بشار بن برد 95-167هـ / 714-784م : هو بشار بن برد العقيلي، ويكنى بأبي معاذ. فارسي الأصل، ولد أعمى على مقربة من البصرة حيث نشأ مختلفاً إلى الأعراب الضاربين فيها. وكان ضخماً، طويلاً، عظيم الخلق، كريه المنظر، سيىء الخلق، برماً بالحياة، بذيء الكلام والهجاء، خليعاً، ماجناً، شعوبياً، متعصباً للفرس، مزدريا بالعرب، متهكماً على أساليبهم ومفاخراتهم. أدرك الدولتين : الأموية والعباسية.
كان بشار رئيس شعراء العصر العباسي الأول، بلا جدال، وأكثرهم تأثيراً في الانقلاب الشعري الذي امتاز به ذلك العصر، ومن أكثرهم تقرباً من الخلفاء لتقدمه في الشاعرية، وهي صفة اتصف بها النابهون من المكافيف : كهوميروس عند اليونان، وأبي العلاء المعري عند العرب قديماً، وملتون عند الانجليز - شديد المجون والاستخفاف بالناس، كثير الاستهتار بالدين، متهماً بالزندقة، نهاشاً لاعراض الناس.
عاصر جريرا والفرزدق وهجا أولهما. امتاز بكثرة شعره. ومعظمه في فنون المدح والهجاء، والفخر والغزل والحكم. ليس لبشار ديوان شعر مجموع، على كثرة ما نظم من القصائد التي بلغت، على حد قوله، 12 ألف قصيدة . ولذلك جاهر أن له 12 ألف بيت جيد. ومما اشتهر له قوله في الأذن التي أغنته عن العين :
يا قومي أذني لبعض الحي عاشقة والأذن تعشق قبل العين أحيانـا
هو بشار بن برد بن يرجوخ العقيلي بالولاء أبو معاذ ويلقب بالمرعث, لأنه كان في أذنه, وهو صغير, رعاث, وهو (القرط) . أصله من طخارستان (غربي نهر جيحون) ، ونسبته إلى امرأة من بني عقيل, قيل إنها أعتقته. نشأ في بني عقيل واختلف إلى الأعراب المخيمين ببادية البصرة فشب فصيح اللسان, صحيح البيان, وهو آخر من يحتج بشعره النحاة. ولد أكمه, فما رأى الدنيا قط, على أنه كان يشبه الأشياء بعضها ببعض في شعره, فيأتي بما لا يقدر عليه البصراء.
ولد هذا الرجل في البصرة عام 714م وفيها نشأ .. والبصرة في ذاك الوقت موئل العلماء والفقهاء وأهل الإجتهاد وأصحاب الكلام .. فهو شاعر من أصل فارسي عاش بين العصرين الأموي والعباسي ويعتبر من أشهر هذين العصرين وأجذلهم شعراً باجماع الرواة إلا أن شعره غلب عليه المجون الفاضح والكلمات البذئية وكان له أعداء كثيرون بسبب هجومه لهم حتى أنه أتهم بالزندقة قبل قتله .. عاش هذا الرجل يتابع كتب الأدب والتاريخ القديمة حتى أشتهر بشعره .. وكان أحد البلغاء المكفوفين وإمام الشعراء المولدين .. وكان مرهوب الجانب مخشى اللسان ، وقد لاقى الأذى والاضطهاد بسبب تعرضه لأعراض الناس وعدم تعففه في مهاجمتهم ..
وقد قال عنه الجاحظ : (المطبوعون على الشعر : بشار بن برد والسيد الحميرى وأبو العتاهية وأبن أبى عيينه ولكن بشار أطبعهم ) ..
حــيـاتـه
تنقل بشار بين المدن العراقية يبحث عن العلم ثم عاد إلى البصرة وراح يختلف على مجالس المتكلمين وكان يمدح ولاة العراق ومنهم عبدالله بن عمر بن عبدالعزيز حيث كان يجلس ويحضر مجالسه ويستمع إلى محاوراته مع من كانوا يعتنقون ديانات ومذاهب منحرفة مثل الثنوية المجوسية والدهرية الهندية ..
