الصوم مشقة على البعض، ومتعة مغلفة بالروحانية لحب الله لدى البعض الآخر ، لكنه بكل الأحوال فريضة واجبة النفاذ تسقط عن البعض بشروط حددتها الشريعة الإسلامية وفق ضوابط تلزم بالإعادة في بعضها والكفارة في البعض الآخر• عموما فقد وضعت الشريعة السمحاء أطرا وقوالب إسلامية لا يصح الصوم إلا بداخلها فهناك أفعال وأقوال لو ارتكبها الصائم فإنه يندرج تحت حديث المصطفى
( صلى الله عليه وسلم ) ( رب صائم ليس له من صيامه سوى الجوع والعطش )
وحتى لا يكون صومنا - لاقدر الله - ضمن صنف من هؤلاء فإننا نقدم صورا لتلك الصفات السلبية التي تفرغ جدوى الصوم من معناه الحقيقي فليس الصوم إمساكا عن الطعام والشراب فقط ، لكنه ابتعاد عن سلبيات كثيرة وزجر لنواه حرمها الدين وآثم مرتكبوها في كل الأوقات ومن بينها الشهر الفضيل .
تارك الصلاة
منزلة الصلاة في الإسلام لا تعدلها منزلة أي عبادة أخرى فهي عماد الدين الذي لا يقوم إلا به قال تعالى ( حَفظواْ عَلى الصلوات والصلوةِ الوسطى وقوموا لله قنتين) (238) فإن خِفتم فرجالاً أو ركباناً فإذا أمِنتمُ فاذكروا الله كَمَا عَلَّمَكُم مّا لَم تكُونُوا تَعْلمُونَ) (239) سورة البقرة كما أنها أول ما أوجبه الله تعالى من العبادات، وأول ما يحاسب عليه العبد، وآخر وصية أوصى بها الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) أمته عند موته فقال ( الصلاة، الصلاة، وما ملكت أيمانكم ) وهي آخر ما يفقد من الدين فإذا ضاعت ضاع الدين كله• وقد ذكرها الله عز وجل من الشروط الأساسية للهداية والتقوى، فقال تعالى: (آلمَ (1) ذَلكَ الكتَبُ لا رَيْبَ فيهِ هٌدَىَ للمُتقينَ (2) الذين يُومُنونَ بِالغيبِ ويقيمون الصَلوة ومِما رَزَقنهُمْ ينفقون (3)•• سورة البقرة• وقال عز وجل وهو يحاكي أهل النار ( مَاسَلكِكُم في سَقَرَ (42) قَالوا لم نَكُ من المُصلينَ (43)•• سورة المدثر
وتوعد عز وجل تارك الصلاة بقوله ( فَوَيْلٌ للمُصلينَ (4) الذين هُمْ عن صَلاتِهِمْ سَاهُون (5)سورة الماعون
وتوعد من ضيعها بالعذاب الشديد قال تعالى ( فَخَلَف مِن بَعْدِهمْ خَلْف أَضاعُوا الصَّلَوةَ واتَّبعُوا الشَهَوتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) سورة مريم وقد جعل الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ترك الصلاة الحد الفاصل بين الإسلام والكفر فقال ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) وبشر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) المحافظين على الصلاة بالخير الكثير وأنهم من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله وذكر منهم ( ورجل قلبه معلق بالمساجد ) وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قال : لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم انطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم )
وروى البيهقي بإسناده أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : يا رسول الله أي الأعمال أحب إلى الله تعالى في الإسلام؟ قال: (الصلاة لوقتها، ومن ترك الصلاة فلا دين له، والصلاة عماد الدين )
وعن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال يوما لأصحابه: ( اللهم لا تدع فينا شقيا ولا محروما ) ثم قال( صلى الله عليه وسلم ) ( أتدرون من الشقي المحروم؟ قالوا من هو يا رسول الله ؟ قال ( تارك الصلاة ) وروى أنه أول من يُسود يوم القيامة وجوه تاركي الصلاة، وأن في جهنم واديا يقال له ( الملحم ) فيه حيات، كل حية ثخن رقبة البعير، طولها مسيرة شهر تلسع تارك الصلاة فيغلي سمها في جسمه سبعين سنة ثم يتهرى لحمه .
وعن بعض السلف أنه أتى أختا له ماتت، فسقط كيس منه فيه مال في قبرها فلم يشعر به احد حتى انصرف عن قبرها، ثم ذكره فرجع إلى قبرها فنبشه بعدما انصرف الناس، فوجد القبر يشعل عليها نارا فرد التراب عليها ورجع إلى أمه باكيا حزينا فقال: يا اماه أخبريني عن أختي وما كانت تعمل؟ قالت: وما سؤالك عنها؟ قال : يا أمي رأيت قبرها يشتعل عليها نارا ، قال : فبكت وقالت: يا ولدي كانت أختك تتهاون بالصلاة وتؤخرها عن وقتها فهذا حال من يؤخر الصلاة عن وقتها، فكيف حال من لا يصلي؟ والله أعلم