أَتَفنى ابتساماتُ تَلك الجفونِ ؟
أَتَفنى ابتساماتُ تَلك الجفونِ ؟
ويخبو توهُّجُ تلكَ الخدودْ
وتذوي وُرَيْداتُ تلك الشِّفاهِ ؟
وتهوِي إلى التُّرْبِ تلكَ النُّهودْ ؟
وينهدُّ ذاك القوامُ الرَّشيقُ
وينحلُّ صَدْرٌ، بديعٌ ، وَجِيدْ
وتربدُّ تلكَ الوحوهُ الصًّباحُ
وكلٌّ ـ إذا ما سألنا الحياة ـ
ويغبرُّ فرعٌ كجنْحِ الظَّلامِ
أنيقُ الغدائر، جعدٌ، مديدْ
ويُصبحُ في ظُلُماتِ القبورِ
هباءً ، حقيراً ، وتُرْباً ، زهيدْ
وينجابُ سِحْرُ الغَرامِ القويِّ
وسُكرُ الشَّبابِ ، الغريرِ ، السّعيدْ
أتُطوَى سماواتُ هذا الوجودِ ؟
ويذهبُ هذا الفَضاءُ البعيدْ ؟
وتَهلِكُ تلكَ النُّجومُ القُدامى ؟
ويهرمُ هذا الزّمانُ العَهيدْ ؟
ويقضِي صَباحُ الحياة ِ البديعُ ؟
وليلُ الوجودِ ، الرّهيبُ ، العَتيدْ ؟
وشمسٌ توشِّي رداءَ الغمامِ ؟
وبدرٌ يضيءُ ، وغَيمٌ يجودْ ؟
وضوءٌ، يُرَصِّع موجَ الغديرِ ؟
وسِحْرٌ، يطرِّزُ تلكَ البُرودْ ؟
جليلاً ، رهيباً ، غريباً ، وَحيدْ
يضجُّ ، ويدوي دويَّ الرّعودْ ؟
وريحٌ ، تمرُّ مرورَ المَلاكِ
وتخطو إلى الغاب خَطَوَ الوليدْ ؟
وعاصفة ٌ من بناتِ الجحيم
كأنَّ صداها زئير الأسودْ
تَعجُّ ، فَتَدْوِي حنايا الجبال
وتمشي ، فتهوي صُخورُ النُّجودْ ؟
وطيرٌ، تغنِّي خِلالَ الغُصونِ
وتهتف ُللفجر بين الورود ؟
وزهرٌ، ينمِّقُ تلك التلال
وَيَنْهَل من كلِّ ضَوءٍ جَدِيدْ ؟
ويعبَقُ منه أريجُ الغَرامِ
ونفحُ الشباب ، الحَييّ ، السعيد
أيسطو على الكُلِّ ليلُ الفَناءِ
ليلهُو بها الموتُ خَلْفَ الوجودْ ..
َويَنْثُرَهَا في الفراغِ المُخِيفِ
كما تنثرُ الوردَ ريحٌ شَرود
فينضبُ يمُّ الحياة ِ، الخضيمُّ
ويَخمدُ روحُ الربيع ، الولود
فلا يلثمُ النُّورُ سِحْرَ الخُدودِ
ولا تُنبِتُ الأرضُ غضَّ الورود
كبيرٌ على النَّفسِ هذا العَفَاءُ !
وصعبٌ على القلب هذا الهموذ !
وماذا على الَقدَر المستمرِّ
لو استمرَأَ الّناسُ طعمَ الخلود
ولم يُخْفَروا بالخرابِ المحيط
ولم يفُجعَوا في الحبيبِ الودود
ولم يَسلكوا للخلمودِ المرجَّى
سبيلَ الرّدى ، وظَلامَ اللّحودْ
فَدَامَ الشَّبابُ ، وَسِحْرُ الغرامِ
وفنُّ الربيعِ ، ولطفُ الورُودْ
وعاش الورى في سَلامٍ ، أمينٍ
وعيشٍ ، غضيرٍ ، رخيٍّ ، رَغيد ؟
ولكنْ هو القَدَرُ المستبدُّ
يَلَذُّ له نوْحُنا ، كالنّشيد