الخطبة الأولى
الحمد لله العلي الأعلى، خلق فسوى، وقدر فهدى، أحصى على العباد أقوالهم وأفعالهم في كتابٍ لا يضل ربي ولا ينسى. أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جلَّت عظمته، وعمت قدرته، وتمت كلمته صدقًا وعدلاً: وَإِن تَجْهَرْ بِٱلْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلسّرَّ وَأَخْفَى طه:7 وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله بعثه بالحق والهدى، فما ضل وما غوى، وما نطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله دوحة البيت الطاهرة، وعلى صحابته عصبة الحق الظاهرة، والتابعين ومن تبعهم بإحسان العالمين في الأولى والآخرة وسلم تسليمًا كثيرًا اما بعد:فيا أيها الناس :اتقوا الله واعلموا أن الله خلق الإنسان ورسم له سبيل الهدى والرشاد ,وألزم الإنسان بإصلاح العمل والقول السديد ,حيث أنعم الله عليه بنعمة الجوارح ومن بينها اللسان ,الذي جعله وسيلة لإبداء ما في ضميره والتعبير عما يدور في مكنونه,وما دام الأمر في سريرته, لا يؤاخذه الله عليه وحينما ينطق به اللسان يقع عليه الثواب والجزاء0فاللسان ذو حدين يتكلم بالخير وينطق بضده ,فأولى بالمتكلم التوخي بالمنطق السليم ,واجتناب الكلام الذميم ,إذ اللسان هو المورد للمرء موارد العطب, والصمت يكسبه المحبة والوقار, من حفظ لسانه أراح نفسه, والرجوع عن الصمت أحسن من الرجوع عن الكلام, مع أنه لا يستطيع أن يعيد ما تكلم به ,لأن الكلام ملكه بعد أن كان مالكا له, فالصمت منام العقل, والنطق يقظته فما أكثر من ندم إذا نطق ,وأقل من ندم إذا سكت0
أيها المسلمون : إن الإنسان حين يريد أن يستجمع أفكاره، ويراجع أعماله، ويقيس في الحياة أموره وأحواله، يجنح إلى الصمت، فالصمت سمة من سمات المؤمنين، وصفة من صفات العقلاء المفكرين، أوصى به الإسلام، فمن نصائحه صلوات الله وسلامه عليه لأبي ذر: ]عليك بطول الصمت، فإنه مطردة للشيطان، وعون لك على أمر دينك[ 0 وقد دعا المولى عباده إلى الصمت بتنبيههم على المؤاخذة على الكلام، فقال تعالى: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ سورة ق:18 ، فينبغي للعاقل المكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام، إلا كلاما تظهر المصلحة فيه، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة فالإمساك عنه أفضل، لأنه قد يجر الكلام المباح إلى حرام أو مكروه، ولقد جاء في السنة النبوية إن ] من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه[ فهذا الحديث أصل من أصول الأدب التي يبنى عليها وقد قال بعض الأئمة جماع آداب الخير وأزمته تتفرع إلى أربعة أحاديث قوله ]من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت[ 0وقوله ]من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه[ وقوله للذي اختصر له الوصية ]لا تغضب[ 0
وقوله ]لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه[ 0فحري بكل مسلم أن يمتثل أمر الله الذي أنعم عليه بنعمة المنطق فالحديث يريد من كل مسلم أن يترك مالا يعنيه مما ليس في حاجة له ولا فائدة ولا سعادة في الدنيا ولا في الآخرة ,فمعنى قوله عليه الصلاة والسلام ]مالا يعنيه[ أي ما تتعلق به عنايته ومطلوبه من الأقوال والأفعال , بحكم الشرع والإسلام ولا بحكم الرأي والهوى كما خاطب نبي الهدى المؤمنين بذلك ]من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت[ فمن نطق في غير خير فقد لغا، ومن نظر في غير اعتبار فقد سها، ومن سكت في غير فكر فقد لها، وجاء في الأثر أن يونس-عليه السلام- لما خرج من بطن الحوت طال صمته فقيل له: ألا تتكلم؟ فقال: "الكلام صيرني في بطن الحوت".
عباد الله :إن اللسان السائب حبل مرخي في يد الشيطان، فإذا صمت ولم يتكلم كان من أهل الجنان، وإذا تكلم وجهه الشيطان كيف يشاء، ومتى أراد، فإذا لم يملك الإنسان أمره، كان فمه مدخلا للنفايات، وقلبه محطا للملوثات، يقول الرسول : ]لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه) ، إن الكلمة أحرف ينطق بها اللسان، يوزن بها الإنسان، فالمرء مخبوء تحت لسانه، فهو في حال صمته يعسر الحكم عليه، فإن تكلم ظهر أمره وبان، وعرفت شخصيته من خلال اللسان، إن كان فارغا أو كان ذا قدر وشأن، وقد جاء في الأثر: "إذا أصبح ابن آدم أصبحت الأعضاء كلها تذكر اللسان، فتقول له: اتق الله فينا فإنما نحن بك، إن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا"، إن الشيء الكامن في النفس يظهر على صفحات الوجه وفلتات اللسان، فالعاقل هو الذي يتحرى الكلمة قبل أن ينطق بها؛ فما أحسن حفظ اللسان، والإنسان لو حفظ لسانه ما هلك، قال أحدهم: الكلام كالدواء إن أقللت منه نفع، وإن أكثرت منه قتل.