ومضى بشار يعلن ذندقته لا يزدجر مصرحاً بأنه لا يؤمن إلا بالعيان وما شهده الحس ، فهو لا يؤمن بجنة أو نار ولا ببعث ولا حساب ، ويحاول أن يثير الغبار في وجه واصل وغيره من المعتزلة ، فيعلن أنه يعارض ما يذهبون إليه من ان الإنسان يخلق أفعاله مما أثار غضب عمر بن عبيد خليفة واصل .. وكان مما زاد هذه الثورة في نفسه أن رآه يكثر من غزل مادى آثم يعد خطراً على شباب البصرة وبناتها .. فهتف في بعض خطبه الواعظة داعياً إلى قتله ..
وهكذا كان الخوف قد أخذ من بشار مأخذه وراح يختفي عن أعين الناس .. وفجأة ظهر بعد وفاة عمر بن عبيد .. فقصد حران وامتدح هناك سليمان بن هشام بن عبدالملك ثم اتجه إلى واسط حيث يزيد بن عمر بن هبيرة والى العراق فاستقبله إستقبالاً حافلاً وراح بشار يكيل له المدائح ويفخر بقيس القبيلة العربية .. ثم عاد إلى البصرة وأخذ يمدح إبراهيم بن عبدالله وهو آنذاك زعيم ثورة العلويين ..
كان ضخماً عظيم الخلق ومجورا الوجه جاحظ المقلتين تغشاهما لحم أحمر ، فكان أقبح الناس عمى وأفظعهم منظراً .. حتى أنه قال في وصف نفسه ..
والله إني لطويل القامة عظيم الهامة ، تام الألواح ، أسجع الخدين . عرف الشعر وهو في الصغر منذ العاشرة من عمره وهو يهجو الناس وكان يخشى من سلاطة لسانه وافحاشة في الهجاء ..
وعندما قيل له إنك لكثير الهجاء؟
فقال : إني وجدتُ الهجاء المؤلم أقوى للشاعر من المديح الرائع ، ومن أراد من الشعراء أن يكرم في دهر اللئام على المديح فليستعد للفقر ، وإلا فليبالغ في الهجاء ليخافُ فيعطى ..
وعرف عنه الغزل والتشبب بالنساء والمجون وسئل مرة عن نهجه في الحياة فقيل له أي متاع الدنيا آثر لديك .. فقال طعام مزّ ،، وشراب مر ،، وبنت عشرين بكر . . وكان كثير الجرأة في غزل النساء حتى وصلت شكوى أهالي البصرة إلى الخليفة العباسي المهدي فاضطر الخليفة إلى حبسه مدة قصيرة أدباً له ..
كان بشار يدين بدين الخوارج وبقيت الزندقة وبشار دون رأي قاطع وهو يتلون بشعره مع القولين فهو القائل :
كيف يبكى لمحبس في طلول .. .. .. .. من سيبكى لحبس يوم طويل
إن في البعث والحساب لشغلاً .. .. .. .. عن وقوف برسم دار محيل .
وهو القائل :
الأرض كظلمة والنار مشرقة .. .. .. والنار معبودة مذ كانت النار ..
وقيل أن سبب قتله هو هجائه للخليفة المهدي بقصيدة
وعندما سمعها وزير الخليفة المهدي دخل على الخليفة وحضره عليه لأنه سبق وأن كتب فيه كلام بذئ ويحمل عليه غيظاً فظيعاً ..
وعندما سمع الخليفة هذه القصيدة ذهب بنفسه إلى حيث يسكن بشار فسمع شخصاً يؤذن للصلاة في غير وقتها ..
وعندما سأل الخليفة ما هذا الأذان ؟! فقالوا له :- هذا بشار بن برد حين يسكر يقوم ويؤذن .. فشتد غضب الخليفة أكثر وأمر بإحضاره وشتمه بعبارة يازنديق أتلهو بالآذان في غير وقت الصلاة وأنت سكران ثم أمر بضربه بالسياط حتى مات على أثرها ..