عذارى الجمال ، والحبِّ ، والأحلامِ
يا عذارى الجمال ، والحبِّ ، والأحلامِ
بَلْ يَا بَهَاءَ هذا الوُجُودِ
قد رأَيْنا الشُّعُورَ مُنْسَدِلاتٍ
كلّلَتْ حُسْنَها صباحُ الورودِ
ورَأينا الجفونَ تَبْسِمُ .. ، أو تَحْلُمُ
بالنُّورِ، بالهوى ، بِالنّشيدِ
وَرَأينا الخُدودَ ، ضرّجَها السِّحْرُ
فآهاً مِنْ سِحْرِ تلكَ الخُدود
ورأينا الشِّفاه تبسمُ عن دنيا
من الورد غضّة ٍ أملُود
ورأينا النُّهودَ تَهْتَزُّ ، كالأزهارِ
في نشوة الشباب السعيدِ
فتنة ٌ، توقظ الغرام ، وتذكيه
وَلكنْ مَاذا وراءَ النُّهُودِ
ما الذي خلف سحرها الحالي ، السكران
في ذلك القرارِ البعيدِ..؟
أنفوسٌ جميلة ٌ، كطيور الغابِ
تشدوُ بساحر التغريدِ
طاهراتٌ ، كأَنَّها أَرَجُ الأَزَهارِ
في مَوْلِدِ الرّبيعِ الجَديد؟
وقلوبٌ مُضيئة ٌ، كنجوم الليل
ضَوَاعة ٌ، كغضِّ الورودِ؟
أم ظلامٌ، كأنهُ قِطَعُ الليل
وهولٌ يُشيبُ قلبَ الوليدِ
وخِضَمُّ، يَمُوج بالإثْمِ والنُّكْ
رِ، والشَّرِّ، والظِّلالِ المَديدِ ؟
لستُ أدري ، فرُبّ زهرٍ شذيِّ
قاتل رغمَ حسنه المشهودِ
صانَكنَّ الإلهُ من ظُلمة ِ الرّوحِ
وَمِنْ ضَلّة الضّميرِ المُرِيدِ
إن ليلَ النّفوسِ ليلٌ مُريِعٌ
سرمديُّ الأسى ، شنيع الخلودِ
يرزَحُ القَلْبُ فيه بالأَلَم المرّ
ويشقي بعِيشة المنكودِ
وَربيعُ الشَّبابِ يُذبِلُهُ الدُّهْرُ
ويمضي بِحُسْنِهِ المَعْبُودِ
غيرَ باقٍ في الكونِ إلا جمالُ
الرُّوح غضًّا على الزَّمانِ الأَبيدِ
يا عذارى الجمالِ ، والحبِ ، والأحلام
بَلْ يا بَهَاءَ هذا الوجودِ !
خلق البلبل الجميل ليشدوا
وَخُلِقْتُنَّ للغرامِ السَّعيدِ
والوُجودُ الرحيبُ كالقَبْرِ ، لولا
ما تُجَلِّينَ مِنْ قُطوبِ الوُجودِ
والحياة ُ التي تخرُّ لها الأحلامُ
موتٌ مثقَّلٌ بالقيودِ...
والشبابُ الحبيبُ شيخوخة ٌ تسعى
إلى الموت في طريق كؤودِ...
والربيعُ الجميلُ في هاتِه الدُنيا
خريفٌ يُذْوِي رفيفَ الوُرودِ..
والورودُ العِذابُ في ضيفَّة الجدولِ
شوكٌ ، مُصفَّحٌ بالحديدِ...
والطُّيورُ التي تُغَنِّي ، وتقضي
عَيشَها في ترنّمُ وغريدِ ؟
إنَّها في الوجودِ تشكو إلى الأيّام
عِبءَ الحَياة ِ بالتَّغْريدِ ..
والأَنَاشِيدُ ؟ إنَّها شَهَقَاتٌ
تتشظَّى من كل قلبِ عميدِ...
صورة ٌ للوجودِ شوهاءُ ، لولا
شفَقُ الحسن فوق تلك الخدودِ
يا زهورَ الحياة ِ للحبّ أنتنَّ
ولكنَّهُ مخيفُ الورودِ
-- فَسَبِيلُ الغرامِ جَمُّ المهاوي --
رغمَ ما فيه من جمالٍ ، وفنٍّ
عبقريُّ ، ما أن له من مزيدِ
وَأناشيدَ، تُسْكِرُ الملأَ الأعلى
وتُشْجِي جوانِحَ الجلمودِ
وأريجٍ ، يَكَادُ يَذْهَبُ بالألباب
ما بين غَامضٍ وَشَديدِ
وسبيل الحياة رحبٌ ، ولأننتنَّ
اللواتي تَفْرُشْنَهُ بالوُرودِ
إنْ أردتُنَّ أن يكونَ بهيجاً
رَائعَ السِّحْر، ذَا جمالٍ فريدِ
أو بشوكٍ يدميّ الفضيلة َوالحبَّ
ويقضي على بهاءِ الوُجودِ
إنْ أردتُنّ أنْ يكونَ شنيعاً
مُظْلِمَ الأُفْقِ ميِّتَ التَّغريدِ