معلقة النابغة الذبياني
1
أقْوَتْ وطَالَ عليها سالفُ الأبَدِ
يا دارَ مَيّةَ بالعَليْاءِ فالسَّنَد
2
عَيَّتْ جَوابًا وما بالرَّبعِ مِن أحَدِ
وقفتُ فيها أُصَيلانًا أُسائِلُها
3
والنُّؤيُ كالحَوْضِ بالمَظلومَةِ الجَلَدِ
إلاّ الأواريَّ لأيًا ما أُبَيّنُهَا
4
ضَرْبُ الوليدةِ بالمِسْحاة ِ في الثَّأَدِ
رُدَّتْ عليَهِ أقاصيهِ ، ولَبَّدَهُ
5
ورَفَّعتْهُ إلى السَّجْفينِ فالنَّضَدِ
خلَّتْ سَبيلَ أتيٍّ كانَ يَحبسُهُ
6
أخْنَى عَليها الذي أخْنَى على لُبَدِ
أمسَتْ خَلاءً وأمسَى أهلُها احْتمَلُوا
7
وانْمِ القُتُودَ على عَيْرانةٍ أُجُدِ
فعَدِّ عَمَّا ترَى إذْ لا ارتِجاعَ لهُ
8
له صَريفٌ صَريفَ القَعْوِ بالمَسَدِ
مَقْذوفةٍ بدَخيس النَّحْضِ بازِلُها
9
يَومَ الجَليلِ على مُستأنِسٍ وحَدِ
كأنَّ رَحْلي وقد زالَ النّهارُ بنا
10
طَاوِي المَصيرِ كَسِيفِ الصَّيقَلِ الفَرَدِ
مِن وَحشِ وَجرةَ مَوشيٍّ أكارِِعهُ
11
تُزجي الشَّمالُ عليهِ جامِدَ البَرَدِ
سَرتْ عليه مِن الجَوزاءِ سَاريةٌ
12
طَوْعَ الشَّوامتِ مِن خَوْفٍ ومِن صَرَدِ
فَارتاعَ مِن صَوتِ كلابٍ فباتَ لهُ
13
طَعنَ المُعارِكِ عند المَحجَرِ النَّجُدِ
وكانَ ضُمْرانُ مِنهُ حيثُ يُوزِعُهُ
14
طَعنَ المُبَيطِرِ إذ يَشفي مِن العَضَدِ
شكَّ الفَريصةَ بالمِدْرَى فأنفَذَها
15
سَفُّودُ شَرْبٍ نَسُوهُ عِندَ مُفْتَأدِ
كأنّهُ خارجًا من جَنبِ صَفْحَتَهِ
16
في حَالكِ اللَّوْنِ صدقٍ غَيرِ ذي أوَدِ
فظَلَّ يَعجَمُ أعلَى الرَّوْقِ مُنقبضًا
17
ولا سَبيلَ إلى عَقلٍ ولا قَوَدِ
لمَّا رأى واشقٌ إقعاصَ صاحبِهِ
18
وإنَّ مَوْلاكَ لم يَسْلمْ ولم يَصِدِ
قالتْ له النفسُ : إنِّي لا أرَى طَمعًا
19
فضلاً على النَّاسِ في الأدنَى وفي البَعَدِ
فَتلكَ تُبلِغُني النُّعمانَ أنَّ لهُ
20
ولا أُحاشِي مِن الأقْوَامِ من أحَدِ
ولا أرَى فاعِلاً في النَّاسِ يُشبِهُهُ
21
قًُمْ في البريَّةِ فاحْدُدْها عنِ الفَنَدِ
إلاّ سُليمانَ إذ قالَ الإلهُ لهُ
22
يَبْنُونَ تَدْمُرَ بالصُّفَّاحِ والعَمَدِ
وخيِّسِ الجِنَّ إنّي قد أَذِنْتُ لهمْ
23
كما أطاعَكَ وادْلُلْهُ على الرَّشَّدِ
فمَنْ أطاعَكََ فانفَعْهُ بطاعتهِ
24
تَنْهَى الظَّلومَ ولا تَقعُدْ على ضَمَدِ
ومنْ عَصاكَ فعاقِبْهُ مُعاقَبَةً
25
سبقَ الجوادِ إذا اسْتَولَى على الأمَدِ
