طبيش عبد الكريم
عدد المساهمات : 57 تاريخ التسجيل : 03/10/2008
| موضوع: البنيوية بين النظرية والتطبيق الأحد نوفمبر 23, 2008 11:55 pm | |
| اليكم ايها الطلبة محاضرات في اللسانيات للزادة في التوضيح الحمدُ للهِ العليمِ الهادي، والصلاةُ والسلامُ على خيرِ الأنامِ محمدٍ المبعوثِ رحمةً للعبادِ، وعلى آلهِ أعلامِ الإسلامِ وأصحابهِ مصابيحِ الظلامِ، وعلى من سلَكَ طريقَهُ واقتفى أثرَهُ وتبعَ سنتَهُ إلى يومِ الدينِ، وبعد : فاللغةُ هي الوعاء الذي يختزنُ الفكرَ ويحمله، وهي الوسيلة الأمثل للتعبير عن حاجات الفرد ومكنونات نفسهِ ودواخلها، وقد شغلت دراسةُ اللغة المفكرين منذُ أقدم العصور في محاولةٍ للوقوفِ على ماهيتها واكتشاف أسرارها . وإذا كانت دراسة اللغة في حدّ ذاتها وفي خطها الصفريّ قد شغلت المفكرين والباحثين، فإن دراسة الأدب الذي اتخذ من اللغة صورةً له نالت حظًا أوفر من العناية والاهتمام؛ ذلك أنها لغةٌ ترتبط وحدتها بعلائق متعددة ومتشعبة وتتأثر بمؤثرات داخلية من نفس الأديب وأخرى خارجية؛ ولما كان الدارسون للأدب ينطلقون من تصوراتٍ مختلفة ويحملون أيديولوجيات متعددة تعددت المناهج التي تدرس الأدب، ولعل من أهم هذه المناهج المنهج البنيوي الذي أرسى دعائمه الأولى دس سوسير كمنهج يدرس اللغة، ثم ما لبث هذا المنهج أن أصبح منهجًا علميًا له قواعده وأصوله، فنقله النقاد واستثمروا مبادئه في دراسة الأدب . كما سرتُ في هذا البحث على المنهج التاريخي، فتناولتُ المنهج البنيوي ابتداءً من تحديد مصطلحهِ عند أصحابه وغيرهم من درسوا هذا المنهج، ثم تناولتُ في المبحث الثاني أصول المنهج وروافده التاريخية، أما المبحث الثالث فخصصته للحديث عن أعلامه الذين أرسوا دعائمه فأصبح بفضلهم منهجًا مستقلاً، أما المبحث الرابع فخصصته للحديث عن مستويات النقد البنيوي، أما المبحث الخامس فتناولتُ فيه منطلقات التحليل البنيوي فحاولتُ في هذا المبحث رسم الخطوط العريضة للمنهج، أما المبحث السادس فتناولتُ فيه الحديث عن شروط النقد البنيوي، أما المبحث السابع فخصصته للحديث عن البعد النقدي للمنهج، وأخيرًا المبحث الثامن والذي تناولتُ فيه الحديث عن ايجابيات المنهج وسلبياته . النقد البنيوي لغةً واصطلاحًا
قبلَ الشروعِ في الحديثِ عن المنهجِ البنيويِّ كتيّارٍ فكريٍّ ظهرَ ليتجاوزَ النزعةَ التاريخيةَ والفلسفاتِ التي تعتمد الذات كخلفيةٍ مثل الوجوديةِ أو الظاهراتيةِ، لا بدَّ لنا من تحديد مصطلح البنية لغةً واصطلاحًا .
المبحث الأول : تحديد مصطلح البنية .