عباد الله : إن المؤمن الصادق هو الذي يعيش في حذر دائم من فلتات لسانه فيجعل عمله كثيرا، وكلامه قليلا، وذلك خير له، فكثير الكلام يندم على كثرة كلامه، ولن يندم صامت على صمته في الغالب، فالعمل يكثر أو يقل بمقدار كثرة الكلام أو قلته، فكثير الكلام قليل العمل، وقليل الكلام كثير العمل، فعلى المؤمن إن تكلم أن يتكلم بما يعود بالفائدة عليه، وعلى مجتمعه ووطنه، قال لقمان لابنه: "يا بني إذا افتخر الناس بحسن كلامهم، فافتخر أنت بحسن صمتك"، يقول اللسان كل صباح وكل مساء للجوارح: كيف أنتن؟ فيقلن: بخير إن تركتنا، وروي عن النبي - - أنه قال: ]رحم الله من قال خيرا فغنم، أو سكت فسلم[. إن الكلام التافه مضيعة للعمر، وهدر للوقت، في غير ما خلق الإنسان له من جد وإنتاج، روي أن أعرابيا تكلم عند رسول الله وطول، فقال: ]كم دون لسانك من حجاب؟ قال: شفتاي وأسناني، قال: فإن الله عز وجل يكره الإنبعاق في الكلام -أي الانصباب فيه بشدة- فنضر الله وجه امرئ أوجز في كلامه، فاقتصر على حاجته[، فإن تكلم المرء فليقل خيرا، وليعود لسانه الجميل من القول، فإن التعبير الحسن عما يجول في النفس أدب عال أدب الله به عباده المؤمنين، قال تعالى: وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا الإسراء:53
إن لصاحب الكلمة الطيبة مكانة عالية ومنزلة رفيعة عند الله وعند الناس، فهو عند الله في جنات ونهر، لأنه لا يتكلم إلا بما يرضي رب البشر، وهو عند الناس كالنبراس يضئ لهم طريق حياتهم، فيأتون إليه، ويثقون فيه ويستنصحونه، فيكون من عناصر الصلاح في المجتمع، وما ذلك إلا لكلماته الطيبة، وتعبيراته اللطيفة، يقول الرسول : ] إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق[، ويقول تعالى: َقوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ البقرة:263 ، وأما الجاهل الشرس الطبع الذي لا تلزمه المكارم مروءة، فإنه لا يبالي أن يتعرض للآخرين بما يكرهون، فإذا وجد مجالا يشبع فيه طبيعته الجهول، وقلبه الحاقد المغلول، انطلق على وجهه لا ينتهي له صياح، فالواجب أن لا يؤخذ بكلامه ولا يعول على أقواله، فالاستماع إليه في ميزان الإسلام غير مرغوب، وإن كان الإنصات لكلامه مطلوبا، لوجوب حسن الخلق مع الجميع، فعن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: استأذن رجل على رسول الله فقال: ]بئس أخو العشيرة هو[ فلما دخل انبسط إليه وألان له القول، فلما خرج قلت: يا رسول الله، حين سمعت الرجل قلت: كذا وكذا، ثم تطلقت في وجهه وانبسطت إليه!! فقال: ]يا عائشة متى عهدتني فاحشا؟ إن من شر الناس عند الله تعالى منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء فحشه[، قال بعضهم: "إذا جالست الجهال فأنصت لهم، وإذا جالست العلماء فأنصت لهم، فإن في إنصاتك للجهال زيادة في الحلم، وفي إنصاتك للعلماء زيادة في العلم"، ويروى عن النبي أنه قال: ]لسان العاقل من وراء قلبه، فإذا أراد الكلام رجع إلى قلبه، فإن كان له تكلم، وإن كان عليه أمسك، وقلب الجاهل من وراء لسانه يتكلم بكل ما عرض له[.
