إن السبب الأساسي في ضياع وقت الفراغ دائما وفى الاجازات خاصة دون تحقيق فوائد تذكر، هو عدم وجود هدف حقيقي لكلٍ منا .. مما يدفع البعض إلى الوقوع في المعاصي بسبب الفراغ والملل
وحديثنا هنا إلى كل من يحب ربه ويخاف على دينه إلى كل من سمَّت نفسه وأشتاق لحب ربه وسعى لنيل رضا الله عز وجل، فقرر أن وقت فراغه واجازاته محطة حافلة بالعمل والطاعات يتزود منها ويعدّ عدته لرمضان .. الذي يتزامن مع شهور الصيف لهذا العام
ومن يريد قضاء صيف مفيد واجازه مفيده ووقت فراغ مفيد يحتاج إلى دافع يشحذ به عزيمته ويمده بالطاقة ليمضي قدمًا في تطبيق برنامج هادف لهذا الصيف، لذلك لا بد له من
أولاً:
الإحساس بالخطر وهناك خمسة أمور تدفعك للشعور بالخطر وتكون بإدراكك أن:
1) كل ثانية تمر من عمرك لا تعوّض
استشعر الخطر المحدق بك إن فاتتك فرصة هذا الصيف دون أن تستغلها في التقرب إلى الله تعالى ورفع رصيدك، فإنك لن تستطيع تعويضها .. فإيـــــاك أن تضيع عمرك هباءًا.
2) اليقين بالحساب
تأكد إنك ستحاسب عن كل ثانية في عمرك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه وعن علمه فيم فعل وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن جسمه فيم أبلاه " [رواه الترمذي وصححه الألباني]
وفترة الصيف ووقت الفراغ هي ربع عمرك، فاحذر أن تضيعها في اللهو والغفلة .. ناهيك عن الوقوع في المعاصي.[]
3) ضياع الوقت يورث الخسران
والخاسر هو الذي سيضيع هذا الصيف او الاجازه او وقت الفراغ دون الإستعداد لرمضان ودون أن يخطو خطوة في الطريق إلى الله عز وجل
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ" [صحيح البخاري]
فاحذر أن تكون من المغبونين الخاسرين يوم القيامة، الذين ضيعوا عمرهم وصحتهم فيما لا يفيد.
4) انتهز الفرصة فالوقت يمر دون رجعة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك" [رواه الحاكم وصححه الألباني]
فإن أيقنت بذلك، ستبذل كل ما بوسعك لتحقيق ما لم تحققه من قبل في هذا الصيف.
5) علامة المقت ضياع الوقت
فإضاعة الوقت تستوجب غضب الله عليك لأنها تبعدك عنه عز وجل، قال ابن القيم "إضاعة الوقت أشد من الموت لأنَّ إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها"
ثانيًا: حدد أهدافك ونواياك
بعد شحن طاقتك للعمل، ابدأ في وضع أهدافك وتحديد نواياك ولابد أن تكون أهدافك محددة، واقعية، وقابلة للقياس أي إنك تستطيع أن تحققه خلال فترة زمنية معينة فاحتسب لصيفك واجازتك هذا العام:
1) نيل منزلة المهاجرين
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "العبادة في الهرج كهجرة إلي" [صحيح مسلم] .
وزمن الصيف هو زمن الغفلة والمعاصي فإن هجرت هذه الذنوب والمعاصي تنال منزلة المهاجرين الذين قد قال الله تعالى فيهم {وَالسَّابِقونَ الأَوَّلونَ مِنَ المهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعوهم بِإِحسَانٍ رَضِيَ اللَّه عَنهم وَرَضوا عَنه وَأَعَدَّ لَهم جَنَّاتٍ تَجرِي تَحتَهَا الأَنهَار خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الفَوز العَظِيم} [التوبة: 100]
2) زيادة رصيد حب الله تعالى في قلبك
ليكن هدفك الإيماني لهذا الصيف واجازاتك بمشيئة الله أن تروي قلبك بحب الله تعالى وتملأه به حتى يتسلل إلى كل خلية من خلاياه فتنطق كلها بحب الواحد القهار.
3) الاستعداد لرمضان
كي تنال جائزة العتق من النيران وتفوز بليلة القدر هذا العام ولن تنال هذه الجوائز دون تعب وكدّ، فرمضان يحتاج إلى تأهب واستعداد
قال تعالى {وَلَو أَرَادوا الخروجَ لَأَعَدّوا لَه عدَّةً وَلَكِن كَرِهَ اللَّه انبِعَاثَهم فَثَبَّطَهم وَقِيلَ اقعدوا مَعَ القَاعِدِينَ} [التوبة: 46]
فعليك أن تشحن طاقتك الإيمانية من الآن، بالزيادة من الطاعات حتى تستطيع الثبات والتميز في رمضان
4) الفرار إلى الله تعالى
قرر أن تحقق عمل فذّ يثقِّل ميزان حسناتك، فتكتب عند الله من السباقين إلى الخير.
ولتحقيق هذه الأهداف و النوايا يجب أن تقوم بالآتي
1) قصِّر أملك
ضع نصب عينيك أن الموت يأتي بغتة وربما يدركك قبل أن تحقق أهدافك .. كان ابن عمر يقول "إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك"
2) داوم على محاسبة نفسك
انظر لنفسك دائمًا بعين التقصير، وعاقبها على تقصيرها لتتقدم نحو الأحسن وتزيد من رصيد طاعاتك.
3) تحلى بعلو الهمة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله تعالى يحب معالي الأمور وأشرافها ويكره سفسافها" [صحيح الجامع (1890)]
تطلع إلى القمة ولا تنشغل بسفاسف ووحل الدنيا وليكن هدفك الأسمى
رفقة النبي محمد في الفردوس الأعلى الشـــوق للنظر إلى وجه الله الكريم في الجنة
4) ابحث عن الرفقة الصالحة
التي تعلي من همتك وتعينك على الثبات والتقدم.
5) الغ التسويف
يقول الحسن البصري "إياك والتسويف، فإنك بيومك ولست بغدك"
خذ قرارك ثم نفذه ولا تسوِّف وتضيِّع الوقت، فأنت محسوب بيومك وقيمة المرء ما يتقنه