عِشْ بالشُّعورِ ، وللشُّعورِ ، فإنَّما
عِشْ بالشُّعورِ ، وللشُّعورِ ، فإنَّما
دنياكَ كونُ عواطفٍ وشعورِ
شِيدَتْ على العطْفِ العميقِ ، وإنّها
لتجفُّ لو شِيدتْ على التفكيرِ
وَتَظَلُّ جَامِدَة الجمالِ ، كئيبة ً
كالهيكلِ ، المتهدِّم ، المهجورِ
وَتَظَلُّ قاسية َ الملامحِ ، جهْمة ً
كالموتِ .. مُقْفِرة ً، بغير يرورِ
لا الحبُّ يرقُصُ فوقها متغنِّياً
للنّاسِ ، بين جَداولٍ وزهورِ
مُتَوَرِّدَ الوَجناتِ سكرانَ الخطا
يهتزُّ من مَرَح ، وفرْط حبورِ
متكلِّلاً بالورْدِ ، ينثرُ للورى
أوراقَ وردِ "اللَّذة ِ" المنضورِ
كلاَّ ! ولا الفنُّ الجميلُ بظاهرٍ
في الكون تحتَ غمامة ٍ من نورِ
مَتَوشِّحاً بالسِّحر ، ينفْخ نايَهُ
ـبوبَ بين خمائلٍ وغديرِ
أو يلمسُ العودَ المقدّسَ ، واصفاً
للموت ، للأيام ، للديجورِ
ما في الحياة من المسرَّة ِ، والأسى
والسِّحْر، واللَّذاتِ، والتغريرِ
أبَداً ولا الأملُ المُجَنَّحُ مُنْشِداً
فيها بصوتِ الحالم ، المَحْبُورِ
تلكَ الأناشيدُ التي تَهَبُ الورى
عزْمَ الشَّبابِ ، وَغِبْطة العُصْفورِ
واجعلْ شُعورَكَ ، في الطَّبيعة قَائداً
فهو الخبيرُ بتِيهما المسْحورِ
صَحِبَ الحياةَ صغيرة ً، ومشى بها
بين الجماجم ، والدَّمِ المهدورِ
وعَدَا بهَا فوقَ الشَّواهِق ، باسماً
متغنِّياً ، مِنْ أعْصُرِ وَدُهورِ
والعقلُ ، رغْمَ مشيبهِ ووقَاره
ما زالَ في الأيّامِ جِدَّ صغيرِ
يمشي .. فتصرعه الرياحُ .. فَيَنْثَنِي
مُتوجِّعاً ، كالطّائر المكسورِ
ويظلُّ يَسْألُ نفسه ، متفلسفاً
متَنَطِّساً ، في خفَّة ٍ وغُرور
عمَّا تُحَجِّبُهُ الكواكبُ خلفَها
مِنْ سِرِّ هذا العالَم المستورِ
وهو المهشَّمُ بالعواصفِ .. يا لهُ
من ساذجٍ متفلسفٍ ، مغرور !
وافتحْ فؤادكَ للوجود ، وخلَّه
لليمِّ للأمواج ، للدّيجورِ
للثَّلج تنثُرُهُ الزوابعُ ، للأسى
للهَوْلِ ، للآلام ِ، للمقدورِ
واتركْه يقتحِمُ العواصفَ .. هائماً
في أفقِها ، المتلبّد ِ، المقرورِ
ويخوضُ أحشاءَ الوجود .. مُغامِراً
في ليْلِها ، المتَهَّيبِ ، المحذورِ
حتَّى تعانقَه الحياة ُ، ويرتوي
من ثغْرِها المتأجِّجِ ، المسجورِ
فتعيشَ في الدنيا بقلبٍ زاجرٍ
يقظِ المشاعرِ ، حالمٍ ، مسحورِ
في نشوة ٍ، صُوفةٍ ، قُدسية ٍ
هيَ خيرُ ما في العالمِ المنظورِ