السّلام عليكم إخواني ، أخواتي
ها أنذا أقدّم بين يديكم مبحثا متواضعا ، أرجو أن تعينوني بملاحظاتكم ، حتّى يتسنى لي تنقيحه قبل عرضه أمام زملائي ، أرجوكم...............أنا جاد في طلبي
و شكرا
البحث على شكل الوورد
http://www.4shared.com/get/255983311/895ba33c/___.html فأمّا من أراد قراءته مباشرة فتفضلوا
مدخل إلى علم البيان :
I. مدخل :
لدينا أنّ كلمة البيان تدلّ على معنى الوضوح و الإبانة سواء أكان ذلك في القول الملفوظ أم المكتوب ، أو الإشارة أو الهيئة التي يبدو عليها الشيء وهذا ما يصلح عليه بدلالة الحال ، فهو عبارة عن أصول و قواعد يُعرف بها إيراد المعنى الواحد بطُرقٍ مختلفة ن في وُضوح الدّلالة على نفس ذلك المعنى .
و هذا المفهوم هو الذي أسّس عليه الجاحظ تقسيمه لأنواع البيان ، وقد ظلّ مصطلح البيان لفترة طويلة من الزّمان متسعا لعدّة معان ، منها الإعراب عمّا في النّفس من خواطر و أفكار و منها مضاهاة معنى الفصاحة و البلاغة في جمال التّعبير و تمام الدّلالة .
ثمّ تطوّر البحث البلاغي فأصبح البيان عِلما من علوم البلاغة ، و لكنّه لم يصر كذلك إلاّ بعد أن قدّم البلاغيون الأوائل جهودا عظيمة لتفسير أركان هذا العلم ن فالجاحظ في كتابه البيان و التّبيين قد ساهم في ميلاد هذا العلم من خلال معالجته لعدّة أشكال من البيان كالتّشبيه و الحقيقة و المجاز ـ و ذلك من خلال كتابه البيان و التّبيين ـ ، ثمّ جاء أبو العبّاس المبرّد ـ توفي 285 هـ ـ فأورد في كتابه الكامل مسائل مهمّة في علم البيان وقد عرض نماذج رفيعةًًًًًًًَََََََََ من الشّعر ، و قد حلّلها و شرح ما فيها من موضوعات البيان كالمجاز و التّشبيه و الاستعارة و الكناية ، و قد كان أيضا لأبي الحسن محمَّد بن أحمَد بن طباطبا العلوي المتوفّى سنة 322 هـ ، إسهام كبير في تأصيل علم البيان من خلال كتابه عيار الشِّعر فقد تناول النّفيس من أشعار العرب و بيّن ما فيها من تشبيه و مجاز ....إلخ ، وقد أسهم الآمدي ـ ت 371 هـ ـ بكتابه الموازنة بين الطّّائيَيْن ، في تأصيل علمِ البيانِ و نجاحه عندما فصّل القولَ في الاستعارةِ القبيحَ منها و الحسنَ عندَ أبي تمّام و البُحتُرِي و هذا ممَّا يُعتبر إسهامًا في علمِ البيان ، كذلك نجدُ أيضًا في هذا الميدان علي بن عيسى الرّماني ـ ت 386 هـ ـ إذ نجدُه في كتابه النّكت في إعجاز القرآن ، حيث قسَّم البلاغة إلى عشرة أقسامٍ مِنها ما يتّصِل بالبيان كالتّشبيه و الاستعارة موضِّحا الفروقَ بينهما ، و لا شكّ أنّ جُهْدَ أبي هلال العسكري ـ ت 395 هـ ـ في علمِ البيانِ يفوقُ مَنْ سَبَقَهُ مِمَّنْ عَرَضْنا بحوثَهُمْ ، فمِنْ خِلالِ كتابهِ الصِّنَاعَتَيْن يُصَرِّحُ بِرَغْبته في الكشفِ عنْ الحدودِ و الأَقْسامِ لوجوهِ البيانِ كما أشار إليها الجاحظُ مِن قبل .
