نشأة القصة العربية
القصة حديثة النشأة في الأدب العربي الحديث من حيث خصائصها العامة , وقد عرف العرب القصة ولكن بشك آخر مختلف عما نعنيه .
إذ تعوَّد العرب على سرد حكايات من أجل اللهو والسمر , لكننا لا نستطيع ان نعدها جنسا أدبيا .
كما عرف العرب في العصر الحديث وأيضا في العصر القديم ألروايات التاريخية , أما الروايات القديمة فلا نستطيع أن نعتبرها من هذا الجنس الأدبي لأنها خليط من الحقائق والخرافات والأساطير , مثال : " طريق الطبري الخاص بالفرس " , ولم تتوفر في هذه " القصص " ألصياغة الفنية , فهي أقرب منها إلى الملحمة أكثر .
كذلك الأمر بالنسبة للقصص الغزلي فهي عبارة عن أخبار متناقضة لا يوجد بها ربط بين الأحداث والشخصيات .
بالنسبة للقصص " المستوردة " من الأدب غير العربي فقد كان هناك قصص مثل كليلة ودمنة و ألف ليلة وليلة , وهذا النوع من القصص لا نستطيع عدَّه قصة حسب المعايير الفنية الحديثة لأنه يزخر بالخيال وعالم السحر وهو يفتقد إلى وحدتي الزمان والمكان .
قد تطور في القرون الوسطى نوع أدبي عربي أصيل وهو المقامات , مثل مقامات الهمذاني والحريري , وأيضا نستطيع ان نعتبر " رسالة الغفران " لأبي العلاء المعري من ضمن هذا النوع القصصي .
• رسالة الغفران عبارة عن رحلة تخيلها أبو العلاء المعري في الجنة والموقف والنار .
أما بدايات القصة في الأدب العربي فقد بدت متأثرة بالأجناس القصصية مثل المقامات وألف ليلة وليلة .
بداية كتابة القصة في الأدب العربي الحديث فقد كانت مع انتهاء القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين .
وقد بدأت بتعريب الروايات من الأدب الغزلي مثل وقائع تليماك الطهطاوي , وقد عرّب مصطفى المنفلوطي قصة عن الأدب الفرنسي " بول وفرجينه " وسماها الفضيلة .
كما ترجم حافظ إبراهيم البؤساء لفيكتور هيجو .
سبق المنفلوطي بكتابة جنس أدبي قريب من القصة , الأدباء من أصل سوري ولبناني ألمعروفون بالسورلبنانيون , وقد كان أول هؤلاء ألأديب اللبناني الذي هاجر إلى مصر ونقصد ب جرجي زيدان , فقد كتب أكثر من عشرين رواية تختص بالتاريخ الإسلامي لكنه كتبها بصيغة مشوقة وقد داخلها قضايا حب وغرام وما إلى ذلك .
وعندما أراد أن يكتب عن المماليك كتب روايته ألمملوك الشارد , وقد حبك هذه الرواية بأن جعل من بطل روايته أحد المماليك الذين دُعو إلى الوليمة التي أعدها محمد علي باشا حيث دعاهم إلى وليمة وهناك قضى عليهم جميعا . وتقوم رواية جرجي زيدان على مملوكي تأخر بالوصول الى الوليمة فيطلبه محمد علي باشا , وهكذا نفهم عن التاريخ العربي وتاريخ المماليك من هذه الرواية .
كما وكتب أدباء آخرون روايات أخرى مثل فرح أنطون الذي نشر روايات فلسفية , ثم تلاهم جبران خليل جبران في قصصه وميخائيل نعيمة .
ألجدير بالذكر أننا لا نستطيع إعتبار قصص جرجي زيدان وفرح أنطون جنسا أدبيا " رواية " , لأن جرجي إعتمد الهدف التعليمي من وراء قصصه , وفرح هدفه كان فلسفيا .
أما الرواية الأولى الأولى التي نستطيع أن نعتبرها الأولى عربيا هي " زينب " لمحمد حسين هيكل .
وقد كتبها سنة 1912 , كتبها كقصة قصيرة وهو لا يزال طالبا في فرنسا لكنه يرى أنها غير كافية فيطورها إلى رواية وقد اعتبر النقاد هذه الرواية كأول رواية عربية على الإطلاق .
وقد تطورت الرواية حتى وصلت أوجها في سنوات الأربعين والخمسين ونقصد روايات نجيب محفوظ وقبله توفيق الحكيم , ثم تطور الأدب في الدول العربية حتى يصل لبنان ممثلا بِ يوسف عواد وآخرين .....