دراسة نموذج من الأدب العامي( الزجل)
عنوان القصيدة : العود قد ترنن، المرجع: الموشحات والأزجال، إعداد وتحقيق الحفناوي أمقران ، تقديم: جلول يلس ،القصيدة مجهولة القائلالعود قد ترنن
على حسن الأوتار
يا ما أحلاه بغنه
في ذوك الأشعار
العود والرباب خلفوني
في رياض ما بين البساتين
رصد ثم الحسين سحروني
بكرة على صفورة رياحين
يا أهل الهوى اعذروني
خالفني صياح المقنين
في كل حضرة
اللقاح مع الزهر
والساقي يناول
بكيوس من الخمر
والساقي يناول ويملا
والأطيار عملت مشوار
والقطعان بالخمر تجلا
الكيوس نحو الأسوار
الشمع يوقد فوق طاولة
والحضرة بأصناف النواور
والماء في الجداول
يملا وينهمر
والساقي يناول
بكيوس من الخمر
قدرش الندى علي وبل
وزهت النواور والغراس
أخذت من المليح فرد قبلة
بين الزهر والخيلي والياس
لقيت الرقيب ليس ولى
محبوبي معي واحنا جلاس
يدق الرباب
على حسن الأوتار
والساقي يناول
بكيوس من الخمر
قد أصبح الصباح وحنا سكارى
نتمشى على فرد ممشى
ونغنيوا تارة بتارة
وقطعنا من الدهر وحشة
أنا يا من يفهموا بالإشارة
بين سهرة وثملة ودهشة
أنا عبد مولى
قرأت في الأسفار
والساقي يناول
بكيوس من الخمر
دراسة محتوى القصيدة :يأخذ الشاعر من الطبيعة إطارا لمجلس الشرب يصاحبه في ذلك جو موسيقي غالبا ما تكون الآداة" المصاحبة" العود" و" الرباب" فالزجل كما يعرف " هو رفع الصوت" فهو إذن مرتبط بالغناء ينظم بالعامية؛وهذا ما نلاحظه في هذه الأبيات يتم ذلك وقت الليل وهو دليل السكون والتأمل. فالقصيدة الزجلية أو (القصيد مثلما يسمى عند الزجالين) لا يبتعد عن الموشح من حيث العناصر المكونة للمحتوى( الطبيعة، المرأة، الخمر، الموسيقى) إلا من حيث اللغة ؛ فلغة الموشح فصيحة مع وجود بعض الكلمات الأجنبية بينما لغة الزجل فهي مجردة من الإعراب. يعكس الوصف رقة الإحساس والشعور بالجمال ويكشف عن حال نفسية القائل وحيوية عاطفته حينما تمتزج هذه الأخيرة بمظاهر الطبيعة، تجدر الإشارة هنا إلى أن قائل الأبيات لم يتوسع في وصف المرأة أو الساقي أو الخمر مثل ما هو موجود في كثبر من الأزجال بينما لم يبخل في وصفه لعناصر الطبيعة( الزهر ،الماء، الطير) أضفى هذا الوصف على القصيدة جوا رومانسيا وظف فيه لغة عذبة سلسة تتماشى ومحتوى القصيدة
-
من التقنيات الجميلة التي تعطي الأبيات إيقاعا موسيقيا جميلا :1- النشب: وهو على ثلاثة أنواع : نشب كلمة(أن يستهل الشطر بكلمة من الشطر الذي قبله، والبيت بكلمة من السابق)، نشب كلمتين وهو إعادة كلمتين، نشب شطر وهو إعادة شطر. والزجل الذي نحن بصدد دراسته يحتوي على نشب كلمتين في قوله:
والساقي يناول
بكيوس من الخمر( اللازمة)
والساقي يناول ويملا
والأطيار عملت مشوار
2-
الجناس : يكثر في الأزجال لمافيه من جرس موسيقي
3
- التلزيم : يلزم الشاعر قافيته بأكثر من حرف هذا ما يضفي أيضا على القصيدة إيقاعا موسيقيا
ومن فنيات الأسلوب:الحركة والحيوية: من خلال وصف الطبيعة نلمس التشخيص باستعماله الاستعارة حيث يبرز المعنى في صورة حسية ملموسة تبث فيها الحركة والحياة فكأننا أمام لوحة طبيعية ناطقة ( الماء في الجداول يملا وينهمر، والأطيار عملت مشوار، وزهت النواور والأغراس)
القصة "من خلال السرد والحوار غير المعلن يبدو لنا وكأننا نستمع إلى قصة لها مقدمة وعرض وخاتمة فهناك تهيئة للجو ثم تفصيل لما يحيط به.
البناء الخارجي للأبيات :-
الدخول: ( المطلع )هو عبارة عن مبيت( التسمية مأخوذة من البيت) مكون من أربعة أشطر والذي يسمى بالمربوع يطلق على الشطر الأول الفراش، وعلى السطر الثاني الغطا
ء
-
البيت: وهو هنا مكون من ستة أشطر وجاء على أربعة مقاطع
-
اللازمة والساقي يناول .. بكيوس من الخمر) ونلاحظ في هذا النوع من الزجل أن اللازمة تسبق بأبيات تختلف مضامينها.
-
من خلال هذا البناء نلمس تجددا في البناء الفني الخارجي للقصيدة، فالأبيات ليست على وزن واحد و القافية ليست واحدة غير أن الشاعر اتبع قاعدة مخالفة للوزن المألوف فالتزم بقافية واحدة في اللازمة كم تقيد بقافية معينة في كل مقطوعة ، نلاحظ أيضا أن الشاعر التزم بالإيقاع فيما يسمى الفراش( الصدر) فكل مقطوعة تنتهي بإيقاع واحد يخالف إيقاع المقطوعة الأخرى.