أهمُّ الأسماءِ التي برزت في هذا الميدان هي :
1. ابن الرّشيق القيْرواني ـ ت 463 هـ ـ مِنْ خِلالِ كتابه العُمَدَة .
2. ابن سِنان الخفَّاجِي ـ ت 466 هـ ـ مِنْ خلال كتابِِه سِرُّ الفصاحة و قد تناول مباحثا في علم البيان .
3. عبد القاهر الجُرْجاني ـ ت 471هـ ـ مِنْ خلال كتابَيْهِ أسرارُ البلاغةِ ، دلائلُ الإعجازِ .
4. محمود بن عُمر الزَّمَخْشَرِي ـ ت 538هـ ـ منْ خِلالِ كتابِه الكَشَّاف .
5. سِراج الدّين أبو يعقوب يوسف بن محمّد السّكاكي ـ ت 626هـ ـ منْ خِلال كتابِه مفتاحُ العلوم حيثُ خصَّصَ القسمَ الثالثَ منْ كتابِهِ ، لعلْمِ المعاني و علم البيان ، يُعَدُّ مفتاحُ العلومِ الصّورة النّهائية فهي عبارةٌ عن حوصلةٍ لكلِّ مَنْ سَبَقَهُ في مجالِ علمِ البلاغة ، وقدْ لحِقَهُ مِنْ بَعْدِه بِشُروحٍ مهِمَّةٍ لِما توصَّل إليِْهِ السَّكَّاكِي أمثالُ عبدِ الرّحمان القزويني ـ ت 729 ـ . 1
II. موضوعه :
يدرس علم البيان الوجوه التي ينتقل بها اللّفظ من معناه الأصلي إلى معنى آخر متّصل به ، حيث أنّ لهذا الانتقال أسس يقوم عليها و هي العلاقات و التي بدورها تنقسم إلى نوعين2 :
1. علاقات المشابهة التي تختصّ بها الاستعارات .
2. علاقات غير المشابهة و التي تندرج ضمن أبواب المجاز بنوعيه المطلق و المُرسل .
III. ثمرته : الوقوف على أسرار كلام العرب مَنْثوِره و مَنظوِمه ومعرفة ما فيه من تفاوتٍ في فنون الفصاحة و تباين في درجات البلاغة .
1. ص 11 في ا لبلاغة العربية علم البيان .
2. ص 14 دروس في البلاغة العربية .
3. ص197 .جواهر البلاغة
تعريف التّشبيه :
لغة : : شبّهَ الشّيء بالشّيء أي مثّلهُ به و قرَنَه به . 1
اصطلاحا :
التّعريف الأوّل :2 : هو أسلوبٌ في تصويرِ المعنى يقوم على مقارنة شيء بآخر كمُقارنة القلوبِ بالحجارة في قوله تعالى " ثمَّ قَسَتْ قلوبُكمْ منْ بعدِ ذلك فهي كالحجارةِ أو أشدّ قسوةِ "الآية 74 . البقرة ، أو مقارنةِ السَّماء بالزَّيْتِ المَغْلِي والجبالِ بالصُّوفِ المنفوشِ
في قوله تعالى " يوم تكونُ السَّماءُ كالمُهْلِ ، و تكونُ الجِبالُ كالعِهْنِ "3 .
التّعريف الثّاني : نأخذ ماوَرَد عن بعْضِ العُلماء 4 في تعريف التّشبيه:
ابن الرّشيق : صفة الشيء بما قاربه و شاكله 5
أبوهلال العسكري : "الوصف بأن أحد الموصوفين ينوب مناب الآخر بأداة التشبيه ... 6
التنّوخي : التشبيه هو الإخبار بالشبه ، و هو اشتراك الشّيئين في صفة أو أكثر و لا يستوعب جميع الصّفات 7...
السّّكاكي : تشبيه الشيء لا يكون إلا وصفا له بمشاركته المشبه به في أمر ..., 8
التعريف الجامع :
التشبيه هو صورة تقوم على تمثيل شيء (حسي أو مجرد ) بشيء آخر (حسي أو مجرد ) لاشتراكهما في صفة (حسية أو مجردة ) أو أكثر . 9
التّعريف الثالث : التّّشبيه بيان أنّ شيئَا أو أشياء شاركت غيرها في صفةٍ أو أكثر ، بأداةٍ هي الكاف أو نحوُها ملفوظةً أو ملحوظة . 10
1/ص15. دروس في البلاغة العربية ،2/ص33 علم البيان ،3/الآيتان 8.9 سورة المعارج ، 4/ص15 دروس في البلاغة العربية ،
5/ 1/256 العمدة ،6/ الصناعتين ص239 ، 7/ الأقصى القريب ص41 ، 8/ مفتاح العلوم ص332 ، 9/ص15.دروس في البلاغة العربية ،01/ص20.البلاغة الواضحة .
أركان التّشبيه
المثاال :
يقول المعرّي في المديح :
أنت كالشّمس في الضّياء و إن جا جاوزت كيوانَ2 في علوّ المكان
1. المشبّه : و هو الموضوع المقصود بالوصف * .
2. المشبّه به : و هو الشيء الذي يَجعل نموذجا للمقارنة و تتحقق فيه الصفة أقوى و أوضح و أقرب إلى إدراك السّامع أو القارئ و تجربته . و يُسمّى الرّكنان الأوّليان بطرفي التّشبيه .
3. وجه الشّبه : و هو الوصف الذي يستخلص من المقارنة بين المشبه و المشبه به .
4. أداة التّشبيه : و هي رابط لفظي يعقد به المتكلم علاقة المشابهة بين الطرفين ، و هي أنواع 1:
1. الحروف مثل كاف التّشبيه و الأداة كأنّ .
مثل : قول الشاعر أبي القاسم الشّابي :
عذبة أنت كالطفولة كالأحلام
كاللّحن كالصّباح الجديد
كالسّماء الضّحوك كاللّيلة القمراء
كالورد كابتسام الوليد
2. صيغ (أفعال و أسماء ) المتّصلة بمادّة دالّة على الشََّبه : (م.ث.ل) ، (ش.ب.ه) ، (ق.ر.ن) ، (ض.ر.ع) ، (ح.ك.ي) (ض.ه.ي)...........
3. صيغ متّصلة على ما يعتقده المتكلّم : مثل أفعال القلوب و الظنّ : أجد هذه الفتاة بدرا في جمالها .
1.ص17.دروس في البلاغة العربية ،*ص34. في البلاغة العربية .علم البيان .
2. كيوان : زحل .
تقسيم طرفي التّشبيه
1. إلى حسّي و عقلي 1
قد يرِد طرفا التّشبيه باعتبار الحسّ و العقل:
1. إمّا حسّيان : فقد يكون الطّرفان مُدركان بإحدى الحواسّ الخمس الظاهرة ، مثل : أنت كالشّمس في الضّياء .
.
2. إمّا عقليان : أي يُدركان بالعقل .، مثل : العلم حياة ، و الجهل مماة .
.
إمّا المشبّه حسّي و المشبّه بِهِ عقلي . ، مثل : طبيب السّوء كالموت .
3. إمّا المشبّه عقلي و المشبّه به حِسّي ، مثل : العلم نور .
2. باعتبار الإفراد و التّركيب :
يرد طرفا التّشبيه باعتبار الإفراد و التّركيب كما يلي :
I. أ. إمّا مفردان " مُطْلقان " ، مثل : ضوؤه كالشّمس .
ب. إمّا مقيّدان *، مثل : السّاعي بغير طائل كالرّاقم على الماء .
ج. إمّا مختلفان نحو : ثغره كاللّؤلؤ المَنْظوم ، الشَعر الأسود يُشبه الفحم.
