التعجب صيغه وإعرابه
ملاحظة إلى تلامذتي الأعزاء :
إن لإعراب التعجب فهما خاصا ، نرجو منكم أحبائي التتبع الجيد ، لفك لغز هذا الإعراب الفريد من نوعه ، وحتى نتمكن من فهم الإعراب ، وجب علينا فهم التعجب فهما جيدا
ما هو تعريف التعجب :
التعجب هو انفعال نفسي يحدث نتيجة الاستغراب والدهشة لأمر ما ، جُهل سببه ، ويكون التعجب لفترة مؤقتة مرتبطة بجهل السبب ، وقد قيل قديما :
إذا عرف السبب بطل العجب
أعزائي الطلبة عزيزاتي الطالبات ، بعد قليل سنرى العلاقة الوطيدة بين هذا المفهوم وإعراب صيغتي التعجب القياسية
ما هي صيغ التعجب : صيغ التعجب نوعان هي :
1- صيغ سماعية : وهي ما اعتمدت السمع ، ولم ترجع إلى وزن ما ، فكل كلمة قالها العرب في تعجبهم ، فهي صيغة سماعية لا نزن عليها ، فمثلا : صيغى سبحان الله ! قيلت في التعجب لأمر ما ، فكلمة سبحان لها وزن فعلان ، ومع ذلك فهذا الوزن لا يدل على التعجب ، إنما تدل الكملة سبحان الله فقط على التعجب دون غيرها من الأوزان المشابهة ، كعدوان هي على وزن سبحان إلا انها لا تدل على العجب بتاتا
ومن صيغ التعجب السماعية نجد قولهم : عجبا .. أواه .. يا لها من .. عجيب ..
2 - صيغ التعجب القياسية : وهي الصيغ التي لها وزن نرجع إليها لنتمكن من إحداث التعجب في كلامنا ، وهما صيغتان
أ - ما أفعله ! : نحو :
ما أحسن القمر ! ، أو :
ما أحسنه ب - أفعل به ! : نحو :
أكرم بالرجل ! ، أو :
أكرم به !إعراب صيغة التعجب ما أفعله ! :
المثال : ما أحسن القمر !
ما : نكرة تامة تعجبية بمعنى شيء ، مبني على السكون في محل رفع مبتدأ
أحسن : فعل ماض مبني على الفتح للتعجب ، والفاعل ضمير مستتر يعود على ما ،
و
الجملة الفعلية (أحسن) في محل رفع خبر المبتدأ (ما)
القمر : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة
فإن قلنا : ما أحسنه ، أعربنا
الهاء ضميرا متصلا مبنيا على الضم في محل نصب مفعول به
ترى لماذا نعرب (ما) نكرة تامة ، بمعنى شيء ، في محل رفع مبتدأ ؟؟
نعرف أن النكرة هي من الكلمة التي تخلو من (ال) التعريف مثل (الشمس) ، أو التي ليس فيها إضافة مثل ، ( نور الشمس )
ولكن ؟؟
ما علاقة التعريف والتنكير بالتعجب ؟؟
عرفنا النكرة ، لكن ما معنى أن تكون النكرة تامة ؟؟
ثم لماذا (ما) التعجبية تكون نكرة ؟؟
لماذا تكون تامة ؟؟
ولماذا تكون بمعنى شيء ؟؟
هذه الأسئلة كلها هي مشروعة إذ تتبادر إلى الذهن ، والعقل يعشق البحث عن حقيقة الأشياء ، وليس يملك إلا أن يسأل عنها ، فالعلم خزائن مفاتيحها السؤال
إذن إليكم مفاهيم الغوامض ، وحل ألغاز هذا الإعراب الشيق :
(ما) : نكرة تامة
