طرقت الباب و سرت في طريق . طريق طويـــــــــــــــــــــــــــــــــــــل _ كهذه الياء_ حينما سرت وجدت نفسي داخل عالم آخر . كل ما فيه جميل كل ما فيه رائع أو هكذا خيّل إلي في بادئ الأمر ظللت أحيا في ذلك العالم الجميل , ليس فيه ظلم أو ألم أو زورا أو بهتانا و إفكا. فيه الصّداقة و الهناء يشع فيه الأمل و يعم فيه الخير , تعلّمت في هذا العالم معني الوفاء و الإخلاص للذات و الضمير و أيقنت أنّ قيمة الإنسان تكمن في ما يحمله فكره من أفكار و قيّما . وتعلّمت معني الأمانة والتضحية الجميــــــــلة تجرّعت الألم و عرفت معني الضياع في غياهب الدّنيا وظللت متمسّكا بمبدأ التضحية والأمل وسرت وواصلت الطّريق رغم الألم واصلت الطريق في سبيلها اقتلعت سعادتي لأهديها لها ، ونزعت معطفي في سماء ثالجة لأهديها دفئا طالما حلمت به كنت لها سحابة في صيف حارقة ، عوضتها حنان الأب المفقود و كنت لها الأخ و تركت الدّنيا و شبابي و نسيت ذاتي ورحت أرسم لها سبيل حياتها بصدق وصدق وصدق... ومضيت يها في سبيل جميل حتّي لم تقع في خطأ أو أخطاء. مددت لها كفّي بوفاء و إخلاص بلا نية غدر ، رميت ذاتي بعيدا عن ذاتي ورحلت إلي عالمها الجميل المتواضع جدا مضيت و سرت و لم أحس يوما إلا بإحساس قد يبدو غريبا لكنّه واقعي الذي عايشته بجوارحي، كنت أحس بأنّي لم أخلق إلا لإسعادها، ونسيت أو تناسيت سعادتي و حقّي بل وكل حقوقي في الحياة و أصبحت أخطط فقط من أجلها ، وكانت تقول لي" لن أنسي فظلك علي ما حييت " أشعر حينها بسعادة لا توصف ، ليس لكلمات الثناء كنت أسعد ، إنّما كنت أسعد لسعادتها .
علّمتها و أدّبتها بأدب الدين و الأخلاق السامية وزرعت فيها التفاؤل و التربية الحسنة حتي أصبحت نعم الفتاة هي.
كانت قمّة في الأخلاق و الحياء ، وقد حدث يوما و نحن نتحدّث وقد كنت أكلّمها عن الآخرة و الزهد في الحياة ...
وكانت تصغي بهدوء ولم تدري حتّي قالت " ليتنا نحيا للأبد معا" وكانت قد مضت ست سنوات علي صداقتنا الدّراسية ، لم أدري ما أقول و لم أعرف ما أفعل لأني لم أكن أدري حقيقة مشاعري اتجاهها ، تسمّرت و بقيت أحدّق في مقلتيها
وقلت إن شاء الله ..... إن شاء الله ومرّت الأيام ونجحنا في الباكالوريا ودرسنا سويا في الجامعة كنت لها الصّديق و الحبيب و الرفيق و الأب و الأخ كنت لا أدعها تحتاج إلي شيء حبا لها و شفقة عليها ، و كانت عائلتها تعلم بصداقتنا الجميلة.............
ومضت الأيام تتبعها الشهور و السنين كأنّها ومضة برق و أنهينا دراستنا ، ونحن أسعد مخلوقين علي وجه البسيطة أو هكذا خيّل إلينا. أنهينا دراستنا و قد تركنا أحسن الذكريات ، وكانت تقول لي " دائما تسعدني وتتعب لأجل إسعادي" . ورغم أنّها الحقيقة إلا أنّي لم أقل لها أبدا معك الحق في هدا الشأن و كنت أخفي تعبي حتى لا تراه ولا تحسّ به .
ألفتها و بعفاف أحببتها و بإخلاص ووفاء تمنّيتها ورسمت معها دروب السّعادة وحطّمت الحواجز من أمامها وقهرت سعادتي لسعادتها بصبر وإحسان ، رميت الدّنيا لآجل أن أرسم الإيتسامة علي شفتيها.
وجاء اليوم الذي لابد للرحيل إلي الثكنة العسكرية ......... وجاء الخبر كالصّاعقة علينا نحن الاثنان بكت المسكينة وأدر فت الدّموع أمامي حتّي بكيت لبكائها ، حملت حقيبتي ومضيت مع دموع الفراق .
وأنا أمام باب الثكنة شارد الدّهن دامع العين ، إذ بصوت ينادي ماذا هناك ... هيا ادخل .... دخلت ..... ومضي اليوم الأول كألف سنة أو أكثر .... ومضت الأيام متثاقلة والرّسائل لا تنقطع بيني و بينها..........
أعدروني لم أستطع إكمال ما تبقي
أنهيت واجبي العسكري ..........
تزوجت .. لقد تزوجت ..... من آخر .
سعدت لسعادتها و دعوت الله بالخير لها ...................
وحزنت لفراقها الأبدي ، وقبرت سعادتي و هنائي ، ودفنت فرحي وأملي في مقبرة الوفاء.............