salimmen1 salimmen1
عدد المساهمات : 898 تاريخ التسجيل : 05/07/2008 العمر : 42
| موضوع: الدلالة ؛ نظرة تاريخية موجزة ، من القديم إلى العصر الحديث السبت نوفمبر 01, 2008 1:52 pm | |
| علم الدلالة – نظرة تاريخية موجزة – عند اليونان: من الطبيعي أن تكون الدلالة من الموضوعات التي يهتم بها الفكر الإنساني منذ القدم. و كان ذلك عند فلاسفة اليونان، فقد رأى أرسطو أن المعنى يتطابق مع التصور الموجود في العقل وميز بين:
1- الأشياء في العالم الخارجي 2- التصورات أو المعاني 3- الأصوات أو الرموز أو الكلمات
وفتح ذلك الباب لكثير من الأفكار والمناقشات حول الدلالة و المعنى في العصور الوسطى، كما تعرض أفلاطون إلى قضية العلاقة بين اللفظ والمعنى و اتجه إلى أن العلاقة بينهما طبيعية ذاتية. بينما اتجه أرسطو إلى أن هذه العلاقة اصطلاحية عرفية ، أي متواضعة عليها و قام بشرح هذه العلاقة العرفية و بيانها. ( ينظر . أحمد مختار عمر ص17)
عند الهنود : اهتم الهنود بالتأمل في لغتهم و قاموا بدراستها بدافع ديني للحفاظ على كتابهم المقدس (الفيدا) ـ وهذا ما يشبه ما كان من أمر العرب عندما درسوا لغتهم. وكان (بانيني) الذي عاش في القرن الخامس و الرابع قبلا الميلاد وضع كتابا في السنسكريتية سماه (المثمن) قيل أنه أشبه بكتاب سيبويه. وكان من أهم الموضوعات التي ناقشها الهنود، نشأة اللغة و اكتساب بعض الأصوات لمعانيها وقد كانوا فريقين: أحدهما يرى أن اللغة نشأت بالإلهام ،و الثاني: من اختراع البشر. كما ناقشوا قضية اللفظ و المعنى فمنهم من رأى أن اللفظ والمعنى لا ينفصلان عن بعضهما ، و منهم من رأى أن العلاقة بين اللفظ و المعنى علاقة فطرية و طبيعية ، و منهم من رأى أن العلاقة بين اللفظ والمعنى علاقة ضرورية لزومية. ومن القضايا التي ناقشوها: أنواع الدلالات للكلمة. و توصلوا إلى أن هناك أربعة أقسام للدلالات : حسب عدد الأصناف الموجودة في الكون و هي (ينظر المرجع السابق ص 19):
1- قسم يدل على مدلول عام (رجل) 2- قسم يدل على كيفية (طويل) 3- قسم يدل على حدث (جاء) 4- قسم يدل على ذات (محمد)
عند العرب: قام العرب بدراسة لغتهم لسبب أساسي ديني ،يتمثل في المحافظة على لغة القران لصحة تلاوته واستخلاص الأحكام و التشريعات منه . وكان للخوف من اختلاف المعنى أو إفساده في تلاوة الآيات بشكل غير صحيح أكبر الأثر في النهوض بهذه الدراسة ، لذلك كانت أوائل الأعمال اللغوية المتعلقة بالدلالة بشكل خاص ذات صلة بالقرآن الكريم مثل: معاني الغريب في القرآن الكريم ومجاز القرآن ، بالإضافة إلى معاجم الموضوعات (المعاني) . ومعنى ذلك ضبط المصحف الشريف.وقد تجلت أهم أعمال الدراسيين العرب الدلالية بما يلي:
- عمل ابن فارس في معجمه (المقاييس) بربط المعاني الجزئية بالمعنى العام. - عمل الزمخشري في معجمه (أساس البلاغة) للتفريق بين المعاني الحقيقية و المجازية. - أعمال ابن جني في ربط تقلبات المادة (اللفظة) بمعنى واحد
هذا بالإضافة إلى أعمال لغوية أخرى ذات صلة بعلم الدلالة. ولابد من الإشارة هنا إلى ما قام به الأصوليون و علماء الكلام ، وما ذكروه من: دلالة اللفظ ودلالة المنطوق و دلالة المفهوم. بالإضافة إلى أعمال البلاغيين في دراسة الحقيقة و المجاز، و نظرية النظم عند عبد القاهر الجرجاني. كانت هذه فكرة مقتضبة جدا عن الدراسات الدلالية قديما ، و نعرج بعد ذلك إلى تقديم فكرة عن الدراسات الدلالية في العصر الحديث
الدلالة في العصر الحديث :
