من مفكرة عاشق دمشقي
فرشتُ فوقَ ثراكِ الطاهـرِ الهدبـا
--------------------- فيا دمشـقُ ... لماذا نبـدأ العتبـا ؟
حبيبتي أنـتِ... فاستلقي كأغنيـةٍ
--------------------- على ذراعي ، ولا تستوضحي السببا
أنتِ النساءُ جميعاً.. ما من امـرأةٍ
--------------------- أحببتُ بعدك ..ِ إلا خلتُها كـذبا
يا شامُ ، إنَّ جراحي لا ضفافَ لها
--------------------- فمسّحي عن جبيني الحزنَ والتعبا
وأرجعيني إلى أسـوارِ مدرسـتي
--------------------- وأرجعي الحبرَ والطبشورَ والكتبا
تلكَ الزواريبُ كم كنزٍ طمرتُ بها
--------------------- وكم تركتُ عليها ذكرياتِ صـبا
وكم رسمتُ على جدرانِها صـوراً
--------------------- وكم كسرتُ على أدراجـها لُعبا
أتيتُ من رحمِ الأحزانِ... يا وطني
--------------------- أقبّلُ الأرضَ والأبـوابَ والشُّـهبا
حبّي هـنا .. وحبيباتي ولـدنَ هـنا
--------------------- فمـن يعيـدُ ليَ العمرَ الذي ذهبا؟
أنا قبيلـةُ عشّـاقٍ بكامـلـها
--------------------- ومن دموعي سقيتُ البحرَ والسّحُبا
فكـلُّ صفصافـةٍ حّولتُها امـرأةً
--------------------- و كـلُّ مئذنـةٍ رصّـعتُها ذهـبا
هـذي البساتـينُ كانت بينَ أمتعتي
--------------------- لما ارتحلـتُ عـن الفيحـاءِ مغتربا
فلا قميصَ من القمصـانِ ألبسـهُ
--------------------- إلا وجـدتُ على خيطانـهِ عنبا
كـم مبحـرٍ .. وهمومُ البرِّ تسكنهُ
--------------------- وهاربٍ من قضاءِ الحبِّ ما هـربا
يا شـامُ ، أيـنَ هما عـينا معاويةٍ
--------------------- وأيـنَ من زحموا بالمنكـبِ الشُّهبا
فلا خيـولُ بني حمـدانَ راقصـةٌ
--------------------- زُهــواً... ولا المتنبّي مالئٌ حَـلبا
وقبـرُ خالدَ في حـمصٍ نلامسـهُ
--------------------- فـيرجفُ القبـرُ من زوّارهِ غـضبا
يا رُبَّ حـيٍّ .. رخامُ القبرِ مسكنـهُ
--------------------- ورُبَّ ميّتٍ.. على أقدامـهِ انتصـبا
يا ابنَ الوليـدِ .. ألا سيـفٌ تؤجّرهُ؟
--------------------- فكلُّ أسيافنا قد أصبحـت خشـبا
دمشـقُ ، يا كنزَ أحلامي ومروحتي
--------------------- أشكو العروبةَ أم أشكو لكِ العربا؟
أدمـت سياطُ حزيرانَ ظهورهم
--------------------- فأدمنوها.. وباسوا كفَّ من ضربا
وطالعوا كتبَ التاريخِ .. واقتنعوا
--------------------- متى البنادقُ كانت تسكنُ الكتبا؟
سقـوا فلسطـينَ أحلاماً ملوّنةً
--------------------- وأطعموها سخيفَ القولِ والخطبا
وخلّفوا القدسَ فوقَ الوحلِ عاريةً
--------------------- تبيحُ عـزّةَ نهديها لمـن رغِبـا..
هل من فلسطينَ مكتوبٌ يطمئنني
--------------------- عمّن كتبتُ إليهِ .. وهوَ ما كتبا؟
وعن بساتينَ ليمونٍ ، وعن حلمٍ
--------------------- يزدادُ عنّي ابتعاداً.. كلّما اقتربا
أيا فلسطينُ .. من يهديكِ زنبقةً؟
--------------------- ومن يعيدُ لكِ البيتَ الذي خربا؟
شردتِ فوقَ رصيفِ الدمعِ باحثةً
--------------------- عن الحنانِ ، ولكن ما وجدتِ أبا..
تلفّـتي ... تجـدينا في مَـباذلنا..
--------------------- من يعبدُ الجنسَ ، أو من يعبدُ الذهبا
فواحـدٌ أعمـتِ النُعمى بصيرتَهُ
--------------------- فانحنى وأعطى الغـواني كـلُّ ما كسبا
وواحدٌ ببحـارِ النفـطِ مغتسـلٌ
--------------------- قد ضاقَ بالخيشِ ثوباً فارتدى القصبا
وواحـدٌ نرجسـيٌّ في سـريرتهِ
--------------------- وواحـدٌ من دمِ الأحرارِ قد شربا
إن كانَ من ذبحوا التاريخَ هم نسبي
--------------------- على العصـورِ .. فإنّي أرفضُ النسبا
يا شامُ ، يا شامُ ، ما في جعبتي طربٌ
--------------------- أستغفرُ الشـعرَ أن يستجديَ الطربا
ماذا سأقرأُ مـن شعري ومن أدبي؟
--------------------- حوافرُ الخيلِ داسـت عندنا الأدبا
وحاصرتنا.. وآذتنـا.. فلا قلـمٌ
--------------------- قالَ الحقيقةَ إلا اغتيـلَ أو صُـلبا
يا من يعاتبُ مذبوحـاً على دمـهِ
--------------------- ونزفِ شريانهِ ، ما أسهـلَ العـتبا
من جرّبَ الكيَّ لا ينسـى مواجعهُ
--------------------- ومن رأى السمَّ لا يشقى كمن شربا
حبلُ الفجيعةِ ملتفٌّ عـلى عنقي
--------------------- من ذا يعاتبُ مشنوقاً إذا اضطربا؟
الشعرُ ليـسَ حمامـاتٍ نـطيّرها
--------------------- نحوَ السماءِ ، ولا ناياً.. وريحَ صَبا
لكنّهُ غضـبٌ طـالت أظـافـرهُ
--------------------- ما أجبنَ الشعرَ إن لم يركبِ الغضبا