أولاً : الدلالة اللُغوية لكلمة بنية . تشتقُّ كلمةُ (بنية) من الفعلِ الثلاثيِّ (بنى) وتُعني البناءَ أو الطريقةَ، وكذلك تدلُّ على معنى التشييدِ والعمارةِ والكيفيةِ التي يكون عليها البناءُ، أو الكيفيةُ التي شُيّد عليها( )، وفي النحو العربي تتأسسُ ثنائيةُ المعنى والمبنى على الطريقةِ التي تُبنى بها وحدات اللغةِ العربيةِ، والتحولات التي تحدثُ فيها . ولذلك فالزيادةُ في المبنى زيادةٌ في المعنى، فكلُّ تحولٍ في البنيةِ يؤدي إلى تحول في الدلالةِ، والبنيةُ موضوعٌ منتظم، له صورتهُ الخاصةُ ووحدتهُ الذاتيةُ؛ لأنَّ كلمةَ (بنية) في أصلها تحملُ معنى المجموعِ والكلِّ المؤلِّفِ من ظواهرَ متماسكةٍ، يتوقفُ كلٌّ منها على ما عداه، ويتحددُ من خلالِ علاقته بما عداه .
ثانيًا : الدلالة الاصطلاحية . لقد واجه تحديدَ مصطلحِ البنيةِ مجموعةٌ من الاختلافاتِ ناجمةً عن تمظهرِها وتجليها في أشكالٍ متنوعةٍ لا تسمح بتقديمِ قاسمٍ مشتركٍ؛ لذا فإن جان بياجه ارتأى في كتابه (البنيوية) أن إعطاء تعريف موحد للبنية رهينٌ بالتمييز "بين الفكرة المثالية الإيجابية التي تُغطي مفهوم البنية في الصراعات أو في آفاقٍ مختلفةِ أنواعِ البنياتِ، والنوايا النقديةِ التي رافقتْ نشوءَ وتطورَ كلِّ واحدةٍ منها مقابلَ التياراتِ القائمةِ في مختلفِ التعاليم" . فجان بياجه يقدم لنا تعريفًا للبينة( ) باعتبارها نسقًا( ) من التحولات :" يحتوي على قوانينهِ الخاصةِ، علمًا بأنَّ من شأنِ هذا النسقِ أن يظلَّ قائمًا ويزدادَ ثراءً بفضلِ الدور الذي تقومُ به هذه التحولاتُ نفسُها، دون أن يكونَ من شأنِ هذه التحولات أن تخرجَ عن حدودِ ذلك النسقِ أو أن تستعينَ بعناصرَ خارجية، وبإيجاز فالبنيةُ تتألفُ من ثلاثِ خصائصَ: هي الكليةُ والتحولاتُ والضبط الذاتي"( ) . إذن نلاحظ مما سبق أن جان بياجه لا يُعرِّف البنيويةَ بالسلبِ، أي بما تنتقده البنيويةُ؛ لأنه يختلف من فرعِ إلى فرعٍ في العلومِ الحقةِ والانسانيةِ، فهو يُفرّقُ في تعريفهِ للبنيةِ بين ما تنتقده وما تهدف إليه . ولذلك نلحظ أنه يركز في تعريفهِ للبنيةِ على الهدفِ الأمثلِ الذي يوحدُ مختلفَ فروعِ المعرفةِ في تحديد البنيةِ باعتبارها سعيًا وراءَ تحقيقِ معقوليةٍ كامنةٍ، عن طريقِ تكوينِ بناءاتٍ مكتفيةٍ بنفسِها، لا تحتاج من أجلِ بلوغِها إلى العناصر الخارجيةِ . كما نلحظ أنَّ التعريفَ السابقَ يتضمنُ جملةً من السّماتِ المميزةِ( )فالبنيةُ أولاً نسقٌ من التحولاتِ الخارجيةِ، وثانيًا لا يحتاجُ هذا النسقُ لأي عنصرٍ خارجيِّ، فهو يتطورُ ويتوسعُ من الداخلِ، مما يضمنُ للبنيةِ استقلالاً ويسـمحُ للباحثِ بتعقلِ هذه البنيةِ . أما عن خصائصِ البنيةِ التي أشارَ إليها جان بياجه في تعريفهِ فهي ثلاثُ خصائصَ كالتالي( ) : (1) ـ الكلية أو الشمول : وتُعني هذه السمةُ خضوعَ العناصرِ التي تُشكِّل البنيةَ لقوانينَ تُميّزُ المجموعةَ كمجموعةٍ، أو الكلَّ ككلٍّ واحد . ومن هذه الخاصيةِ تنطلقُ البنيويةُ في نقدِها للأدبِ من المسلَّمةِ القائلةِ بأنَّ البنيةَ تكتفي بذاتها، فالنصُّ الأدبيُّ مثلاً هو بنيةٌ تتكونُ من عناصرَ، وهذه العناصرُ تخضعُ لقوانين تركيبيةٍ تتعدى دورَها من حيثُ هي روابطُ تراكميةٌ تشدُّ أجزاءَ الكيانِ الأدبيّ بعضَه إلى بعضٍ، فهي تُضفي على الكلِّ خصائصَ مغايرةً لخصائصِ العناصرِ التي يتألف منها البعض( ) . كما إن هذه الخاصية تُبرزُ لنا أنَّ البنيةَ لا تتألفُ من عناصرَ خارجيةٍ تراكميةٍ مستقلةٍ عن الكلِّ، بل هي تتكونُ من عناصرَ خارجيةٍ خاضعةٍ للقوانينِ المميزةِ للنسقِ، وليس المهمُّ في النسق العنصرُ أو الكلُّ، بل العلاقاتُ القائمةُ بين هذه العناصرِ .