إن الإنسان لو شغل بتأديب كل جهول يلقاه لأعيته الحيل من كثرة ما سوف يلقى، ولذلك عد القرآن الكريم في أوائل الصفات التي تحلى بها عباد الرحمن هذه المداراة، قال تعالى: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا الفرقان:63
عباد الله : إن حد الصمت والكلام المطلوب أن تتكلم فيما يعنيك، فإن سكت عنه لم تأثم، ولم تستضر به في حال ولا مآل، وأساس ذلك كله أن تعلم أنك مسؤول عن كل كلمة، محاسب على كل لفظة، يقول الله تعالى: وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا الإسراء:13 0
عباد الله : إن الكلام إن لم يحصر بالحاجة، ولم يقدر بالكفاية، لم يكن لحده غاية، ولا لقدره نهاية، قال بعضهم: "إن الكلام إذا لم يكثر عن قدر الحاجة، ولم يزد على حد الكفاية، وكان صوابا لا يشوبه خطاء، وسليما لا يعوده زلل، فهو البيان السحر الحلال"، ولا يجعل المؤمن دافعه للكلام اشتهاءه له ورغبته المطلقة فيه، بل من الحكمة أن تعقل اللسان عندما تشتهي الكلام من غير داع، سأل رجل حكيما فقال: "متى أتكلم؟ قال: إذا اشتهيت الصمت، فقال: متى أصمت؟ قال: إذا اشتهيت الكلام"، فعلى المؤمن أن يجعل لسانه مصدر خير، وأن يعوده القول الحسن الجميل، الذي يعمر ولا يدمر، ويبني ولا يهدم، ويجمع ولا يفرق.
أيها الإخوة المؤمنون : إن على الإنسان أن يراعى مخارج كلامه، بحسب مقاصده وأغراضه، فإن كان ترغيبا قرنه باللين واللطف، لا بالخشونة والعنف، فإن لين اللفظ في الترهيب وخشونته في الترغيب خروج عن موضعهما، وتعطيل للمقصود بهما، فيصير الكلام لغوا، والغرض المقصود لهوا، وإلا فالصمت أولى، فمن دلائل الفلاح، ووسائل الرقي والنجاح الإعراض عن لغو الكلام، يقول سبحانه: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ المؤمنون : 1 - 3 ، وقد وصف الله عباده بعدة صفات، ذكر منها أنهم يكرمون أنفسهم فيبتعدون عن كل مجلس فيه لغو، يقول الله سبحانه: َ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا الفرقان:72 ، وأوصى رجل ابنه فقال: "يا بني إن كنت في قوم فلا تتكلم بكلام من هو فوقك فيمقتوك، ولا بكلام من هو دونك فيزدروك"0 إن المؤمن الذي يمسك لسانه عن فضول الكلام يدخل الجنة بسلام، فمن وسائل النجاة في الدنيا والآخرة الصمت وحفظ اللسان، سأل عقبة بن عامر رسول الله : ما النجاة؟ قال: ]أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك[
فاتقوا الله - عباد الله -، وتخلقوا بخلق الصمت، وتكلموا بقدر، فإن كلام المرء بيان لفضله، وترجمان لعقله، فاقصروه على الجميل، واقتصروا منه على القليل، وصونوا أوقاتكم وعمروها بذكر الله الحميد المجيد، وكل قول سديد، واصرفوا عمركم فيما هو مفيد ونافع لكم في الدنيا والآخرة تسلموا وتغنموا.جعلني الله وإياكم من المؤمنين المصدقين وسلك بنا طريقه المستقيم وعصمنا من مضلات الفتن0 أعوذ بالله من الشيطان الرجيم يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا الأحزاب:70-71
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين والمؤمنات فاستغفروه إنه غفور رحيم 0
الخطبة الثانية : ضع لسانك على وضع ( صامت)
الحمد لله الذي جعل الكلام ترجمان يعبر عن مستودعات الضمائر، وتخبر شواهده عن مكونات السرائر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، أكثر الناس صمتا وأشهرهم ذكرا، وأجلهم مكانة وأقدسهم طهرا، وعلى آله وصحبه، وعلى كل من اهتدى بهديه، واستن بسنته إلى يوم الدين.أما بعد فيا عباد الله: اتقوا الله واحذروا سيء القول والخلق والفعل واتبعوا محاسن الأخلاق تفوزوا برضا الله. أيها المسلمون : يجب على كل إنسان أن يجعل على فيه من نفسه رقيبا ,وقفلا وثيقا ,حتى لا يكب في النار, وحتى تضمن له الجنة, وليصبح ممن استثناهم الله عمن نفى الخير من نجواهم ,قال تعالى لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا النساء:114 ولقد أخبر النبي معاذ بن جبل حين سأله عمن يدخل الجنة فذكر له شيئا من الأعمال الإسلامية ثم ]قال ألا أخبرك بملاك ذلك كله[ فقال معاذ بلى يا رسول الله فأخذ بلسانه ثم قال ]كف عليك هذا[ قلت يا نبي الله وأنا لمؤاخذون بما نتكلم به قال] ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم [وروي عن الرسول أنه قال : ]من حفظ ما بين لحييه