في قديم الزمان تاخى ثعلب وذئب ، واتخذا مسكنا واحدا ، وصارا يتشاركان في كل شيء ، ولكن الذئب كان متعسفا و ظالما للثعلب ، فكان ياكل الصيد وحده ولا يترك له الا النزر اليسير.
وفي يوم من الايام ضاق الثعلب ذرعا من هذه الحال فقال للذئب ناصحا :
اعدل ولا تظلم يل سيدالذئاب انماالعدل يقي عذاب الاله
ما ان سمع الذئب ذلك حتى استشاط غضبا وهم بقتله لولا ان الثعلب تراجع عن موقفه معتذرا :
اذا كنت قد اذنبت ذنبا سالفا في حبكم واتيت شيئا منكرا
انا تائب عما جنيت وعفوكم يسع المسيء اذا استغفر
فقبل الذئب اعتذاره على مضض ، وقد اضمر الثعلب له شرا .
وفي يوم من الأيام مر الثعلب باحدى المزارع الكبيرة فرأى فيها فتحة استنكرها ، فلما حام حولها ايقن ان تحتها حفرة وضعها صاحب المزرعة ليصطاد الوحوش المتسللة ، ففرح الثعلب اشد الفرح ، كيف لا وهذه الفرصة مواتية لايقاع الذئب بشر اعماله ، فذهب اليه الثعلب واقنعه بالغنيمة الكبيرة التي حصل عليها دون عناء او جهد ، فلم يتمالك الذئب نفسه وجرى مسرعا نحو المزرعة ، فما دخل من الفتحة حتى وجد نفسه في قعر الحفرة ، فلما راى الثعلب ذلك فقد صوابه من شدة الفرح ، وقال للذئب شامتا :
وقعت في الفخ يا الام الذئاب انما جزاء ظلمك جنت يداك
فاخذ الذئب يتظاهر بالتوبة والندم على مافعله في سابق عهده مع الثعلب ، فاخذ ورعا وتضرعا لله ، وقلب الثعلب يكاد ينفطر عند سماع اناته، فانزل ذنبه داخل الحفرة ليخرج الذئب ، فجذب الذئب ذنب الثعلب للاسفل ، فاصبحا (( في الهوى سوى )) : فرد الذئب غاضبا :
اذا ما الدهر جار على اناس كلا كله اناخ باخرينا
فقل للشامتين بنا افيقوا سيلقى الشماتون ما لقينا
ولكن الثعلب بسرعة بديهتيه فكر بوسيلة للنجاة من هذا الذئب الظالم بالحيلة والمكيدة متمثلا قول الشاعر:
عش في الخداع فانت في زمن بنوه كاسد بيشة
وادر قناع المكر حتى تستدير رحى المعيشة
واجن الثمار فان تفتك فارض نفسك بالحشيشة
فلما هم الذئب بقتل الثعلب صاح فيه : انما قصدت ان اكافئك على حسن توبتك باخراجك وانت تسقطني معك
!! ولكن لا تحزن فقد وجدت طريقة تنجينا من هذا المأزق وهي أن ترفعني على ظهرك خارج الحفرة , ثم اتي
بحبل أخرجك فيه . رد الذئب قائلا : والله لقد أصبت عين الصواب . فحمله خارج الحفرة فلما نجا الثعلب
من هذا المأزق قال له الذئب راجيا : أوفي بعهدك ان كنت من الصادقين . فرد الثعلب مقهقها : أوصدقت
أيها الأحمق ؟! أو بعد الذي حصل تنتظر مني اخراجا !!! هيهات هيهت !!! لقد وقعت في الهلاك يا ألعن الذئاب وهذا جزاء كل متكبر متعال على العباد .