لأنها تعجبية ، والتعجب يكون لأمر نجهله ، فإذا كنا نعرفه ، تلاشى التعجب ، فوجب ان تكون ما نكرة ، وما دام زمن التعجب قائما ، فإن جهل السبب يبقى قائما ، فهي تامة أي أن النكرة تبقى مستمرة ، فلا تعريف لها مرتقب ، وإلا بدأنا نبتعد عن العجب إلى معرفة السبب
(ما) : بمعنى شيء
أولا : نقول بمعنى شيء ، ولا نقول بمعنى الشيء ، فشيء نكرة ذلك لأننا نجهله ، فإن عرفنا اللفظة وقلنا الشيء فهذا يعني أننا نعرف ذلك الشيء ، ثانيا قلنا بمعنى شيء ، لأننا نجهله ، وكأننا نريد القول : شيء ما جعل القمر حسنا
لماذا نقول مثل هذا الكلام ؟
نحن نرى القمر كل يوم ، ونراه مكتملا كل 14 يوما أو 15 ، والقمر هو القمر نفسه الذي نراه كل ليلة ، فلماذا نتعجب هذه المرة ؟
ذلك لأننا نجهل سبب استحساننا للقمر ، وكأننا نريد القول ، هناك شيء ما جعل القمر حسنا في عيوننا هذه المرة ، وليس كالمرات السابقة ، ما هو هذا الشيء ؟ .. لا ندري !
لأننا في عجب منه
في محل رفع مبتدأ :
عرفنا أن معناها بمعنى الاسم النكرة (شيء) ، و قد ابتدأنا بها الكلام فهي مبتدأ
مبنية على السكون :
لأنها الرفع الخاص بالمبتدأ لا يظهر عليها ، إنما يظهر عليها السكون ، والأصل أن يكون المبتدأ مرفوعا وليس ساكنا ، إذن فهي مبنية على السكون في محل رفع مبتدأ ، وفي محل تعني أنه مكان ظهور الرفع ظهر السكون (محل = مكان / local)
مراجعة الإعراب السابق (ما أحسن القمر )ما : نكرة تامة تعجبية بمعنى شيء منبية على السكون ، في محل رفع مبتدأ
أحسن : فعل ماض مبني على الفتح ، والفاعل ضمير مستتر يعود على ما
و
الجملة الفعلية (أحسن) في محل رفع خبر المبتدأ (ما)
القمر : مفعول به منصوب ن وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة
إعراب صيغة التعجب : أفعل به !
المثال : أكرمْ بالرجل ِ !
أكرم : فعل ماض جاء على صيغة الأمر لإنشاء التعجب
بـ : حرف جر زائد
الرجل : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه فاعل
فك غموض هذا الإعراب
نعلم أن هذا الرجل الذي نتحدث عنه كريما ، لكننا تعجبنا من كرمه ، وحتى يحصل التعجب ، وجب أن نجهل سر الإعجاب بنوعية الكرم أو حجمه أو ما شابه ، وكأننا نريد القول لمن يستمع إلينا : الرجل كريم إلى درجة تدهشنا ، فإن سألونا ما الذي جعلكم تتعجبون ، أجبنا : لا ندري ، هناك أمر ما جعل كرم هذا الرجل يثير دهشتنا واستغرابنا ،
أما عن الإعراب فقد قلنا إن فعل أكرم هو فعل ماض رفم أن الظاهر ينبئ أنه أمر
لماذا هو فعل ماض وليس أمر
ذلك أننا نتعجب من أمر قد وقع ، ولا نتعجب من أمر لم يقع بعد
فلماذا لا نصوغه بزمن الماضي ، فنقول كَرٌمَ الرجلُ ؟؟
ذلك أن الماضي قد انتهى ، لكننا لا زلنا في عجب ، فلا بد من صيغة نجعل فيها الماضي يبدو كأنه مستقبل ، للتعبير عن اعجبنا المستمر إلى المستقبل المجهول ، فالتعجب لا يزال قائما بدأ في المضي ويستمر إلى المستقبل