II. مركّبان تركيبا إذا أُفرِدَت أجزاؤه زال المقصود من هيئة المشبّه به ، كما نلمح ذلك في قول الشّاعر :
و كأنّ أجرام النُّجومِ لوامِعًا دُرَرٌ نُثِرْنَ على بساطٍ أزرقٍ
حيث شبّه النّجوم اللاّمعة في كبدِ السّماء بدُرٍِِّ مُنْتَثِرٍ على بساطٍ أزرق ، فلو قُلنا كأنّ النجومَ دُرَرٌ و كأنّ السماءَ بساطٌ أزرقٌ ، كان التّشْبيهُ مقبولا لكنّه قد زال المقصودُ منه بهيئة المشبه به .
III. و إمّا مفْردٌ بمركّب كقول الخنساء :
أَغرُّ أبلجُ تأْتمُّ الهُداةُ بهِ كأنّه عَلَمٌ في رأسهِ نارُ
IV. و إمّا مركّب بمفرد نحو : الماء المالح كالسمّ .
3. باعتبار تعدّدهما :
ينقسم طرفا التّشبيه باعتبار تعدّدهما إلى 04 أقسام : ملفوف ، مقرون ، تسوية ، جمع .
1. فالتّشبيه الملفوف ، هو جمع كلّ طَرَفٍ منهما مع مثله ، كجمع المشبه مع المشبّه ، و المشبّه به مع المشبّه به ، بحيث يُؤتى بالمشبّهات أوّلا ، و المشبّهات بها ثانيا ، كقول الشّاعر :
ليْل وبدْرٌ و غصنٌ شَعرٌ و وجْه و قدٌّ
2. التّشبيه المفروق وهو جمع كلّ مشبّه مع ما شُبِّه بها ، كقول الشّاعر :
إنّما النّفْس كالزّجاجةِ و العِلْ ـم سِراجٌ و حِكمة اللّه زيْت
فإذا أشْــــرقَتْ فإنـــــّك حـــيٌّ و إذا أظلمَتْ فإنّـــــك ميّــــتٌ
3. تشبيه التّّسوية وهو أن يتعدّد المشبّه دون المشبّه به ، سمِّي بذلك للتّسوية فيه بين المشبّهات .
كقول الشّاعر :
صُدغُ الحبيـــــــــبِ و حالــي كـــــلاهمــــــــا كاللـــــّيـالي
و ثَغـــــــــرُه في صـفــــــــاء و أدمُــــعـــي كــــالآلـــــــــي
4. تشبيه الجمع وهو أن يتعدّد المشبّه به دون المشبّه ،
و قد سُمِّي بتشبيه الجمع للجمع فيه بين المشبهات بها ، كقول الشاعر :
كأنّما يَبسِمُ عن لــــؤلؤ منــــضَّد أو بَـــرد أو أُ قـــــــــاح
فقد شبّه الشّاعر ثغرَ المحبوب بثلاثة أشياء هي : اللّؤلؤ ، و البرَد ، و الأقاح ( زهْرُ الأُقحوان ) .
1. ص 201 ، جواهر البلاغة ، * التقييد يكون بالإضافة أو الوصف أو المفعول أو الحال أو الظرف أو بغير ذلك ، ويُشترط في القيد أن يكون له تأثير في وجه الشبه .
أقسام التّشبيه
أ) باعتبار الأداة
ينقسم التّشبيه باعتبار الأداة إلى :
1. التّشبيه المؤكّد : و هو ما حُذِفت أداته ، مثل قول الشّاعر:
أنت نجْمٌٌ في رِفعةٍ و ضياء تجْتليك العيونُ شرْقا و غرْبًا
2. التّشبيه المُرسل و هو ما ذُكِرت فيه الأداة ، كقول الشّاعر:
إنّما الدُّنــيا كبــيـــْتٍ نسْجُــه من عنكبــــــــــــوت 1
ب) باعتبار وجه الشّبه
ينقسم التّشبيه باعتبار وجه الشّبه إلى 2:
1.التّشبيه المُجْمل :
و هو ما غاب فيه وجهُ الشبه ، و بغيابه أجمَلَ المتكلّم في الجمع بين الطرفين فسُمِّي مجملا . و قد ترك ذكرَ وجْه الشّبه ليهتدي إليه المتلقي بحدسه و بعقله .