(2) ـ التحولات : أما عن خاصيةِ التحولاتِ، فإنها توضحُ القانونَ الداخليَّ للتغيراتِ داخلَ البنيةِ التي لا يمكنُ أن تظلَ في حالةِ ثباتٍ؛ لأنها دائمةُ التحولِ . وتأكيدًا لذلك ترى البنيويةُ أنَّ كلَّ نصٍّ يحتوي ضمنيًا على نشاطِ داخلي، يجعل من كلِّ عنصرٍ فيه عُنصرًا بانيًا لغيرهِ ومبنيَّاً في الوقت ذاته، ولهذا فقد أخذت البنيويةُ هذه السمةَ بعينِ الاعتبارِ لتُحاصرَ تحوّلَ البنيةِ وما قد يعتريها من بعض التغيير( ) . كما إن هذه السمةَ تُعبِّرُ عن حقيقةٍ هامةٍ في البنيويةِ، وهي أنَّ البنيةَ لا يمكن أن تظلَّ في حالةِ سكونٍ مطلق، بل هي دائمًا تقبلُ من التغيّراتِ ما يتضمنُ مع الحاجاتِ المحددةِ من قِبل علاقاتِ النسقِ أو تعارضاته، فالأفكارُ التي يحتويها النصُ الأدبيُ مثلاً تُصبح بموجبِ هذا التحولِ سببًا لبزوغِ أفكارٍ جديدة( ) .
(3) ـ التنظيم الذاتي : أما عن خاصيةِ التنظيمِ الذاتي، فإنها تمكّنُ البنيةَ من تنظيمِ نفسِها كي تُحافظَ على وَحدتِها واستمراريتِها؛ وذلك بخضوعِها لقوانينِ الكلِّ . وبهذا فيحقق لها نوعًا من " الانقلاب الذاتي " ونُعني به أن تحولاتِها الداخليةَ لا تقودُ إلى أبعدَ من حدودها، وإنّما تُولّدُ دائمًا عناصرَ تنتمي إلى البنيةِ نفسِها، وعلى الرغم من انغلاقها هذا لا يُعني أن تندرج ضمن بنيةٍ أخرى أوسعَ منها، دون أن تفقد خواصها الذاتية( ) . ونريد أن نضرِبَ مثالاً على ما سبق من خصائصِ البنية، مثلاً نقابة المهندسين بما أنها تجمّعٌ خاص لأشخاصٍ بأعينهم فهي تمثل بنية، هذه البنية تسمح بتنوعِ الأفرادِ داخلَها بين ذكورٍ وإناثٍ، بين شبابٍ وشيوخٍ، بين متزوجينَ وغيرِ متزوجين، تنوعٌ لا يعرفُ الفوارقَ الطبقية أو الاختلافاتِ العقائديةَ، ولكنها في الوقتِ نفسهِ لا تسمح بدخول من لم يحمل مؤهلاً معينًا من الدخول فيها . كما يوجد داخلَ هذه البنيةِ أي النقابة قوانينُ تُطبقُّ على عناصرِها، ويوجدُ بين هذه العناصرِ صفاتٌ وعلاقاتٌ مشتركةٌ، يركزُ عيها الناقدُ أو الدارسُ البنيويُّ . وقد اختلف الدارسونَ والنقادُ في تبيانِ مفهومِ البنيويةِ كما ذكرنا سابقًا، حتى البنيويون أنفسُهم نجدُهم يوردون لها تعريفاتٍ مختلفةً( )، وهي في معناها الواسع "طريقةُ بحثٍ في الواقعِ، ليس في الأشياءِ الفرديةِ بل في العلاقاتِ بينَها" وهذا ما ذهب إليه جان بياجه وغيره . ويرى ( ليفي شتراوس ) أن "البنيةَ مجردُ طريقةٍ أو منهجٍ يمكن تطبيقُها في أي نوعٍ من الدراسات تمامًا كما هي بالنسبةِ للتحليلِ البنيويِّ المستخدمِ في الدراساتِ والعلومِ الأخرى"( ) . فشتراوس يحددُ البنيةَ بأنها "نسقٌ يتألفُ من عناصرَ يكونُ من شأنِ أيِّ تحولٍ يعرضُ للواحدِ منها أن يُحدثَ تحولاً في باقي العناصرِ الأخرى"( ) . ونلاحظ من خلالِ التعريفِ السابقِ أنه يتجلى وراءَ الظواهرِ المختلفةِ شيء مشترك يجمع بينها، وهو تلك العلاقاتُ الثابتةُ التجريبيةُ، لذلك ينبغي تبسيطُ هذه الظواهرِ من خلال إدراكِ العلاقاتِ؛ لأن هذه العلاقاتِ أبسطُ من الأشياءِ نفسِها في تعقيدِها وتشتتها . ويرى ( لوسيان سيف ) أنَّ مفهومَ البنيةِ في أوسع معانيه يشير إلى " نظامٍ من علاقاتٍ داخليةٍ ثابتةٍ، يُحدد السماتِ الجوهريةَ لأيّ كيان، ويشكّل كلاً متكاملاً لا يمكن اختزاله إلى مجرّدِ حاصلِ مجموعِ عناصره، وبكلماتٍ أخرى يشير إلى نظامٍ يَحكُم هذه العناصرَ فيما يتعلّق بكيفيةِ وجودِها وقوانينِ تطوّرِها "( ) . ولعلّ التعريفَ الأخيرَ يقودُنا إلى العلاقةِ بين الجزءِ والكلِّ في نظرِ البنيويين، فَهم يرون أنَّ العلاقةَ بين الجزءِ والكلِّ ليست مجرّدَ اجتماعِ مجموعةٍ من العناصر المستقلةِ، بل إن هذه العناصرَ تخضعُ لقوانينَ تتحكّمُ في بناءِ العلاقةِ التي تجمعُ الأجزاءَ، وتُضفي هذه القوانينُ على البنيةِ سماتٍ كليّةً تختلفُ عن سماتِ العناصرِ كلٌّ منها على حدةٍ، كما تتميزُ عن مجموعِ هذه العناصر . ويرى ليونارد جاكسون أن البنيويةَ هي " القيامُ بدراسةِ ظواهرَ مختلفةٍ كالمجتمعاتِ، والعقولِ، واللغاتِ، والأساطيرِ، بوصفِ كلٍّ منها نظامًا تامًا، أو كلاً مترابطًا، أي بوصفِها بنياتٍ، فتتمُ دراستُها من حيثُ أنساقُ ترابِطها الداخليةُ، لا من حيثُ هي مجوعاتٌ من الوحداتِ أو العناصرِ المنعزلةِ، ولا من حيـثُ تعاقبُها التاريخي "( ) نحن لا نوافق على مقولة البنيوية بأن كل الأشياء تشتمل على أنساق من الترابط بين أجزائها، وهي ما تحتاج إلى الدراسة، وليس العناصر الجوهرية كما ذهب إليه جاكسون . أما في أدبِنا العربيّ الحديث نجدُ عددًا من النقاد العرب الذين اهتموا بالبنيوية في دراساتِهم وطبقوا مبادئِها وأسسها على النصوص التي درسوها، ونودُّ أن نُشيرَ في هذا المجال إلى ما كتبه موريس أبو ناصر في كتابهِ (الألسنية والنقد الأدبي في النظرية الممارسة)، وخالدة سعيد في كتابها (حركية الإبداع)، وكمال أبو ديب في كتابه (جدلية الخفاء والتجلي)، وعبد الله الغذامي في كتابه (الخطيئة والتفكير من البنيوية إلى التشريحية)، الذي طبق فيه فَهمه للبنيويةِ على شعر حمزة شحاتة . وكان النقاد