السلام عليكم
هناك من نُحبُّهم .. ولكننا نجدُ صعوبةً في التعامل معهم ؛ لنُبين لهم مدى حُبِّنا لهم ؛ لأنهم غريبون في تصرفاتهم .. فهم حِينًا يكونون قريبين مِنَّا بأدبهم الجَمِّ ، وإحساسهم الكبير .. وأحيانًا يُصرُّون على الابتعاد عنَّا بغرابتهم وجفائهم وجفاف مشاعرهم .. فتُراك تفرح بقُربهم حين تجدُ نفسك مُندفعًا للاقتراب منهم بشكلٍ أكبر .. وتتضايق حين تظهر منهم غرابةٌ في التعامل ، وإصرارٌ على عدم التواصل ؛ لتبدأ عِراكًا نفسيًّا داخليًّا يتجاذبكَ بين صوتين .. فصوتٌ خَيِّرٌ يريد إثباتكَ على طبيعتك الطيبة ، وسَجيتك الحسنة ، ويُهيب بك ألَّا تتراجع أو تغير من أسلوبك الطيب المهذب ؛ حتى لا تخسر نفسك أمام نفسك !!
وصوتٌ شِريرٌ يجعل الدنيا في عينيك سوداء ساحمة ، ويُصور لك الأشخاص بصور الأعداء ، ويدعوك إلى أن تُقاطع أولئك الأشخاص ، وتعاملهم بجهالةٍ ، وتَخلُّفٍ قبيح !! مع أنَّ الصحيح هو أن يكون الإنسان إيجابيًّا مع كُل الناس على اختلاف ثقافاتهم وتصرفاتهم ؛ لأنه برُقي تعامله سوف يؤثِّر فيمن حوله لا مَحالة ، وسعيًا منه إليهم ؛ لعلَّهُ يكسبهم في يومٍ ما .. ولو استمروا في جحودهم وعنادهم وجهلهم .. فيكون بفعله الطيب قد كسب نفسه حين جعل منها نفسًا إيجابيةً سويَّةً تُحبُّ الخير لكُلِّ الناس فهي نفسٌ نقيةٌ .. لا تعرف الكُره ولا الجحود .. ولا التبلُّد ولا الصدود ... نفسٌ ترى أنَّ من الواجب عليها الوقوف إلى جانب الناس وقفات الشرف .. والتعامل معهم من مُنطلق احترام الجميع ، وتقدير الكُل .. لا من أجل تَزلفٍ ومصلحةْ ، أو زَيفٍ ومَخدعةْ .. بل من أجل العَيش في هذه الدُّنيا بمبدأ " التسامح ". فنحنُ ما خُلقنا ؛ لأنْ نكون راصدين لحركات الناس وسكناتهم ، أو مُحاسبين لهم على أخطائهم وتقصيراتهم !! فَجَادَّة الإنسانية جَادَّة لا يَسلكها إلَّا أصحاب القلوب الكبيرة ، والضمائر الحَية .. وهي جَادَّةٌ مع سهولة طريقها إلَّا أنها تَعزُّ على المُتهالكين الذين لا يكترثون بحُسن التعامل مع الناس .. وكأنَّ أحاسيسهم قد جَمُدتْ ، ومشاعرهم قد تَحنَّطتْ .. لا يَهُمهم إلَّا أنفسهم .. فهم يسعون إلى تحقيق رغباتهم ، وإنجاح مصالحهم مهما كان الثمن !!
ومع هذا فيجب ألَّا يتخلَّى الإنسان عن إنسانيته .. وأن يسعى جاهدًا لإبرازها دون انتظارٍ لشُكرٍ ، أو استماعٍ لإطراءٍ .. بل ويَكدح من أجل تعليمها لأهل بيته ، وطلابه ، وأصدقائه .. حتى يترقَّى الجميع .. وتسود الأفعال الطيبة بين الناس بدلًا من الظنون السيئة ، والتساؤلات الحائرة !!
رُقي الإنسان في تعامله .. عنوان إنسانيته وتسامحه !!
و الله أخبركم أنني آديتم في أحد الأيام شخصا دون قصد لكنه سامحني ببساطة هذا لأنه يملك
عزة نفس و روحا طيبة لا تتغير .