مثل : النّحو في الكلام كالملح في الطّعام .
2. التّشبيه المُفصّل و هو ماذُكِر فيه وجه الشبه مثل : طبع فريد كالنّسيم رِقّة، و يده كالبحر جودا ، و كلامه كالدُّر حسنا .
3.تشبيه التّمثيل و هو ماكان وجه الشّبه فيه صورة منتزعة من متعدّد ، كقول الشاعر :
و ما المرء إلاّ كالشّهابِ و ضوئه يوافي تَمام الشّهر ثمّ يغيبُ
فوجه الشّبه هو سُرعة الفناء ، فقد انتزعه الشّاعر من أحوال القمر المتعدّدة ، إذ يبدو هِلالاً ، فيصير بدرًا ، ثمّ ينقصُ حتّى يُدرِكه الفناء .
4. غير تمثيل و هو ما لم يكن وجهُ الشّبه فيه صورةٌ منتزعة من متعدّد نحْوَ: وجهُه كالبدِْر .
5.قريب مُبْتذل و هو ما ينتقِلُ فيه الذِهن من المشبّه إلى المشبّه به من غير احتياج إلى شدّةِ نَظٍَر و تأمّل لظهور وجهه بادئ بدءِِ و ذلك كتشبيه الخدِّ بالوَرْد في الحُمرَةِ .
6. بعيد غريب وهو ما احتاج في الانتقال من المشبّه إلى المشبّه به إلى فِكٍْر و دِقّة نظٍَر لِخفاء وجهِه في بادئ الرّأي .
التّشبيه البليغ
و هو ما غابَ منه وجهُ الشّبه و الأداة ، و فيه يجتمع المُجْمل و المؤكّد ، و فيه يجري الجمْع بين الطّرفين دون توسّط أداةٍ أو وجه شبهٍ ، وغيابُ هذين الرّكنَيْن يفتح الباب أمام الذّهن ، حيث يتطلّع إلى جميع وجوه اللقاء الممكنة بين الطّرفين فإذا هما واحد أو كالواحد في التصوّر . و ذاك مدخل البلاغة في هذا التشبيه . مثل قول الشّاعر :
عيناكِ غابتا نخيل ساعة السّحَرِ
أو شرفتان راح ينأى عنْها القمر 4
ت) باعتبـــار الغـــرَض
ينقسم التّشبيه باعتبار الغرض إلى حسَنٍ مقبول ، و قبيحٍٍ مردود3 :
1. فالحَسَنُ المقبول هو ما وفّى بأغراض التّشبيه المعروفة ، بحيث يكون المشبّه به ـ زياجة على ذلك ـ أعْرف من المشبّه في وجه الشّبه .
2. القبيح المردود هو ما لم يفِ بالغرض المطلوب منه ، لعدَمِ وجود وجْه شبَه بين المشبّهِ و المشبّه به ، أو مع وُجودِه لكنّه بعيد .
أغراض التّشبيه
لاستعمال التّشبيه أغراض كثيرة ، نقتصر على المشهور منها5 :
1. بيان حال المشبّه ، وذلك حينما يكون المشبّه غير معروف الصّفة قبل التّشبيه ، فيُفيده التّشبيه الوصف ، كقول الشّاعر :
إذا قامتْ لِحاجتِها تَثَنّتْ كأنّ عِظامَها من خيزُرانِ
فالشّاعر شبّه عظامَها بالخيزُران دلالة على لُيونتها و رِقّتها ، فبواسِطةِ التّشبيه علِمْنا حالَةََ عِظامِها التي كانت قبل التّشبيه مُبهَمَة .
2. بيان إمكان حال المشبّه ، وذلك لمّا يُسندُ إليهِ أمرٌ غريبٌ لا تزول غرابتُه إلاّ بِذِكر شبيهٍ لهُ ن مثل قولِ الشّاعِر :
ويْلاهُ إنْ نَظَرتْ و إنْ هيَ أعْرَضتْ وقْعُ السِّهام و نزعهُنَّ أليمُ
فقد شبّه نظرَها بوقْعِ السِّهام ، وإعراضِها بِنزْعِها : بياناَ لإمكان إيلامِها بهِما جميعَا .