لم تكن الدراسات الدلالية القديمة دراسة علمية حقيقية ، و إنما كانت مثل هذه الدراسة العلمية بمفهوم العلم و مناهج البحث من ثمرة الدراسات اللغوية الحديثة. وبهذا المفهوم الخاص يمكن القول أن بواكير هذا العمل نشأت في أواسط القرن التاسع عشر هذا ولم تزل الدراسات الدلالية في العصر الحديث تتسع وتستقل في مؤلفات خاصة بالإضافة إلى ما تأخذه من مساحات ضمن إطار الدراسات اللغوية وعلم اللغة الذي استوى وتطور في الفترة الأخيرة وكان هناك عدد من الباحثين العرب الذين اهتموا بالسيمياء مثل الدكتور أحمد مختار عمر (وقد اعتمدنا كثيرا على كتابه (علم الدلالة) أثناء إعداد هذه المحاضرات كذلك على كتب الدكتور حلمي خليل والدكتور إبراهيم أنيس وغير ذلك. وفي الدراسات اللغوية الغربية و اعتبارا من تشومسكي الذي دعا في البداية إلى ضرورة فصل النحو عن المعنى إلا أن عدل عن موقعه بتأثير عدد من اللسانيين الذين أدخلوا المكون الدلالي في التحليل ، ونذكر على سبيل المثال (ستيفن أولمن) الذي أصدر عددا من الكتب حول دراسة المعنى ، منها: أسس علم المعنى ، و دور الكلمة في اللغة. وفي الدراسات اللغوية الغربية الحديثة ردّ عدد من اللغويين مثل كاتز و فودور الاعتبار إلى المعنى ، وأدرج المكون الدلالي في التحليل بعد أن كان قد استبعد هذا المكون الذي يقوم بإعطاء تفسيرات دلالية للبنية العميقة. وكان تشو مسكي الذي عرف بنظرية النحو التوليدي التحويلي ، و الذي طوّر نظريته التي ظهرت في كتابه (البنى التركيبية) عندما أخرج كتابه (مظاهر النظرية التركيبية) كان يدعو إلى فصل النحو عن المعنى و لكنه عدل عن موقعه ربما بتأثير أولئك اللسانيين ، فأدرج القواعد الدلالية في نموذجه المعياري عند الغربيين و كان على رأس من أسهم في وضع أسس هذه الدراسات ماكس مولر max muller ، وميشال بريال اللغوي الفرنسي الذي وضع بحثا بعنوان مقالة في السيمانتيك (essai de sémantique) عام 1879، وقد اهتمت هذه المقالة بدلالة الألفاظ القديمة في اللغات الهندوأوربية. وربما كان من أبرز الأعمال في هذا السياق المؤلف الضخم بعنوان (لغتنا) للعالم السويدي أدولف نورين(adolf noreen )الذي خصص قسما كبيرا لدراسة المعنى مستخدما مصطلح (somology). حيث قسم دراسة المعنى إلى قسمين :
1- الدراسة الوظيفية 2- الدراسة الايتمولوجية التي تعالج تطور المعنى التاريخي
وقد تطورت الدراسة الدلالية حديثا ، عند الأوربيين و ظهرت أسماء مهمة مثل : أوجدن وريتشارد اللذان أخرجا مؤلفهما الشهير الذي عنوانه (the meaninig of meaning) أي معنى المعنى عام 1923 حيث وضعا نظرية للعلامات و الرموز.
وفي الدراسات الأمريكية يمكن أن نذكر أسماء مثل: بلومفيلد الذي يقال أنه و أتباعه أرادوا إخراج دراسة المعنى من مستويات الدراسة اللغوية و أن (السيمانتيك) ـ في رأيهم ـ تقع خارج المجال الواقعي للغة ، أو هي على الأقل أضعف نقطة في الدراسة اللغوية ، مما أدى إلى إهمال المعنى و إن كانت تفسيرات أقوال بلومفيلد لا تعبر بدقة عما أراد. وربما لم يرد الاعتبار لدراسة المعنى (الدلالة) في أمريكا في النصف الثاني من القرن العشرين و خاصة في الاتجاه التوليدي عند تشومسكي. ومن المؤلفين العرب الذين اهتموا بعلم الدلالة في العصر الحديث الدكتور إبراهيم أنيس في كتابه دلالة الألفاظ) حيث عالج في هذا الكتاب عدة قضايا منها ارتباط الألفاظ بمدلولاتها – أقسام الدلالة – العلاقة بين اللفظ و المعنى – اكتساب الدلالة عند الطفل و الكبار – التطور الدلالي. | |
|