن تعلم الاتجاهات والعواطف (هل1985). إذا التعلم هو تغيير دائم في سلوك المتعلم وقد يكون مقصودا أو غير مقصودا و يتخلله المرور بالخبرة والتفاعل البيئي أما التغيرات الناتجة عن النضج لا تعتبر تعلما، والتغيرات الطارئة المؤقتة الناجمة عن التعب والجوع تستثنى أيضا من التعلم(ولفولك1987،ص.165).
3-أنواع التعلم الرئيسية: اعترف علماء النفس بوجود أنماط مختلفة للتعلم وهي التعلم البسيط الذي يتميز بالاعتياد حيث يتوقف المتعلم عن الانتباه للمثيرات البيئية الثابتة دوما كالساعة التي تدق في إحدى الغرف. والاشتراط يشير إلى اكتساب سلوكيات بوجود مثيرات بيئية محددة و نميز نوعين من الاشتراط وهما الاشتراط الكلاسيكي و الاشتراط الإجرائي الذي سوف يتم الحديث عنهما لاحقا والى جانب ذلك هناك التعلم المعرفي ،حيث يقوم المتعلم بالتفكير بشكل مختلف حول العلاقات بين السلوك والحوادث البيئية(بيترسون ،1991،173) .
4- نتاج التعلم يتم تصنيف نتاج التعلم على النحو الآتي:
- تكوين العادات: يطلق لفظ العادة على أي نوع من السلوك المكتسب وهو أي سلوك يقوم به الفرد بصفة سهلة وآلية نتيجة التكرار. ويمكننا القول أن العادة هي استعداد يكتسب بالتعلم ولا يحتاج إلى الجهد والتفكير والتركيز والانتباه.
تكوين المهارات: تكتسب على مستوى الحركي والتوافق الحركي العقلي، حيث يلعب التكرار دورا كبيرا في تكوينها،و تؤثر التدريبات المستمرة في التوصيلات العصبية حيث تيسر حدوث العمليات المتتالية في المهارة بسرعة ودقة من غير تركيز للانتباه. و معظم المهارات تبنى على استعداد وموهبة وقدرة خاصة بالاظافة إلى الميول التي تلعب دورا في تكوين المهارات العلمية.
- تعلم المعلومات والمعاني:يتزود الفرد بالمعلومات والمعاني من البيئة التي يتفاعل معها في محيطه الطبيعي والأسري والمدرسي والاجتماعي والثقافي الحضاري.
- تعلم حل المشكلات: يعتمد أسلوب حل المشكلات على فهم الموقف وتحليله ابتداء من الشعور بالمشكلة والعمل على حلها ثم جمع المعلومات عن موضوع المشكلة ووضع الفروض الملائمة لها و التحقق من الفروض بالتجربة والممارسة للنشاط و أخيرا الوصول إلى النتائج أو القوانين أو القواعد اعتمادا على التحليل بالمقارنة وتنمية التفكير الاستدلالي والاستقرائي.
- تكوين الاتجاهات النفسية:الاتجاه النفسي هو استعداد أو تهيؤ عقلي يتكون نتيجة عوامل مختلفة مؤثرة في حياته تجعله يؤخذ موقفا نحو بعض الأفكار بحسب قيمتها الخلقية أوالاجتماعية.
والواقع أن شخصية الفرد ،تتكون من مجموعة الاتجاهات النفسية التي تتكون نتيجة التنشئة والتربية والتعلم، فتؤثر في عاداته وميوله وعواطفه وأساليب سلوكه، ويتصف تعلم الاتجاهات بالتخزين طويل المدى، بينما يتعرض تعلم المعلومات إلى الإتلاف الناتج عن عوامل النسيان.