3. بيانُ مِقْدارِ حالِهِ ، و ذلك إذا كان المشبّه معروفَ الصِّفةِ قبلَ التًّشبيهِ معرِفةَ إجماليّة ،فيكون التَّشْبيهُ لِتَبْيينِ مِقدار هذه الصِّفة ، مثل قول الشّاعر :
كأنَّ مِشْيتَها مِن بيتِ جارتِها مرُّ السّحابِ لارَيْثٌ و لا عَجَلٌ
فالشّاعر بواسِطة التّشبيهِ بيّن لنا مِقدارَ المِشية التي تَمْشيها تِلْكَ المرأة .
و كقول الشّاعر :
فيها اثنتان و أربعون حَلوبةًَ سُودًا كخافِيةِ الغُراب الأسحَم
فقد شبّه النّوقَ السّود بِخافة الغُراب بيانًا لِمِقْدار سوادِها .
4. تقريرُ حالِه في نَفْسِ السّامع بإبرازها فيما هي فيه أظْهرُ ، كما إذا كان ما أُسْنِد إلى المشبّهِ يَحتاج إلى التّثْبيت و الإيضاح بالمِثال ، كقول الشّاعر :
إنّ القلوب إذا تنافر وُدُّها مِثْل الزُّجاجة كَسْرُها لا يُجْبَرُ
فقد شبّه الشّاعِر تنافر القلوبِ بكَسْر الزّجاجة تَثْبيتًا و إِقرارًا لتَعذُِّر عَوْدةِ القُلوبِ إلى ما كانت عليه من المودّة و الأُنس .
5. مدحُه و تحسينه : مثل :
كأنّك شَمْسٌ و المُلُوك كواكِبٌ إذا طَلَعتْ لم يبْدُ منهُنّ كوكبُ
6. تشويهُه و تًقْبيحُهُ ، مثل
و إذا أشار مُحدِّثًا فكأنّهُ قِرْدٌ يُقَهْقِهُ أو عجوزٌ تلطِم
1. ص 218 جواهر البلاغة ، 2. نفس المصدر ، 3. نفس المصدر ، 4. السيّاب .5.ص220 . نفس المصدر.
التّشبيه الجاري على غير طرقه الأصليّة
1. التّشبيه الضّمني
الأمثلة :
يقول ابن الرّومي :
قَدْ يَشيبُ الفتى و ليْسَ عجيبًا أنْ يُرى النّورُ في القضيبِ
يقول ابن الرّومي بأنّ الشّاب قد يَشيبُ و لم تتقدّم به السِّنون بعد ، و إنّ ذلك ليس بالأمرِ العجيبِ فالغُصْنُ الرّطْب قدْ يظهر فيه الزّهر الأبيض ، فابن الرّومي هنا لم يأْتِ بتشبيه صريح فهو لم يقُلْ : بأنّ الفتى و قد هجَمَ عليه الشّيْبُ كالغُصن الرّطِيبِ حين إزهاِره ، و لكنّه أتى بذلك ضِمْنًا .
وقال المتنبّي :
منْ يَهُنْ يسهلُ الهوان عليه ما لِجُـــرحٍ بميّتٍ إيــــلامُ
أبو الطيّب المتنبّي يرى بأنّ الذي اعتاد الهوانَ يسهُل عليه تحمّلُه و لا يتألّم له ، و ليس هذا الادّعاء باطلاً ، لأنّ الميّت إذا جُِرح لا يتألّم ، وفي ذلك تلميح بالتّشبيه في غير صراحةٍ ، وهذا ما يُسمّى بالتّشبيه الضّمني .