العرب ـ شأن النقاد البنيويين الغربيين ـ يعدّون النصّ بنيةٌ مغلقةٌ على ذاتِها ولا يسمحون بتغيرٍ يقع خارج علاقاتهِ ونظامه الداخلي( ) . فهذا عبد السلام المسدي يُعرِّف المنهج البنيوي بأنه " يعتزم الولوج إلى بنية النص الدلالية من خلال بنيته التركيبية "( ) . وكما ترى نبيلة إبراهيم أن المنهج البنيوي يعتمد في دراسة الأدب على النظر في العمل الأدبي في حد ذاته بوصفه بناءً متكاملاً بعيدًا عن أية عوامل أخرى أي أن أصحاب هذا المنهج يعكفون من خلال اللغة على استخلاص الوحدات الوظيفية الأساسية التي تحرك العمل الأدبي( ) . كما عرّفه فائق مصطفى وعبد الرضا على أنه : منهج فكري يقوم على البحثِ عن العلاقات التي تعطي العناصر المتحدة قيمة، ووصفها في مجموع منتظم مما يجعل من الممكن إدراك هذه المجموعات في أوضاعها الدالة( ) . ويرى كذلك جميل حمداوي بأن البنيوية: طريقة وصفية في قراءة النص الأدبي تستند إلى خطوتين أساسيتين وهما : التفكيك والتركيب، كما إنها لا تهتم بالمضمون المباشر، بل تركز عل شكل المضمون وعناصره وبناه التي تشكل نسقيه النص في اختلافاته وتآلفاته( ) . ويوافق الباحث إبراهيم السعافين فيما ذهب إليه( )، حين ذكر أن البنيوية ابنة حضارة معينة تنتمي إليها وتحاور منجزاتها المادية والروحية، إنها ذات صلة وثيقة بحركة الحداثة من جانب، وبالدراسات اللغوية الحديثة ومدرسة النقد الجديد( ) من جانـب آخر . بمعنى إن البنيوية في النقد الأدبي ثمرة من ثمرات التفكير الألسني وآثاره في العلوم الإنسانية المختلفة، مثلما أنّ صورتها الشكلية الأولى ذات قرابة واضحة بحق مدرسة النقد الحديث . ونلاحظ مما سبق تعدد التعاريف لمصطلح واحد وهو مصطلح البنيوية، وهذا يقودني إلى طرحِ سؤالٍ عن سبب عدم وجودِ تعريفٍ موحدٍ ودقيقٍ متفق عليه بين النقاد الغرب، وكذلك النقاد العرب؟ ويرى الباحث أن سبب ذلك أي غياب تعريف موحد هو غياب ترجمة موحدة للمصطلح نفسه، إلى جانب اختلاف التكوين الفكري والعلمي لمن يقوم بترجمة مصطلح البنيوية، ولذلك كان من الطبيعي أن يختلف مفهوم مصطلح البنيوية من ناقد لآخر . وأنا ارتأي تعريفًا للبنيوية بناءً على ما سبق ذكره بأنه منهج نقدي يعني بدراسة النصوص الأدبية من داخلها، أي نبدأ بالنص وننتهي به، كما يرى نقاد هذا المنهج أن العلاقة بين الجزء والكل ليست مجرّد اجتماع مجموعة من العناصر المستقلة، بل إنّ هذه العناصر تخضع لقوانين تتحكّم في بناء العلاقة التي تجمع الأجزاء، وهذا كما أشار إليه لوسيان سيف . | |
|