وكأننا نود القول للمستمع : إن هذا الرجل كري وليس مثله أحد في الكرم ، فنحن متعجبون لكرمه حتى إننا نظن أن يلا يكون مثله أحد في الكرم مستقبلا
الرجلِ : لماذا أعربناه فاعلا رغم كونها اسم مجرورا ؟؟
لأن الفاعل هو الذي يقوم بالفعل ، ومن صاحب الكرم هو الرجل فهو الفاعل
فلماذا لا نبقيه فاعلا بعلامة الضم ؟؟
لأن تركيب الجملة سينكسر إن قلنا : أكرمْ الرّجلُ ، علما أننا فهمنا لماذا يجب القول بفعل أكرمْ .. تذكروا : إنه ماض يدل على المستقبل
آه .. قد فهمت يا أستاذي أمرا
ما الذي توصلت إليه يا تلميذي العزيز ؟
لأن صيغة (أكرمْ الرجلُ ) غير مقبولة على مستوى التركيب النحوي ، فإننا نأتي بحرف جر ليس له معنى ، أي حرف جر زائد ، من أجل ضبط الجملة ، وإخفاء الرفع في المحل ، فنقول : اسم مجرور لفظا بحرف الجر الزائدة ، مرفوع محلا على أنه فاعل ، وحركة الضم منع من ظهورها حركة حرف الجرّ الزائدة
انتهى دور ألغاز هذا الإعراب المدهش لكن يا ترى كيف نستطيع صياغة التعجب ، هل يكون ذلك عشوائيا ، أم أن هناك قواعدا وشروطا معينة ؟؟رى كيف نستطيع صياغة التعجب ، هل يكون ذلك عشوائيا ، أم أن هناك قواعدا وشروطا معينة ؟؟
طبعا هناك شروطا وقواعد لتحقيق صيغتي التعجب
بناء صيغي التعجب (ما أفعله ! ، أفعل به !)تبنى صيغتا التعجب إذا كان الفعل ..
1- ثلاثيا
مثل : استحسن هو ليس فعلا ثلاثيا فلا يمكن التعجب معه بقولنا : ما استحسنه ، ولا بقولنا استحسن به .. فهذا غير جائز
2- تاما
مثل : كان .. هو ليس فعلا تاما بل هو ناقص ، فلا يمكن التعجب معه بقولنا : ما أكونه ، ولا بقولنا أكون به .. فهذا غير جائز
3- مثبتا
مثل : ما ساد ، ما كرم .. هو ليس فعلا مثبتا بل هو منفي ، فيستحيل النطق بصيغة التعجب معه
4- مبنيا للمعلوم
مثل : بُنِِيَ .. هو ليس فعلا مبينيا للمعلوم بل هو مبني للمجهول ، فلا يمكن التعجب معه بقولنا : ما أُبنيه، ولا بقولنا الثاني الذي يستحيل النطق به على وزن أفعل به ..
5- معناه قابل للتفاضل
فمثلا : الفعل : مات لا يقبل التفاضل فلا يجوز أن نصوغ منه التعجب ، كأن نقول هذا أموت من هذا ، فهذا غير معقول بتاتا ذلك لأن الموت واحدة وليس فيها أي تفضيل
6- ليس وصف المذكر منه على وزن أفعَل الي مؤنثع فعلاء
مثلا لا يجوز أن نصوغ التعجب من الألوان كأحمر فهو على وزن أفعل الذي مؤنثه فعلاء وهنا حمراء ، فلا تقول ما أحمره ، ولا تقول : أحمر به
7- متصرفا
مثل : نِعْمَ .. هو ليس فعلا متصرفا بل هو فعل جامد ، فلا يمكن التعجب معه بقولنا : ما أنعمه ، ولا بقولنا أنعم به .. فهذا غير جائز
حقوق التأليف محفوظة كاملة للأستاذ سليم مزهود