القاعدة : التّشبيه الضّمني2 : تشبيه لا يُوضعُ فيه المُشَبَّهُ و المشبَّه به في صورةٍ من صُوَر التّعريف المَعروفة ، بل يُلمحان في التّركيب . و هذا النّوع يُؤتى به لِيُفيدَ أنّ الحُكْم الذي أُسنِدَ إلى المشبّه ممكنٌ .
2. التّشبيه المقلوب :
الأمثلة :
قال محمّد بن وُهيْب الحِميري : و بدا الصّباحُ كأنّ غرّتَهُ وجــهُ الخلـــيفةِ حينَ يُمتدحُ
يقولُ الحِميري بأنّ تباشير الصّباح تُشبه في التّلألؤ وجهَ الخليفة عندَ سماعِهِ المديح ، فنجد هنا أنّ هذا التّشبيه خرج عمّا كان مُستقِرّا في النّفْس من أن يُقال إنّ وجْهَ الخليفة يُشبهُ الصّباح ، و لكنّهُ عكَسَ و قلَبَ التّشبيه للمبالغةِ و الإغراق بادّعاء أنّ وجه الشّبه أقوى في المشبّه .1.
يقول البُحتُري : كأنّ سَناها بالعَشيِّ لِصُبْحِها تبسّمُ عيسى حين يَلفِظُ بالوَعِدِ
فالبُحتُري برْقَ السّحابة الذي استمرّ لمّاعا طوال اللّيل بتبسُّم ممدوحِه حينما يعِدُ بالعطاء ، و لا شكّ أنّ لمعانَ البرقِ أقْوى من بريق الابتسامِ ، فكان المعهود أن يُشبّه الابتسام بالبرقِ كما هي عادةُ الشّعراء ، إلاّ أنّ البُحتري قلبَ التّشبيه .
و قال آخر : أحِنُّ لـهُمْ و دونَـــهُمْ فلاةٌ كأنّ فســـــيحَها صدْرُ الحليـــــــمِ
و في هذا المثال شُبِّهت الفلاة بصدر الحليم ، وهذا أيضًا من التّشبيه المقلوب .
القاعدة :
"التّشبيه المقلوب هو جعل المشبّهِ به مشبّها بادّعاء أنّ وجهَ الشّبه فيه أقوى و أظْهر " .
1./ص59. البلاغة الواضحة . 2/ ص 47. البلاغة الواضِحة .
بلاغة التّشبيه :
مراتب بلاغة التّشْبيه :
أعلاها مرتبة :
و أبلغها هو ما حُذِف فيها الوجه و الأداة و هو ما يسمّى بالتشبيه البليغ .
المرتبة المتوسطة :
ما حُذِفت الأداة وحدها ، أو حذِف وجه الشبه وحدُه ، بحيث بِذِكر وجْهِ الشّبَهِ حُصِر التّشابه في نقطة أو عدّة نقاط فلا نَدَعُ للخيال مجالا في الظنّ بأنّ التشابه في كثير من الصّفات ، كما أنّه بذِكر الأداةِ نكونُ قد نصَصْنا على وجود التفاوت بين المشبه و المشبه به فلم نتركْ بابا للمُبالغة
الأقلّ مرتبة : ما ذُكِر فيها وجهُ الشّبه و الأداة .
بلاغة التّشبيه :
تنشأ بلاغة التّشبيه من أنّه ينتقل بنا من الشّيء نفسِه إلى شيء طريفٍ يُشبهه ، أو صورة بارعة تمثِّله ، و كلّما كان هذا الانتقال بعيدا قليل الخطور بالبال ، أو ممتزجا بقليل أو كثير من الخيال ، كان التشبيه أروع في النّفس و أدعى إلى إعجابها و اهتزازها , فإذا قلنا فلان يشبه فلانا في الطول ، أو أنّ الأرض تشبه الكرة في الشكل لم يكن في هذه التشبيهات أثر للبلاغة ، لظهور المشابهة و عدم احتياج العثور عليها إلى براعة و جهد أدبي ، و لخلوّها من الخيال .