وما بين رجليه دخل الجنة [ ومن الحكمة قولهم أول العبادة الصمت ,ثم طلب العلم, ثم العمل به ,ثم حفظه ,ثم نشره, وما ذلك إلا لأن الصمت أمنة من تحريف اللفظ ,وعصمة من زيغ النطق, وسلامة من فضول القول ,وهيبة لصاحبه0 قال أبو حاتم : "الواجب على العاقل أن ينصف أذنيه من قوله ويعلم إنما جعل له أذنان وفم واحد ليسمع أكثر مما يقول لأنه إذا قال ربما ندم وإن لم يقل لم يندم وهو على رد ما لم يقل أقدر منه على رد ما قال ذكره في روضة العقلاء" أيها المسلم : تعاهد لسانك فلا ترسله فيوقعك في مواقع الردى ’وذاك التعاهد بأنك حين تريد أن تتكلم تذكر سمع الله لك، وإذا سكت فاذكر نظره إليك، قال تعالى وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ* إِذْ يَتَلَقَّى المُتَلَقِّيَانِ عَنِ اليَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ* مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ق: 16-18. وأكثر ما يراد بترك ما لا يعني حفظ اللسان من لغو الكلام توفي رجل من أصحاب الرسول فقال رجل أبشر بالجنة فقال الرسول ]أولا تدري فلعله تكلم بما لا يعنيه أو بخل بما لا يغنيه[ فالتاجر يوم القيامة هو من حفظ لسانه والناطق بالقول الصواب قال تعالى لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا النَّبأ:38 فالذي أوصيكم به ونفسي التفكر بمغزى الكلام وبما يؤول إليه, لأن الإنسان يتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات, والعبد يتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا فتهوي به في جهنم ,فكلام ابن آدم عليه لا له ,إلا ذكر الله, والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر0قال بعض العلماء العاقل لا يبتدئ الكلام إلا أن يسأله ولا يقول إلا لمن يقبل 0 أسال الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يرزقني وإياكم والمسلمين سلامة الصدر وطهارة القلب وأن يعصمنا من الفتن وان نصون الألسن وان لانفتن ولا نفتن يارب العالمين 0 اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها. اللهم إنا نعوذ بك من شر أسماعنا ، ومن شر أبصارنا ، ومن شر ألسنتنا ، ومن شر قلوبنا يارب العالمين0
ألا وصلّوا وسلِّموا ـ رحمكم الله ـ على الهادي البشير والسراج المنير، سيِّد الأوّلين والآخرين ورحمة الله للعالمين، الرحمةِ المهداة والنعمة المسداة، نبيّكم محمد بن عبد الله، كما أمركم ربّكم جلّ في علاه، فقال تعالى في أصدق قيله ومحكمِ تنزيله: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا الأحزاب:56. اللهم صل على نبينا محمد ما ذكره الذاكرون، وصل عليه ما غفل عن ذكره الغافلون. اللهم أحينا على محبته، وأمتنا على ملته، وثبتنا على سنته، وأكرمنا بشفاعته، وأوردنا حوضه، واسقنا بيده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها أبداً، وأنِلنا شرف صحبته في عليين، مع الذين أنعمتَ عليهم من النبيين والصديقين والشهداء الصالحين، وحسن أولئك رفيقا0 اللهم أعز الإسلام والمسلمين اللهم أحفظ الإسلام وأهله في كل مكان، اللهم أعز الإسلام وأهله في كل مكان يارب العالمين ، اللهم أذل الشرك والمشركين يا رب العالمين، اللهم اجعل هذه البلاد آمنة مطمئنة رخاءً سخاءً وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين. اللهم آمنا في أوطاننا ،وأصلح اللهم ولاة أمورنا ، اللهم اجعلنا لك شاكرين ، لك ذاكرين ، لك راهبين ، لك طائعين ، إليك مخبتين ، إليك أواهين منيبين .ربنا تقبّل توبتنا ، واغسل حوبتنا ، وأجب دعوتنا ، وثبّت حجّتنا ، واهد قلوبنا ، وسدد ألسنتنا ، واسلل سخيمة صدورنا يارب العالمين , اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم نوّر على أهل القبور من المسلمين قبورهم، اللهم واغفر للأحياء ويسر لهم أمورهم. اللهم تب على التائبين واقض الدين عن المدنين واشف مرضانا ومرضى المسلمين إنك أنت الرحمن الرحيم يا رب العالمين، اللهم يسر أمر كل مؤمن ومؤمنة وأمر كل مسلم ومسلمة وتول أمر كل مؤمن ومؤمنة يا رب العالمين، اللهم أعذنا من إبليس وذريته، اللهم أعذ المسلمين من إبليس وذريته، اللهم أعذ ذرياتنا من إبليس وذريته إنك أنت السميع العليم يا رب العالمين 0 رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِالبقرة:201