إلاّ لِمثْلِك َ، أوْ مَنْ أنتَ سَابِقُهُ
26
منَ المَواهِبِ لا تُعْطَى على نَكَدِ
أعطَى لفارِهَةٍ حُلوٍ توابِعُها
27
سَعْدانُ توضِحُ في أوْبارِها اللِّبَدِ
الواهِبُ المائَةَ المعْكاءَ زيَّنَها
28
بَرْدُ الهَواجرِ كالغزلانِ بالجَردِ
والراكضَاتِ ذُيولَ الرَّيْطِ فَنَّقَها
29
كالطَّيرِ تَنجو من الشُّؤْبوبِ ذي البَرَدِ
والخَيلَ تَمزَغُ غربًا في أعِنَّتِها
30
مَشدودَةً برِحَالِ الحِيِرة ِ الجُدَدِ
والأُدمُ قدْ خُيِّسَتْ فُتلاً مَرافِقُها
31
إلى حَمامِ شِراعٍ وَارِدِ الثَّمَدِ
واحْكمْ كَحُكمِ فَتاة ِ الحيِّ إذْ نَظَرتْ
32
مِثلَ الزُّجاجَةِ لم تَكْحلْ من الرَّمَدِ
يَحفُّهُ جانبًا نيقٍ وتُتْبِعُهُ
33
إلى حَمامَتِنا ونِصفُهُ فَقَدِ
قالتْ ألا لَيْتَما هذا الحَمامُ لنا
34
تِسعًا وتِسعينَ لم تَنقُصْ ولم تَزِدِ
فَحسَّبُوهُ فألْفَوْهُ كما حَسَبَتْ
35
وأسْرَعتْ حِسْبةً في ذلكَ العَدَدِ
فَكمَّلتْ مائةً فيها حَمامتُها
36
وما هُريقَ على الأنْصابِ من جَسَدِ
فلا لَعَمْرُ الذي مَسَّحتُ كَعبتَهُ
37
رُكْبانَ مكَّة َ بينَ الغَيْلِ والسَّعَدِ
والمؤمنِ العائِذاتِ الطّيرَ تمسَحُها
38
إذًا فلا رَفَعَتْ سَوْطي إليَّ يَدِي
ما إنْ أتيتُ بشَيءٍ أنتَ تَكْرهُهُ
39
كانَتْ مقالَتُهُمْ قَرْعًا على الكَبِدِ
إلاّ مقالة َ أقوامٍ شَقيتُ بها
40
قَرَّتْ بها عَينُ منْ يأتيكَ بالفَنَدِ
إذًا فَعاقبني ربِّي مُعاقبةً
41
طَارَتْ نَوافِذُهُ حَرًّا على كَبِدي
هذا لأبرأَ مِنْ قَوْلٍ قُذِفْتُ بِهِ
42
ولا قَرارَ على زَأْرٍ منَ الأسَدِ
أُنْبِئْتُ أنَّ أبا قابوسَ أوْعَدَني
43
وما أُثَمِّرُ من مالٍ ومنْ وَلَدِ
مَهْلاً فِداءٌ لك الأقوامِ كُلّهُمُ
44
وإنْ تَأثَّفَكَ الأعداءُ بالرَّفَدِ
لا تَقْذِفْني بِرُكْنٍ لا كَفاءَ لهُ
45
تَرمي أواذيُّهُ العبْرَينِ بالزَّبَدِ
فما الفُراتُ إذا هَبَّ الرِّياحُ لهُ
46
فيهِ رِكامٌ من اليَنْبوتِ والخَضَدِ
يَمُدُّهُ كلُّ وادٍ مُتْرَعٍ لَجِبٍ
47
بالخَيْزرانَةِ بَعدَ الأيْنِ والنَّجَدِ
يظَلُّ مِن خَوفِهِ المَلاَّحُ مُعتَصِمًا
48
ولا يَحُولُ عَطاءُ اليومِ دونَ غَدِ
يومًا بِأجْوَدَ منهُ سَيْبَ نافِلَةٍ
49
فلم أُعرِّض أبَيتَ اللّعنَ بالصَّفَدِ
هذا الثَّناءُ فإنْ تَسمَعْ به حَسَنًا
50
فإنَّ صاحبَها مُشاركُ النَّكَدِ
ها إنَّ ذي عِذرَة ٌ إلاَّ تكُنْ نَفَعَتْ