وهذا الضّرب من االتّشبيه ُيقصد به البيان و الإيضاح و تقريب الشّيء إلى الأذهان، و هذا أكثر ما يُستعمل في العلوم و الفنون .
لكن لمّا نلمح بيت المتنبي الذي قال فيه :
بُليتُ بِِلى الأَطْلالِ إنْ لمْ أقِفْ بِها وقوفَ شحِيحٍ ضاعَ في التُّرابِ خاتَمَهُ
فالمُتنبّي يدعوعلى نفسه بالبِِلى و الفناء ، إذا هو لم يقفْ بالأطلال ، ليذكُرَعَهْدَ مَنْ كانوا بها ، ثم أراد أن يُصوّرَ لنا هَيْئةَ وُقُوفِهِ فَشَبِّهَ حَالَهُ بحالِ شحيحٍ وَقفَ مَذْهولا وقد فَقدَ خاتَمَه في التُّراب ، فنجدُ المتنبِّي باِرعا في تشبيهِه ذلك ، حيث صوّر لنا وُلُوعَهُ بالوقوف على الأطلال في قالَبٍ تشبيهيّ لا يفْقَهُ محتواهُ إلاّ المتفطّنُ اليقِظ .
و قد كان من عادة العرب ـالمحدَثين منهم و القدماء ـ على تشبيه الجواد بالبحر و المطر ، و الشُّجاع بالأسد ، و الوجه الحسن بالقمر و الشّمس ، و العالي المَنْزِلَة بالنّجم ، و الحليم الرّزين بالجبل ، و الوجه الصَّبيح بالدّينار ، و اللّيل بأمواج البحر ، و قد شبّهوا الجبان بالنّعامة و اللّئيم بالثّّعلب ، و الطّائش بالفراش ، و البليد بالحِمار ، و البخيل بالأرض المُجدِبة .
و قد اشتهر رجالات من العرب بخلالٍ محمودة ، فصاروا فيها أعلامًا فجَرى التّشبيه بهم ، فيُشَبَّه الوفيّ بالسّمَوْءَل و الكريمَ بحاتِم ، و العادلَ بعُمر و الحليمَ بالأحنف بن قيس ، و الخطيب بقسّ ، و الحكيم بلُقمان، و الهاجي المُقذِع بالحُطيئة ، و الطّامِع بأشعب و القاسي بالحجَّاج2 .
1.ص223.جواهر البلاغة،
2.ص 229 جواهر البلاغة .
قائمة المصادر و المراجع
1. جواهر البلاغة في المعاني و البيان و البديع ، تأليف السيّد أحمد الهاشمي ، ضبط و تدقيق د. يوسف الصِّميلي ، المكتبة العصرية . صيدا .لبنان
2. في البلاغة العربية . علم البيان .د. مصطفى هدّارة ، دار العلوم العربية ، الطّبعة الأولى 1409هـ ،1989م .
3. دروس في البلاغة العربية ، تأليف : الأزهر الزنّاد ، الطذبعة الأولى ن أيلول سبتمبر 1992 ،
النّاشر : المركز الثّقافي العربي للنّشر و التّوزيع ، الدّار البيضاء . بيروت . لبنان .
4. البلاغة الواضِحة ـ الشّرح ـ ، تأليف : علي الجاِرم و مُصطفى أمين ، النّاشر : دار المعارف ،
تاريخ الطّبعة : 1999 .
5. مكتبة المصطفى الإلكترونية :
WWW.al-mostafa.com .
خطّّة البحث
1. مدخل إلى علم البيان
2. تعريف التّشبيه .
3. أركان التّشبيه .
4. تقسيم طرفي التّشبيه ( إلى حسّي و عقلي ، باعتبار الإفراد و التّركيب ، باعتبار تعدّدهما
5. أقسام التّشبيه ( باعتبار وجه الشّبه ، باعتبار الأداة ، التّشبيه البليغ ن باعتبار الغرض )
6. أغراض التّشبيه
7. بلاغة التّشبيه
8. التّشبيه الجاري على غير طُرقه الأصلية ( الضّمني ، المقلوب )